لا تسخر مني فأنت وطنك بقعة زرقاء باهتة

أيها المخلوق الذي يدعى إنسان تريث لئلا تعيش في نسيج النسيان فأنت ذرة تسكن على نقطة زرقاء باهتة وكأنك نقطة تساكن نقطة أكبر منك كلاكما في قلم الرصاص الفضائي نقاط
ترسم على صفحاته .. ايها الانسان انت أتعبتنا بقولك فلان من هو وما اي ملة ولون ونسب وحسب وتاريخ وشعب الله المختار وذاك من سلالة الفراعنة وتلك ملكة جمال الكون ....أرهقتنا وخدعتنا لنلعب معك في لعبة الخطوط التي أساسها نقاط متراصة ليس إلا شكلا . أيها الإنسان خدعتنا بتقسيماتك وتصنيفاتك لإنك تركض وراء هواك فما ذنبنا نحن لنكون معك فيما تهوى وتهوي .. أيها الإنسان ربما لم تدرك أن أنبياء الله عرفوا الغاية من الوجود وعبدوا رب الوجود لإن غايتهم خالفتك غايتك فحاربتهم ولم تدرك أنك نقطة على كوكب هو نقطة زرقاء باهتة تائهة في الفضاء الكوني .. ولم تتذكر وانت تزيل الغبار انك امام ذر ونقاط تمسح بمحارمك ولكنك تستيسغ محارم غيرك .. ولم تتذكر وانت تنفض الغبار عن مكتبك أنك تعيش على نقطة فلماذا لا تقدر على إزالتها بمنفضتك ؟؟؟؟
نعم هي الارض وطنك ولكنك رأيتها بقعة من الشطرنج وقسمتها ابيض وأسود في مربعاتك ال 64 وقلت هم أحجاري أحركهم كيف أشاء فيا اسف نفسي على من اعتقد ان لعبته الشطرنجية لم تتوقف ولم يرى صورة الارض الباهتة ولم يتساءل مهما لعب بأحجاره لماذا
موطني نقطة باهتة زرقاء بين مساحات الارض الشاسعة لماذا عقلي لم يجيبني الى الان وانا ألعب مع أحجار شطرنجي ...ربما اجيبك فأنت مخلوق من الذر أي من النقطة ..
فلو سألت مهندسا ما اصنع لي شكلا لبدأ بالنقطة وانتهى اليها ولكنها خالية أشكاله من الdna برنامج لتفعيل الشكل وحيوته ربما قد تحسن النسخ من نفس البرنامج ولكنك لا تحسن البث الكوني اليه كما ارضك نقطة سابحة في مداراها ...
ايها الإنسان الذي لعب لعبة التقسيم وفق خانة طيفك اللوني الارضي ابيض واسود لم تدرك ان في الكون ألوان غير الوانك السبعة الطيفية ولكنك فقير حتى في عالم اللون ..
أيها المقسم لمكعبات الشطرنج في خانات 8في 8 لم تدرك انك بقيت وفق قانون مدارات الذرة والالكترون فبقيت مقيدا وانت تصنع القيود لغيرك معتقدين انك واضع لسلاسل من حديد ..
أيها الناظر الى الآخرين كقطعة من الشطرنج فكيف ننظر إليك ؟؟
ما أنت سوى كائن على ارض رآها ساغان نقطة باهتة زرقاء فالعب كما تشاء واين تشاء برقعتك الزوجية اللون لإن خالق الكون واحد وفرد صمد .. لا يبالي للونك ورقعتك ولعبتك
ما دمت انك خلقت في مدارات الذرة المتنهية بالصغر والكترونها يدور في فلك محدد لا تملك قدرة على زيادته او الانفلات منه ..فاقرأ معي ما كتبوا عن رقعة الارض ...
دهش رواد الفضاء من منظر الأرض في الفضاء ، وهشاشة غلافه الجوي و باكتفاء هذا الكوكب بما يصله من أشعة و حرارة الشمس ليفي بأغراضنا المتواضعة وقال بعضهم :الميول البشرية مفرطة بالغطرسة والكبرياء و بافتقادنا للعصمة وبأحكامنا الخاطئة . كما في كل أعمال ساغان وأبحاثه ومؤلفاته فإن الهاجس الإنساني هو هاجسه : تزعجه النزعات الشوفينية والطائفية والدينية ، خاصة عندما يتأمل صورة الأرض من الفضاء ، فهي تبدو نقطة زرقاء باهتة في ظلام الكون العميق في خلفية النجوم اللامعة كنقاط متناثرة . كوكب الأرض الصغير والهش يبدو بشكل مدهش مكتفياً بذاته ولكنه وحيد في الكون المظلم والشاسع ، ولا يبدو أن هناك منقذاً .يقول ساغان :ماالأرضُ سوى بقعةٍ صغيرةٍ للغاية، في مسرحٍ كونيّ عظيم.نظرتَنا لأنفسِنا، وتخيلَنا لوجودِ أهميةٍ لنا نحن البشر.إنَّ ذلك الوهم: بأن لنا مكانةَ خاصة، للاستحواذ على هذا الكون.
كلُّ تلك الأوهامْ، تعترضُها بقوةٍ.. نقطةُ الضوءِ الباهتِ تلك.

كوكبنا، هو ومضةٌ وحيدة، في فراغٍ كونيٍّ مظلم.
علينا أن نحمي، ونحافظ على "النقطة الزرقاء الباهتة".
الوطن الوحيد.. الذي عرفناه. وهي مصيرنا ..

أعد النظر لتلك النقطة:

إنها هنا!
إنها الوطن!
إنها نحن!

فعليها: كلُّ من تحبْ، كل من تعرف، كل شخصٍ سمعت عنه، كلُّ كائنٍ بشريٍ وُجد طوال التاريخ، عاش حياته هناك.

محصلةُ كلِّ الأفراحِ والأحزانِ.
ألوف الأديانِ والنظريات ومذاهبِ الحياةِ.
كلُّ صيادٍ وقاتلٍ.

صيادٍ وقاتلٍ.كلُّ بطلٍ وجبان.
كلُّ خالقٍ وهادمٍ لحضارة.
كلُّ ملكٍ وفلاّح.
كلُّ شابين متحابين.
كلُّ أمِّ وأبٍ، طفلٍ ذي أمل. مخترعٍ ومكتشف.
كلُّ ناشرٍ لخلقٍ حميد، كلُّ سياسيّ فاسد.
كلُّ نجمٍ سينمائي
كلُّ قائدٍ عظيم.
كلُّ متدينٍ ومذنبٍ في تاريخِ وجودِ كائننا البشريّ.
كلُّهم عاشوا هناك.. على ذرةٍ من غبار، عالقةٍ في شعاعٍ شمسي.

ما الأرضُ سوى بقعةٍ صغيرةٍ للغاية، في مسرحٍ كونيّ عظيم!.

فكر لوهلةٍ في أنهارِ الدماءِ التي أراقها جنرالاتُ الحربِ وأباطرتَها، لينتصروا ويصبحوا أسيادً لحظيينَ، على جزءٍ عشريّ من نقطة.تفكر لوهلةٍ بالقسوة التي ملأتْ قلبَ شعبٍ عاش على إحدى زوايا هذه النقطة، ليغور ويتغلب على شعبٍ آخرَ، عاش على زاويةٍ أخرى منها، بالكاد نستطيع التمييز بينهما.

كم كان جهلُهُم، وسوءُ فهمهم للآخر؟!
كم كان غرورهم، ليقتُل أحدُهم الآخر؟!
كم كانت كراهيتُهم الشديدة وبغضَهم لبعضِهم البعضْ؟!

إنَّ نظرتَنا لأنفسِنا، وتخيلَنا لوجودِ أهميةٍ لنا نحن البشر.
إنَّ ذلك الوهم: بأن لنا مكانةَ خاصة، للاستحواذ على هذا الكون.
كلُّ تلك الأوهامْ، تعترضُها بقوةٍ.. نقطةُ الضوءِ الباهتِ تلك.
مقتبس من كتاب: نقطة زرقاء باهتة – كارل ساغان.
النسخة العربية : كوكب الأرض – العدد 254 من مجلة عالم المعرفةفمن شعر ابن العربي نقرأ:بين التذلل والتدلل نقطة فيها يتيه العالم النحرير
هي نقطة الأكوان إن جاورتها كنت الحكيم وعلمك الإكسيرالأرض هو الكوكب الوحيد الذي يمكنه احتضان الحياة، ولا يوجد أيُّ مكانٍ –على الأقل خلال الفترة القريبة هذه- يمكننا الرحيل إليه. ربما يمكننا زيارة الخارج، أما البقاء خارجَ الأرض! فليس بممكنٍ بعد.
ولقد صور ساغان الارض التي بدت في الصورة كنقطة زرقاء باهتة من بعد ستة بليون كم تقريبا
نقطة تائهة في الفضاء الكبير والصورة اخذت عام 1990 عبر رحلة المكوك....
و يبدع ساغان في تصوّراته حول السيناريوهات المحتملة لوجود المجتمعات البشرية في الفضاء . هؤلاء سينظرون الى كوكب الأرض ، النقطة الزرقاء الباهتة ، وسوف يتساءلون : كم كانت طفولتنا محفوفة بالمخاطر و كم كانت بداياتنا متواضعة ، وكم عدد الأنهار التي كان علينا عبورها قبل أن نجد طريقنا .سواءٌ أعجبتك الفكرة أم لا؛ هذا الكوكب: هو مصيرنا .
الكاتبة وفاء عبد الكريم الزاغة
أيها اللاعب برقعة واحجار الشطرنج لا تسخر مني فأنت وطنك بقعة زرقاء باهتة ..وكنوزك لا تشتري مدارات جديدة لذراتك فانت مقيدا بها ولست حرا ُ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هكذا تقول أرواحنا فلا تعجب بنفسك كثيراً ...
.