عادات الختان أو الطَّهور في حوران




حديث التراث

بقلم ( محمد فتحي المقداد)*


يعتبر ختان الأولاد من العادات والتقاليد المتبعة في معظم المجتمعات العربية والإنسانية على وجه العموم, وهي كذلك من لها التقليد الديني حيث أنها تقليداً لسُنّة أبو الأنبياء ابراهيم خليل الرحمن , وبمجيء الإسلام اعتبر الختان أحد سنن الإسلام , والتي هي من الفطرة السليمة,وحدد اليوم السابع من ميلاد أي طفل وأولها الآذان في أذن المولود اليمنى وإقامة الصلاة في أذنه اليسرى, وتسميته وختانه والعقيقه والتحنيك بالتمر, ولكن لكل مجتمع طقوسه الخاصة التي تتقارب أو تتباعد مع المجتمعات الأخرى.
ومجتمع أهل حوران له من العادات والتقاليد التي تجري في مناسبات الختان لأولادهم
وقديماً كانوا يتركون أولادهم حتى يبلغوا من العمر عدة سنين , حيث يصل الطفل لعمر عشر سنوات وهو لم يختن , وينتظر معظم الناس حتى الصيف حيث تكثر المناسبات الأفراح , وتعتبر مناسبة الختان من الأفراح التي تقرع لها الدفوف وتذبح لها الذبائح وتقام الولائم ويجتمع الأهل والأحبة والأصدقاء .
وقديماً كان الرجل الذي يقوم بعملية الختان يأتي من المدينة ويسمى ( المُطَهّر) حيث تعتبر عملية الختان من الطهارة التي تقتلع مكان النجاسة التي تستتر تحتها .
كان الأهل يحضرون الدفوف من جلود الماعز بعد تحضيره بالتنظيف بالدباغ وحلق الشعر الذي عليه يشدونه على إطار خشبي مدور بأحجام مختلفة , وهذه الإطارات هي بقايا مناخل الطحين أو الحبوب , وينظفون الدار ويجهزون المكان على أحسن ما يكون , ويدعى الأهل والأقارب والأصدقاء , والنسوة يهزجن بالأغاني البديعة التي تطرب لها الأذن , بنغمة خاصة لمثل تلك المناسبة , وتتعالى الزغاريد الجميلة من أفواه النساء , عند انتهاء عميلة الختان , ويلبسون الصبي جلابية بيضاء , ويضعون في يده باقة ورد محلية يجمعونها من الورد الجوري بألوانه, والورد الحوراني المسمى طاب فلسطيني , وتبدأ حفلة الغناء بشدة وحماس مترافقة برقص النساء على نغمات الأغاني مع التصفيق بإيقاع يتناغم برهافة مع دون أن ينشز أحد . بينما الرجال يجلسون في المضافة يتجاذبون أطراف الحديث , ويحتسون القهوة المرة العربية , وهي رمز للضيافة ,وهم ينتظرون موعد الغداء الذي سيحضر بعد الظهر, ومن هذه الأغاني المتداولة الخاصة بمناسبة الختان:

*و اكربي زنارك يا أم المُطهّر, واكربي زنارك
عابرين على دارك , حسّ المطهِّر, عابرين على دارك
( وهذا يعني أن النساء القادمات للمناسبة بدعوة من أم الصبي , ينادين عليها أن تشد من الحزام الذي تضعه على خصرها , بأن تعرف ضيوفها لتقوم بالواجب الذي يليق بهن , والمقطع الثاني يعني أننا جئنا عابرين أي داخلين على دارك, لما سمعن صوت المطهر ذلك الرجل الذي يقوم بالختان ,وللتأكيد بالمجيء يرددن عابرين أي داخلين إلى دارك ).

*ومن ذلك أيضا:
إيدك , إيدك , يا مطهر الصبيان , إيدك
لا توجع ( محمد ) بنقطع إيدك .
( وهنا أن الأغنية التي تترد على ألسنة الحاضرات من النسوة , يحذرن فيها المُطهّر أن يخفف يده بعملية الختان , وأن لا يتسبب بالوجع للصبي وعلى سبيل المثال اسمه محمد , الذي يبكي خوفاً من الدم والألم , وتلك العملية تجري بدون مواد مخدرة, وإذا حصل الوجع سننتقم منك , بقطع يدك , بدل الوجع الذي سببته لمحمد)

*وأيضا:
ومبارك الطهور, يا أم محمد مبارك الطهور
( هنا طريقة المباركة المسبوكة والتي تقال كأهزوجة , متناغمة موزونة ).

وكثيراً ما كانت تقام الأفراح لعدة أيام , وكثيراً ما كانت تصل للأسبوع , مثلها مثل العرس , ومن تحليل أهمية الحدث في حياة أية أسرة أنها كانت تحتفي برجولة هذا الطفل والذي أصبح يشب على الرجولة , وهو ما يعني أن العائلة ازدادت فارساً ومنافحاً عن حياض الأسرة والعشيرة, والقيام بأعمال الحصاد والفلاحة مساعداً لوالده وأعمامه. ومن طقوس تلك المناسبة رش الحلوى على الولد حين خروجه من الغرفة إلى رحاب الدار , وتقديم الهدايا والنقوط- وهو مبلغ مادي- يقدم على سبيل المساعدة وهو متبادل في المناسبات بين الأهل والأصدقاء.
========================== انتهى
بصرى الشام 22-12-2010م