منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 9 من 9
  1. #1

    المفكر العربي الراحل /محمد أركون

    وفاة المفكر العربي محمد أركون

    حررها المحرر نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي بتاريخ سبتمبر 15th, 2010
    توفي مساء الثلاثاء في باريس المفكر محمد أركون.
    باريس: توفيّ ليل الثلاثاء – الأربعاء في العاصمة الفرنسية باريس المفكر الجزائري/ الفرنسي المثير للجدل محمد أركون.
    وذكرت تقارير إعلامية غنّ أركون توفيّ بعد معاناة كبيرة مع المرض، وأركون هو مفكر وباحث جزائري من مواليد العام 1928 في بلدة تاوريرت في تيزي وزو بمنطقة القبائل الكبرى الأمازيغية بالجزائر، و انتقل مع عائلته إلى بلدة عين الأربعاء (ولاية عين تموشنت) حيث درس دراسته الابتدائية بها.
    وأكمل دراسته الثانوية في وهران، وإبتدأ محمد أركون دراسته الجامعية بكلية الفلسفة في الجزائر ثم أتم دراسته في "السوربون" في باريس.
    وحصل على شهادة الدكتوراه في الآداب، كما درّس بجامعات عديدة في أوربا وأمريكا والمغرب، واهتم بدراسة وتحليل الفكر الإسلامي.
    وأركون عضو اللجنة الوطنية لعلوم الحياة والصحة بفرنسا، وعدة لجان أخرى. من آرائه إعادة قراءة القرآن برؤية عصرية وتجريده من القداسة التي تعيق دراسته وهو ما جعله عرضة لانتقادات التيارات الأصولية المتشدّدة.
    وترك أركون مكتبة ثرية بالمؤلفات والكتب، ومن أهم عناوينه: ملامح الفكر الإسلامي الكلاسيكي، دراسات الفكر الإسلامي، الإسلام أمس وغدا، من اجل نقد للعقل الإسلامي، الإسلام أصالة وممارسة، الفكر الإسلامي: قراءة علمية- الإسلام: الأخلاق والسياسة- الفكر الإسلامي: نقد وإجتهاد- العلمنة والدين: الإسلام، المسيحية، الغرب- من الإجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي- من فيصل التفرقة إلى فصل المقال: أين هو الفكر- الإسلامي المعاصر؟- الإسلام أوروبا الغرب، رهانات المعنى وإرادات الهيمنة.- نزعة الأنسنة في الفكر العربي- قضايا في نقد العقل الديني. كيف نفهم الإسلام اليوم؟- الفكر الأصولي واستحالة التأصيل. نحو تاريخ آخر للفكر الإسلامي- معارك من أجل الأنسنة في السياقات الإسلامية. وغيرها.
    http://www.arabicstory.net/anews/?p=2126
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2

    رد: المفكر العربي الراحل /محمد أركون

    محمد أركون رائد حوار الأديان رحل عن 82 عاماً
    الخميس, 16 سبتمبر 2010
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي







    لم يكد المفكر الجزائري محمد أركون يتلقّى دعوة الى الاشتراك في ندوة حول نصر حامد أبي زيد في القاهرة، حتى وافاه الموت على سرير المرض في منزله الباريسي. ورحل أركون، الباحث الكبير في الفكر الإسلامي عن 82 عاماً أمضى قسطاً كبيراً منها منكباً على الفكر الديني، قارئاً وكاتباً، مقتفياً آثار المفكرين والفلاسفة الإسلاميين التنويريين الكبار.وكان أركون أستاذاً لامعاً لتاريخ الفكر الإسلامي في جامعة السوربون في باريس وفي جامعات عالمية كثيرة، وأحد رواد الدعوة الى الحوار بين الأديان.ولد محمد أركون في 1928 في قرية توريرة ميمون الصغيرة في منطقة القبائل (شمال شرق الجزائر)، في بيئة اجتماعية بالغة التواضع. وبعد إنهاء الدراسة الابتدائية في قريته، أتم دروسه الثانوية لدى الآباء البيض في وهران ثم درس الأدب العربي والحقوق والفلسفة والجغرافيا في جامعة الجزائر العاصمة. ثم تولى التدريس في عدد من الجامعات قبل أن يعين في 1980 أستاذاً في السوربون الجديدة - باريس 3. ودرّس فيها تاريخ الفكر الإسلامي وطوّر اختصاصاً هو الإسلاميات التطبيقية. ومنذ 1993، بات أستاذاً متقاعداً في السوربون، لكنه استمر في إلقاء محاضرات في أنحاء العالم كافة. وفي العام 2008، تولى إدارة مشروع «تاريخ الإسلام والمسلمين في فرنسا من القرون الوسطى حتى اليوم»، وهو كتاب موسوعي شارك فيه عدد كبير من المؤرخين والباحثين.وترك أركون كتباً كثيرة ذات منهج علمي ورؤية تحليلية جديدة، وسعى في كل ما كتب الى ترسيخ الحوار بين الأديان والحضارات، وجاب الكثير من مدن العالم محاضراً عن الدين الإسلامي والحضارة العربية.
    http://www.daralhayat.com/portalarticlendah/181866
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    Junior Member
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    http://brseifo.jeeran.com
    المشاركات
    16

    Post رد: المفكر العربي الراحل /محمد أركون

    السيدة المحترمة / الكاتبة و الأديبة . ريمه الخاني.
    صباح الخير.
    ***
    احترم هذه القدرة التي تمتلكين على استيعاب الفكر و احترامه في الآخر، أن مثل هؤلاء المفكرين الكبار سيبقون رغم أنف من "غلظت قلوبهم" رمزاً رائعاً و مؤسساً للتنوير الإسلامي في العصر القرن الحادي و العشرين.
    تلك الكوكبة الرائعة من "نصر حامد أبو زيد" حتى "محمَّد أراكون"،سيظل عبر الزمن القادم لهم الفضل الأكبر في تعرية "الإسلام السياسي" من ورقة التوت التي تهرأت، و لم تعد قادرة على ستر سوءته النتنة،تلك التي لم تعد بفضل هؤلاء المفكرين قادرة على الختل و الإيقاع بالنَّاس الأنقياء و رميهم في متاهات اللاوعي في سبيل تحقيق مآرب دنيوية يرجون لها كسباً عبر تضليل و تسيير تلك الكتلة المهمشة، من البشر الرَّاضخين لشتى صنوف الحياة القاسية، ما يجعلهم وقوداً لصراعاتٍ فئوية لا مصلحة للناس الأسوياء فيها.
    احترامي و تقديري .
    \
    \
    \

  4. #4

    رد: المفكر العربي الراحل /محمد أركون

    السلام عليكم
    نعم شكرنا يسبقنا برهان وهذا لايمنع من استعراض وجهات نظر عديدة لنكون حياديين:
    *************
    كتّاب سعوديون يهاجمون المفكر "محمد أركون" وينتقدون من يترحم عليه

    وصفوه بأنه من أكثر العلمانيين العرب تطرفاً في التعامل مع القرآن ونصوص الوحي

    تركي العبدالحي- سبق- الخبر: أثارت وفاة المفكر الفرنسي الجزائري الأصل "محمد أركون" جدلاً واسعًا بشأن تركته الثقافية التي تركها، وكتب العديد من الكتاب والأساتذة الجامعيين السعوديين حول وفاته، ورفض أغلبهم مجرد الترحم عليه.

    وقد ترك أركون خلفه عددًا كبيرًا من المؤلفات الفكرية التي كتبها باللغة الفرنسية وحظيت باهتمام كبير وواسع في الدول العربية حيث جرت ترجمة غالبية مؤلفاته.


    ولعل الغضب من أركون يتمحور حول إخضاعه التراث الإسلامي للنقد وفقًا لمنهجه العلمي ورفع القداسة عن النصوص الدينية، مما دفع الكثير إلى اتهامه بالتطرف العلماني. واهتم أركون بما يسمى بـ(الأنسنة - هيومانيزم) في العالم العربي والإسلامي، وكان آخر ما صدر له (الأنسنة والإسلام.. مدخل تاريخي نقدي) و(نحو نقد العقل الإسلامي).


    ويعلق الباحث الشرعي عبدالله المالكي في صفحته على شبكة الإنترنت بعد وفاة أركون، وله رسالة ماجستير حول أركون بالتحديد، قائلاً "قبل 5 سنوات سجلت رسالتي حول المفكر الفرنسي محمد أركون، وكان عندي شيء من التقدير والإعجاب به وقتها، لبعض الجوانب التي تصورتها من خلال كتاباته التي قرأتها بشكل سريع في مرحلة البكالوريوس، لكن بعد 5 سنوات وبعد أن عشت مع أركون ليالي وأياماً مع فكره ومع المنابع والأصول والمرجعيات التي بنى من خلالها منهجيته وانطلق منها في قراءة التراث، بعد كل ذلك وبعدما سلمت رسالتي لم يبق في قلبي أي تقدير ولا إعجاب ولا احترام لهذا الرجل، ولا أجد أي دافع أو مبرر يدفعني للترحم عليه، وإن كانت رحمة الله واسعة وسعت من هو أشد من أركون، أقول ذلك وأنا بكامل حريتي وإرادتي، الحرية هي التي جعلتني أترحم على محمد عابد الجابري وأتوقف عند محمد أركون، ومع ذلك فالرجل أفضى إلى ما قدم، ورحمة الله واسعة لا تنتظر دعوتي ولا دعوة فلان".


    ويعلل المالكي موقفه الحاد والسلبي من أركون قائلاً "موقفه الجذري من الوحي والقرآن، فعلاً لم يبق في قلبي أي احترام، وهي وجهة نظر في النهاية لكم كامل الحرية في تقبلها أو رفضها".


    ويعتبر الدكتور عبدالرحيم السلمي مدير مركز تأصيل الفكري بجدة أن من يترحم ويظهر تعاطفاً مع أركون فهو "إما جاهل بفكره ويحب أن يتكلم فيما لا يعلم، أو منحرف في عقيدته ودينه ولا يعرف حقيقة الإسلام".


    ويعرف الدكتور السلمي أركون قائلاً "من أكثر العلمانيين العرب تطرفاً في التعامل مع القرآن ونصوص الوحي، ومادته مأخوذة من غلاة المستشرقين، وأتعجب كثيراً ممن فتن بالدفاع عنه وعن (أبو زيد) ويقيمون مآتم وأروقة عزاء وهم ممن ينتمون إلى الفكر الإسلامي. يمكن أن أتفهم كيف انخدع البعض بالجابري؛ لأنه مراوغ ومتلاعب بالألفاظ، ولا يجرح المشاعر بعبارات صريحة، ويستعمل المداراة والمداهنة، بمعنى آخر (علمانية لينة)، وقد صرح بأن قراءته للتراث عصرية وليست تراثية مثل كل الفرق بما فيها الشيعة والمعتزلة والأشاعرة فضلاً عن أهل السنة، فهي قراءة علمانية لا تنتمي إلى جميع القراءات الإسلامية مع اختلافها. أصبح بعض شبابنا اليوم يخدعهم العلماني اللين ويجاملون العلماني المتطرف، وهذه حالة تستدعي الاهتمام والكشف والبيان، فهي فتنة خطيرة على الدين، بل أصبحت بعض مفاهيم العلمانية والليبرالية تنفذ إلى عقول شبابنا من خلال هذه المشاريع الفكرية، فأصبحت تجد من ينتمي إلى التيار الإسلامي، وهو في حقيقته علماني أو لديه أفكار علمانية متجذرة، وتزيد المشكلة عند محاولات أسلمتها ووضع الغطاء الشرعي عليها".


    وكتب الباحث وأستاذ التفسير بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن مصطفى الحسن مقالين بعد وفاة أركون أحدهما ورقات من رسالته للدكتوراه، ويعنون الحسن مقالته الثانية بـ(هل في كتابات محمد أركون ما يفيد؟)، ويقول الحسن في مقالته إن أركون متأثر بمدرسة الحوليات الفرنسية، مضيفًا "ماذا يمكن أن نستفيد من مدرسة الحوليات؟ أعتقد أن هذا هو السؤال المهم. التاريخ الإسلامي مبني على الرواية، وهو علم إسلامي أصيل يقوم على الجرح والتعديل وله قيمته العلمية بلا شك، لكن لا يمنع هذا أن يكون للشواهد التاريخية حقها من البحث والدلالة، نظريات التاريخ تجاوزت الحوليات من أهم من كتب في ذلك (عبدالله العروي) في كتابه (مفهوم التاريخ) وهو ممتع للغاية ويحتاج إلى قراءة متأنية".


    كما يشبه الحسن أركون بخضراء الدمن، وهي المرأة الحسناء في المنبت السوء.


    وتبقى في النهاية حقيقة أن أركون الذي كتبت عنه دراسة ماجستير في جامعاتنا السعودية، وكتب عنه الباحث مصطفى الحسن بعض ورقاته في رسالة للدكتوراه، وتناوله العديد من المؤلفات السعودية؛ كان مؤثرًا، ووصلت أغلب أحرفه إلى القارئ السعودي بغض النظر عن ردات الفعل تجاه ما كتب.

    صحيفة سبق .
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  5. #5

    رد: المفكر العربي الراحل /محمد أركون


    هذا مقال "يهاجم" أركون
    نقلته بمراجعه وتعليقاته ورابطه
    كنوع من التعرف على أركون ولو من وجهة نظر مهاجميه
    وأرجو أن يخدم الندوة

    http://www.alasr.ws/index.cfm?method...contentID=7121

    محمد أركون ومعالم أفكاره*
    16-10-2005

    يرى أركون أن القرآن والكتب السابقة تعاني من سياق واحد، ويضع القرآن مع الأناجـيل في مستوى من الثبوت والدراسة واحد، ويرى أهمية النقد والتجديد. وعمله هذا النـقـدي السلبي النافي -الذي يمسخ كل الحقائق وكل المعاني- لا يمكن بحال أن يـكـون مـذهـبـاً فكرياً بديلاً؛ بحيث يحل محل شيء من الفرق أو الجماعات التي وجدت عـلـى الساحة الإسلامية وليس بأسلوب يمكن قبوله من قِبل السنة أو الـشـيـعـة؛


    بقلم د. محمد الأحمري

    * المقال قديم نشر منذ أكثر من عشر سنوات، لكن العصر تعيد اليوم نشره، لأن أفكاره ومحتواه متجدد، فمازالت مقولات أركون هي نفسها لم يتغير منها شيء.

