فلْيَتْرُكُوا لي عُنْبَةَ الخدّينِ أرسُمُها
صقر أيوعيدة
أحْزانُكِ
تَجْثو على صَدري وتؤْلمنُي
أرنُو لها والعينُ تمطُرُني
هطْلاً على جُرحي ويُوجعُني
أمضي معَ الأوجاعِ في الوقتِ
في البيت والصوتِ
في الحقل والبحرِ
في الرَّسْمِ والكبْتِ
أشْقَى بها والأرضُ تُلْحِفُني
في حُضنِها خوفاً من الريحِ وتُرضِعُني
تيناً وزيتوناً وعِطرَ بارودِ
وتقذفُني
رُمانةً في وجهِ إعصارٍ يزلزلُني
ياميمتي
شُدّي على خصْري
جذرَ صُنوبرةٍ
أو عرقَ داليةٍ
أروِي بها ضفائرَ الشمسِ
كحلاً لأهدابِ الغزالاتِ
رمحاً إلى بَرقوقةٍ في صدرِ أمّي
أَحْني لها رأسي وتستُرني
في ثوبها تدعو تُقبّلُني
أصْحو على نَفَسٍ ومن فمِها
دفءٌ ودمعٌ يعانقُني
لكنْ تُناغيني كهوفُ الحُلْمِ تجْعلُني
أمضي بعيداً عن قَمري
والليلُ يسرقُني
حُلمي وأكْبو راكعاً
عسى أحدٌ
يأتي ويُوقِظُني
والأمّ مُشفقةٌ على جَهدي وتُثْبتني
حادتْ بِيَ الأثقالُ تسحبُني
مثلَ المراسي تُغرقني
للعُمقِ تَجْذبُني
والحوتُ يرمقُني
والمدُّ والجزرُ يقلِّبُني
عرائسُ البحر تدفعُني
أعودُ إلى حُضنِ الأُمومةِ
تُدْفِـئُني
ياليتَ حُلْمي لا يراوِدُني
فالبعدُ كاد يفْتنُني
عُودِي إلَيْ
في يقْظَتي أو في سُهادي
في الصّمتِ والتَّنادي
إِنّي أُلاقي العارَ في ابْتِعادي
ها قد طَوَيْتُ الأشرعةْ
رُوحي على الأهدابِ مُعلّقةٌ وتمنعُني
تركَ المآقي دامعةْ
لا الكحلُ يُخفي دمعَها ولا المساومةْ
والليلُ مُقعٍ والنيوبُ لامعةْ
رُشِّي على جُرْحي
شيئاً من التّحْنانِ والمصابرةْ
من دالياتِ الكرْملِ
والعشبِ في أسوارها
والدمعِ في حبَّاتِ رملِ المَجْدلِ
والمسجدِ الغافي على أحزانِها
فالطَّرْفُ في عينيكِ مَوْئِلي
والصَّحبُ فيكِ
والهجرُ ليس لي
أرْنُو لها
في مِرطِها أغفو تدَثِّرُني
والرشْحُ من جَبينِها طِيبٌ وينْحدِرُ
عِطراً يضِمِّخُني
ياميمتي ضُمّي لهُاثي حين يشْتدُّ
إنْ يبقَ لي عُمرٌ فلا أرتدُّ
اللحدُ فيك يزِمّلُني
فليتْركوا لي عِنْبَةَ الخدَّين أرسُمها
شِعراً وفوقَ العين غُرّةَ القمرِ
أو بسمةً تطْفو
ولا أحارُ أين أنْحتُها
ما غيرُها يرْنو لها بَصَري
إِنِّي لها كالهودجِ
أَنَّـى تَرى يهْوِي لها
فالموتُ فيها كانتِفاضةِ الشجرِ
أو كَمْأةٍ للرعدِ تَبْسمُ حينَ تفْتقُ ثوبَها
عند احْتلابِ دِرّةِ المطرِ