البديل الرديء للفتيات.. الصداقة خارج محيط الأسرة طريقهن إلى تشهّي رحيق الأمهات..!!
تهاني السالم – الرياض
كثيرًا ما تبحث الفتيات عن صدر حنون لتبوح له بما يجول في خاطرها من آمال وطموحات وهموم، فإذا لم تجد الصدر الحنون ضمن نطاق الأسرة حاولت بشتى الطرق البحث عن بدائل له خارجها.. «الرسالة» فتحت النقاش حول الأسباب التي تدفع الفتيات إلى تكوين صداقات خارج نطاق الأسرة، والطرق التي تمكن الأم من مصادقة ابنتها في طيات الاستطلاع التالي:
شدّد استشاري الصحة النفسية د. ماطر بن عواد الفريدي على أن الفتاة بحاجة في مرحلتي الطفولة والمراهقة إلى حنان وتوجيه الأم أكثر من أي مرحلة أخرى من مراحل العمر وأضاف في هاتين المرحلتين تتغير لدى الفتاة تغيرات فسيولوجية وتغيرات نفسية فهي بحاجة للحنان والدعم والتوجيه، وعندما تقترب الأم وتعرف احتياجات تلك المرحلتين وتفهم نفسية ابنتها وتتعامل معها معاملة الصديقة تنشأ داخل الفتاة الثقة بالنفس والثقة بالآخرين ولذا تلجأ لها وتتحدث عن احتياجاتها وعلاقاتها مع الآخرين وبذلك تنشأ الأسرة على الحب والتعاون والاهتمام والصحة النفسية السليمة لأفراد الأسرة، ولكن لدى البعض وللأسف اضطرابات نفسية ومعاملة أسرية قاسية فيحولوا تلك المعاناة التي تلقوها في وقت مضى إلى أبنائهم سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة فتنشأ الفتاة على عدم الصراحة مع والدتها وتكون تلك العلاقة يشوبها الغموض والكره، وتلجأ عادة الفتاة في تلك الأسر المضطربة إلى من يسمع لصوتها ويقف معها في آلامها ومشكلاتها خارج الأسرة، الإنصات والاستماع مهارة لا بد أن يتقنها الوالدان للتعامل مع أبنائهم ومن ثم الدعم والمساندة من غير نقد للأخطاء التي تقع من بعضهم.
الصراحة والوضوح
وأضاف الفريدي: قد يكون من الأسباب التي تلجأ إليها بعض الفتيات للصداقة خارج نطاق الأسرة، عدم وجود حوار ونقاش هادئ داخل الأسرة وتعتبر الأسرة مجرد رقيب يتصيد الأخطاء فقط، السبب الآخر لدى الفتاة في سن المراهقة حيث تبحث عن مرآة للذات، فلا بد أن تتدارك الأم أهمية العلاقة بينها وبين ابنتها والتغلب على الصعوبات والعقبات التي تواجهها وتمنح الحب والحنان والاهتمام والرعاية والتوجيه من غير نقد لاذع وتشجعها وتدعمها وتساعدها وتساندها، وعند وجود خطأ من الفتاة فتتعامل الأم معاملة راقية ومثالية تتمثل في الإقناع والحوار وتشجعها على الصراحة والوضوح والخطأ عند استمراره يكون أكثر صعوبة لمعالجته وينبغي على الأم حث الأبناء على القيم الإسلامية والآداب العامة والأخلاق الحسنة وإشغال وقت الفراغ بما يفيدهم والحرص على التكافؤ والعدل والمساواة بين الأبناء والبنات ومنح لنفس الحب والحنان والاهتمام للجميع.
