أدوات الناقد لقصيدة شعرية

من قلم / غالب أحمد الغول

@@@@@@@@@@@@

كما أن لكل مهنة أدواتها , وكذلك لكل ناقد للقصيدة الشعرية أدواته , مع وجود بعض الإختلاف الطفيف بينهما , حيث أن الناقد لا يحمل إلافكراً ثقافياً , يتجه إلى مسارات عديدة , ويغوص في أعماق النص الأدبي في اتجاهات عديدة أيضاً , ومن هنا, علينا أن نتعرف عليها, لأنها هي الأدوات التي تحفز الأديب للسير في أداء عملية الإبداع , والنيل من نتائج لها انعكاسات إيجابية للمجتع , بها تنهض الأمة , وبها تزدهر .

لكل ناقد أدواته , وقد يختلف أحجامها وألوانها من ناقد إلى آخر , ولا يمكن أن يتسع إدراك الناقد لكل ما هو مختزن ثقافياً في جمال النص الشعري , ففي النص الشعري الواحد عشرات الأطياف النفسية والحسية والعاطفية والشكلية والإنسانية والبيئية , وعشرات الألوان الثقافية , النحوية والصرفية والبيانية والعروضية ,والموسيقية واللغوية وارتباط هذه الألوان بما يدور فيذهن الشاعر.

لذا ومع تعدد هذه الألوان والأطياف والحالات والأوضاع , يبقى علينا أن نسأل الناقد , حول ماذا يتجه نقده ؟ هل هو ملم بكل الأدوات العلمية والثقافية واللسانية , أم أن لديه بعضاً منها , ولا أعتقد أن بإمكان أي ناقد أن يحمل كل أدوات النقد وبكل اتجاهاتها , ومن هنا يمكن القول :يبقى النقد مسألة نسبية إلى حد ما , قد نرجح رأي ناقد , عن رأي ناقد آخر , ويبقى التصويت على جمال النص هو الحكم بين النص وصاحب النص .

النقد الأدبي للقصيدة الشعرية , ضروري جداً ,فلولا النقد لما بلغنا درجات القمة في النصوص الأدبية المختلفة , وبخاصة الشعرمنها , لقد مضى على الشعر العربي عدة قرون خلت , وبالرغم من صعوبة هذا الشعر إلا أنه بلغ ذروة الجمال في شكله ومضمونه واجتيازه الهدف المقصود اجتماعياً وثقافياً وإنسانياً , والناقد الذي يحسن الإجادة في أدواته النقدية المتعددة هو الإنسان الذي يعنينا في هذا المقال , لأنه وإن لم يكن شاعراً ولا قاصاً , فهو أقدس وأرقىوأعلى درجة من الشاعر نفسه , وبخاصة عندما يتجه بنقده إلى الحيادية والإنصافوالعدل بعيداً عن هوى النفس , مقترباً إلى صاحب النص بالشفافية وجمال الخلق وحسن التصرف .

وعلى الناقد أيضاً أن يلم بأنواع النظم الشعري عندما يكون بلا عاطفة ولا خيال , كما ينبغي أن يلم بالشعر الغنائي وأدوات الوحدات الموسيقية التي تميز النص بجودتها غنائياً أم رفضها إيقاعياً , لما يتخللها من زحافات قد تكون شاذة أو نافرة . وملماً أيضاً بالشعر التعليمي والشعرالملحمي والمسرحي , لكي يعطي لكل ذي حق حقه من الجودة والإبداع , شكلاُ وهما ( الخيال والأسلوب ) ومضموناً وهما( المعنى والعاطفة ) ليصل إلى جودة القصيدة في معناها أولاً , لأن المعنى هو الهدف الذي يسعى إليه الشاعر قبل العاطفة والخيال والأسلوب , ذلك لأنه يعتني بالمناسبات وتاريخها ووقائعها وأحداثها , وبالمفردات إعرابها وصرفها , ومبتكراً بموهبته عمق المعنى التي تشد إنتباه المتلقي , فعليه أن يتحرى الصدق فيما يقول , وهذه إحدىأدوات الناقد الصحيحة التي تتابع المعنى بدقة متناهية .

أما الأدوات الأخرى التي يتميز بها الناقد ,فأقربها , الغوص في النص ليحاول معرفة بيئة الشاعر من خلال القصيدة ومعرفة نفسيته وشخصيته من خلال المعاني وعاطفته ــ حزنه وفرحه ــ فمثل هذا الاكتشاف نعرف جودة القصيدة التي تشدنا إلى الشاعر لنشاركه فيالوجدان حينما نضحك معه أو نبكي تأثيراً بقصيده .

وهناك أدوات يصعب حصرها , لكن الناقد يسطيعا لوصول إليها من خلال مهنة النقد , كالوزن العروضي الموسيقي , وقوة الأسلوب واختيار الألفاظ الجزلة أو السهلة الممتنعة , وغيرها .

كتبه / غالب أحمد الغول