    تطورت في عصرنا هذا وسائل الدعاية لكل شيء بمقدار لم يسبق له مثيل ، هذه الدعاية في قضايا الكماليات ووسائل الراحة قد تكون معقولة إلى حد ما، لكن الغريب من أصناف هذه الـدعـايـة، الدعاية الفـكـرية لعامة الكـتاب والشعراء والروائيـين إلى درجة تدفع إلى السأم وعدم الثقة بأي شيء يشتهر من كتاب أو كاتب أو صحيفة، فيجعلك هذا لا تثق بالشهرة لأي عمل، إذ قـد يكون في غاية الرداءة والفساد لكن جيوش الإعلام والترويج تحاصرك حتى تفقد بصيرتك.

    وقد حاصرتنا الدعاية في زماننا ورفعت فـي وجوهنا مجموعة من الكتاب والمفكرين والأدباء، وألصقتهم في وجوه ثقافتنا كرهاً، وألزمتنا بهم وحاصرتنا كتبهم في كل زاوية، وليس هذا الحصار فقط بين العرب، بل لقد شكَت إحدى المستشرقات وقالت: "إن أدونيس لم يـقـل شـيـئـاً ولكن اللوبي الأدونيسي هو الذي أعطاه الأهمية" ! .

    هذا الجيش الدعائي من وراء كتاب صغار أو مغالطين كبار هو الذي أعطاهم أهمية كبرى في عالم الكتاب العربي .

    قال أحد القراء لقد رأيت كتب أركون ولفت انتباهي الدعاية الكبيرة لها؛ فذهبت مع القوم واشتريت منها وقرأت الأول والثاني فما أحسست بفائدة ولا ساعدني الفهم، وقلت كاتبٌ متعِبٌ، ولكن زادت الدعاية للرجل فقلت في نفسي: النقص في قدرتي على الدراسة والفهم، وسكتُّ وخشيت أن أقول لأحد: لا أفهمه، حتى إذا كان ذات يوم جلست إلى قارئ وكاتب قدير وتناول كتاب "تاريخية الفكر العربي الإسلامي" وقال: لقد حاولت أن أفهم هذا الكاتب أركون فما استطعت، فكأنما أفرج عني من سجن وقلت: رحمك الله أين أنت فقد كنت أبحث عن قارئ له يعطيني فيه رأياً، لا الذين أكثروا من الدعاية له دون دراية .

    وحتى لا تضر بنا المبالغة في هذا إليك نموذجاً للدعاية الأركونية: علق هاشم صالح مترجم أركون إلى العربية في آخـر كـتاب "الفكر الإسلامي نقد واجتهاد" يقول هاشم: بعد أن تركت محمد أركون رحت أفكر فـي حجم المعركة التي يخوضها بكل ملابساتها وتفاعلاتها، وهالني الأمر فكلما توهمت أن حدودها قد أصبحت واضحة محصورة، كلـما اكتشفت أنها متشابكة معقدة، شبه لا نهائية. هناك شيء واحد مؤكد على أي حال : هو أن محمد أركون يخوض المعركة على جبهتين جبهة الداخل، وجبهة الخارج، جبهة أًصوليي المسلمين، وجبهة أصوليي المستشرقين:

    وسوى الروم خلف ظهرك ... روم فعلى أي جانبيْك تميل ؟ (1) .

    هذا مثل مما يفعل هذا المترجم، وقد يفاجئك مراراً بالمدح في وسط الكتاب أو في المقدمة أو في الهامش (2) أو في لقاءاته مع أركون التي تمثل جزءاً كبيراً من أعماله؛ فهذه طريقة في الكتابة جديدة إذ يُجري المترجم حواراً حول أفكار أركون بعد كل فصل أو في آخر الكتاب كما في "الفكر الإسلامي قراءة علمية" ، أو "الفكر الإسلامي نقد واجتهاد".

    أثناء قراءة أعمال أركون قد تصادفه ينقد مدرسة عقائدية أو فقهية، ويحاول أن يقول إنها خرافة، وأسطورة دغمائية كما يحلو له أن يكرر، وتقول : لعله ينصر المدرسة الأخرى، فهو إما شيعي أو خارجي، ثم يخرج عليك في صفحة أخرى وهو يعرض بعدم معقولية فكرة الإمامة لدى الشيعة (3)، ثم في مكان آخر لا يتفق مع الإسلام السني المتزمت في نظـره (4) علماً أن السني عنده هم الأشاعرة، وأما أحمد وابن تيمية فيدعوهما حنابلة متزمتين .

    وتحاول جاهداً أن تقف تماماً على ما يريد فإذا هو متناقض لا يؤمن بشيء ولا يرى أن لهذا العلم أو التراث الإسلامي أي مكانة إلا في عين المدارس النقـدية الغربية؛ فما أقرته فهو الحق والمحترم - كنص للدراسة ليس أكثر من نص بشري قابل للأخذ والعطاء - وما لا تقره المكتشفات الأسلوبية اللغوية الاجتماعية والنفسية المعاصرة فإنه لا يرى إقراره والاهتمام به لقدمه وتخلفه عن العصر .

    ولعل كتاب "الفكر العربي" أول كتبه المترجمة إلى العربية وفيه تلخيص غامض لجُل ما قال في الكتب الأخرى ، وأشار فيه بكثير من التحفظ إلى آرائه في القرآن والسنة والشيعة والحداثة والتجديد .

    عند أركون أهداف واضحة لمن يستقرئ أعماله ويصبر على التزوير والمراوغة واللعب بالكلمات في غير معانيها حتى يحصل على هدفه الكبير من كل مشروعه وسيأتي بـيان الهدف بعد ذكر وسائله إليه .

    * الوسائل:

    أول وسائله نقد الكُتاب الإسلاميين الذين ليست لهم صلة بالمدارس الغربية في الفكر، والذين ليس لهم إلمام بعلوم اللسانيات والاجتماع والنفس والنظريات التي خرجت -فيما يرى- بعد الخمسينات من هذا القرن الميلادي، وبالتالي يطالبهم بالمشاركة والدراسة لمستجدات النظريات الإنسانية الغربـية، ثم هو يستخدم نظريات ميشيل فوكو في مسائل المعرفة والسلطة، ويرى تاريخية المعرفة وبكوْنها قابلة للتغيير والتطوير والشمول، وأهم جوانب المعرفة التي يتحدث عنها المعرفة الديـنـيـة بـكـل أبـعـادها ، ويرى اعتبار المعرفة الإسلامية نموذجاً أسطورياً لابد أن يخضع للدراسة والنقاش -كما سيأتي- ويرى المجاهرة باعتبار العلوم الإسلامية سياقـاً مـعـرفـيـاً أسطورياً يزعج المسلمين ويهز إيمانهم، ولكن لابد -كما يرى- من بناء مفاهيم جديدة مستمدة من الاحتياجات الجديدة كما فعل السلف، ويرى أن هناك مناطق عديدة في الفكر الإسلامي لا تمس ولا يفكر فيها مثل مسألة عثمان -رضي الله عنه- وقضايا جمع القرآن، والـتـسـلـيـم بـصحـة أحاديـث الـبـخاري والموافقة على الأصول التي بناها الـشـافـعـي، ويـرى أنه يـضـع أساساً للاجتهاد وعقلانية جديدة (5) ، وهو يرى أن الوعي الإسلامي قد انشق فيما بـيـن الـسنة والشيعة ، والوسيلة عنده ليست بالتوفيق بين الجانبين ولا الانتقاء منهما إنما الوسيلة نـقـد الطرفين وهو يعتنق "النقدية الجذرية" للطرفين وإسقاط كل الحجج التي بأيدي الجمـيع ، وبالتالي فإن النص السني مغلوط ومزور والنص الشيعي نص العدالـة والـعـصـمـة مـغـلـوط ومـزور وأسـطـوري، والمطلوب أن يتحرر كل من الفريقين من نصه فيتوحدان (6) .

    * الأهداف :

    من أهم ما يهدف له أركون في كتاباته المـكـررة والمملة نزع الثقة من القرآن الكريم وقداسته واعتباره نصاً أسطورياً (7) قـابـلاً للـدراسـة والأخذ والـرد. وهو يغالط كثيراً في معنى كلمة "أسطورة" ويقول : إنه يعاني من صعوبة هذه الكلمة على أسماع العرب الذين يربطون بـين هذه الكلمة وبين الأكذوبة أو الخرافة، لكن ما هي الكلمة التي يستخدمها أركون في تعبيره عن القرآن باللغة الفرنسية التي يكتب كل كتبه بها .

    إنه استخدم كلمة MYTHEوبالإنجليزية MYTHوكلتا الكلـمـتـيـن تعني الخرافة أو الحكاية والكلمتان جاءتا من الكلمة الإغريقية MUTHOSوهي تـعني في جميع اللغات الأوربية حكاية خرافية شعبية تتحدث عن كائنات تجسد - بصورة رمزية - قوى الطبيعة والوضع الإنساني (8) .

    ثم إذا سلم بهذه الأسطورة - بزعمه - فإنها أولاً لم تصلنا بـسـند مـقـطـوع الـصـحـة؛ لأن القرآن -كما يقول - لم يُكتب كله في حياة الرسول - صلى الله عـلـيـه وسـلـم - بل كُـتب بعض الآيات ثم استكمل العمل في كتابة القرآن فيما بعد (9) وهذه من الـمـغـالـطـات الـتـي يسوقها أركون بكل سهولة ويخلط فيها ما بين قـضـيـة الجمع وقـضـية الكتابة ، وبزعم أن الظروف السياسية هي التي جعلت المسلمين يـحـافـظـون فـقـط على قرآن واحد ويتركون ما عداه (10) .

    ومن أجل أن يمهد لما يريد من إنكار القرآن سنداً في أول الأمـر يدخل بعد ذلك إلى نصوص القرآن فيشكك في القصص والأخبار ويرى أن التاريخ الواقـعـي المحسوس هو الذي يحاكَم إليه القرآن، فالأخبار والآثار التاريخية هي الـمـوثـوقـة!

    ولـنقرأ له هذا النص الذي يجد القارئ في كتبه كثيراً مثله، يقول:

    "ينبغي القيام بنقد تاريخي لتحديد أنواع الخلط والحذف والإضافة والمغالطات التاريخية التي أحدثتها الروايات القرآنية بالقياس إلى معطيات التاريخ الواقعي المحسوس" (11) .

    ويرى أن القرآن عمل أدبي لم يدرس كما يجب إلا من قِبَل ندرة أهمهم عنده "محمد أحمد خلف الله" عندما كتب عن القصص الفني في القرآن وقال إن القصة الـقرآنـيـة مـفـتـعـلـة، ويتحسر على عدم استمرار "خلف الله" ويذكر أن الأسباب التي لم تمـكـن "خلف الله" في عمله أنه راعى الموقف الإسلامي الإيماني أولاً، وثانـيـاً: لنـقـص المعلومات.

    إذن فقد آل الأمر إلى أركون الذي سيهاجم القرآن؛ لأنه لا يراعي الموقف الإسلامي الإيماني لأنه مطلع على الأبحاث الجارية. ومع زعمه أنه يعرف الأبحاث الجارية التي كتبها فوكو والحاخام دريدا؛ فإنه يظهر للقارئ بـشـكـل يجعله لا يثق في قدرة أركون ولا أنه فهم ما زعم فهمه من قضايا المعرفة ونقد اللاهوت ونـظريات البنيوية وما بعدها (12).

    ويعاني في عرضه للأقوال من عدم التوثيق أو القول الصحيح لما يـنقـل؛ إذ يقلب كل قضية قرآنية أو تفسـيريـة أو سـيـاق لعلم حتى يفـسد المعنى ويلويه إلى ما يريد كما مر معنا في مسألة كتابة القرآن، ومثال آخر يعرِّف الوحي بـقـولـه: "إنـه يـُدعَى بالتنزيل أي الهبوط من فوق إلى تحت" (13).

    * معاني القرآن:

    لو تجاوزنا قضية شكه في القرآن وردّه للسنة من باب أَوْلـى فـمـاذا يـفـسر به القرآن وكيف يفهمه، إنه يـقـول: "إن الـقـرآن -كما الأناجيل- لـيـس إلا مـجـازات عالية تتكلم عن الوضع البشري، إن هذه المجازات لا يمكن أن تكون قانوناً واضحاً، أما الوهم الكبير فهو اعتقاد الناس -اعتقاد الملايين- بإمكانية تحويل هذه التعابير المـجـازية إلى قـانون شغال وفعال ومبادئ محدودة تطبق على كل الحالات وفي كل الظروف" (14) .

    ويقول في موضع آخر :

    "إن المعطيات الخارقة للطبيعة والحكايات الأسطورية القرآنية سوف تُتلقَّى بصفتها تعابير أدبية ، أي تعابير محورة عن مطامح ورؤى وعواطف حقيقية يمكن فقط للتحليل التاريخي السيولوجي والبسيكولوجي اللغوي - أن يعيها ويكشفهما" (15) .

    ويفصل أركون بين القرآن والشريعة ، فالقرآن عنده "خطاب مجازي يغذي التأمل والخيال والفكر والعمل ويغذي الرغبة في التصعيد والتجاوز ، والمجتمعات البشـريـة لا تـسـتـطـيـع العيش طيلة حياتها على لغة المجاز" () ولكن هناك البشر المحسوسون العائشون - كما يقول - في مجتمع وهناك أمورهم الحياتية المختلفة التي تـتـطلب نوعاً من التنظيم والضبط وهكذا تم إنجاز الشريعة (17) ثم يعقب بأن هناك مجالاً أسـطـورياً مـجـازيـاً وهـو مـجـال الـقـرآن، ومجال آخر واقـعـي للناس هو مجال الشريعة ويقول: "إنه وهم كبير أن يـتوقع الناس علاقة ما بين القرآن والشريعة التي هي القوانين الـشـرعـيـة وأن الـمـنـاخ الـمـيـثـي (الأسطوري) الذي سيطر على الأجيال السابقة هو الذي أتاح تـشـيـيـد ذلك الوهم الكبير، أي إمكانية المرور من إرادة الله المعبر عنها في الكتابات المـقدسة إلى الـقـوانـيـن الـفـقـهـيـة (الشريعة) وحجته في ذلك ما يلي : في الواقع أن هناك أنـواعـاً مخـتـلـفـة مـن الكلام (من الخطاب) وهناك فرق بين خطاب شعري أو ديني، وخطاب قانوني فقهي أو فلسفي ، ولا يمكن لنا أن نمر من الخطابين الأولين إلى الخطابات الأخرى إلا بتعسف واعتباط"(18) ألا ترى أنك يا أركون قد استطعت أن تمرق من الخطابين.

