منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: مهندس القيروان

  1. #1

    مهندس القيروان

    مهندس القيروان
    قصة – رضا السمين
    1
    مكتبة القيروان، التي يسكنها أحفاد الفقراء وابن خلدون والغزالي وابن رشد وابن تيمية وابن حيان والجُنيد والخوارزمي والمهوشين والقرّاء، تهدّد بالانهيار.
    "إنّها ضربة الرّوم" قالت نجوى، موجّهة إبهامها نحو قمم القصور اللامعة في الشمال "أولائك الذين يسكنون في الضفة الأخرى ما زالوا يكرهوننا".
    سيّد، حارس الدّيار، مثلي ومثلك لا يحمل أسلحة، انتخب حارسا منذ سنوات، لأنّنا لم نجد أحدا يُمكن أن يُحسب على أنّه متدرّب في المدينة. انطلق الأمر من فكاهة. إذا لم يكن عنده أسلحة، كان عنده الحسّ السّليم، وهنا في القيروان، كان ذلك هو الأساس.
    "هيّا يا نجوى، لننتخب بالأحرى مهندسا، مهندس مشبع بالألوان يعطي مكتبة القيروان كلّ أبّهتها القديمة".
    ربّما كان لنجوى الحقّ، ولكن عوضا عن مصارعة الذين يَمتصّون في الشمال، فضّلنا اختيار مهندس من هُنا لحلّ مشاكل الذين يُمتصّون في الجنوب.
    هناك في الضفة الأخرى، الذين يستفيدون من قمّة الغلَبة كانوا يسخرون من مكتبتهم، وما سيصير.
    قال بريش، كبير أهل الربح، وأبو الصفقات : "عندما يعاد بناء مكتبة القيروان، سيهز كثيرا عندئذ صرح المحجّبة، ثمّ تفقد المدينة سورها... ستتلوّى كلّ حجرة في المدينة تحت قهقهاتنا".
    من الغد، في القيروان، كان يوم الانتخابات.
    نجوى، عالمة المدينة، كان عندها رأي تقوله، ولكن لأنّها دائما تتكلّم كثيرا، لا أحد يسمعها.
    قبيلة العيشة، بما فيهم أبناء المصاهرة والأخوال، أُبعدوا عن المناقشات لأنّهم كثيرو العدد.
    حاكم المدينة كان حاكم المدينة ولا يُمكن أن يُنتخب.
    سيّد هو سيّد. فؤاد المعلّم هو المعلّم. الذين كان عندهم زوجات كان عندهم زوجات. الذين لم يكن عندهم لم يكن عندهم. ناجي كان سلفيا وإذن لا يُحسب. عرْبي مربّي العصافير كان مربّي العصافير.
    بالطبع كانت هناك المحجّبة. ولكن المحجّبة هي المحجّبة. كانت جميلة جدّا وأنيقة. عندها كثير من الوقار وقوس قزح على أكتافها للّيالي الممطرة.
    نجوى عارضت ووجّهت رفضها للجميع. تعبت من أن لا أحد يسمعها، جلست مولّية ظهرها للشمال.
    الذين في الأعالي يسخرون من جلبة الذين تحت.
    اقترب الليل، ولم نجد أحدا.
    وفي عزّ الصمت المثبط، شاهدنا، على الطريق التي تنشقّ من الوادي، يمشي بخطوات مرحة، حتى بدا من بعيد كأنّه طفل، شاهدنا هيثم قادما.
    لم يكن هنا، فنسيناه. عاد، فانتخبناه.
    هيثم هو هيثم. ابن بهية، صاحبة المخازن الوحيدة حيث نجد كلّ شيء عندما نريد شيئا ما. هيثم كان صافي العقل. إذن يخرج في الصباح ويعود في المساء. هو الوريث الشرعي للدّعفاري، بسيط الحيّ، الذي شارف على الثمانين سنة وأضحى شديد العجز لتحمّل مهامه بشكل جيّد.
    وحيث أنّ سيّد هو سيّد، حارس غير مسلّح ولكن حكيم، استطعنا أن ننتخب هيثم كمهندس.
    وضع هيثم خطاطات. كان قد أخذ مهامّه بجدّية. في القيروان، تعجّبنا.
    في ساحة الفسقية، نوع من البطحاء الرملية، كان يخطّ مستطيلات ودوائر، ويقوم بمئة خطوة وخطوة، ويلفّ الكلّ بعصا يحرّفها للشمس، يمسح هنا وهناك بعض الخطوط. كأنّه حلاّق أشفار.
