مهنة المدرس وعوائق البداية
كثيرة هي العبارات التي يمكن اعتمادها لوصف حالة من اختار مهنة التدريس، وخاصة في لحظة البداية.إنها بمثابة زلزال، أو ثورة كوبرنيكية يعيشها المرء، تطال هويته، وحياته ،وشخصيته ... فكل شيء يهتز في حياة الطالب، محيطه العائلي، المناخ الجامعي،هدوء الحياة، نشوة النجاح و الحصول على الشهادة... إلخ.
فتكون مرحلة البداية، لحظة يشعر فيها المدرس المبتدئ بالهشاشة و الضعف و القلق، في الوقت الذي يكون مطلوبا منه أن يعطي لمهنته أسسا صلبة و قوية. إنها في اعتقادنا إحدى القضايا الأساسية التي يجب أن يتضمنها البرنامج الخاص بالتكوين المهني للمدرس.
فلحظة الانخراط في الممارسة المهنية حاسمة، بالنظر إلى أن المدرس يحاول خلالها أن يسخر طاقته ،ويشكل نظام الممارسة التي سيباشرها, مستفيدا من تجربته الشخصية ومن التكوين الذي تلقاه، ومن نصائح زملائه في المهنة
وهكذا فسنواته الأولى في العمل تخلف في نفسه آثارا لا يمكن أن يمحوها الزمن, في ظل القوانين المنظمة لهذه المهنة, والتي تجعل المتدرب مطالبا أحيانا بالعمل في مؤسسات مختلفة،إما لتعويض متغيب أو النقل قسرا بحكم كونه آخر ملتحق بالمؤسسة, فضلا عن تعقيدات إدارية أخرى مرتبطة بنظام الرخص و التغيبات.
إنها قواعد تعود دوما لتذكير المدرس المبتدئ بأنه ينتمي إلى درجة دنيا, و تشعره بالدونية.
كما أن أسلوب التدريس من شأنه أن يكون مؤثرا في مستوى التلاؤم مع الفضاء المهني، و الذي تتفاوت درجات استجابته لميول و شخصية و قناعات المدرس الشاب.
مرحلة البداية إذن هي مرحلة يكون فيها المبتدئ مطالبا باختيار الانسجام مع محيطه المهني ( قاعة الأساتذة مثلا) أو الاختلاف مع هذا المحيط و بالتالي تحمل مسؤولية الشعور بعدم الراحة أو الرضا, ولعل هذا هو ما يلاحظ لدى بعض المدرسين من هذه الفئة وهي حالة يترجمها التذمر و الشكوى بشكل دائم ومستمر.
فالبداية هي محطة للتساؤل عن هويته الجديدة, وتحمل تعقيدات مهنة كانت تبدو يسيرة, و من ثمة فان تدبير الإحساس بالضغط و الشك, و الاعتراف بالعجز, تستلزم اكتشاف مصادر أخرى لتجاوز هذه العقبات فهل معنى هذا أن المدرس المتدرب يكون بالضرورة قلقا؟
أكيد أنه بحاجة إلى الشعور بقدر من الأمان و الاستقرار, و على هذا الأساس فهو مطالب ببلورة مشروع مهني يمكنه من تلمس الطريق خلال الأسابيع و لم لا نقول الشهور الأولى لأداء مهمته على أحسن وجه.
هناك على العموم صعوبات كثيرة تثبط همة المدرس المتدرب و نقترح لتجاوزها ما يلي:
- تحديد الأسلوب التعليمي الذي يحقق إمكانية الممارسة الإيجابية للمهنة.
- تعميق مقاربته الديداكتيكية و تجديدها عند الاقتضاء.
- تنمية القدرات و الكفايات لدى المتعلمين و ذلك لجعل أوقات الدراسة مخصصة كلية لتعليمهم.
- تنظيم التعاون داخل الفصل الدراسي و هي عملية بالغة الأهمية لأنها من شروط نجاح المدرس و المتعلم.
- التقويم المنظم, لأن تنظيم المعارف لا يقاس بساعات العمل, بل يمتد عبر مرحلة طويلة نسجل فيها كل النجاحات و الإخفاقات و المكتسبات الفردية و الجماعية.
و في هذا الاتجاه نقترح الخطاطة التالية:
- تصنيف التلاميذ إلى مجموعات حسب مستوى أدائهم.
- تحديد الأسلوب التعليمي المناسب ( الدعم مثلا ).
- تحديد الأسئلة الافتتاحية لكل درس و لكل فقراته.
- اختيار التمارين لمعالجة الثغرات.
- تحليل ما كان ناجحا في الدرس.
- دراسة ما كان غير ناجح فيه.
- التقويم : سواء منه ما تعلق بمكتسبات التلاميذ أو ما تعلق بأداء المدرس.
ومن أجل الوقوف على أهم ما ورد في هذه الورقة يمكن أن نخلص إلى ما يلي :
من اللازم أن تولي مراكز التكوين لمرحلة بداية ممارسة مهنة التعليم ما تستحقه من عناية وإعداد.
النجاح في هذه المهنة رهين بمستوى التكوين والتكوين المستمر .
العناية اللازمة بمعرفة المقاربات الديداكتيكية ، الاهتمام بالتقويم بكل أساليبه المعروفة
حسن لشهب