    * مكانة السنة عنده :

    ليس هذا مجالاً لمتابعة هذه الأقوال والرد عليها، فيكفي هنا التعريف بمعالم فكره بما فيها جرأته على الشك في ثبوت وصول القرآن إلـيـنـا ، وجرأته على نفي الحديث والزعم بـأن الظروف السياسية وأوضاع المجتمعات التي انـتـشـر فـيـهـا الإسلام احتاجت إلى أحاديث وقال: "إن السنة كُتبت متأخرة بعد موت الرسول -صلى الله عليه وسلم- بزمن طـويـل وهذا ولَّد خلافات. لم يتجاوزها المسلمون حتى اليوم بـيـن الـطـوائـف الـثـلاث الـسـنـيـة والشيعية والخارجية، وصراع هذه الفرق الثلاث جعلهم يحتكرون الحديـث ويـسـيـطـرون عليه لما للحديث من علاقة بالسلطة القائمة"(19) .

    وهو يرى أن الـحـديـث هــو جـزء مـن التراث الذي يجب أن يخضع للدراسة النقدية الصارمة لكل الوثائق والـمـواد المـوروثة كما يسميها (20)، ثم يـقـول: "وبالـطـبـع فـإن مـسـيـرة الـتـاريخ الأرضي وتنوع الشعوب التي اعتنقت الإسلام - قد خلقت حالات وأوضاعاً جديدة ومـسـتـحـدثـة لـم تـكـن مـتـوقعة أو منصوصاً عليها في القرآن ولا في الحديـث، ولكي يـتـم دمجها وتمـثلها في التراث فإنه لزم على المعنيين بالأمر أن يصدقوا عليها ويقدسوها إما بواسطة حـديـث للنـبي ، وإما بواسطة تقنيات المحاجة والقياس" (21) .

    الشريعة والحياة تلك هي مكانة الشريعة عنده وهذه مكانة أحاديـث الـرسـول - صلى الله عليه وسلم - إذ لا يرى أي تشريع جاء به الـقـرآن، وأن الـقـرآن خـطـاب أدبي عاطفي لا علاقة له بـالـحـيـاة، والـشـريعة ضرورة اجتماعية أملتها ظروف المجتمع وحاجة الناس، وهي في مجموعها تراث إذا قـابـلـت في الطريق ثقافة مجتمع آخر أو استجد شيء فإن هذا الجديد يدمج في هذا التراث بواسطة حديث أو قياس ، وهو يناقض نفسه تماماً ، إذ لو لم تـكـن الـشـريـعـة من غير هذين المصدرين كأساس لما سعى المعنيون بالأمر - كما يسميهم - لفعل ما كذبه عليهم.

    وهذا مـثـال واحد كبـيـر من الـغث والانحراف والكفر الذي يملأ به كتبه، كله يناقض بعضه بعضاً، وكفاه زوراً أو جرأة على كتاب الله قوله : "وليس في وسع الباحثين أن يكـتفـوا اليوم في الواقع بالتكرار الورع للحقائق الموحى بها في الجزيرة العربية في القرن السادس والتي طُرحت مـنـذئـذ على أنها بآن واحد مما يمكن تعريفه واستخدامه وأنها متعالية"(22) .

    وهو يرى أن الباحـثـيـن - يعـنـي نـفـسـه ومَن تابعه - (إذ حتى كبار الكفار من المستشرقين لم يحملوا على القرآن والسنة والأمة كالحملة التي يقودها أركون ولم يستطيعوا القول بكل هذه الافتراءات في آن واحد) لا يسعهم تـطـبـيـق الـقـرآن لأنه نـزل في الـجـزيـرة فـي ذلـك الـزمـن الـقـديـم، وهـو لا يرى نفسه وهو يقدس ويستسلم لبقايا قوانين الرومان، بل ويحاسب الإسلام على أفكار فـوكـوه هل تـتطابق معها أم لا ، ويقول في نفس الوقت بأن القرآن حقائق، وقد سبق أن قال إنه مجازات عالية وقد أجمع القائلون بالمجاز على أن كل مجاز يجوز نـفـيـه ويكون نافيه صادقاً في نفس الأمر (23)، علماً بأن المجاز بالأسلوب الذي يريده أركون أبعد بكثير من المجاز الذي حدث فيه الخلاف بين المسلمين والذي قال فيه الشنقيطي إن وروده في القرآن غير صحيح ولا دليل يوجب الرجوع إليه من نقل ولا عقل ونحن ننزه القرآن على أن نقول فيه مجاز بل نقول كله حقائق (24) .

    ونقل الشنقيطي عن عدد من العلماء عدم جواز المجاز في اللغة أصلاً فضلاً عن القرآن وهو -أي الشنقيطي- ممن يرى هذا، وأركون لا يرى أن آيات الأحكام هي المجاز، ولا آيات الصفات كما قال بعض السابـقـيـن الـمخالفـين لأهل السنة، لكنه يرى كل القرآن مجازات عالية، ومرة يقول متعالية أي تكون بعيدة عن المجتمع سياسة واقتصاداً واجتماعاً، إنما تهذيب روحي لا علاقة له بالدنيا.

    وليس هذا مكان الحديث عن المجاز ولا الخلاف فيه. لكن جاء بمناسبة خلط أركون وتناقضه؛ إذ يقول: القرآن حقـائـق نزلت قديماً ثم يرجع ويقول مجازات عالية. إن أركون يهدم كل شيء ولا يقيمك على سنن ولا يثق بأحد ولا بعلم أحد، فهو يسخر من كل مَن سبقه حتى يسخر من الطبري ومن طريقته في التفسير. وما دام قد اجـتـرأ عـلـى كـتاب الله وسنة رسوله كل هذه الجرأة فماذا يتوقع القارئ عن غيرها. وهـنـاك جـوانـب عـديـدة يستنكرها كقضايا الثواب والعقاب والبعث بعد الموت (25) . ويـرى فـي آيات الـقرآن التي تحدثت عن الجنة وثوابها سياقات شعرية ، وأيضاً يرى رمزية العذاب .

    * خلاصة :

    يرى أركون أن القرآن والكتب السابقة تعاني من سياق واحد ، ويضع القرآن مع الأناجـيل في مستوى من الثبوت والدراسة واحد ، ويرى أهمية النقد والتجديد. وعمله هذا النـقـدي السلبي النافي - الذي يمسخ كل الحقائق وكل المعاني- لا يمكن بحال أن يـكـون مـذهـبـاً فكرياً بديلاً ؛ بحيث يحل محل شيء من الفرق أو الجماعات التي وجدت عـلـى الساحة الإسلامية وليس بأسلوب يمكن قبوله من قِبل السنة أو الـشـيـعـة؛ ذلك أنه يلـغي الجميع ويرى العدمية(26) التي يقدمها هي البديل أو التجديد ، فالشك والجحود بـكـل شيء لن يكون أبداً بديلاً للإيمان ، إذ هذا العدم لا يكون ديناً ولا يبني خلقاً .

    وهو يرى - مع هذا - ضرورة النظام في حياة الناس ويرى أهمية القوانين وهذه القوانين عنده تـنشئها الضرورة الاجتماعية ، لكن أي مجتمع وأية قوانين ، أما المجتمع فلا يرى أركون أن يكون للإسلام سلطة علـيـه؛ لـذا فـلـيـس للإسلام أن يسن أي قانون في ذلك المجتمع إذ ليس للإسلام في نظره أي قانون ولا علاقـة بـالـوجـود ، وهـو قد بذل وعصر كل سمومه وآفات الملحدين في الغرب لينكر المصادر أولاً ثم لو افترض إثـبـاتها فليس لها حقائق ولا معاني تمس الناس ، ثم إذا فهم منها معاني فتلك المعاني جاءت للحاجة والضرورة ؛ لأنه لم يكن هناك قوانين في المجتمع.

    وقد علق أحدهم على نمط تفكـيـر أركون وأسلوب تعامله مع النصوص فقال : إن تجديدية أركون هي تجديـديـة عدمـيـة ولا نحسب أن مسلماً عاقلاً يهتم لقراءة أركون النافية (27) وهذا ملخص لبحث مطول يتناول كتب ومقالات أركون ، ومع أن أعماله غير معقولة لكن - ويا لَلأسف! - إن الذي يـتـحكم في سلوك وأفكار العالم الإسلامي اليوم هو (اللامعقول) لهذا يحتاج إلى بيان .

    ------ الهوامش :

    (1) الفكر الإسلامي فكر واجتهاد ص335 ، "حقاً إن أركون أشد على الإسلام هجوماً من مفكري الروم وسيأتي بيان ذلك".

    (2) انظر الكتاب السابق ص254 ومواقع عديدة في "الفكر الإسلامي قراءة علمية".

    (3) أركون ، مقابلة مع أدونيس ، مجلة "مواقف" ، عدد رقم 54 - ربيع عام 1988 ، ص 10.

    (4) أركون ، الفكر العربي ، ترجمة عادل العوا ، ص128 والفكر الإسلامـي نـقد واجتهاد ص 90. ولعل كتاب "الفكر العربي" أول كتبه المترجمة إلى العربـيـة وفيه تلخيص غامض لجل ما قال بعد في الكتب الأخرى وفـيـه إشـارة بكـثـير من التحفظ إلى آرائه في القرآن والسنة والشيعة والحداثة والتجديد.

    (5) عيسى بلاطة ، توجهات وقضايا في الفكر العربي المعاصر ، ص89-9.

    (6) رضوان السيد ، الإسلام المعاصر ، ص19.

    (7) محمد أركون ، الفكر الإسلامي قراءة علمية ، ص22 وما بعدها.

    (8) محمد العربي الخطابي ، مقال بعنوان "الأسطورة الأصلية في رأي أستاذ جامعي" ، جريدة "الشرق الأوسط"26/2/199.

    (9) محمد أركون الفكر ، الإسلامي نقد واجتهاد ، ص85-86.

    (10) المصدر السابق ، ص86.

    (11) أركون ، الفكر الإسلامي قراءة علمية ، ص23.

    (12) انظر مجلة الحوار ، عدد 9 ، ص117-118.

    (13) الفكر الإسلامي نقد واجتهاد ، ص79.

    (14) تاريخية الفكر الإسلامي ، ص299.

    (15) الفكر الإسلامي قراءة علمية ، ص191.

    (16) تاريخية الفكر الإسلامي ، ص299.

    (17) المصدر السابق ، ص299..

    (18) المصدر السابق ، ص299.

    (19) أركون ، الفكر الإسلامي نقد واجتهاد ، ص12.

    (20) أركون ، الفكر الإسلامي نقد واجتهاد ، ص13.

    (21) أركون ، الفكر الإسلامي نقد واجتهاد ، ص18.

    (22) أركون ، الفكر العربي ، ص174 ترجمة عادل العوا .

    (23) الشنقيطي ، منع جواز المجاز ، ص8.

    (24) الشنقيطي ، منع جواز المجاز ، ص51.

    (25) للتوسع يراجع الفصل الأخير من كتابه "الإسلام أصالة وممارسة" ترجمة د.خليل أحمد ، وأيضاً مواضع متعددة من "الفكر الإسلامي قراءة علمية" .

    (26) رضوان السيد ، الإسلام المعاصر ، ص19.

    (27) رضوان السيد ، الإسلام المعاصر ، ص19.


    وانظر حول فكرته لتطيق النقد التاريخي للقرآن كتابه "الفكر الأصولي واستحالة التأصيل " الصفحات التالية : 29 ، 44 -45 ، 6 ، 151 ، 214 – 215 ، 247 ، 191 ، 194 .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    4 تعليق حتى الآن ( اضف تعليقك على المادّة فوراً )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ijg | js يقول...
    c'est un mervelleux document

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي أجدت و أنصفت | فارس العمري يقول...
    مقال رائع من الدكتور الأحمري

    و منصف و يدل على رجل مطلع

    يعي ما يقول

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي للعظة فقط | أبو إسحاق الزواوي يقول...
    لعل الجزائريين هم أعرف الناس بأركون لسببين اثنين:
    الأول أنه جزائري الأصل من منطقة زواوة[القبائل]، و إن كان قد تغرب في فرنسا منذ زمن طويل.
    الثاني: أن جل كتاباته باللغة الفرنسية و قد استقطبت الكثير من الجزائريين بحكم صلتهم التاريخية بلغة فولتير.
    و من غريب ما ننقله نحن عنه ما أخبرنا به أستاذنا محمد الهادي الحسني، عن هذا المفكر من بني عبقر، و الذي قدم في أحد ملتقيات الفكر الإسلامي التي كانت تقام بالجزائر مداخلة، فقام الشيخ الغزالي رحمه الله بالرد عليه، و قد جاء أركون يومها ليلا إلى غرفة الشيخ باكيا وهو يقول: يا شيخ أنا لست كافرا؟؟؟ و راح يرددها بدموع حارة لهول الرد و التعقيب الذي سمعه من الشيخ الغزالي رحمه الله.
    إن مشكلة أركون الأساسية أنه لم يجد من يشغل وقته و يتعب نفسه في الرد عليه، خاصة و أن كتاباته لا تطل إلا على الفضاءات الفكرية المعتمة، و التي سرعان ما يحترق مرتادوها مع أول شعاع للشمس يطل عليهم.

