أربع بنات فلسطينيات... بين الحلم والكابوس
مجيد البرغوثي
عروبَة
كبُرَت في السجن عُروبَة
كانت في الدَّار مَساءَ الحَربِ وما زالت
والدارُ غدَت سجناً وعذاباً
لكن البنتَ تزيدُ بهاءً وعذوبة
نقلوها من سجنٍ في عكا
فنمَت في سجن اللدِّ كغرسةِ زيتون
لم تنس الأهل وبعضُ الأهل نسَوْا
وتناسى البعضُ وبعضُ البعضِ يقولُ يهوديّة
ضحِكَت في السجنِ، فأهلُ البنت عرَب
وبكَت في السجنِ لأنَّ الأهلَ عرَب
عرَبٌ وَأدُوا من قبلُ بناتٍ في الأرض العربيّة
وعروبةُ لا تخشى الجَهَلة
وتقاتلُ لا تخشَى القتَلة
وعروبةُ تهتف باسم الله ورايتها مَنصوبة
كبُرَت في السجن فزادَت في سجن النكبةِ إيماناً وعروبة
عزيزة
لعروبة أختٌ ثانيةٌ
سمَّاها الأهل عزيزة
وعزيزةُ من غزَّة
خرجت في الليل لتنقذ في الليل عروبة
وقفَت كلُّ جيوش الدنيا ضدَّ البنت
حبَسوها، بل سدُّوا نافذةَ الزنزانة بالإسمنت
وقفت تتأمل ما بين الجدران حقوقَ الإنسان
والإنسانُ المقصودُ هو السّجّانُ وأعوانُ السّجّان
لكن عزيزةَ دكّت جدرانَ الزنزانة باسم الله
بالكف ودمع العين وبالقسّام ولم تسكت
فالحق مُصيبٌ، والصمتُ مُصيبة
وعروبة لا تخشى الجَهَلة
وتقاتلُ لا تخشى القتَلة
وعزيزةُ تهتفُ باسم الله ورايتها منصوبة
كبُرَت في السجن فزادَت في سجن النكسةِ إيماناً وعروبة
عابدة
ربُّوها تربيةً ملكيّة
قالوا ارتبطت بالسجان ..
بل قالوا مخطوبة
كتبوا باسم البنت الأوراق وقالوا ارتبطت
أو زُفَّت للسلطة
ضحِكَت .. فالبنتُ فدائية
لم تركع عابدةٌ إلا لله
وقفَت في ساح الأقصى فاهتزَّ الأعداء
رجَمَت ورمَت في النار الخدعَ المَكتوبة
سُجنت كالأختين
صلبت كالأختين وظلت مهيُوبة
هي مثلهما لا تخشى الجَهَلة
وتقاتلُ لا تخشى القتَلة
ما زالت تهتفُ باسم الله ورايتها منصوبة
كبُرَت في السجن فزادت في سجن السلطةِ إيماناً وعروبة
عائدة
لجأت في الليلِ إلى الله
في فجرِ اليوم التالي
كان المنفى ممتداً ..
والخيمةُ منصوبة
في العام الحالي .. عائدةٌ ما زالت لاجئةً
والدّنيا مقلوبة
في هذي الليلة عابدة في القدس
وعروبة في اللد
وعزيزة في غزة
وتودعُ عائدةٌ في البقعة جارتها .. لتعود إلى يافا
كلّ الأخواتِ وقفن فكنَّ جميعاً واحدةً
الراية بين يديها واحدةٌ ..
قبلت يديها .. جبهَتها .. وصعدنا جبل الزيتون
كبَّرنا .. صلينا الفجر
وأمامَ العين تعالى فجرُ فلسطين.