    أهل المدينة كلّهم، في استحسان وبلاهة، يأتون عند المغيب لتأمّل صنعة مهندسهم.
    فؤاد يحاول تفسير تلك الزّاوية قرب الارتفاع للمحجّبة بالقوانين المعقّدة للفيزياء وهي كانت تطوّح برأسها وتريد مخاطبته بسهولة أكبر عن ذاك الارتفاع الدّائري، الذي يشبه مفاتيح القلاع القديمة.
    سيّد، لأنّه كان سيّد، ساكت ويفكّر بأنّ كلّ هذا ليس له معنى. نجوى تتكلّم دائما كثيرا ولا نستمع إليها. الذين في الضفّة الأخرى يضحكون دائما. ناجي، لأنّه كان سلفيّا ولا يُحسب، يجد كلّ ذلك علامة. بهية، لأنّه كان ابنها، رفعت بشكل ملموس أسعار البضائع في مخازنها حيث نجد كل شيء عندما نريد شيئا ما.
    عرْبي ترك بعض العصافير تسرح وقد تركت آثار خطواتها على الرّمل.
    عندئذ، مسح هيثم كلّ شيء. لم يترك على السّاحة، التي عادت ملساء، إلاّ حفيف سيقان العصافير التي هربت من أحلام مربّي العصافير. لا أحد فهم شيئا. هممنا بالذهاب إلى النوم. بهيّة أعلنت تخفيضات للغد.
    عند الفجر... وحده في ساحة الرّمل، كان هيثم ينظر إلى آثار العصافير كالتوازن.
    كان يبتسم.
    أمّه، بهية، فتحت مخازنها بتخفيضات كبيرة، تعرض براءة ابنها.
    ولكن في الأعالي هناك توقّف المصّاصون عن الضحك وينتظرون.
    عرْبي سرّح كلّ العصافير من أجل المهندس. سيّد هو سيّد، الحاكم هو الحاكم، نجوى تتكلّم دائما كثيرا.
    المدينة، كانت تنتظر. لا ندري ماذا. مرّ يوم. هيثم يبتسم.
    في المدينة، لا نفهم شيئا، وإذن ننام باكرا.
    هيثم يشتغل حتى وقت متأخّر. غلاة الشمال ينتظرون.
    ظهرت المكتبة.
    تذكّر بأيدي آلاف العصافير. المكتبة سابحة في الهواء مثلهم. مثلهم، سحابة عظيمة من شفافية وحجر تعوّض البناية القديمة القاتمة التي تهدّد بالانهيار.
    لم تعد تنهار بل تطير.
    عندما تمّ البناء، ارتفعت الشمس. أدفأ النّور ساحة الرّمل، وتماوجت الأشعّة على ظلال مكتبة القيروان.
    ذاك الصباح نهضنا باكرا. هيثم ينام.
    شاهد سيّد الشمس في السّاحة، شاهد مكتبة العصافير، كان سعيدا.
    شاهدت نجوى الشمس في السّاحة، مكتبة العصافير وسكتت.
    ناجي كان سلفيّا، وإذن لا يُعدّ به. شاهدنا الذئاب يمرّون بهدوء عبر ساحة الرّمل، في عزّ النّهار. شاهدنا الخيول ترى كلّ ذلك وتستدفئ. شاهدنا فؤاد يصلح فروضا بيضاء بالخط الأندلسي وهو جالس على مقعد قُبالة الشمس. شاهدنا قبيلة العيشة تحتفل. شاهدنا هيثم ينام.
    غلاة الشمال هناك في أعالي الأقمار يتعجّبون من جمال الإنجاز.
    نتكلّم كثيرا. كلّ ذلك يذكّر بجلبة العصافير.
    عَرْبي يخفق بيديه.
    عندها بدأ صرح المحجّبة في التفتت، ومعه قوس القزح الذي تحمله على كتفيها.
    في المدينة كنّا خائفين.
    في الشمال، الغلاة الذين يتمدّدون على الأرباح وجدوا من جديد موضوعا للتّسلية والمصّ ويضحكون.
    في تلك الليلة لم تنم المحجّبة إلاّ قليلا. كانت تفكّر بأنّ "وامعتصماه" تستطيع إثارة حميّة الصّرح، قوس القزح، وتردّ غلاة الشمال.
    ولكن عيون الذين في قمم المستعربين، التي كان بها الرّمد من قبل، لا ترى جمال النظرات المكتحلة بالحياء للتي تعاني هنا.