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي زوبعة في فنجان | محسن يقول...
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أركون هذا (لا أقول محمد حتى لا أقرن اسمه بأطهر اسم) من المتفرنسين الذين نغصوا علينا حياتنا الإسلامية في الجزائر.
    أمثاله كثر والأدهى أنهم يتحكمون في المناصب العليا لهرم السلطة.
    أسلوبهم أنهم يبهرونك بمصطلحات جديدة تتعجب منها. حروفها عربية ولكنها مستمدة من الفكر الغربي.
    حاله كحال من في هذا البيت الشعري :
    كناطح صخرة يوما ليوهنها
    فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
    http://www.ansaq.net/vb/showthread.p...4630#post54630
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  6. #6

    رد: المفكر العربي الراحل /محمد أركون

    هذا مقال "يهاجم" أركون
    نقلته بمراجعه وتعليقاته ورابطه
    كنوع من التعرف على أركون ولو من وجهة نظر مهاجميه
    وأرجو أن يخدم الندوة

    http://www.alasr.ws/index.cfm?method...contentID=7121

    محمد أركون ومعالم أفكاره*
    16-10-2005

    يرى أركون أن القرآن والكتب السابقة تعاني من سياق واحد، ويضع القرآن مع الأناجـيل في مستوى من الثبوت والدراسة واحد، ويرى أهمية النقد والتجديد. وعمله هذا النـقـدي السلبي النافي -الذي يمسخ كل الحقائق وكل المعاني- لا يمكن بحال أن يـكـون مـذهـبـاً فكرياً بديلاً؛ بحيث يحل محل شيء من الفرق أو الجماعات التي وجدت عـلـى الساحة الإسلامية وليس بأسلوب يمكن قبوله من قِبل السنة أو الـشـيـعـة؛


    بقلم د. محمد الأحمري

    * المقال قديم نشر منذ أكثر من عشر سنوات، لكن العصر تعيد اليوم نشره، لأن أفكاره ومحتواه متجدد، فمازالت مقولات أركون هي نفسها لم يتغير منها شيء.

    تطورت في عصرنا هذا وسائل الدعاية لكل شيء بمقدار لم يسبق له مثيل ، هذه الدعاية في قضايا الكماليات ووسائل الراحة قد تكون معقولة إلى حد ما، لكن الغريب من أصناف هذه الـدعـايـة، الدعاية الفـكـرية لعامة الكـتاب والشعراء والروائيـين إلى درجة تدفع إلى السأم وعدم الثقة بأي شيء يشتهر من كتاب أو كاتب أو صحيفة، فيجعلك هذا لا تثق بالشهرة لأي عمل، إذ قـد يكون في غاية الرداءة والفساد لكن جيوش الإعلام والترويج تحاصرك حتى تفقد بصيرتك.

    وقد حاصرتنا الدعاية في زماننا ورفعت فـي وجوهنا مجموعة من الكتاب والمفكرين والأدباء، وألصقتهم في وجوه ثقافتنا كرهاً، وألزمتنا بهم وحاصرتنا كتبهم في كل زاوية، وليس هذا الحصار فقط بين العرب، بل لقد شكَت إحدى المستشرقات وقالت: "إن أدونيس لم يـقـل شـيـئـاً ولكن اللوبي الأدونيسي هو الذي أعطاه الأهمية" ! .

    هذا الجيش الدعائي من وراء كتاب صغار أو مغالطين كبار هو الذي أعطاهم أهمية كبرى في عالم الكتاب العربي .

    قال أحد القراء لقد رأيت كتب أركون ولفت انتباهي الدعاية الكبيرة لها؛ فذهبت مع القوم واشتريت منها وقرأت الأول والثاني فما أحسست بفائدة ولا ساعدني الفهم، وقلت كاتبٌ متعِبٌ، ولكن زادت الدعاية للرجل فقلت في نفسي: النقص في قدرتي على الدراسة والفهم، وسكتُّ وخشيت أن أقول لأحد: لا أفهمه، حتى إذا كان ذات يوم جلست إلى قارئ وكاتب قدير وتناول كتاب "تاريخية الفكر العربي الإسلامي" وقال: لقد حاولت أن أفهم هذا الكاتب أركون فما استطعت، فكأنما أفرج عني من سجن وقلت: رحمك الله أين أنت فقد كنت أبحث عن قارئ له يعطيني فيه رأياً، لا الذين أكثروا من الدعاية له دون دراية .

    وحتى لا تضر بنا المبالغة في هذا إليك نموذجاً للدعاية الأركونية: علق هاشم صالح مترجم أركون إلى العربية في آخـر كـتاب "الفكر الإسلامي نقد واجتهاد" يقول هاشم: بعد أن تركت محمد أركون رحت أفكر فـي حجم المعركة التي يخوضها بكل ملابساتها وتفاعلاتها، وهالني الأمر فكلما توهمت أن حدودها قد أصبحت واضحة محصورة، كلـما اكتشفت أنها متشابكة معقدة، شبه لا نهائية. هناك شيء واحد مؤكد على أي حال : هو أن محمد أركون يخوض المعركة على جبهتين جبهة الداخل، وجبهة الخارج، جبهة أًصوليي المسلمين، وجبهة أصوليي المستشرقين:

    وسوى الروم خلف ظهرك ... روم فعلى أي جانبيْك تميل ؟ (1) .

    هذا مثل مما يفعل هذا المترجم، وقد يفاجئك مراراً بالمدح في وسط الكتاب أو في المقدمة أو في الهامش (2) أو في لقاءاته مع أركون التي تمثل جزءاً كبيراً من أعماله؛ فهذه طريقة في الكتابة جديدة إذ يُجري المترجم حواراً حول أفكار أركون بعد كل فصل أو في آخر الكتاب كما في "الفكر الإسلامي قراءة علمية" ، أو "الفكر الإسلامي نقد واجتهاد".

    أثناء قراءة أعمال أركون قد تصادفه ينقد مدرسة عقائدية أو فقهية، ويحاول أن يقول إنها خرافة، وأسطورة دغمائية كما يحلو له أن يكرر، وتقول : لعله ينصر المدرسة الأخرى، فهو إما شيعي أو خارجي، ثم يخرج عليك في صفحة أخرى وهو يعرض بعدم معقولية فكرة الإمامة لدى الشيعة (3)، ثم في مكان آخر لا يتفق مع الإسلام السني المتزمت في نظـره (4) علماً أن السني عنده هم الأشاعرة، وأما أحمد وابن تيمية فيدعوهما حنابلة متزمتين .

    وتحاول جاهداً أن تقف تماماً على ما يريد فإذا هو متناقض لا يؤمن بشيء ولا يرى أن لهذا العلم أو التراث الإسلامي أي مكانة إلا في عين المدارس النقـدية الغربية؛ فما أقرته فهو الحق والمحترم - كنص للدراسة ليس أكثر من نص بشري قابل للأخذ والعطاء - وما لا تقره المكتشفات الأسلوبية اللغوية الاجتماعية والنفسية المعاصرة فإنه لا يرى إقراره والاهتمام به لقدمه وتخلفه عن العصر .

    ولعل كتاب "الفكر العربي" أول كتبه المترجمة إلى العربية وفيه تلخيص غامض لجُل ما قال في الكتب الأخرى ، وأشار فيه بكثير من التحفظ إلى آرائه في القرآن والسنة والشيعة والحداثة والتجديد .

    عند أركون أهداف واضحة لمن يستقرئ أعماله ويصبر على التزوير والمراوغة واللعب بالكلمات في غير معانيها حتى يحصل على هدفه الكبير من كل مشروعه وسيأتي بـيان الهدف بعد ذكر وسائله إليه .

    * الوسائل:

    أول وسائله نقد الكُتاب الإسلاميين الذين ليست لهم صلة بالمدارس الغربية في الفكر، والذين ليس لهم إلمام بعلوم اللسانيات والاجتماع والنفس والنظريات التي خرجت -فيما يرى- بعد الخمسينات من هذا القرن الميلادي، وبالتالي يطالبهم بالمشاركة والدراسة لمستجدات النظريات الإنسانية الغربـية، ثم هو يستخدم نظريات ميشيل فوكو في مسائل المعرفة والسلطة، ويرى تاريخية المعرفة وبكوْنها قابلة للتغيير والتطوير والشمول، وأهم جوانب المعرفة التي يتحدث عنها المعرفة الديـنـيـة بـكـل أبـعـادها ، ويرى اعتبار المعرفة الإسلامية نموذجاً أسطورياً لابد أن يخضع للدراسة والنقاش -كما سيأتي- ويرى المجاهرة باعتبار العلوم الإسلامية سياقـاً مـعـرفـيـاً أسطورياً يزعج المسلمين ويهز إيمانهم، ولكن لابد -كما يرى- من بناء مفاهيم جديدة مستمدة من الاحتياجات الجديدة كما فعل السلف، ويرى أن هناك مناطق عديدة في الفكر الإسلامي لا تمس ولا يفكر فيها مثل مسألة عثمان -رضي الله عنه- وقضايا جمع القرآن، والـتـسـلـيـم بـصحـة أحاديـث الـبـخاري والموافقة على الأصول التي بناها الـشـافـعـي، ويـرى أنه يـضـع أساساً للاجتهاد وعقلانية جديدة (5) ، وهو يرى أن الوعي الإسلامي قد انشق فيما بـيـن الـسنة والشيعة ، والوسيلة عنده ليست بالتوفيق بين الجانبين ولا الانتقاء منهما إنما الوسيلة نـقـد الطرفين وهو يعتنق "النقدية الجذرية" للطرفين وإسقاط كل الحجج التي بأيدي الجمـيع ، وبالتالي فإن النص السني مغلوط ومزور والنص الشيعي نص العدالـة والـعـصـمـة مـغـلـوط ومـزور وأسـطـوري، والمطلوب أن يتحرر كل من الفريقين من نصه فيتوحدان (6) .

    * الأهداف :

    من أهم ما يهدف له أركون في كتاباته المـكـررة والمملة نزع الثقة من القرآن الكريم وقداسته واعتباره نصاً أسطورياً (7) قـابـلاً للـدراسـة والأخذ والـرد. وهو يغالط كثيراً في معنى كلمة "أسطورة" ويقول : إنه يعاني من صعوبة هذه الكلمة على أسماع العرب الذين يربطون بـين هذه الكلمة وبين الأكذوبة أو الخرافة، لكن ما هي الكلمة التي يستخدمها أركون في تعبيره عن القرآن باللغة الفرنسية التي يكتب كل كتبه بها .

    إنه استخدم كلمة MYTHEوبالإنجليزية MYTHوكلتا الكلـمـتـيـن تعني الخرافة أو الحكاية والكلمتان جاءتا من الكلمة الإغريقية MUTHOSوهي تـعني في جميع اللغات الأوربية حكاية خرافية شعبية تتحدث عن كائنات تجسد - بصورة رمزية - قوى الطبيعة والوضع الإنساني (8) .

    ثم إذا سلم بهذه الأسطورة - بزعمه - فإنها أولاً لم تصلنا بـسـند مـقـطـوع الـصـحـة؛ لأن القرآن -كما يقول - لم يُكتب كله في حياة الرسول - صلى الله عـلـيـه وسـلـم - بل كُـتب بعض الآيات ثم استكمل العمل في كتابة القرآن فيما بعد (9) وهذه من الـمـغـالـطـات الـتـي يسوقها أركون بكل سهولة ويخلط فيها ما بين قـضـيـة الجمع وقـضـية الكتابة ، وبزعم أن الظروف السياسية هي التي جعلت المسلمين يـحـافـظـون فـقـط على قرآن واحد ويتركون ما عداه (10) .

    ومن أجل أن يمهد لما يريد من إنكار القرآن سنداً في أول الأمـر يدخل بعد ذلك إلى نصوص القرآن فيشكك في القصص والأخبار ويرى أن التاريخ الواقـعـي المحسوس هو الذي يحاكَم إليه القرآن، فالأخبار والآثار التاريخية هي الـمـوثـوقـة!

    ولـنقرأ له هذا النص الذي يجد القارئ في كتبه كثيراً مثله، يقول:

    "ينبغي القيام بنقد تاريخي لتحديد أنواع الخلط والحذف والإضافة والمغالطات التاريخية التي أحدثتها الروايات القرآنية بالقياس إلى معطيات التاريخ الواقعي المحسوس" (11) .

    ويرى أن القرآن عمل أدبي لم يدرس كما يجب إلا من قِبَل ندرة أهمهم عنده "محمد أحمد خلف الله" عندما كتب عن القصص الفني في القرآن وقال إن القصة الـقرآنـيـة مـفـتـعـلـة، ويتحسر على عدم استمرار "خلف الله" ويذكر أن الأسباب التي لم تمـكـن "خلف الله" في عمله أنه راعى الموقف الإسلامي الإيماني أولاً، وثانـيـاً: لنـقـص المعلومات.

    إذن فقد آل الأمر إلى أركون الذي سيهاجم القرآن؛ لأنه لا يراعي الموقف الإسلامي الإيماني لأنه مطلع على الأبحاث الجارية. ومع زعمه أنه يعرف الأبحاث الجارية التي كتبها فوكو والحاخام دريدا؛ فإنه يظهر للقارئ بـشـكـل يجعله لا يثق في قدرة أركون ولا أنه فهم ما زعم فهمه من قضايا المعرفة ونقد اللاهوت ونـظريات البنيوية وما بعدها (12).

    ويعاني في عرضه للأقوال من عدم التوثيق أو القول الصحيح لما يـنقـل؛ إذ يقلب كل قضية قرآنية أو تفسـيريـة أو سـيـاق لعلم حتى يفـسد المعنى ويلويه إلى ما يريد كما مر معنا في مسألة كتابة القرآن، ومثال آخر يعرِّف الوحي بـقـولـه: "إنـه يـُدعَى بالتنزيل أي الهبوط من فوق إلى تحت" (13).

    * معاني القرآن:

    لو تجاوزنا قضية شكه في القرآن وردّه للسنة من باب أَوْلـى فـمـاذا يـفـسر به القرآن وكيف يفهمه، إنه يـقـول: "إن الـقـرآن -كما الأناجيل- لـيـس إلا مـجـازات عالية تتكلم عن الوضع البشري، إن هذه المجازات لا يمكن أن تكون قانوناً واضحاً، أما الوهم الكبير فهو اعتقاد الناس -اعتقاد الملايين- بإمكانية تحويل هذه التعابير المـجـازية إلى قـانون شغال وفعال ومبادئ محدودة تطبق على كل الحالات وفي كل الظروف" (14) .

