رجل عرفناه من قريب في عملنا في الجمعية الفلكية السورية في إثبات هلال الشهر وهلال رمضان، وكم تأخر معنا ،بحثا عن القرار الصحيح في إثبات هلال شوال ودخول عيد الفطر ، بعد قضائه نهار صوم طويل حار جدا تحت القوس الشرعي ، حتى نفطر على تمرات وماء ونبقى للعاشرة مساء ، وكم استغل برامجنا التلفزيونية مع الدكتور محمد العصيري ليتحدث عن تعنيف المرأة أو موقفه من زواج القاصرات بيعا من الاهل الجاهلين او اهمال حضانة الأطفال .... يتعرض اليوم لهجوم من مراهقين مارقين على الإعلام ينالون من اخلاصه وتفانيه وعلمه....
وهذا كلام اضيفه عنه منقولا ....
-------------------------
فضيلة القاضي "محمود معراوي"،،، جبل من الأخلاق الحميدة
قلة قليلة من الناس تطيق العمل الذي يقوم به فضيلة القاضي الشرعي الأول الأستاذ الجليل "محمود معراوي"، بهذه الأخلاق العالية، والروح السمحة.
قاض يطرق بابه يومياً منذ الصباح الباكر وحتى نهاية الدوام الرسمي مئات من المراجعين، غالبيتهم العظمى من النساء الثكالى المطلقات أو اللواتي فجعتهن هذه الحرب الضروس بأزواجهن بين شهيد أو قتيل أو مفقود أو مخطوف أو معتقل أو هارب، هذه تريد إذناً لسفر محضونها، وتلك تريد صرف مبلغ عائد لوالده، وأخرى تطلب الوصاية عليه لشأن آخر، وأُخرى وأُخرى وأُخرى.....
مئات المراجعات والمراجعين يومياً بمعاملات لا يمكن حصرها، مما اضطر القائمين على إدارة القصر العدلي لفرز اثنين من رجال الشرطة على الأقل للوقوف على بابه لتنظيم دخول الناس لمكتبه ليقضي حوائجهم، فيقف المراجعون بدور طويل على يمينه، ويقف المحامون بدور طويل أيضاً على يساره، والقاضي يتلقف المعاملات يُمنة ويُسرة، فيدقق ويستفسر ويمحص ويتأكد، وقد يضطر لسماع الشهود وتحليفهم اليمين، ويتخذ قرارا مصيريا خلال دقيقتين أو ثلاثة.
وحتى يخفف هذا القاضي من أعباء المراجعين، قام بتفريغ موظف من الديوان يجلس بجانبه خصيصاً ليضع الخاتم الرسمي للدائرة على المعاملة بعد أن يوقعها القاضي، حتى لا يضطر المواطن للعودة للديوان لوضع الخاتم ويشكل ضغط على الموظفين، ويتم استغلاله مادياً من قبل ضعاف النفوس.
تدخل على هذا القاضي في نهاية الدوام، الساعة الثالثة عصراً بعد يوم طويل وحافل بالمراجعين وبعد أن يكون قد أضناه التعب، تراه مازال محتفظاً بهدوئه، ونبرة صوته الوديعة، وأدبه الجمّ، ووجهه السمح اللطيف، يتعامل مع المراجعين بالكثير من الصبر والأناة، يساعد هذه، ويغيث لهفة تلك، بدون أن يتأفف أو يتبرم أو يشعر المواطنين بأفضاله عليهم، كما يفعل غيره.
ناهيك عن أنه المرجع القضائي للعديد من قضاة الشرع الآخرين، وغيرهم.
تخيلوا فقط أن هذا القاضي يتعامل مع المواطنين كما يتعامل اخرون، يجعل بابه مفتوحاً فقط للخاصة من الناس، ويغلقه بوجه الباقي، ويجعل مراجعته تتم عن طريق تقديم الأوراق للديوان، والعودة في اليوم التالي لاستلامها، وقد يحتاج المواطن للعودة مرة ثالثة ورابعة، بدون أن يتسنى له أن يرى وجه القاضي، مضطرا للتعامل مع موظف عادي ....
هذا القاضي الفاضل لو فعل ذلك وأغلق بابه بوجه المواطنين، وقنن الدخول إليه كما يفعل غيره، لافترستهم مافيات الفساد والمحسوبية ومزقتهم إرباً وضاعفت من معاناتهم.
هذا هو فضيلة القاضي الشرعي الأول "محمود معراوي"
من حسن حظ الناس أن هذا القاضي الفاضل المؤتمن على أموال الأيتام امين وطاهر ...
تخيلوا لو كان غير ذلك وكم الأموال الحرام التي يمكن أن يجنيها من وراء التلاعب والفساد.
من سوء حظ هذا القاضي أنه يتعامل مع بعض الإعلاميين المتحذلقين، المغرضين، المتصيدين بالماء العكر، الباحثين عن الإثارة، فيأخذوا من وقته الغالي المخصص لقضاء حوائج المواطنين، دقائق ثمينة للوقوف على رأيه ببعض المسائل التي تهم الناس، فيقتطعون من حديثه الطويل ثلاث أو أربع كلمات، يضعونها بقالب مثير، ومانشيت عريض، فيثيرون عامة الناس بأمور عادية جداً ولا خلاف عليها.
لا يعقل كيف يمكن أن تتطاول ألسنة السوء من أصحاب التعليقات الباردة، لتصل للقول:
((أنتِ خليك بهلال رمضان وبس))
من أنت أيها السخيف والجاهل حتى تتطاول على رجل جليل يمضي جُلّ وقته في خدمة الناس وقضاء حوائجهم؟؟
قضاؤنا بات كليلة ظلماء شديدة السواد، الأستاذ معراوي يعتبر أحد البدور القلائل فيها، نحن بأمس الحاجة له ولأمثاله من القضاة الأفاضل النادرين،
فشدّوا على يديه وادعوا الله أن يبقى في مكانه.