    عندها، استفاق هيثم، غطّى كتفيها وذكّرها بما يعرفه الجميع بعد سريبرنكا.. غروزني.. جنين.. الفلّوجة.. وجنوب لبنان.. من النّهب الكاسح لثرواتنا وخيراتنا وما تشهد به الاغتيالات والقصف الجوّي والاختطافات التّغييبيّة لشبابنا وعلمائنا وتدمير قرانا ومدننا بالصّواريخ والدبّابات شرقا وغربا... وأنّ أكبر بلاء أصابنا هو عسكرة مدننا ( منذ ثلاثينات ق2 هـ ) باستيلاء العسكر المستجلبين على السّلطة، والذين ما غادروا الأمر بعد ذلك أبداً. وأنّ تغيّر "ما بقوم" شرطه الّذي لن تجد له تحويلا ولا تبديلا هو تغيير "ما بأنفسهم". ديننا هو إسلام العمل الصّالح لتغيير ما بأنفسنا وما بواقعنا والجهاد بالقرآن، تحليل الطيبات وتحريم الخبائث، الأمر بالمعروف والنهي عن الفواحش والمنكر، إقامة الشعائر والعبادات وحسن الخلق، الحب في الله والبغض في الله، الإحسان في الأعمال كلّ الأعمال، إخلاص العمل للخالق سبحانه وتعالى والتقوى. والعمل بآية البِرّ (البقرة 177) {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}.
    2
    في المدينة، تغور النظرات. عندما يكون الطقس رماديّا، يبدو قوس المحجّبة شاحبا، ذاك الشحوب الغريب في أيّام الغمّ.
    كان ناجي أقلّ رغبة في الإصلاح. ربّما بسبب الأنبار. سيّد لم يعد تماما سيّد. فؤاد المعلّم أغلق المدرسة. الذين كان عندهم زوجات كان عندهم زوجات من سيّء إلى أسوأ. الذين لم يكن عندهم يئسوا. المحجّبة كانت أقلّ سكينة، ولكن جميلة دائما. يتأخّر بزوغ النّهار ويُقبل الليل باكرا. كان فصل الشتاء.
    فكّرنا بأنّ هيثم الذي لم يكن يفكّر بمصلحته، زاد الجهر بالقول.
    أولائك الذين في الشمال لم يكفّوا عن الضحك.
    كان هناك ريح. عَرْبي اختفى مع العصافير.
    إذن، كنّا نقيم سهرات لنروي حكايات. كانت الخيول تنظر كلّ ذلك وتستدفئ على حرارة الكلمات.
    في إحدى الليالي، بعد السّهرة، دخل هيثم والخيول في استشارة كبيرة. المدينة تتثاءب وتنام هناك مع أحلام الشتاء.
    في الصباح، كنّا نرى بصعوبة ما الذي يجعل صرح المحجّبة جميلا.
    يذكّر بتلك الأساطير الملأى بكائنات غريبة، لها نظر ساذج ولطيف وحدها الخرافة تعطيه.
    هيثم والخيول يتبادلون القُبل.
    غلاة الشمال أحسّوا أنّهم في الضباب.
    لم يكن هناك إلاّ ناجي ليكون متفائلا.
    3
    أعلنت فراشة قدوم الرّبيع.
    مع الرّبيع، في القيروان، ننتظر ساحة المعجزات.
    هناك تقليد، أقدم من أكبر الأجداد، يريد أن يجتمع هنا كلّ سنة، البدون مأوى، ذوو العاهات، المتسوّلون، المعدمون، الذين لا بلاد لهم، الذين لا أهل لهم، المساكين، سارقو التفاح، أَكلة الجغرافيا وملكهم، أحفاد سالِف عميد الموتى، البدون هويّة.
    يأتون ليوم واحد. كان العيد.
    تلك السنة كنّا سعداء بأن نوفّر لهم الشمس في ساحة الرّمل، الوحوش البلهاء في الصّرح، حكايات الغول والجنّ والعنقاء والعفريتة الطيّارة والهامة والإناث الخانقات وعفاريت الإغواء والوحش الضاري والعائدة الشبحيّة، إدّعاءات البضاعة في الضفة الأخرى، حكايات اليانصيب، الخيول التي تحلم، مرح عرْبي، الحسّ السليم لسيّد، سماحة ناجي، بساطة فؤاد، حرارة البلاد بعد السّفر.