    ويقول في موضع آخر :

    "إن المعطيات الخارقة للطبيعة والحكايات الأسطورية القرآنية سوف تُتلقَّى بصفتها تعابير أدبية ، أي تعابير محورة عن مطامح ورؤى وعواطف حقيقية يمكن فقط للتحليل التاريخي السيولوجي والبسيكولوجي اللغوي - أن يعيها ويكشفهما" (15) .

    ويفصل أركون بين القرآن والشريعة ، فالقرآن عنده "خطاب مجازي يغذي التأمل والخيال والفكر والعمل ويغذي الرغبة في التصعيد والتجاوز ، والمجتمعات البشـريـة لا تـسـتـطـيـع العيش طيلة حياتها على لغة المجاز" () ولكن هناك البشر المحسوسون العائشون - كما يقول - في مجتمع وهناك أمورهم الحياتية المختلفة التي تـتـطلب نوعاً من التنظيم والضبط وهكذا تم إنجاز الشريعة (17) ثم يعقب بأن هناك مجالاً أسـطـورياً مـجـازيـاً وهـو مـجـال الـقـرآن، ومجال آخر واقـعـي للناس هو مجال الشريعة ويقول: "إنه وهم كبير أن يـتوقع الناس علاقة ما بين القرآن والشريعة التي هي القوانين الـشـرعـيـة وأن الـمـنـاخ الـمـيـثـي (الأسطوري) الذي سيطر على الأجيال السابقة هو الذي أتاح تـشـيـيـد ذلك الوهم الكبير، أي إمكانية المرور من إرادة الله المعبر عنها في الكتابات المـقدسة إلى الـقـوانـيـن الـفـقـهـيـة (الشريعة) وحجته في ذلك ما يلي : في الواقع أن هناك أنـواعـاً مخـتـلـفـة مـن الكلام (من الخطاب) وهناك فرق بين خطاب شعري أو ديني، وخطاب قانوني فقهي أو فلسفي ، ولا يمكن لنا أن نمر من الخطابين الأولين إلى الخطابات الأخرى إلا بتعسف واعتباط"(18) ألا ترى أنك يا أركون قد استطعت أن تمرق من الخطابين.

    * مكانة السنة عنده :

    ليس هذا مجالاً لمتابعة هذه الأقوال والرد عليها، فيكفي هنا التعريف بمعالم فكره بما فيها جرأته على الشك في ثبوت وصول القرآن إلـيـنـا ، وجرأته على نفي الحديث والزعم بـأن الظروف السياسية وأوضاع المجتمعات التي انـتـشـر فـيـهـا الإسلام احتاجت إلى أحاديث وقال: "إن السنة كُتبت متأخرة بعد موت الرسول -صلى الله عليه وسلم- بزمن طـويـل وهذا ولَّد خلافات. لم يتجاوزها المسلمون حتى اليوم بـيـن الـطـوائـف الـثـلاث الـسـنـيـة والشيعية والخارجية، وصراع هذه الفرق الثلاث جعلهم يحتكرون الحديـث ويـسـيـطـرون عليه لما للحديث من علاقة بالسلطة القائمة"(19) .

    وهو يرى أن الـحـديـث هــو جـزء مـن التراث الذي يجب أن يخضع للدراسة النقدية الصارمة لكل الوثائق والـمـواد المـوروثة كما يسميها (20)، ثم يـقـول: "وبالـطـبـع فـإن مـسـيـرة الـتـاريخ الأرضي وتنوع الشعوب التي اعتنقت الإسلام - قد خلقت حالات وأوضاعاً جديدة ومـسـتـحـدثـة لـم تـكـن مـتـوقعة أو منصوصاً عليها في القرآن ولا في الحديـث، ولكي يـتـم دمجها وتمـثلها في التراث فإنه لزم على المعنيين بالأمر أن يصدقوا عليها ويقدسوها إما بواسطة حـديـث للنـبي ، وإما بواسطة تقنيات المحاجة والقياس" (21) .

    الشريعة والحياة تلك هي مكانة الشريعة عنده وهذه مكانة أحاديـث الـرسـول - صلى الله عليه وسلم - إذ لا يرى أي تشريع جاء به الـقـرآن، وأن الـقـرآن خـطـاب أدبي عاطفي لا علاقة له بـالـحـيـاة، والـشـريعة ضرورة اجتماعية أملتها ظروف المجتمع وحاجة الناس، وهي في مجموعها تراث إذا قـابـلـت في الطريق ثقافة مجتمع آخر أو استجد شيء فإن هذا الجديد يدمج في هذا التراث بواسطة حديث أو قياس ، وهو يناقض نفسه تماماً ، إذ لو لم تـكـن الـشـريـعـة من غير هذين المصدرين كأساس لما سعى المعنيون بالأمر - كما يسميهم - لفعل ما كذبه عليهم.

    وهذا مـثـال واحد كبـيـر من الـغث والانحراف والكفر الذي يملأ به كتبه، كله يناقض بعضه بعضاً، وكفاه زوراً أو جرأة على كتاب الله قوله : "وليس في وسع الباحثين أن يكـتفـوا اليوم في الواقع بالتكرار الورع للحقائق الموحى بها في الجزيرة العربية في القرن السادس والتي طُرحت مـنـذئـذ على أنها بآن واحد مما يمكن تعريفه واستخدامه وأنها متعالية"(22) .

    وهو يرى أن الباحـثـيـن - يعـنـي نـفـسـه ومَن تابعه - (إذ حتى كبار الكفار من المستشرقين لم يحملوا على القرآن والسنة والأمة كالحملة التي يقودها أركون ولم يستطيعوا القول بكل هذه الافتراءات في آن واحد) لا يسعهم تـطـبـيـق الـقـرآن لأنه نـزل في الـجـزيـرة فـي ذلـك الـزمـن الـقـديـم، وهـو لا يرى نفسه وهو يقدس ويستسلم لبقايا قوانين الرومان، بل ويحاسب الإسلام على أفكار فـوكـوه هل تـتطابق معها أم لا ، ويقول في نفس الوقت بأن القرآن حقائق، وقد سبق أن قال إنه مجازات عالية وقد أجمع القائلون بالمجاز على أن كل مجاز يجوز نـفـيـه ويكون نافيه صادقاً في نفس الأمر (23)، علماً بأن المجاز بالأسلوب الذي يريده أركون أبعد بكثير من المجاز الذي حدث فيه الخلاف بين المسلمين والذي قال فيه الشنقيطي إن وروده في القرآن غير صحيح ولا دليل يوجب الرجوع إليه من نقل ولا عقل ونحن ننزه القرآن على أن نقول فيه مجاز بل نقول كله حقائق (24) .

    ونقل الشنقيطي عن عدد من العلماء عدم جواز المجاز في اللغة أصلاً فضلاً عن القرآن وهو -أي الشنقيطي- ممن يرى هذا، وأركون لا يرى أن آيات الأحكام هي المجاز، ولا آيات الصفات كما قال بعض السابـقـيـن الـمخالفـين لأهل السنة، لكنه يرى كل القرآن مجازات عالية، ومرة يقول متعالية أي تكون بعيدة عن المجتمع سياسة واقتصاداً واجتماعاً، إنما تهذيب روحي لا علاقة له بالدنيا.

    وليس هذا مكان الحديث عن المجاز ولا الخلاف فيه. لكن جاء بمناسبة خلط أركون وتناقضه؛ إذ يقول: القرآن حقـائـق نزلت قديماً ثم يرجع ويقول مجازات عالية. إن أركون يهدم كل شيء ولا يقيمك على سنن ولا يثق بأحد ولا بعلم أحد، فهو يسخر من كل مَن سبقه حتى يسخر من الطبري ومن طريقته في التفسير. وما دام قد اجـتـرأ عـلـى كـتاب الله وسنة رسوله كل هذه الجرأة فماذا يتوقع القارئ عن غيرها. وهـنـاك جـوانـب عـديـدة يستنكرها كقضايا الثواب والعقاب والبعث بعد الموت (25) . ويـرى فـي آيات الـقرآن التي تحدثت عن الجنة وثوابها سياقات شعرية ، وأيضاً يرى رمزية العذاب .

    * خلاصة :

    يرى أركون أن القرآن والكتب السابقة تعاني من سياق واحد ، ويضع القرآن مع الأناجـيل في مستوى من الثبوت والدراسة واحد ، ويرى أهمية النقد والتجديد. وعمله هذا النـقـدي السلبي النافي - الذي يمسخ كل الحقائق وكل المعاني- لا يمكن بحال أن يـكـون مـذهـبـاً فكرياً بديلاً ؛ بحيث يحل محل شيء من الفرق أو الجماعات التي وجدت عـلـى الساحة الإسلامية وليس بأسلوب يمكن قبوله من قِبل السنة أو الـشـيـعـة؛ ذلك أنه يلـغي الجميع ويرى العدمية(26) التي يقدمها هي البديل أو التجديد ، فالشك والجحود بـكـل شيء لن يكون أبداً بديلاً للإيمان ، إذ هذا العدم لا يكون ديناً ولا يبني خلقاً .

    وهو يرى - مع هذا - ضرورة النظام في حياة الناس ويرى أهمية القوانين وهذه القوانين عنده تـنشئها الضرورة الاجتماعية ، لكن أي مجتمع وأية قوانين ، أما المجتمع فلا يرى أركون أن يكون للإسلام سلطة علـيـه؛ لـذا فـلـيـس للإسلام أن يسن أي قانون في ذلك المجتمع إذ ليس للإسلام في نظره أي قانون ولا علاقـة بـالـوجـود ، وهـو قد بذل وعصر كل سمومه وآفات الملحدين في الغرب لينكر المصادر أولاً ثم لو افترض إثـبـاتها فليس لها حقائق ولا معاني تمس الناس ، ثم إذا فهم منها معاني فتلك المعاني جاءت للحاجة والضرورة ؛ لأنه لم يكن هناك قوانين في المجتمع.

    وقد علق أحدهم على نمط تفكـيـر أركون وأسلوب تعامله مع النصوص فقال : إن تجديدية أركون هي تجديـديـة عدمـيـة ولا نحسب أن مسلماً عاقلاً يهتم لقراءة أركون النافية (27) وهذا ملخص لبحث مطول يتناول كتب ومقالات أركون ، ومع أن أعماله غير معقولة لكن - ويا لَلأسف! - إن الذي يـتـحكم في سلوك وأفكار العالم الإسلامي اليوم هو (اللامعقول) لهذا يحتاج إلى بيان .

    ------ الهوامش :

    (1) الفكر الإسلامي فكر واجتهاد ص335 ، "حقاً إن أركون أشد على الإسلام هجوماً من مفكري الروم وسيأتي بيان ذلك".

    (2) انظر الكتاب السابق ص254 ومواقع عديدة في "الفكر الإسلامي قراءة علمية".

    (3) أركون ، مقابلة مع أدونيس ، مجلة "مواقف" ، عدد رقم 54 - ربيع عام 1988 ، ص 10.

    (4) أركون ، الفكر العربي ، ترجمة عادل العوا ، ص128 والفكر الإسلامـي نـقد واجتهاد ص 90. ولعل كتاب "الفكر العربي" أول كتبه المترجمة إلى العربـيـة وفيه تلخيص غامض لجل ما قال بعد في الكتب الأخرى وفـيـه إشـارة بكـثـير من التحفظ إلى آرائه في القرآن والسنة والشيعة والحداثة والتجديد.

    (5) عيسى بلاطة ، توجهات وقضايا في الفكر العربي المعاصر ، ص89-9.

    (6) رضوان السيد ، الإسلام المعاصر ، ص19.

    (7) محمد أركون ، الفكر الإسلامي قراءة علمية ، ص22 وما بعدها.

    (8) محمد العربي الخطابي ، مقال بعنوان "الأسطورة الأصلية في رأي أستاذ جامعي" ، جريدة "الشرق الأوسط"26/2/199.

    (9) محمد أركون الفكر ، الإسلامي نقد واجتهاد ، ص85-86.

    (10) المصدر السابق ، ص86.

    (11) أركون ، الفكر الإسلامي قراءة علمية ، ص23.

    (12) انظر مجلة الحوار ، عدد 9 ، ص117-118.

    (13) الفكر الإسلامي نقد واجتهاد ، ص79.

    (14) تاريخية الفكر الإسلامي ، ص299.

    (15) الفكر الإسلامي قراءة علمية ، ص191.

    (16) تاريخية الفكر الإسلامي ، ص299.

    (17) المصدر السابق ، ص299..

    (18) المصدر السابق ، ص299.

    (19) أركون ، الفكر الإسلامي نقد واجتهاد ، ص12.

    (20) أركون ، الفكر الإسلامي نقد واجتهاد ، ص13.

    (21) أركون ، الفكر الإسلامي نقد واجتهاد ، ص18.

    (22) أركون ، الفكر العربي ، ص174 ترجمة عادل العوا .

    (23) الشنقيطي ، منع جواز المجاز ، ص8.

    (24) الشنقيطي ، منع جواز المجاز ، ص51.

    (25) للتوسع يراجع الفصل الأخير من كتابه "الإسلام أصالة وممارسة" ترجمة د.خليل أحمد ، وأيضاً مواضع متعددة من "الفكر الإسلامي قراءة علمية" .

    (26) رضوان السيد ، الإسلام المعاصر ، ص19.

    (27) رضوان السيد ، الإسلام المعاصر ، ص19.



