[SIZE="4"]أوف سايد .. يا ثقافتنا؟!
- كنت قبل أيام جالساً في رواق عالٍ مع أحد الأصدقاء في منتزه ما، على كورنيش جدة.. وقد جرفتنا الأحاديث بين مد وجزر .. وأسفل وأعلى ، عن حراكنا الأدبي الثقافي في أقامة مناسبات ثقافية على مساحتنا الضيقة أو التي تجبرنا أن نضيق مساحتها لكي نخلص والسلام ..ونفسح بنشر هذه المناسبة لصاحب الابتسامة في وضع العقال والنظارة ، كي يحدثنا عن الحراك الثقافي ، وكأنه يشرح لنا مشروع أو اختراع أنجزه ... لا يدري بان المتابع لهذه الحراك الثقافي والأدبي يضحكه ويبكيه من هذه الرؤوس القابعة في النادي الأبيض وفريق الحوار الأسمر، وملتقى الشعر الحريمي الواقف على دكة الاحتياط ،تنتظر نظام الاحتراف في المساحة المخصصة لها ، بأي شكل..المهم أن تشارك ولو في الربع الساعة الأخيرة.
- تبدو المفارقة غريبة.. والحاجة إلى القهقهات موجودة كذلك لأن خطوات هذه الرؤوس تتحدث في اغلب الأحيان عن شطحات وأقوال غير قادرة على تحقيقها .. فقط تتقنها بالكلام وتغير سوائل لعابها.. وأنت تنصت إليهم .. وهم علي مائدة مستديرة ووقتها " كل إناء بالذي فيه ينضح " .. المهم يشير بأصبعه إلى نفسه .. أنا موجود بينكم .. أو تلك المبدعة تقول بصوت خافت أنا اليوم مختلفة تمام عنكن في ماكياج جديدة غالية الثمن وموديل جمالي مزركش ..
أما دواعي الضحك والبكاء في مساحتنا الضيقة شبيه باللاعب الذي يجهل ألـ " أوف سايد "!ولأن تلك الرؤوس نصبت نفسها على أنها صاحبة الرؤية الواضحة في ثقافتنا وإبداعنا، وصاحبة الاستشارة للمواهب الجديدة من جيل متطلع إلى مثقفون يمهدون لهم الطريق الوعر!
بالضبط كما هو حال ذلك الرجل العجوز الجاهل الذي نصب نفسه لمشورة أهل القرية.. وحين علِق رأس الثور في زير الفخار لديهم ذات يوم.. جاؤوا لأخذ المشورة.. ماذا نفعل؟ اطرق الشيخ برأسه ودعك لحيته.. ثم قال وجدتها! وجدتها.. لا يمكن أن نكسر الزير بل يمكن أن نقطع رأس الثور ونستفيد من لحمه!
أي أن تقيمهم تجده في وضع تسلل واضح غالباً،في منطقة " الثمن طعش" عن هذا الحراك ..تسأل عن إجابة مقنعة .. هل حراكنا الثقافي يكون بمنطق العقل أم بعقل المنطق والجبر..؟! فيأتيك الرد بطريقة استفزازي مباغتة ويجب أن تقتنع ولا تسأل، وكلما اقتربت من الحصول على الإجابة ،تجدها معكوسة بتعبير ملتوي غير واضح المعالم .. المهم نفعل ضجة أي كانت نتائجها .. على حساب ثقافتنا ومساحتها .. ونصطنع زوبعة مقرونة بالنطق من خلف الميكرفون وعلى ورق الصحف ...كأنه يتعمد إلى صنعة شائكة مفتعلة بأنه يفصح بذلك عن رغبة ساذجة للتعالي على المتلقي والمشاركين معه، ويسوقه لسانه بقناعة إلى تراكيب معقدة عبر نمط أسلوب دخيل ، وبناء هجمة وتكوين جملة تكتيكه والدوران أو الزوغان ثم اللجوء والتسديد على الصفحات بتراكمات الألفاظ بغية الوصول إلى معنى وهدف صغير،وهو لا يعلم انه في حالة تسلل، رفع الحكم المساعد "القراء " رايته، واعتقد في تقديري يمكن قوله بجملة واحدة ، لا أن يمنح كلماته عمقا وتفردا ويثير استجابة القارئ المثقف حصراً.
لهذا أحيانا يكون المنظر أو الصورة ابلغ تعبيراً من القول
والمنطق والكلام ..لذلك كان العقال والنظارة ابلغ على قول ذلك العربي الأصيل في أدبه وثقافته وحسبه غير انه فقير معدم من العجز الآتي " تكفيك رؤية منظري عن مخبري».لا قراءة نص يردد:
"يالله صبوهة القهوة وزيدوها هيل.. واسقوها للنشامى على
ظهور الخيل.. حنا للخيل.. هي هي..حنا للويل.. هي هي "
أو قراءة نص آخر من شاعر يتقن المشي للوراء قائلا
((فعينك مثل شعرك مثل حظي.. سواد في سواد في سواد ))
ولي في ذلك سؤال مطروح في ساحة القارئ :
- متى يخرج مثقفونا من محبس الوهم ويتحرروا من التعالي الزائف ؟؟!
عذرا أحبائي فقد قلبنا العمود إلى منبر خشبي متهالك.
كاتب صحافي وقاص سعودي – جدة
Moushair_2006@hotmail.comSIZE]