    في ساحة الرّمل كان العيد.
    هيثم ينام، لأنه ينام هيثم والخيول.
    صابر لم يعد له أسنان، إذن عندما يبتسم يتكلّم "هدرة" وبهيّة تعطيه حساء من أجل الدفّ. عادل وكتيتو يلعبان الورق مع سيّد وفؤاد اللذين لا يغشّان ويخسران دائما. تركنا هنا وهناك بعض الدّجاجات لتُسرق وسُرقت. قبيلة العيشة يقايضون مع أبناء عمومة لهم. أرسلوا نجوى كسفيرة لأنّها كانت مثقّفة المدينة ولأنّها تتكلّم كثيرا.
    كان هناك الأكل والشرب. لم ننم كلّ الليل.
    نلعب بالسكّين والقهقهات.
    كان الجوّ جميلا لأنّه الرّبيع. انتهى العيد. غلاة الشمال كانوا عطشى. الهدنة التي أخذوها انتهت مع المعجزات، لأنّه لم يكن هناك ما يشرب، لأنّه الرّبيع، لأنّهم بحاجة للتهكّم.
    بهيّة تعوّدت على شهرة ابنها. استقبلت الخيول التي تنام في فراشها.
    هي لا تنام هي تحلم. وفي النّهار تجدّد ذخيرتها من الماء البارد بسبب الرّبيع. المحجّبة كانت تجدّد إيمانها.
    ولكن الذين في الضفة الأخرى كانوا عطشى.
    وقع خلع وسرقة لمخازن بهيّة حيث نجد كلّ شيء عندما نريد شيئا ما، حتى الخيول.
    كان الانفعال كبيرا في المدينة. نتكلّم كثيرا خاصة نجوى.
    في المدينة كان هناك اجتماع. لم نجد أيّ متّهم لأنّ الخيول تنام في فراش بهية وبهية تحلم. فكّرنا في الذين يَمتصّون مع غلاة الشمال، ولكن لم نقل شيئا لأنّ نجوى دائما تتكلّم كثيرا.
    في الشمال، أولائك الذين يتهكّمون لم يعودوا عطشى.
    4
    حلّت زردة الوليّ القادري. بشّر النّهار بالجمال. حضّرنا النّار للّيل. نستعدّ للقفز عليها.
    جمعنا البخور والجاوي للعطور. كنّا سعداء. سعادة الزردة القادرية. تركنا هيثم يذهب في الصباح ويعود في المساء.
    سيّد وفؤاد يشربان كأسا عصير في الظلّ لأنّهما سيّد وفؤاد. كان هناك الذين عندهم زوجات ويحبّونهن، الذين ليس لهم ويحبّونهن أيضا. نلعب الشطرنج والألغاز. ناجي كان عاشقا. عرْبي يعرف ذلك ويقوله للعصافير التي تقوله بدورها لكلّ الناس. الحاكم أغلق مجلس الحكم لأنّ مجالس الحكم تُغلق للقفز على النيران.
    في الأعالي هناك، المصّاصون للدماء والعرق والخيرات، يريدون أن يسكروا.
    جاء الليل كما تأتي الليالي في بداية الصيف عندما نكون سعداء.
    عاد هيثم، ومعه المطر لأنّه كان هناك قوس قزح المُحجّبة، لأنّه كان هناك الذين في الأعالي وتهكّمهم الذي يُقذف على الأمطار والنيران. عندما أشعلنا الشوارع، أنارت في كلّ مكان كالنجوم. وجدنا ذلك جميلا.
    إذن أعدنا خلق المدينة. كواكب الوليّ القادري تموت كما تموت الكواكب عندما نكون سعداء. الخيول تركض في الرّماد. تنبت أزهار.
    من هذه الليلة تصعد رائحة البخور، العطور وكلّ ما سُرق من عند بهية.
    هيثم جاء بمطر يوم الزّردة كما نأتي بالأحلام.
    الصيف في القيروان، كان أخضر وورديّا. تين عنب زيتون.
    أُغلقت الإدارة والأبواب من أجل زياتين الحاكم وسيّد. وضعنا على رؤوسنا قبّعات من البطيخ. أولائك الذين لا يحملون وضعوا أحزمة من الخيش للتظلّل.
    عرْبي كان منتبها لفحيح الأفاعي وكان يغطّيها.
    ناجي والمحجّبة يجمعان التين. نجوى كانت نجوى. الخيول تنام دائما في فراش بهية التي يأتيها فؤاد في الصباح ليذهبا للجَني.