    وانظر حول فكرته لتطيق النقد التاريخي للقرآن كتابه "الفكر الأصولي واستحالة التأصيل " الصفحات التالية : 29 ، 44 -45 ، 6 ، 151 ، 214 – 215 ، 247 ، 191 ، 194 .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي




    4 تعليق حتى الآن ( اضف تعليقك على المادّة فوراً )
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ijg | js يقول...
    c'est un mervelleux document

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي أجدت و أنصفت | فارس العمري يقول...
    مقال رائع من الدكتور الأحمري

    و منصف و يدل على رجل مطلع

    يعي ما يقول

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي للعظة فقط | أبو إسحاق الزواوي يقول...
    لعل الجزائريين هم أعرف الناس بأركون لسببين اثنين:
    الأول أنه جزائري الأصل من منطقة زواوة[القبائل]، و إن كان قد تغرب في فرنسا منذ زمن طويل.
    الثاني: أن جل كتاباته باللغة الفرنسية و قد استقطبت الكثير من الجزائريين بحكم صلتهم التاريخية بلغة فولتير.
    و من غريب ما ننقله نحن عنه ما أخبرنا به أستاذنا محمد الهادي الحسني، عن هذا المفكر من بني عبقر، و الذي قدم في أحد ملتقيات الفكر الإسلامي التي كانت تقام بالجزائر مداخلة، فقام الشيخ الغزالي رحمه الله بالرد عليه، و قد جاء أركون يومها ليلا إلى غرفة الشيخ باكيا وهو يقول: يا شيخ أنا لست كافرا؟؟؟ و راح يرددها بدموع حارة لهول الرد و التعقيب الذي سمعه من الشيخ الغزالي رحمه الله.
    إن مشكلة أركون الأساسية أنه لم يجد من يشغل وقته و يتعب نفسه في الرد عليه، خاصة و أن كتاباته لا تطل إلا على الفضاءات الفكرية المعتمة، و التي سرعان ما يحترق مرتادوها مع أول شعاع للشمس يطل عليهم.

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي زوبعة في فنجان | محسن يقول...
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أركون هذا (لا أقول محمد حتى لا أقرن اسمه بأطهر اسم) من المتفرنسين الذين نغصوا علينا حياتنا الإسلامية في الجزائر.
    أمثاله كثر والأدهى أنهم يتحكمون في المناصب العليا لهرم السلطة.
    أسلوبهم أنهم يبهرونك بمصطلحات جديدة تتعجب منها. حروفها عربية ولكنها مستمدة من الفكر الغربي.
    حاله كحال من في هذا البيت الشعري :
    كناطح صخرة يوما ليوهنها
    فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
    http://www.ansaq.net/vb/showthread.p...4630#post54630
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  7. #7

    رد: المفكر العربي الراحل /محمد أركون

    تحميل كتب محمد أركون

    http://www.montada.com/showthread.ph...804&pagenumber=
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  8. #8

    رد: المفكر العربي الراحل /محمد أركون

    أركون... التنويري النهضويكان محمد أركون صاحب مشروع نهضوي وتنويري، تشغله على الدوام مسألة كيفية إخضاع التراث الديني للعقل المفكر النقدي والتحليلي، اعتماداً على الأنثروبولوجيا التاريخية، ويسعى إلى تأسيس علم الإسلاميات التطبيقية، وتشغله أيضاً مسألة إخراج المجتمعات العربية والإسلامية من دائرة السكون والتقهقر والتردي الفكري والمعرفي والاجتماعي.

    ويصف الدكتور أركون مشروعه بمشروع نقد العقل الإسلامي، لا ينحاز لمذهب ضد المذاهب الأخرى، ولا يقف مع عقيدة ضد العقائد التي ظهرت أو قد تظهر في التاريخ.. إنه مشروع تاريخي وأنثروبولوجي في آن معاً، إنه يثير أسئلة أنثروبولوجية في كل مرحلة من مراحل التاريخ، ولا يكتفي بمعلومات التاريخ الراوي المشير إلى أسماء وحوادث وأفكار وآثار دون أن يتساءل عن تاريخ المفهومات الأساسية المؤسسة كالدين والدولة والمجتمع، والحقوق والحرام والحلال والمقدس، والطبيعة والعقل والمخيال، والضمير واللاشعور واللامعقول، والمعرفة القصصية (أي الأسطورية)، والمعرفة التاريخية، والمعرفة العلمية، والمعرفة الفلسفية.
    لا شك في أن مؤرخي الفكر والأدب قد أرخوا لتلك المفهومات، ولكننا لا نزال نفرق، بل نرفع، جدارات إدارية ومعرفية بين شعب التاريخ والأدب والفلسفة والأديان والعلوم السياسية والسوسيولوجية والأنثروبولوجية، والجدارات قائمة مرتفعة غليظة في الجامعات العربية، التي لا يرجع تاريخ معظمها إلى ما قبل الخمسينيات والستينيات، والأنثروبولوجيا بصفة خاصة لم تزل غائبة في البرامج وعن الأذهان، ناهيك عن تطبيق إشكالياتها في الدراسات الإسلامية.. (من فيصل التفرقة إلى فصل المقال).
    كما سعى الراحل عبر مسيرته العلمية الممتدة على مدى أربعين عاماً إلى تجذير مفهوم "الأنسنة" في الفضاءين العربي والإسلامي، وظل مهتماً بهذا المشروع حتى آخر أيامه، وكان آخر ما صدر له باللغة العربية هذا العام كتابا: " الأنسنة والإسلام، مدخل تاريخي نقدي" و "نحو نقد العقل الإسلامي".
    منذ أول دراسة له عن «مسكويه»، ذلك الفيلسوف وباحث علم الأخلاق في القرن العاشر، حتى دراساته الأخيرة المنتظمة، نجد محمد أركون مشغولاً بتطوير منهجه العلمي.. فنظرية المعرفة العلمية، كما هو معروف، هي موضوعه المفضّل، وهذا ما فعله بحماس طيلة حياته، لأنه حاول في نطاق الدراسات الإسلامية تطبيق كل ما هو متوفر من نظريات العلوم الإنسانية في وقتنا الحاضر.
    أما منهجه الأساسي الثاني بجانب نظرية المعرفة العلمية، والذي يرتبط بها ارتباطاً وثيقاً فهو النقد، وهنا لا يتفادى أركون أي نزاع أو خصام، فهو ينتقد مثلاً نهج الدراسات الإسلامية التقليدية لدى المستشرقين، التي تعتمد على التفريق الجوهري الدائم بين الشرق والغرب، كما وأنه ينتقد الكثير من مشاريع المفكرين العرب المسلمين التي عفا عنها الدهر، والذين يعتقدون أن إعادة الصيغ القديمة كافية للتوصل إلى المعرفة العلمية.
    يـُذكر أن المفكر الراحل قد عمل أستاذا زائراً في جامعة أمستردام، وقد خاض أثناءها حواراً طويلاً وموسعاً مع السياسي الليبرالي الهولندي البارز فريتس بولكستاين حول الإسلام وعلاقته بالديمقراطية والعقلانية، وحول العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي، وقد صدرت تلك الحوارات باللغة العربية في كتاب حمل عنوان "الإسلام، أوروبا والغرب"، واعتبره كثيرون في أوروبا، كواحد من المصادر الأكاديمية الأساسية، التي تضع قاعدة أكاديمية للجدل الدائر حول الإسلام في الفضاء الأوروبي.
    وفي كتابه «الهوامل والشوامل ـــــ حول الإسلام المعاصر» يواصل مشروعه الأثير في رصد المعرفة بالإسلام في الغرب، والفصل بين الديني والسياسي، وصولاً إلى التراث والمرأة، ويقدّم قراءة أنثروبولوجية لثالوث: المقدّس والحقيقة والعنف.
    في " الفكر الأصولي واستحالة التأصيل " يركز على النقد المعرفي العميق مفهوم التأصيل ذاته، كما مارسه العقل الديني، وكما حلله العقل الحديث في آن، فما كان يصلح للعصور الإسلامية الأولى (عهد الشافعي مثلاً)، لم يعد يصلح للعصور الحديثة، وما يدعى حالياً بالحركات الأصولية ليس، في الواقع تأصيلياً، فهذه الأخيرة اكتفت بالنضال السياسي أو الحركي دون أية إعادة نظر أو تأويل أو تجديد في ذاك الفكر الذي ازدهر مع الشافعي صاحب الرسالة، ثم على يد الشاطبي المؤسس لمفهوم مقاصد الشريعة.
    إن المهمة التي يتصدى لها محمد أركون، هنا، تكمل اشتغاله على قضايا التاريخ الإسلامي الحميم في صلته بالتراث والمطلق، والمسلح بما توصلت إليه فلسفة العلوم الحديثة ونسبياتها.
    ويأخذ كتاب"أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟" في ضرورة فتح المجال للفكر الإسلامي للنمو في رحاب اجتهادات معاصرة، وذلك من خلال إثارته لذكرى الغزالي وابن رشد، وبالتالي ليحيي في الأذهان جدية المناظرات الفكرية التي حصلت أثناء الفترة الكلاسيكية المبدعة من تاريخ العرب والإسلام، ولكن أركون لا يثير تلك الذكرى ليتوقف عندها، أو لكي يتبنى مواقفهما الفكرية ويطبقها على العصر الراهن، ولكن ليؤكد على أن روحهما الفكرية القلقة والجادة في البحث عن الحقيقة تبقى ملهمة لنا.
    وأما كتابه "الفكر الإسلامي-نقد واجتهاد"، فهو يمثل مساهمة تجديد من محمد أركون في مجال الفكر العربي والإسلامي، ركيزتها الفحص والنقد وسبر أغوار الحدث في مساره التاريخي وعلى ضوء معطيات معاصرة.
    و في كتابه "نزعة الأنسنة في الفكر العربي" جيل مسكويه والتوحيدي، كان الاكتشاف الأساسي الذي توصل إليه محمد أركون في هذا العمل، هو تبيان وجود مذهب فكري إنساني في العصر الكلاسيكي، وتحديداً في القرن الرابع الهجري-العاشر الميلادي، في ظل البويهيين، حيث ازدهرت العقلانية الفلسفية المستلهمة من الإغريق، واتخذت على المستوى اللغوي والأسلوبي صيغة "أدب الفلاسفة وفلسفة الآداب"، وسؤال يدور في ثنايا طروحاته وهو: كيف السبيل إلى بعث الأنسنة من جديد في العالم العربي والإسلامي؟ كيف يمكن أن نصل إلى ما انقطع ونستلهمه مجدداً لكي يبني عليه المسلمون نهضتهم المقبلة؟!.
    وقد تميز محمد أركون بذكاء وبصيرة وعمق التحليل، وطالب على الدوام بعدم الفصل بين الحضارات، شرقية وغربية، وحظيت أعماله بالاهتمام الكبير في العالم العربي والإسلامي والأوساط الأكاديمية العالمية.
    أركون لا يُقرأ اليوم في أوروبا والولايات المتحدة، فحسب بل هو حاضر في الخطاب الفكري من أندونيسيا مروراً بماليزيا، ثم جنوب أفريقيا وسورية ومصر حتى المغرب العربي.
    وهو واحد من أصحاب المشاريع الفكرية النقدية الذين تركوا بصمتهم في الثقافة العربية المعاصرة، يحيلنا إلى عالم التساؤلات الكبرى، وأهمية كتاباته تكمن في أنّها جاءت بسردية علمية تخاطب العقل، وتدفع القارئ إلى طرح المزيد من التساؤلات والرؤى الفكرية والنقدية بالثقافة العربية والإسلامية.

    إعداد : جازية سليماني


    http://www.albaath.news.sy/user/?id=946&a=84566
    محمد أركون.. رحيل طوباويفي الأمس غادرنا محمد عابد الجابري، وبعده نصر حامد أبو زيد، ثم الطاهر وطار وغازي القصيبي، واليوم محمد أركون، قامات فكرية كبيرة خسرتهم ساحات الفكر العربي، هؤلاء المفكرون والأدباء الذين تميزوا وأبدعوا، ليس لكونهم يمتلكون مفاتيح الفكر المعاصر فحسب، وإنما لأنهم لم يستسلموا للتجارب القديمة، ولم يعترفوا بأقوال أحيطت بهالات من التبجيل والتقديس، فدفعوا باهظاً ثمن مبادئهم وأفكارهم.. وأركون واحد من هؤلاء الكبار الذين نفضوا عن التراث غبار الزمن المتراكم عليه، فأعاد صياغته بسلاح الفكر التاريخي النقدي المعاصر الذي ينظر للأحداث والوقائع ضمن شرطها التاريخي، وسياقها الاجتماعي، مؤسساً بذلك لنظرة جدية وجديدة للتراث اقترح لها مصطلح “الإسلاميات التطبيقية” وإذا كان القدماء أطلقوا على ابن رشد تسمية سلطان العقول والأفكار فإن أركون يعد أحد أبناء هذه السلطنة وواحداً من هذه العقول.

