استيقظَ في صباحِ ذلكَ اليومِ فَزِعاً من كابوسٍ يوميِ يراوِدُه فيعيدُه إلى ماضٍ مستعصٍ على النسيانِ مصممٌ على البقاءِ في الحاضرِ وحتى في المستقبلِ فيجعله يعيش في صومعةٍ لا يخرجُ منها.
قامَ وغسلَ وجهَهُ ، رفعَ رأسَهُ لينظرَ في مرآتِهِ مُحدِّثاً نفسه عن سببِ ملاحقةِ ذلكَ الماضي له، أغمض عينيه لبرهةٍ وفتحهما ليرى أنَّ الماضي تجسدَ في صورتِه، هربَ مسرعاً من ذلك المنظر ليخرجَ من بيتِه.
هام في الشوارعِ بلا هدفٍ ، كأنَّ الشيطانَ تخبطَه منَ المسِّ فلا يرى إلا صورة الماضي في وجوه الناس ولا يسمعُ إلا ذلكَ الصوتِ الذي يجذبه بقوةٍ مغناطيسية ليعيده إلى ذاك الزمان ، بلحظاتِ استفاقتِه يسمعُ أصواتاً تصرخُ ابتعد منَ الطريقِ ... انتبِه إلى السياراتِ ... هل أنتَ مجنون...
استندَ إلى جدارٍ ،التقطَ أنفاسَه، أوقف سيارةَ أجرةٍ وعاد إلى البيتِ. انعزل عن الناسِ ،أغلقَ بيتَه على نفسِه وقطعَ كلَّ وسائلِ الاتصالِ.
مرت أسابيع وشهور وهو مستسلم لألمِ الماضي وعذاباتِه كأنَّه مستمتعٌ بنهشِ الحزنِ لجسدِه واستنزافِه لقواه،شحبَ وجهه ونحل جسده وطال شعره ،أصبح كشبحٍ حقيقي.
حاول تهدأةَ نفسه والنهوض من جديد عادَ إلى مرآته ، نظرَ إليها أغمضَ عينيه لبرهةٍ ثم فتحهما فخَرَّ صَعِقاً.
1/10/2009