بسم الله الرحمان الرحيم
هكذ وجدتهم
تغمر المرء أحيانا موجة يقف أمامها وجلاوضعيفا،مهما تحجرت مآقيه وتصلب قلبه.. وكم مرت علي تلك الموجات المفرحة والمحزنةوأنا فيتونس في عودتي الأولى بعد واحد وعشرين سنة من التهجير، في يومي الأول وأنا أستقبلالأصحاب والأحباب في بيتي.. ولا أجد نفسي إلا ودموعي تسيل من مآقي، وتتسارع نبضاتقلبي.. كانوا يقولون لي:
الحمد لله على السلامة، الحمد لله لقد انتصرتالثورة في بلادنا، ولا يمكن بأي حال الرجوع إلى الوراء.. فالثورة الفرنسية الذييتغنى بها العالم دامت من 1789 إلى1981 أي عامين كاملين لإسقاط رأس السلطة الملك لويس السادس عشر، ونحن أسقطنارأسالسلطة بن علي في ظرف ثلاث وعشرون يوما تقريبا.
ثم بعد ذلكتعرف بأن الأمن التونسي بجميع فصائله متكون من 150.000 فرد وقد هزمه المحتجون، أما الجيش فانهمتكون من 35.000 فرد فهو أقلمن الشرطة، وكان أذكى منها ولم يغامر بحرب ضد الشعب التونسي، لأنه سيدخل في محرقةلن يخرجمنها سالما.
قلت لهم: مهما صار وحاولوا الإلتفاف علىالثورة، فإن النظام المجرم القديم قد قضي عليه قضاءا مبرما، ولايمكن لهالرجوع ولو نبت للدجاج أسنان.. لكن يجب أن يكون الشعب على كلمة واحدة، وعليكم أنتم شباب الثورة أن تكونوا لهم بالمرصاد.. والضامن الأول والأخير للثورة..
قد يكون من السابق لأوانه استقراءالتحولات المرتقبةفي تونس بعد الثورة التي أطاحت بنظام بن علي في تونس ودفعته لله روبعلى عجل، لكن رأيت حزما وإصرارا من الشباب خاصة أن ربيعهم لن يتأخر أكثر مما تأخر،وأن ما حدث في شقيقتنا ليبيا يسجل للتاريخ صحوة شعبية، لا يمكن لكل أنواع السلاحالمتوفرة لدى الحكاممن قمعها، أو إجهاضها، فقد ينجحون في تاجيلها أو منع امتدادها بعض الوقت، ولكنهملن يسلبواالشعوب إرادتها كل الوقت، بعد أن ضاقت الأوطان بكل الزعماء الدكتاتوريين،وبدأت تلفظهمتباعا، ويبقى الدرس الوحيد المشترك بين مختلف التجارب أن الشعوب لوعيهاوإرادتهاوإصرارها على كسب الرهان تبقى وحدها الضامن الأول والأخير لكل ثورة أينماتكون..لكن في المقابل أرى عودة تدريجيةللحزب التجمعي المنحل في عدة ميادين، أهمها على صعيد الوزارات.. وعلىرأس كلهذا... البورقيبي الكبير قايد السبسي، الذي أعطى الصلاحية لرجوع التجمعيين رويدارويدا، تحت سياسة جس النبض وانتظاررد الفعل، لا ننسى أن البورقيبية هي أم التجمعية ومنها انبثقت، ومحالأن تهملأم ابنتها.. والأدهى والأمر من هذا هم تلك الفئة من مجتمعا التي وصفتها بـ"الشلايك"... والشلايك خير ممن هم الآن في تونس، ويتكلمون باسم الثورة، وكأنهم هم الذين قادوها..إعرفوا يا شلايك أن اليوم شباب تونس يحب أن يكافأ رجالها.. جيل التغير الذي أرادبن علي أن يغيره، فغيروه هو... ونادوا بأصوات عالية رغم التعتيم!
قالوا: الثورة قادها الرجال، ولن نسمحأن يجني ثمارها الشلايك! سنواصل التصدي لهم بكل حزم، بكل حزم!