    ينتمي أركون إلى جيل ميشال فوكو وبيار بورديو وسواهما من الذين قدموا ثورة ابستمولوجية، وغيروا في منهجية الفكر الفرنسي. وهو الذي سحب ثورته المعرفية تلك إلى الفكر الإسلامي والعربي، وتميز بانفتاحه وشجاعته، فلم يتوقف عند هزّ المفكر فيه في المجتمع العربي الإسلامي، إنما تعداه للدعوة إلى خوض غمار اللامفكر فيه أيضاً، فقد عرف أركون بذكائه وموهبته و بمبدئه التوفيقي الطوباوي” الداعي الى عدم الفصل بين الحضارات شرقية وغربية واحتكار الإسقاطات على أحدهما دون الأخرى بالعمل على فهم الحضارات دون الاعتقاد أنها شكل غريب، وبذلك ينتقد الإستشراق المبني على البحث بتبني الفصل بين الحضارات، ولما كان مدرسا لتاريخ الفكر الإسلامي والفلسفة فى جامعة السوربون وأحد المبادرين بعقد حوار بين الأديان فى زمن تصاعدت الأصولية فى الشارع العربي، فقد أخضع النصوص الدينية، والتراث الديني للتحليل والدراسة وفقا لأحدث المناهج الغربية العلمية، لكنه لم ينجح فيما سعى إليه بتغيير نظرة الغرب - اللامتغيرة - إلى الإسلام والمسلمين، تلك النظرة الفوقية الاحتقارية، وهو كمثقف مسلم نهل من الثقافة الفرنسية منذ نشأته، و درّس وكتب عن الإسلام بلغة الإفرنج، في بلاد الإفرنج، إذ نجده يبين بمرارة أن العربي لن يرضي الغربيين مهما قدم لهم، حيث يقول:” على الرغم من أني أحد الباحثين المسلمين المعتنقين للمنهج العلمي والنقد الراديكالي للظاهرة الدينية،إلا أنهم – أي الفرنسيين – ما زالوا ينظرون إليّ وكأني مسلم تقليدي..! فالمسلم في نظرهم – أي مسلم - شخص مرفوض ومرمي في دائرة عقائده الغريبة، ودينه الخالص، وجهاده المقدس، وقمعه للمرأة، وجهله بحقوق الإنسان وقيم الديمقراطية، ومعارضته الأزلية والجوهرية للعلمنة... هذا هو المسلم ولا يمكنه أن يكون إلا هكذا، والمثقف الموصوف بالمسلم يشار إليه دائماً بضمير الغائب، فهو الأجنبي المزعج الذي لا يمكن تمثله أو هضمه في المجتمعات الأوروبية لأنه يستعصي على كل تحديث أو حداثة” .
    وقد برر أركون بحثه عن مسارات ومصائر الفكر الإسلامي في مقدمته لكتابه الذي حمل عنوان ‘’من فيصل التفرقة إلى فصل المقال .. أين هو الفكر الإسلامي المعاصر’’ الصادر عام 1993، كما انتقد في مقدمته تجاهل الباحثين جهوده وتنصيب بعضهم للدفاع عن الفكر الإسلامي دون وعي علمي لجهوده، في محاولة منهم لإجهاض صوت العقل وهذا الإقصاء في رأيه لأفكاره وأفكار غيره من المتنورين هو الذي أطاح بمشروع ابن رشد وأمثاله، وفي هذه الحالة يرى أن مذهب الفشل انتصر على مذهب التجديد. وفي كتابه هذا يقول: ‘’أرجو من القارئ أن يتعامل معي ولو للحظة قصيرة كباحث يحرص على تجديد الفكر الإسلامي وإثراء اللغة العربية بمعجم علمي حديث، ويجتهد حتى يصبح ما لم يكن ممكنا التفكير فيه مفكراً فيه ومفهوما وملموسا، وعندما يتفرغ الباحث لهذا العمل بنية خالصة وتحمساً لدعوة فكرية ثقافية، يفاجأ أن عددا من زملائه المثقفين يتجاهلون ما يصدر وينشر، ويضربون صفحا عما قرؤوا أو قرروا ألا يقرؤوا، ولا يشيرون مرة واحدة لا بالقبول ولا بالرفض إلى اجتهاد يستحق الذكر أو التأييد، وإذا بفريق ثان من العلماء المرموقين يثورون ويهاجمون ويفترون كذبا ويحمّلون الكاتب ما لم يخطر بباله مرة واحدة وما لم يقصده البتة، ويرددون ذلك في المجلات والجرائد المغذية للمخيال الشعبوي، حتى إذا طغى ذاك المخيال واكتسب قوة سياسية ينقلب المغذون والمؤيدون له إلى أعدائه ومشرديه ومبطليه، وإذا بطائفة ثالثة تشكو من صعوبة المعجم وتعقد التركيب وغربية النزعة وثقل أسلوب الترجمة .. هكذا يتلقى المجتمع العربي المعاصر جهود أبنائه الذين لا يستطيعون أن يتحملوا تأثير العوامل السلبية فيه وانتشار الجهل وعدم التسامح، وهكذا تتجدد سوسيولوجية الفشل التي همشت ابن رشد وأمثاله وأزالت نفوذهم الفكري والثقافي وقضت عليه’’.

    المثقف وثقل الاغتراب
    يوضح أركون في كلامه هذا مدى ثقل الاغتراب الذي تلقاه الباحث في الثقافة العربية، وهي ثقافة وصل بها الأمر حدّ الإدانة لأعمال الرجل الذي ظل مصرا على مواقفه ولم يبدل فيها أو يغيرها أو حتى يقبل بمراجعتها، وهو في ذلك الموقف وفي غيره من مواقفه المعرفية ظل يرسم جهدا متميزا في البحث المعرفي العربي، وهو جهد قوامه إحداث مقاربات معرفية وتأويلية وبحث جراحي في تلافيف العقل الثقافي العربي ونقد العقل الإسلامي، وفي مجمل الجهود المعرفية كان أركون يرى أن المجتمع يتبع الخطابات التي يحتاج إليها أو التي تعبر عن بنيته العميقة بكل تلويناتها وتعدديتها. وإذا لم يستطع المجتمع أن يتكلم بشكل طبيعي ومن خلال القنوات الملائمة فإنه ينفجر.
    سُكن مشروع محمد أركون الفكري، منذ البداية، بهاجس الأنْسَنَة في السياق العربي الإسلامي، وبهاجس الرغبة في الحدّ من القطيعة مع الخطابات الآيديولوجية الموجَّهة إلى الخيال الاجتماعي. وظل يعمل بجهد دؤوب على فهم ‘’الظاهرة الدينية’’ وفق منهج التاريخ المقارن للأديان، وعلى إنتاج تاريخنا الخاص بعمل الذات على الذات، وبتحقيق قراءة نقدية للتاريخ الذي ينتجه الآخرون لنا.
    أنجز أركون العديد من الدراسات والبحوث والكتب، وأكثرها تداولا بين القراء ‘’أين هو الفكر الإسلامي المعاصر’’ و’’الإسلام والفكر الأصولي واستحالة التأصيل’’ و’’نحو تاريخ آخر للفكر الإسلامي’’، و’’الفكر الإسلامي نقد واجتهاد’’ و’’الفكر العربي وتاريخية الفكر العربي الإسلامي’’ وقضايا في نقد العقل الديني .. كيف نفهم الإسلام اليوم’’ و’’من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي’’ وغيرها.
    آراؤه ومواقفه
    - التحليل السيميائي في نظر المفكر أركون يفرض على الباحث ممارسة تدريب من التقشف والنقاء العقلي والفكري لابد منه، بقوله: ‘يمثل فضيلة ثمينة جداً، لاسيما أن الأمر يتعلق هنا بقراءة نصوص محددة كانت قد ولِدت وشُكِّلت طوال أجيال عديدة، وحينئذ نتعلم كيف نقيم مسافة منهجية تجاه النصوص أو بيننا وبين النصوص ‘المقدسة’، من دون إطلاق أي حكم من أحكام اليتولوجية أو التاريخية التي تغلق باب التواصل مع المؤمنين فوراً’.
    - القراءة الإيمانية لا تخدم القرآن ولا الفكر الإسلامي -حسب أركون- مؤكداً ضرورة خدمة الفكر الديني بعناصر مستقلة تستند إلى أسس بحثية دقيقة، ويؤكد أركون أن الأديب طه حسين اهتم كثيراً بالاستعادة النقدية للتراث الديني أو الثقافي أو كليهما، بينما لم يزحزح المناقشة من أرضيتها السابقة نحو دراسة تمهد للأطر الاجتماعية والثقافية السائدة.
    كما يرى أن دراسات المفكر نصر حامد أبوزيد تدل على مدى اتساع اللامفكر والمستحيل في التفكير فيه.
    كذلك يقول: “ لكي نخرج من أزمتنا ومأزقنا التاريخي.. لابد من مرحلة تنوير تضيء تراثنا الديني بمناهج حديثة من أجل التصالح مع الحداثة الكونية ، لكن مشكلة النزعة الإنسانية في الفكر العربي.. قديمه وحديثه.. هي هذا الهجوم الشديد الذي يلاقيه من يحاول مس المسألة بعمق أو حتى سطحيا.. فقد تعرض طه حسين حديثا لهجوم أخذ به الرجل ولم يترك حتى تراجع.. أو ادعى التراجع.. تفاديا لعواقب تنتظر كل من يحاول خلخلة هذا الثقل الفوق إنساني في الثقافة العربية.. وربما يكون الأمل هو في تلك القوانين التي تحكم اتجاه حركة التاريخ.. تتوقع بها النتائج طبقا لمقدمات مشابهة حدثت من قبل”.

    إعداد: سلوى عباس

    http://www.albaath.news.sy/user/?id=946&a=84564

  9. #9

    رد: المفكر العربي الراحل /محمد أركون

    أركون... التنويري النهضويكان محمد أركون صاحب مشروع نهضوي وتنويري، تشغله على الدوام مسألة كيفية إخضاع التراث الديني للعقل المفكر النقدي والتحليلي، اعتماداً على الأنثروبولوجيا التاريخية، ويسعى إلى تأسيس علم الإسلاميات التطبيقية، وتشغله أيضاً مسألة إخراج المجتمعات العربية والإسلامية من دائرة السكون والتقهقر والتردي الفكري والمعرفي والاجتماعي.

    ويصف الدكتور أركون مشروعه بمشروع نقد العقل الإسلامي، لا ينحاز لمذهب ضد المذاهب الأخرى، ولا يقف مع عقيدة ضد العقائد التي ظهرت أو قد تظهر في التاريخ.. إنه مشروع تاريخي وأنثروبولوجي في آن معاً، إنه يثير أسئلة أنثروبولوجية في كل مرحلة من مراحل التاريخ، ولا يكتفي بمعلومات التاريخ الراوي المشير إلى أسماء وحوادث وأفكار وآثار دون أن يتساءل عن تاريخ المفهومات الأساسية المؤسسة كالدين والدولة والمجتمع، والحقوق والحرام والحلال والمقدس، والطبيعة والعقل والمخيال، والضمير واللاشعور واللامعقول، والمعرفة القصصية (أي الأسطورية)، والمعرفة التاريخية، والمعرفة العلمية، والمعرفة الفلسفية.
    لا شك في أن مؤرخي الفكر والأدب قد أرخوا لتلك المفهومات، ولكننا لا نزال نفرق، بل نرفع، جدارات إدارية ومعرفية بين شعب التاريخ والأدب والفلسفة والأديان والعلوم السياسية والسوسيولوجية والأنثروبولوجية، والجدارات قائمة مرتفعة غليظة في الجامعات العربية، التي لا يرجع تاريخ معظمها إلى ما قبل الخمسينيات والستينيات، والأنثروبولوجيا بصفة خاصة لم تزل غائبة في البرامج وعن الأذهان، ناهيك عن تطبيق إشكالياتها في الدراسات الإسلامية.. (من فيصل التفرقة إلى فصل المقال).
    كما سعى الراحل عبر مسيرته العلمية الممتدة على مدى أربعين عاماً إلى تجذير مفهوم "الأنسنة" في الفضاءين العربي والإسلامي، وظل مهتماً بهذا المشروع حتى آخر أيامه، وكان آخر ما صدر له باللغة العربية هذا العام كتابا: " الأنسنة والإسلام، مدخل تاريخي نقدي" و "نحو نقد العقل الإسلامي".
    منذ أول دراسة له عن «مسكويه»، ذلك الفيلسوف وباحث علم الأخلاق في القرن العاشر، حتى دراساته الأخيرة المنتظمة، نجد محمد أركون مشغولاً بتطوير منهجه العلمي.. فنظرية المعرفة العلمية، كما هو معروف، هي موضوعه المفضّل، وهذا ما فعله بحماس طيلة حياته، لأنه حاول في نطاق الدراسات الإسلامية تطبيق كل ما هو متوفر من نظريات العلوم الإنسانية في وقتنا الحاضر.
    أما منهجه الأساسي الثاني بجانب نظرية المعرفة العلمية، والذي يرتبط بها ارتباطاً وثيقاً فهو النقد، وهنا لا يتفادى أركون أي نزاع أو خصام، فهو ينتقد مثلاً نهج الدراسات الإسلامية التقليدية لدى المستشرقين، التي تعتمد على التفريق الجوهري الدائم بين الشرق والغرب، كما وأنه ينتقد الكثير من مشاريع المفكرين العرب المسلمين التي عفا عنها الدهر، والذين يعتقدون أن إعادة الصيغ القديمة كافية للتوصل إلى المعرفة العلمية.
    يـُذكر أن المفكر الراحل قد عمل أستاذا زائراً في جامعة أمستردام، وقد خاض أثناءها حواراً طويلاً وموسعاً مع السياسي الليبرالي الهولندي البارز فريتس بولكستاين حول الإسلام وعلاقته بالديمقراطية والعقلانية، وحول العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي، وقد صدرت تلك الحوارات باللغة العربية في كتاب حمل عنوان "الإسلام، أوروبا والغرب"، واعتبره كثيرون في أوروبا، كواحد من المصادر الأكاديمية الأساسية، التي تضع قاعدة أكاديمية للجدل الدائر حول الإسلام في الفضاء الأوروبي.
    وفي كتابه «الهوامل والشوامل ـــــ حول الإسلام المعاصر» يواصل مشروعه الأثير في رصد المعرفة بالإسلام في الغرب، والفصل بين الديني والسياسي، وصولاً إلى التراث والمرأة، ويقدّم قراءة أنثروبولوجية لثالوث: المقدّس والحقيقة والعنف.
    في " الفكر الأصولي واستحالة التأصيل " يركز على النقد المعرفي العميق مفهوم التأصيل ذاته، كما مارسه العقل الديني، وكما حلله العقل الحديث في آن، فما كان يصلح للعصور الإسلامية الأولى (عهد الشافعي مثلاً)، لم يعد يصلح للعصور الحديثة، وما يدعى حالياً بالحركات الأصولية ليس، في الواقع تأصيلياً، فهذه الأخيرة اكتفت بالنضال السياسي أو الحركي دون أية إعادة نظر أو تأويل أو تجديد في ذاك الفكر الذي ازدهر مع الشافعي صاحب الرسالة، ثم على يد الشاطبي المؤسس لمفهوم مقاصد الشريعة.
    إن المهمة التي يتصدى لها محمد أركون، هنا، تكمل اشتغاله على قضايا التاريخ الإسلامي الحميم في صلته بالتراث والمطلق، والمسلح بما توصلت إليه فلسفة العلوم الحديثة ونسبياتها.
    ويأخذ كتاب"أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟" في ضرورة فتح المجال للفكر الإسلامي للنمو في رحاب اجتهادات معاصرة، وذلك من خلال إثارته لذكرى الغزالي وابن رشد، وبالتالي ليحيي في الأذهان جدية المناظرات الفكرية التي حصلت أثناء الفترة الكلاسيكية المبدعة من تاريخ العرب والإسلام، ولكن أركون لا يثير تلك الذكرى ليتوقف عندها، أو لكي يتبنى مواقفهما الفكرية ويطبقها على العصر الراهن، ولكن ليؤكد على أن روحهما الفكرية القلقة والجادة في البحث عن الحقيقة تبقى ملهمة لنا.
    وأما كتابه "الفكر الإسلامي-نقد واجتهاد"، فهو يمثل مساهمة تجديد من محمد أركون في مجال الفكر العربي والإسلامي، ركيزتها الفحص والنقد وسبر أغوار الحدث في مساره التاريخي وعلى ضوء معطيات معاصرة.
    و في كتابه "نزعة الأنسنة في الفكر العربي" جيل مسكويه والتوحيدي، كان الاكتشاف الأساسي الذي توصل إليه محمد أركون في هذا العمل، هو تبيان وجود مذهب فكري إنساني في العصر الكلاسيكي، وتحديداً في القرن الرابع الهجري-العاشر الميلادي، في ظل البويهيين، حيث ازدهرت العقلانية الفلسفية المستلهمة من الإغريق، واتخذت على المستوى اللغوي والأسلوبي صيغة "أدب الفلاسفة وفلسفة الآداب"، وسؤال يدور في ثنايا طروحاته وهو: كيف السبيل إلى بعث الأنسنة من جديد في العالم العربي والإسلامي؟ كيف يمكن أن نصل إلى ما انقطع ونستلهمه مجدداً لكي يبني عليه المسلمون نهضتهم المقبلة؟!.
    وقد تميز محمد أركون بذكاء وبصيرة وعمق التحليل، وطالب على الدوام بعدم الفصل بين الحضارات، شرقية وغربية، وحظيت أعماله بالاهتمام الكبير في العالم العربي والإسلامي والأوساط الأكاديمية العالمية.
    أركون لا يُقرأ اليوم في أوروبا والولايات المتحدة، فحسب بل هو حاضر في الخطاب الفكري من أندونيسيا مروراً بماليزيا، ثم جنوب أفريقيا وسورية ومصر حتى المغرب العربي.
    وهو واحد من أصحاب المشاريع الفكرية النقدية الذين تركوا بصمتهم في الثقافة العربية المعاصرة، يحيلنا إلى عالم التساؤلات الكبرى، وأهمية كتاباته تكمن في أنّها جاءت بسردية علمية تخاطب العقل، وتدفع القارئ إلى طرح المزيد من التساؤلات والرؤى الفكرية والنقدية بالثقافة العربية والإسلامية.
    إعداد : جازية سليماني


