قصة حَيَاة
... فبدل من أجل انتقاء كلماتها كل جهده، ولم يستبق من خلاصة حنكته الأدبية وعصارة خبراته البيانية شيئاً في سبيل الفراغ من كتابتها وقد صارت مخطوطة نفيسة فصيحة، ثم أنفق من المال كثيراً قصد إخراجها مطبوعة في أبهى حلة، ورؤيتها بين أيدي القراء مقروءة في أجمل صورة ...
كان قد فكر كثيراً، قبل أن يبلغ الغاية المرجوة، في صياغتها بأسلوب يليق بها وتليق به، وكان قد أطال التأمل في النهج الذي سيعتمده، قبل أن يحقق هدفه المنشود، طلباً للتوفيق في كيفية عرضها دالة موحية، فاستقر الرأي به على التحدث عن نفسه بضمير الغائب، إذ تبادر الموت إلى ذهنه أثناء تأمله، وخيل إليه وكأن جمعاً من الناس قد ساروا في جنازته، وشيعوه إلى مثواه الأخير في الحياة الدنيا منذ زمن بعيد، وأن أحدهم أمهم ونادى فيهم: الصلاة على الجنازة .. جنازة رجل ...
ثم هداه إعمال النظر إلى نسج خيوطها الدقيقة، وربط أجزائها المتكاملة بوحي من فصول العام الأربعة، فارتأى أن يقرن الشتاء بطفولته وصباه، والربيع بفتوته وشبابه، والصيف بأشده وكهولته، والخريف بشيخوخته وهرمه، فقطع للقراء وعداً على نفسه أن يصدقهم الحديث عن ذاته في كل كلمة يخطها بيمينه، وأن يتحرى الحقيقة في ما يسرد عليهم، وينأى بنفسه وبهم عن كل ما من شأنه أن يخدش الحياء، أو يزيغ به وبهم عن المروءة والعفة والخلق الرفيع ...
أخذت الأيام تطلب الأيام حثيثاً، واقتفت الشهور أثر الشهور فلحقت بها سريعاً، ومر عام ثم عام آخر بعد مضي عام، فختم ما كان بدأ بأن سأل الله حسن العاقبة وخير الجزاء في الدار الآخرة ...
******
الأستاذ الفاضل عبد الفتاح أفكوح
قصصك دائما ليست بالسهولة التى تتيح للقارىء أن يبلغ غايتها من أول مرة بل لابد له من القراءة مرات عديدة ليصل إلى مغزى يرضيه
أحيى فيك إبداعك المميز جدا
ولكن هنا فى هذان السطران بعض التكرار الذى ليس له بد
ولقد وصلت إلى هنا وتساءلت هل كلمة ( فلحقـــت ) تعود على من ؟
هل على الشهور أم عليك أم على الراوى أم على البطلة فى قصتك ؟
فى النهاية قصة جميلة وقوية
ودى وتقديرى