[center]

ما بينَ أجنحةِ البصَر





ما بينَ أجنحةِ البصَرْ،
تَسْمو على شَفَةِ الوَتَرْ

يا أيّها القمـرُ الذي
أحيـا بأعطــافي الذّكَرْ

الكونُ ظلّ مُشـفِقٌ
ما جئـتَ فتّـان الصّورْ

زفّ النسـيمُ إليّ من
عُلْيا السّـحائبِ،والدّرَرْ

أشهى السّلام مُضَمّخاً
بشـَذا الخمائلِ والزّهَرْ
***

قد عشتُ بعدك يا قمرْ
،أشـدو بأحـلامٍ أُخَرْ

وحدي يحاربني البشَرْ
، ولكَم أُطيحَ بمنْ غَفَرْ

لكنه العنقــاءُ يبعـثُه
الرّمــادُ المُحتقَـرْ

ولسوف يلتـهم البُغـاثَ
على قُدورٍ من حجَرْ
***

ودنا بمسمعيَ القمـرْ،
أشجاه من لفظي الخبَرْ

فغـدا يُهاتفنـي على
مهـدِ الشّعاع المنكَسِرْ

ما زالتْ الأشبـاحُ حولي
ترتدي ثوبَ الخطَـرْ

في كـل عرسٍ تبتـدي
نهشي بأنيـاب الظّفَرْ

وأنا كعهـدي في الضّنى
مُحْـدَودِبٌ منّي الظّهَرْ

لم يبقَ لي زادٌ سوى
الدّمعِ الحنون المنهـمِرْ
***

أرنو إلى المجهولِ
يدفنني التأمّـلُ في القبِــِرْ

تتعاقبُ الأقدارُ تسخرُ
من جَحيِــم المحتضِرْ

ما مرّ مِنْ سُحْـبٍ
يموجُ بلُجـها الطّفلُ الأغَرْ

من كلّ صوبٍ يزحفُ
الطّاغي ،وتلتطمُ الصّوَرْ
***

ليلي كليلكَ يا رفيـقي
،بالخطــايا معتصـَرْ

الحـبّ أشـقاني ،وأثقل
بالأسى عُنُقاً كُسِــرْ

والعمْـرُ يمضـي نازفاً
بلقـاءِ أحبـابٍ أمَرْ

والقلبُ خالٍ من حبيـبٍ
بعـده يبغي سـَـفَرْ

لا خيــرَ فيـه لزائرٍ
روّى بمدمعِـه الزهَرْ

ضحّى براحـة بالـه،
ورعى نفوسـاً تُبْتَذَرْ

ودعا إلى الحقّ الفضيلِ
،فمـا تعالى ،وافتخَرْ

لم يرحموه غداة أن
مـادتْ به الدنيـا، فخَرْ

جاشتْ خواطرُه ،فنـدّى
الكونَ ينشـرهُ القمَرْ

يمشي على الماضي
، فتَلْدَغُهُ الحوادثُ والذّكَرْ
***

إني عبدتُ بحسـنها
قمـرَ الليـالي المنفطِرْ

لو خطـرةً تختـالُ ما
بين السّـنُونُوِ ،والزهَرْ

لو نفحةً من طيبِـها
حَملتْ شِفـاءَ المحتضِرْ

لو رحمةً من جفنها
تحنو على قلبي الكسِـرْ

أمسيتُ،والألم المقدّسُ
جاثمٌ بِعُرَى القَــدَرْ
***

لا لستُ أنسـى
لحظةً جمعتْ بنا بين الشجَرْ

والأفْقُ يسـكنُ بعد
فوضى للزّوابع ،والمطرْ

أرسلتِ من جفنيكِ
سهماً صابني راع البصَرْ

والشّوقُ منّي جـارفٌ،
والدمـعُ رَقْرَقه الوتَرْ

رقَصَ الغرامُ بلوعتي،
وخطوتُ تُشقيني الِفكَرْ

والغُرْبُ تنعَقُ صَوبنا
،وأنـا أحـاذرُ مَنْ عَبَرْ

كم زاغتِ الأبصارُ
خشيةَ أن تبوحَ لهم بسِـرْ

ومضيتُ،والقلبُ الوليدُ
على لقـاءٍ في العُمُرْ

فيه يجـودُ الدهـرُ
بعضَ حنانه ظـلاً أبَـرْ

ليلايَ ،ما رويَ الفؤادُ
بقربكم ،فالسّـعدُ فـَرْ

ما عشتُ بعدكِ
لحظـةً إلا وأضنتني الحـيَرْ

ماذا جنيتُ حبيبتي؟
فالدّربُ تملـؤُه الحفـَرْ

لم تبذلي مـاءَ الهنـا
،قد كبّل القـدمَ القـدَرْ

أنكرتِنـي لمّـا غـدوتُ
على ترابكِ أحتضِـرْ

والنورُ في قلبـي
أُسَـابقهُ الخُطَا كيمـا يقَرْ

عهدُ الصّبا ما صُـنتِ
ذكـراه ،فهَانَ المقتدِرْ

دنيـا تهدّمَ صرحُها
في هولهـا شبـحٌ عَوِرْ

وأهيمُ كالمجنونِ أروي
قصةَ الشـادي الأبَـرْ

للعالمِ المجـروح ،
للطّيـر المعـذّبِ للحجَرْ

مستحفـِلاً أمـسَاً ،فيهتفُ
بالغصون فمُ الذّكَرْ
***

إنا على هـذي الحيـاةِ
العُمْيُ ما مُـدّ البصَرْ

قدرٌ مصيبٌ قد رمى،
هل يُدرِكُ السّهمَ الحذِرْ؟

ماذا علينا،والحياةُ
كعهدها تأبى انفراجاً للعثِرْ؟

وترى لها حُلَلَ البهـاءِ
فريـدةً بخطا حَقِـرْ

صبراً على ما كان
منـكِ حبيبتي،والصبرُ مُرْ

وإذا بكيـتِ على
ضريـحٍ عذّبتْه يـدُ القـدَرْ

فتلمّسي تحتَ الضّريحِ
عظـامَ صَبٍّ قد غفـَرْ

وإنِ الفضيلةُ فرّقـتْ
بين القلـوب على سفَرْ

يوماً سـتجمعُنا إلى
النـورِ الكريـم المدّخَرْ

5 / 7 / 2004 م



مجدي يوسف
ديرالبلح _قطاع غزة _فلسطين

[/center
]