    http://www.albaath.news.sy/user/?id=946&a=84566
    محمد أركون.. رحيل طوباويفي الأمس غادرنا محمد عابد الجابري، وبعده نصر حامد أبو زيد، ثم الطاهر وطار وغازي القصيبي، واليوم محمد أركون، قامات فكرية كبيرة خسرتهم ساحات الفكر العربي، هؤلاء المفكرون والأدباء الذين تميزوا وأبدعوا، ليس لكونهم يمتلكون مفاتيح الفكر المعاصر فحسب، وإنما لأنهم لم يستسلموا للتجارب القديمة، ولم يعترفوا بأقوال أحيطت بهالات من التبجيل والتقديس، فدفعوا باهظاً ثمن مبادئهم وأفكارهم.. وأركون واحد من هؤلاء الكبار الذين نفضوا عن التراث غبار الزمن المتراكم عليه، فأعاد صياغته بسلاح الفكر التاريخي النقدي المعاصر الذي ينظر للأحداث والوقائع ضمن شرطها التاريخي، وسياقها الاجتماعي، مؤسساً بذلك لنظرة جدية وجديدة للتراث اقترح لها مصطلح “الإسلاميات التطبيقية” وإذا كان القدماء أطلقوا على ابن رشد تسمية سلطان العقول والأفكار فإن أركون يعد أحد أبناء هذه السلطنة وواحداً من هذه العقول.

    ينتمي أركون إلى جيل ميشال فوكو وبيار بورديو وسواهما من الذين قدموا ثورة ابستمولوجية، وغيروا في منهجية الفكر الفرنسي. وهو الذي سحب ثورته المعرفية تلك إلى الفكر الإسلامي والعربي، وتميز بانفتاحه وشجاعته، فلم يتوقف عند هزّ المفكر فيه في المجتمع العربي الإسلامي، إنما تعداه للدعوة إلى خوض غمار اللامفكر فيه أيضاً، فقد عرف أركون بذكائه وموهبته و بمبدئه التوفيقي الطوباوي” الداعي الى عدم الفصل بين الحضارات شرقية وغربية واحتكار الإسقاطات على أحدهما دون الأخرى بالعمل على فهم الحضارات دون الاعتقاد أنها شكل غريب، وبذلك ينتقد الإستشراق المبني على البحث بتبني الفصل بين الحضارات، ولما كان مدرسا لتاريخ الفكر الإسلامي والفلسفة فى جامعة السوربون وأحد المبادرين بعقد حوار بين الأديان فى زمن تصاعدت الأصولية فى الشارع العربي، فقد أخضع النصوص الدينية، والتراث الديني للتحليل والدراسة وفقا لأحدث المناهج الغربية العلمية، لكنه لم ينجح فيما سعى إليه بتغيير نظرة الغرب - اللامتغيرة - إلى الإسلام والمسلمين، تلك النظرة الفوقية الاحتقارية، وهو كمثقف مسلم نهل من الثقافة الفرنسية منذ نشأته، و درّس وكتب عن الإسلام بلغة الإفرنج، في بلاد الإفرنج، إذ نجده يبين بمرارة أن العربي لن يرضي الغربيين مهما قدم لهم، حيث يقول:” على الرغم من أني أحد الباحثين المسلمين المعتنقين للمنهج العلمي والنقد الراديكالي للظاهرة الدينية،إلا أنهم – أي الفرنسيين – ما زالوا ينظرون إليّ وكأني مسلم تقليدي..! فالمسلم في نظرهم – أي مسلم - شخص مرفوض ومرمي في دائرة عقائده الغريبة، ودينه الخالص، وجهاده المقدس، وقمعه للمرأة، وجهله بحقوق الإنسان وقيم الديمقراطية، ومعارضته الأزلية والجوهرية للعلمنة... هذا هو المسلم ولا يمكنه أن يكون إلا هكذا، والمثقف الموصوف بالمسلم يشار إليه دائماً بضمير الغائب، فهو الأجنبي المزعج الذي لا يمكن تمثله أو هضمه في المجتمعات الأوروبية لأنه يستعصي على كل تحديث أو حداثة” .
    وقد برر أركون بحثه عن مسارات ومصائر الفكر الإسلامي في مقدمته لكتابه الذي حمل عنوان ‘’من فيصل التفرقة إلى فصل المقال .. أين هو الفكر الإسلامي المعاصر’’ الصادر عام 1993، كما انتقد في مقدمته تجاهل الباحثين جهوده وتنصيب بعضهم للدفاع عن الفكر الإسلامي دون وعي علمي لجهوده، في محاولة منهم لإجهاض صوت العقل وهذا الإقصاء في رأيه لأفكاره وأفكار غيره من المتنورين هو الذي أطاح بمشروع ابن رشد وأمثاله، وفي هذه الحالة يرى أن مذهب الفشل انتصر على مذهب التجديد. وفي كتابه هذا يقول: ‘’أرجو من القارئ أن يتعامل معي ولو للحظة قصيرة كباحث يحرص على تجديد الفكر الإسلامي وإثراء اللغة العربية بمعجم علمي حديث، ويجتهد حتى يصبح ما لم يكن ممكنا التفكير فيه مفكراً فيه ومفهوما وملموسا، وعندما يتفرغ الباحث لهذا العمل بنية خالصة وتحمساً لدعوة فكرية ثقافية، يفاجأ أن عددا من زملائه المثقفين يتجاهلون ما يصدر وينشر، ويضربون صفحا عما قرؤوا أو قرروا ألا يقرؤوا، ولا يشيرون مرة واحدة لا بالقبول ولا بالرفض إلى اجتهاد يستحق الذكر أو التأييد، وإذا بفريق ثان من العلماء المرموقين يثورون ويهاجمون ويفترون كذبا ويحمّلون الكاتب ما لم يخطر بباله مرة واحدة وما لم يقصده البتة، ويرددون ذلك في المجلات والجرائد المغذية للمخيال الشعبوي، حتى إذا طغى ذاك المخيال واكتسب قوة سياسية ينقلب المغذون والمؤيدون له إلى أعدائه ومشرديه ومبطليه، وإذا بطائفة ثالثة تشكو من صعوبة المعجم وتعقد التركيب وغربية النزعة وثقل أسلوب الترجمة .. هكذا يتلقى المجتمع العربي المعاصر جهود أبنائه الذين لا يستطيعون أن يتحملوا تأثير العوامل السلبية فيه وانتشار الجهل وعدم التسامح، وهكذا تتجدد سوسيولوجية الفشل التي همشت ابن رشد وأمثاله وأزالت نفوذهم الفكري والثقافي وقضت عليه’’.
    المثقف وثقل الاغتراب
    يوضح أركون في كلامه هذا مدى ثقل الاغتراب الذي تلقاه الباحث في الثقافة العربية، وهي ثقافة وصل بها الأمر حدّ الإدانة لأعمال الرجل الذي ظل مصرا على مواقفه ولم يبدل فيها أو يغيرها أو حتى يقبل بمراجعتها، وهو في ذلك الموقف وفي غيره من مواقفه المعرفية ظل يرسم جهدا متميزا في البحث المعرفي العربي، وهو جهد قوامه إحداث مقاربات معرفية وتأويلية وبحث جراحي في تلافيف العقل الثقافي العربي ونقد العقل الإسلامي، وفي مجمل الجهود المعرفية كان أركون يرى أن المجتمع يتبع الخطابات التي يحتاج إليها أو التي تعبر عن بنيته العميقة بكل تلويناتها وتعدديتها. وإذا لم يستطع المجتمع أن يتكلم بشكل طبيعي ومن خلال القنوات الملائمة فإنه ينفجر.
    سُكن مشروع محمد أركون الفكري، منذ البداية، بهاجس الأنْسَنَة في السياق العربي الإسلامي، وبهاجس الرغبة في الحدّ من القطيعة مع الخطابات الآيديولوجية الموجَّهة إلى الخيال الاجتماعي. وظل يعمل بجهد دؤوب على فهم ‘’الظاهرة الدينية’’ وفق منهج التاريخ المقارن للأديان، وعلى إنتاج تاريخنا الخاص بعمل الذات على الذات، وبتحقيق قراءة نقدية للتاريخ الذي ينتجه الآخرون لنا.
    أنجز أركون العديد من الدراسات والبحوث والكتب، وأكثرها تداولا بين القراء ‘’أين هو الفكر الإسلامي المعاصر’’ و’’الإسلام والفكر الأصولي واستحالة التأصيل’’ و’’نحو تاريخ آخر للفكر الإسلامي’’، و’’الفكر الإسلامي نقد واجتهاد’’ و’’الفكر العربي وتاريخية الفكر العربي الإسلامي’’ وقضايا في نقد العقل الديني .. كيف نفهم الإسلام اليوم’’ و’’من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي’’ وغيرها.
    آراؤه ومواقفه
    - التحليل السيميائي في نظر المفكر أركون يفرض على الباحث ممارسة تدريب من التقشف والنقاء العقلي والفكري لابد منه، بقوله: ‘يمثل فضيلة ثمينة جداً، لاسيما أن الأمر يتعلق هنا بقراءة نصوص محددة كانت قد ولِدت وشُكِّلت طوال أجيال عديدة، وحينئذ نتعلم كيف نقيم مسافة منهجية تجاه النصوص أو بيننا وبين النصوص ‘المقدسة’، من دون إطلاق أي حكم من أحكام اليتولوجية أو التاريخية التي تغلق باب التواصل مع المؤمنين فوراً’.
    - القراءة الإيمانية لا تخدم القرآن ولا الفكر الإسلامي -حسب أركون- مؤكداً ضرورة خدمة الفكر الديني بعناصر مستقلة تستند إلى أسس بحثية دقيقة، ويؤكد أركون أن الأديب طه حسين اهتم كثيراً بالاستعادة النقدية للتراث الديني أو الثقافي أو كليهما، بينما لم يزحزح المناقشة من أرضيتها السابقة نحو دراسة تمهد للأطر الاجتماعية والثقافية السائدة.
    كما يرى أن دراسات المفكر نصر حامد أبوزيد تدل على مدى اتساع اللامفكر والمستحيل في التفكير فيه.
    كذلك يقول: “ لكي نخرج من أزمتنا ومأزقنا التاريخي.. لابد من مرحلة تنوير تضيء تراثنا الديني بمناهج حديثة من أجل التصالح مع الحداثة الكونية ، لكن مشكلة النزعة الإنسانية في الفكر العربي.. قديمه وحديثه.. هي هذا الهجوم الشديد الذي يلاقيه من يحاول مس المسألة بعمق أو حتى سطحيا.. فقد تعرض طه حسين حديثا لهجوم أخذ به الرجل ولم يترك حتى تراجع.. أو ادعى التراجع.. تفاديا لعواقب تنتظر كل من يحاول خلخلة هذا الثقل الفوق إنساني في الثقافة العربية.. وربما يكون الأمل هو في تلك القوانين التي تحكم اتجاه حركة التاريخ.. تتوقع بها النتائج طبقا لمقدمات مشابهة حدثت من قبل”.
    إعداد: سلوى عباس

    http://www.albaath.news.sy/user/?id=946&a=84564

المواضيع المتشابهه

  1. كذبة وفاة المفكر العربي محمد حسنين هيكل
    بواسطة الحمداني في المنتدى فرسان الأخبار.
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 09-01-2016, 12:01 AM
  2. نزعة الأنسنة في الفكر العربي - محمد أركون
    بواسطة محمد عيد خربوطلي في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-09-2014, 07:59 AM
  3. المفكر الفلسطيني الراحل/عبد الله الحوراني
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى أسماء لامعة في سطور
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-13-2011, 03:53 AM
  4. المفكر المغربي الراحل /محمد عابد الجابري
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى أسماء لامعة في سطور
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-06-2010, 03:24 PM
  5. المفكر الراحل/عصمت سيف الدولة
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى أسماء لامعة في سطور
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-31-2010, 07:54 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •