زامر الحي لا يطرب
من هذا الزامر وما أخطاؤه الثلاثة ؟

يضرب مثل
“زامر الحي”
عادة للدلالة على عدم تقدير الأقربين
لإنجازات الفرد أو مواهبه،
إذ يحتاج إلى عين غريبة تدل عليه وتميّزه.
ولكن ما القصة وراء هذا المثل؟


أصل المثل الذي يعود -في حقيقته-

إلى شاب فقير تميز
بإبداعه في العزف على نايه
وهو يرعى الغنم على تخوم قريته،
ولكن بعد أن اعتاد أهل القرية على ألحان الشاب الجميلة، قل اهتمامهم بعزفه، ولم يلتفتوا إلى إبداعه.

إلى أن مرّ عليه أحد الرحالة فانتبه لعزفه،
وتحير من جمال ألحانه،
فعرض على هذا الشاب الرحيل معه،
على أن يعطيه ألف درهم كل شهر؛
فوافق الشاب بلا تردد،
وانتقل مع الرحالة من غير وداع أهل القرية.

وصار يعزف في القرى البعيدة،
فذاع صيته وسبقه،
وأصبح الناس يأتون من كل مكان يستمعون إليه
حتى أضحى الراعي الشاب عازفا شهيرا.

وتمنى الشاب في يوم من الأيام
أن يعود إلى أهل قريته وحيّه،
ليروا ما آل إليه حاله،
وكان يحدوه أمل أنهم
باتوا يقدرون موهبته وجمال ألحانه،
فنصحه الرحالة بألا يفعل،
لكن الشاب أصر على الذهاب إذ غلبه الشوق لأهله وعشيرته.
فعاد إلى القرية بأبهى حلله، فلم يعرفوه.

فلما اجتمعوا حوله،
أخرج نايه وعزف مغمض العينين.
فطرقت آذانهم ألحان ألفوها منذ زمن،
فعرفوه.
وحينما أنهى الشاب عزفه
لم يسمع التصفيق الذي اعتاد عليه في الأماكن الأخرى، ففتح عينيه و وجد رفيقه الرحالة
ورجلا كبيرا في السن واقفين وحدهما،
بينما انفض القوم كلهم.

فأما الرحالة، فقال للشاب: "زامر الحي لا يطرب".

وأما الشيخ فقال : -
أخطأت إذ أتيت،
وأخطأت إذ تدنت،
وأخطأت إذ تمنيت ؛
أما الأولى
فقد أخطأت إذ أتيت
من أرض أنت ناجح فيها إلى أرض قد طردت منها،
فليس بعد الزيادة إلا نقصان.

وأما الثانية
فإنك أخطأت إذ تدنيت
بأن سمحت لهذا الرحالة بأن يجعل لك ألف درهم فقط،
وهو يتكسب منك ألف دينار.

وأما الثالثة
فأخطأت إذ تمنيت
أن يكرمك أهل هذه القرية
بعد أن وجدت الخير في غيرهم !.

و صدق من قال كل نبي في قومه مهان !
يطردونه هم أو يهاجر هو لنشر دينه .