انتصار أردوغان .. مرحلة جديدة في تاريخ تركيا
قلم / غسان مصطفى الشامي
انتصر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الامتحان الصعب، وفي التصدي للعملية الانقلابية الأخيرة في تركيا، التي قادها قطعان من الجيش التركي بدعم جهات خارجية مناوئة لأرودغان هدفها إحكام المؤامرة على تركيا.
لقد انتصر الشعب التركي في مواجهة الانقلاب الأخير، وخرج الأتراك إلى الميادين والمطارات، بعد مطالبة أردوغان بالنزول إلى الشوارع والميادين، وإفشال هذه المحاولة التمردية الفاشلة، وسجل أردوغان مرحلة جديدة في تاريخ تركيا، هي مرحلة حماية خيارات الشعب التركي الديمقراطية وتطهير وتنظيف مؤسسة الجيش من الانقلابيين والمتمردين.
بالفعل كانت ساعات الانقلاب القليلة ساعات حاسمة في تاريخ تركيا الجديد، فرفض الشعب التركي الانقلاب العسكري للحفاظ على الديمقراطية، واحترام الشرعية وخيارات الشعب بانتخاب حزب العدالة والتنمية لحكم تركيا، وتصدى الشعب التركي للانقلاب، وتصدت المؤسسة الشرطية التركية التي بناها حزب أردوغان، وكانت القاعدة الصلبة للحكومة التركية، تصدوا جميعًا لهذا الانقلاب الفاشل، ولم ينم الشعب التركي ساعات طويلة وهو يحمي خياره الديمقراطي، ويحمي وحدة تركيا والأمن والسلام فيها، وكانت إرادة الشعب التركي أقوى من بنادق العسكر، وشاهد العالم كله كيف اعتلى الشباب الأتراك ظهر الدبابات وأجبروا ضباط الجيش التركي على ترك سلاحهم والاستسلام لهم.
إن الكثير من الأتراك قضوا ساعات طوالًا في الشوارع وميدان التقسيم لمواجهة محاولات التمرد الفاشل، الذي أدى إلى سقوط أكثر من 150 قتيلًا، وخلف أكثر من ألف جريح، واعتقلت قوات الشرطة الخاصة الآلاف من الجنود والضباط في الجيش التركي، وتواصلت إجراءات ضبط الميادين وتأمين المؤسسات التركية الحكومية، والهيئات الرسمية مثل البرلمان التركي الذي قصف، ومقر رئاسة الأركان التركي، وأُمّن رئيس الأركان التركي في مكان خاص، بالفعل ساعات كانت حاسمة في تاريخ تركيا الحديث، وقد وقفت الجماهير التركية والمواطنون الغاضبون مع الشرطة التركية، واعتقل بعض المواطنين جنود الانقلاب وسلموهم للشرطة التركية الخاصة.
إن كل المراقبين والمحللين لاحظوا التفاف الجميع أول مرة في تاريخ تركيا حول خيار الديمقراطية، ورفض الانقلاب الأخير، فاحتضن الشعب التركي الرئيس، ورفضت أحزاب المعارضة هذا الانقلاب، ورفضت وسائل الإعلام التركية التساوق مع الانقلابيين، وظهر الرئيس التركي عبر وسائل الإعلام في الساعات الأولى لمحاولة الانقلاب، وهو صلب ويؤكد فشل محاولة الانقلاب، ويدعو المواطنين الأتراك للنزول إلى الميادين والشوارع والمطارات والتصدي لهذه المحاولات الفاشلة، وساعدت وسائل التواصل الإلكتروني ووسائل الإعلام التركية على إفشال هذا الانقلاب، وإفشال المؤامرة الكبيرة على تركيا ونظام الحكم فيها.
وقد برزت حنكة أردوغان وذكاؤه السياسي في التعامل مع الأمور، وظهر في الساعة الأولى للانقلاب العسكري، وطالب أبناء الشعب التركي بالتوجه إلى الميادين والشوارع والمطارات لإفشال هذا الانقلاب، وقد وجه أردوغان عددًا من الرسائل خلال ساعات الانقلاب، وقد ظهر في الإعلام 5 مرات، وعقد مؤتمرًا في مطار أتاتورك الذي أغلقه الانقلابيون وأعلن فشل هذا الانقلاب البغيض.
لقد رسمت ساعات الانقلاب سمفونية الانتصار للرئيس التركي وشعبه الذي خرج بالآلاف يرفض الانقلاب، هذا الشعب الذي ساعد الشرطة في القبض على الانقلابيين، وتصدى لسيطرة العسكريين على البلاد واختطاف النظام الديمقراطي، لأن الشعب يدرك ماذا يعني سيطرة العسكر على حكم البلاد، ويدرك الآلام الكبيرة التي قد تحدث حال سيطر العسكر على الحكم، وانتصر الشعب التركي للخيار الديمقراطي، ولخيار الشرعية التي اختارت حزب العدالة والتنمية لحكم تركيا، لقد سقط الانقلاب الأخير، وسقط العمود الفقري للانقلاب الأخير، ووقف الجميع متكاتفين يعلنون رفضهم هذا الانقلاب الفاشل.
إن أردوغان وحزب العدالة والتنمية أمامهما الكثير من العمل لضمان عدم تكرار هذه الانقلابات وحماية الشعب التركي، وقد ألقى احتضان الشعب لخياره الديمقراطي وخروجه إلى الميادين مسؤوليات كبيرة على حزب العدالة والتنمية في العمل من أجل توفير الأمن والأمان للأتراك، والحفاظ على المؤسسات التركية، وتقوية جهاز الشرطة التركية، وإحكام السيطرة على مؤسسة الجيش، وتطهيرها من الانقلابيين والمواليين لجهات خارجية هدفها إسقاط الحكم في تركيا وإشاعة الاضطرابات والفتن، وألقى مسؤوليات على الحزب في البحث في أسباب هذه المحاولة الانقلابية، والتفكير في كيفية حصول الانقلابيين على طائرات وقصفهم البرلمان التركي والاعتداء على الشعب التركي.
اذا تركيا أمام مرحلة تاريخية جديدة، بعد فشل انقلاب شرذمة قليلين من الجيش حملوا السلاح في وجه المواطن التركي، وقد برزت الحنكة والذكاء السياسيان للرئيس التركي في التعامل مع الأحداث الميدانية، ودعوته للأتراك إلى البقاء في الشوارع والميادين لحماية خيارهم الديمقراطي، حتى أعلن الرئيس التركي انتهاء الانقلاب بلا رجعة، وعودة الأمور في البلاد إلى طبيعتها.
إلى الملتقى ،،