    هيثم يذهب ويعود في نهاية هذا الصيف الأخضر والوردي الذي يطول.
    أولائك المصّاصون في الأعالي يعرفون أنّه سيكون لهم خمر وزيتون عند بهيّة ويغتبطون لذلك. أمّا الساعة يريدون أن يمرحوا.
    وكما هو متوقّع، بدأ سقف مجلس الحكم في الانهيار رويدا. لم نلاحظ شيئا بسبب الزيتون.
    عندما انهار السقف تماما، في القيروان أسيْنا. نأسى لأنّ الصيف هو فصل السّباحة.
    تركنا هناك العنب، التين والزيتون ونأسى.
    بالطّبع كنّا نتكلّم كثيرا، خاصّة نجوى.
    نتكلّم كثيرا لأنّه عندنا وقت قليل لتضييعه في الكلام.
    "الزيتون لا ينتظر" قال سيّد والذين عندهم زوجات.
    "التين سيتحلّل، وشجر التين سينهار" ذكّرت المحجّبة، ناجي، والذين لم يكن عندهم.
    "العنب يتفجّر. ناضج ونحن محتاجين" زايدت قبيلة العيشة، وكانوا كثرة، بهيّة وفؤاد الجَنْي.
    وبما أنّ الحاكم كان الحاكم وكان هناك زيتون، نتكلّم كثيرا لكي لا نتكلّم أكثر.
    هناك في الأعالي اللاّمعة، سعاة النّهب، يضحكون.
    شاهدنا هيثم قادما، بقبّعة البطّيخ وحزام الخيش. كان قد ترك الوادي بعيدا، بعيدا. كان يبتسم.
    عندئذ ابتسمت المحجّبة التي تذكّرت ليلة الأشفار. عندئذ ابتسم ناجي لأنه كان سلفيّا، وسيّد لأنّه كان سيّد. عندئذ ابتسم فؤاد من الجَني، وبهيّة لأنّ الخيول تنام في الفراش. عندئذ ابتسمت قبيلة العيشة، وكانوا كثرة. والذين عندهم زوجات، والذين لم يكن عندهم.. عندئذ ابتسمت نجوى وابتسم عَرْبي.
    عندئذ ابتسمت الخيول في الفراش المعطّر لبهيّة لأنّ كلّ ذلك لم يكن له معنى، فنظافة الفراغ تزحف والقوم في الهون. الفوضى الهاتكة تُستَحدَث بفعل فاعل والقوم في شُغل... واعتدال.
    عندئذ ابتسمتُ لأنّ مهندس القيروان كان عاقلا والخيول تهذي.

  2. #2
    مقارنه ناجحه ونص قدم بطريقه جزله قويه,رغم طوله
    اعدك بقراءة اخرى
    اهلا بك من جديد
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمه الخاني مشاهدة المشاركة
    مقارنه ناجحه ونص قدم بطريقه جزله قويه,رغم طوله
    اعدك بقراءة اخرى
    اهلا بك من جديد

    شكرا جزيلا الأخت ريمه الخاني على لطف ملاحظتك وترحيبك

    عفوا، هل "مقارنة" تقصدين مقاربة؟

    دمتم بخير

المواضيع المتشابهه

  1. مهندس الحرم
    بواسطة أسامه الحموي في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-10-2019, 10:40 AM
  2. مهندس
    بواسطة أسامه الحموي في المنتدى حكايا وعبر
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-26-2017, 06:49 AM
  3. عن كتاب مهندس العروض
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 03-28-2016, 05:42 AM
  4. تزوّجي أقرب مهندس لك
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان جمالك سيدتي.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-06-2015, 08:05 PM
  5. هل أنت مدير ام مهندس؟
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان البرمجة اللغوية العصبية.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-29-2010, 08:22 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •