وقفة مع فاتحة الكتاب.
د. ضياء الدين الجماس
لسورة الفاتحة أسرار عظيمة فهي باب القرآن الكريم الذي يدخله كل مسلم سواء للتلاوة والتدبر ، أو للصلة بالله تعالى في الصلاة. وهي من باب الطب "رقيا" و"شفاء" لما في الصدور ، ولذلك من الواجب الوقوف عندها كلما سنحت الفرصة لذلك ، وإليكم هذه المميزات التي جنيتها من هذه الوقفة الخاطفة لعل فيها فائدة ونورا:
1- بدأت بالبسملة مما يؤكد وجوب البسملة في ابتداء كل أمر ذي بال.
2- بدأت بسملتها بالأسماء الحسنى بسم " الله" وهو اسم الذات الذي يضم جميع الأسماء الحسنى. يليه اسم "الرحمن" وهو اسم الذات الذي يبرز صفة الرحمة الإلهية المطلقة في كل شيء، يليه اسم " الرحيم" الذي يبرز الرحمة في جميع الأفعال الإلهية. ولعل في البدء بالبسملة تطبيق لأول آية نزلت من القرآن على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ( اقرأ باسم ربك الذي خلق).
3- بدأت بعد البسملة بالثناء على الله تعالى بحصر حقيقة الحمد له سبحانه،( الحمد لله رب العالمين)، ولذلك سميت أيضاً سورة "الحمد"، وتميزت الأمة كلها بهذا الثناء على الله تعالى فسميت أمة الحمادين ، ويُبعث النبي عليه الصلاة والسلام يوم القيامة وبيده لواء الحمد.
4- يبرز لنا بعد ذلك اسم "الرب" من الربوبية والتربية ، مشيراً إلى أن هذا الرب تكفل بإصلاح عباده وتنميتهم ورعايتهم على ما يرضيه من الأخلاق القويمة والعلوم اللامتناهية التي تقربهم إليه سبحانه وتعالى.وتتم هذه التربية ضمن اسميه "الرحمن الرحيم" الملازمان لكل أفعاله سبحانه وتعالى.
5- ثم يأتي التذكير باليوم الآخر ،( مالك-ملِك- يوم الدين)، يوم الحساب وأنه سبحانه مالك زمام الحساب فيه ويبرز هنا اسمه المَلِك الذي له مُلْك السموات والأرض وما بينهما، بل مُلْك كل شيء لأنه خالق كل شيء.
6- إن التذكير باليوم الآخر والحساب يساعد كل حيٍّ مكلف على الاجتهاد في التعلم وسلوك طريق الطاعة والأخلاق القويمة التي يأمر بها خالقه لكي ينال درجته التي تليق به وأعماله وعلومه.
7- بعد معرفة الله تعالى وأسمائه الحسنى والتذكير بيوم الحساب تبدأ علاقة التناجي بالدعاء بين العبد المخلوق للعلم والطاعة، وبين ربه الذي عرفه رحيماً
طالباً منه مستعيناً به (وهذا يدل على معرفة اسمي الله المعين والمستعان) في الهداية ( باسمه الهادي) إلى الطريق المؤدية لرضاه والوصوله إليه، الهداية إلى الصراط المستقيم.
8- سيجد هذا العبد المخلص أن هذا الرب "مجيب" لدعائه بالهداية إلى صراطه المستقيم الذي يوصل لجنان السعادة التي يتم فيها لقاءه والنظر إلى وجهه الكريم.
9- هذا الصراط لا يسلكه إلا من أنعم الله عليهم بالهداية والإيمان به وبملائكته وكتبه واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره من الله تعالى. ومن يسلك غيره يكون ممن غضب الله عليه لعصيانه المؤكد بالعزم والنية أو من ضل عنه لجهالته وعمى بصيرته.
10- من يملك هذه المبادئ التي تقررها هذه السورة فسيفهم كل ما ورد في كتاب الله تعالى ولذلك سميت بفاتحة الكتاب وفاتحة القرآن، لأنها تفتح عقول القلوب وتنير بصيرتها ، وعلى مبدأ ( واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم).
11- لهذه السورة أسماء كثيرة تبع عن فضائلها، وأكثرها شيوعاً غير الفاتحة : أم الكتاب وأم القرآن والسبع المثاني والشافية والرقيا والكافية والوافية والأساس