ذكاء الأطفال

أنس محمد خير يوسف
anasgg11@hotmail.com
مقال نشرته في موقع الألوكة


أذهلَت الباحثين نتائجُ الدراسات الأخيرة حولَ ما يتمتّعُ به الصغارُ من مقدرةٍ وموهبةِ نضج مبكّر؛ لأن الأطفال يهتمّون ويتمتّعون بالحياة أكثر مما نتوقع... وكثير ممّن اطّلع على هذه النتائج -من الغرب خاصّة- راح ينظر إلى أطفاله من منظار جديد...

إن اللعب الجماعي يكون ذا أثر واضح على الطفل وسلوكه وتأثره؛ فاجعله يلعب مع أطفال متميّزين ليستفيد منهم؛ فمثلاً لو تمكّن الطفل من اللعب مع من يتعلّم الرسم والتلوين لزاد ذلك من مداركه وتطوّرت مواهبه وأخذ خلفيّة عن الموضوع وقد يتعلّق به، وقد تتحرّك قدراته، ويساعده بعد ذلك بعضُ الاهتمام من والديه على تطوير ما اكتسبه من معلومات وتدريب.. فإن أداء أية وظيفة فكرية يصبح أكثر فعالية مع التحفيز والممارسة. فكلّما زادت إمكانيات الطفل وتعمّقت رغبتُه في اكتساب المزيد كان لمساعدته الأثر الإيجابي في التقدّم والتطوّر الذهني له، ولا أعني هنا التشديد على وظائفه الفكرية أو محاولة أن يسبق سنّه، ولكن هذا لا يعني أيضاً اعتماد الموقف السلبي من تصرّفات الطفل وجعله لا يستفيد منها. كما أن التربية من منظار الاهتمام بوظائف الطفل الفكرية وتطويرها لا تهدف إلى صنع أطفال عباقرة؛ بل إلى تربيتهم في جوٍّ مشجّع، وأن تأخذ العمليّةُ الفكرية مكانَها الطبيعي والذي من خلاله يبدأ الطفل في الانطلاقة السليمة لتصرفاته.

والذكاءُ مقدرة مركبة ومتنوعة، وليست عملية وراثيّة، فجميع الأطفال لديهم حب الاستطلاع والاستكشاف، ويحاولون تذليل جميع حواسهم في ذلك، لذا نجدهم يضعون كل شيء في أفواههم في بداية مرحلة الاستكشاف؛ فالفم بالنسبة لهم يُعد مركزاً يستطيع استكشاف طبيعة الأشياء من حوله خلالَها، وأيضاً لا ننسى أمراً مهماً، وهو أن حب الاستكشاف هذا ينقلب إلى حاجة؛ ولا سيّما إذا كان من الصعب الحصول عليه؛ فالاستكشاف فضول فطري وميل إلى النمو والتقدّم، ولا مانع من إجهاد الطفل قليلاً إذا كانت الغاية هي الوصول إلى الهدف، ومن الأفضل أن يكون هذا الجهد ضمن جو مرح مليء بالحيويّة واللعب.

الاهتمام بالطفل ... طريق إلى الإبداع:
يظهر الإبداع عندما يكون الطفل قادراً على التفكير للتوصّل إلى إنتاج متنوّع وجديد بالنسبة له سواء من خلال بعض ألعاب تنمية مهارات الذكاء، أو من خلال إعطائه بعض القيم الحسابية، أو في أي مجال من مجالات الحياة المختلفة، فقد أودع الله قدرة الإبداع في البشر وترك لهم أمر تنميتها وصقلها.. والاهتمام بجانب الإبداع عند الطفل يجعلهم يتمتّعون بصحة جيّدة، ويبتعدون عن النزعات العدوانية والرغبة في السيطرة، ويتخلّصون من كثير من المشكلات السلوكية والدراسية.. كما تشير بعضُ الدراسات أن الاهتمام بإبداعهم يجعلهم بعيدين عن القلق النفسي ويوفر لهم فرصة الكشف عن الذات أمام زملائهم، كما يساعد في تكوين صفات القيادة فيهم، فيعرف الصغير منهم كيف يقود أصدقاءه وينظم الأدوار فيما بينهم.. فما أحوجَنا إلى الاهتمام بهذا الجانب عند الأطفال في زمن عدم فيه حُب التحصيل عند الأطفال.

إن الطفل يُولَد وعنده استعدادٌ للإبداع بدرجة ما، حينما يبدأ اللعب بالأشياء وتحريكها بصورة مختلفة.. فالإبداع قدرة عقلية موجودة عند كل فرد، فلو حلّ الطفل مسألة رياضية بطريقة تختلف عن المكتوب في الكتاب الذي أمامه فيعد ذلك بداية وتمهيداً لإبداع حقيقي، كما يمكن أن تظهر علامات الإبداع عند الأبناء من خلال التعبير عن المشاعر والأفكار بالكلمات والرسوم التي ينتجونها عن طريق رؤية ما حولهم رؤية غير عادية.