منزلة المربي
ومن جهةً أخرى ترى عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى أ. سوزان بنت رفيق المشهراوي أن تربية البنات لها فضل كبير وهذا يدل على أهمية المرأة في الحياة الاجتماعية وأردفت أن الإسلام اهتم بالتربية ووضع أساليب التربية للبنات والأولاد وفي ذلك بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن (من كانت له ثلاث بنات فصبر عليهن وسقاهن وكساهن كن له حجابا من النار) وقال أيضا عليه الصلاة والسلام (ومن سعى على ثلاث بنات فهو في الجنة) سعي الإنفاق، وسعي التربية النفسية والتوجيه الخلقي والأدبي، سعي الزوج والزوجة، سعي الأب والأم. وماذا يكون لهما من مرتبة في الجنة!؟ القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنزلة المجاهد في سبيل الله، القائم الصائم، ويبين لنا الرسول الأكرم بعد ذلك تفصيل المجمل من السعي والتربية، والمقصود منهما، فيقول: (فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن فأدبهن وأحسن إليهن وزوجهن فله الجنة) إذا فمنزلة الساعي على البنات في الجنة، وذلك مقابل حسن العشرة، فلا بد من «حسن الصحبة» ولهما عليهن الطاعة والاحترام، ولكن إنما يتأتى ذلك من خلال حسن الصحبة، إذ ان رقة الشعور وشدة الحساسية ولطف الأنوثة تقتضي من الأب والأم اختيار الأسلوب والعبارة والإشارة، كي تتوافق مع طبيعتهن، والأم أولى لاتحاد النوعية، فهي أكثر خبرة وأعظم تجربة في بنات جنسها، أضف إلى ذلك رابطة الأمومة وما يتولد عنها من حب وعطف، وحسن الصحبة إنما يكون في مرحلة ما بعد البلوغ، ويقوم على التواد والصراحة، والانفتاح الشعوري والنفسي المتبادل بين الطرفين، فإن الأم هي المحضن الآمن لابنتها منذ أن تنشأ، ويتأكد ذلك في أخطر مرحلة من العمر والتي تسمى «بمرحلة المراهقة» حيث أحوج ما تكون الفتاة لملاذ آمن تبث إليه همومها وتشكو إليه مشكلاتها وخير ملاذ هو الأم وفي زمن تلاطمت فيه أمواج الفتن بالشباب المسلم وأصبحت العولمة هي واقع قد فُرض على الأجيال، فقل المعين، وخان الصديق، وتخلى الراعي وانحرف المعلم، يزداد احتياج الفتاة ليد حانية وحضن دافئ وراعٍ أمين ولا أحد كالأم.
مشاركة متبادلة
وأضافت: كم من فتاة ضلت وانحرفت وزاغت بسبب أمها وانشغالها عنها بمباح أو بمحرم وتؤسفنا تصريحات بعض الفتيات ممن يقلن: أفضل صديقتي على أمي لأنها أكثر قربًا وتفهمًا لي، أو: ليتها تكون صندوقًا لحياتي وأسراري، وثالثة تشكو: أمي عصبية دائمًا فلا أستطيع أن أصارحها أو أناقشها في أي شيء، وغيرها تقول: أمي بعيدة عني ولا أشعر نحوها بأي مشاعر، فلا تتقرب إلي ولا أجد منها أذنًا للاستماع لي، وهنا نتساءل كيف يمكن للأم أن تكون علاقة صداقة مع ابنتها المراهقة؟ أولا علينا أن نعلم أن الصداقة عبارة عن مشاركة ومتبادلة بين طرفين يسعى كل منهما لفهم الآخر والسماع منه وتوفير الوقت المناسب لذلك، كما أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين الصداقة والعاطفة واحترام الذات، ولن تكون الصداقة بين الأم وابنتها ناجحة إلا حينما يتوفر جانب كاف من العاطفة والاحترام بينهما، وإن توفير علاقة الصداقة بين المراهقة وأمها يزيد من معرفة الأم بابنتها حينها تستطيع المراهقة أن تستمتع بتلك العلاقة وخلق جوانب مشتركة بين الطرفين.
إدراك التغيرات
وأحصت المشهراوي بعض المهارات الناجعة في كسر حاجز الخلافات بين الأم وابنتها المراهقة كتعبير الأم عن حبها واهتمامها بابنتها وعرض المساعدة عليها وتقديمها ومداعبتها ومشاركتها في الأمور السارة الخاصة بها وإبداء الإعجاب بكل ما هو جميل وجديد في المظهر أو في الكلام ومحاولة فهم الأم لابنتها وبذل الجهد في ذلك والاحترام المتبادل بين الطرفين، وعلى جانب آخر فإن أي أم لا تفقه خصائص المرحلة العمرية لابنتها فإنها بالتالي لن تنجح في احتواء ابنتها وكسبها كصديقة حميمة، فالفتاة المراهقة تمر بتغيرات جسمية ونفسية واجتماعية غريبة عليها وعلى الوسط الذي تعيش فيه، إن هذه التغيرات التي حدثت في جسم الفتاة مثل: كبر الثديين واتساع الحوض ونعومة الصوت ونزول الطمث، هذه التغيرات الجسمية التي ظهرت على جسمها وفي نفسيتها تعطيها المؤشر الحقيقي على أنها أصبحت امرأة كاملة، وبناء على ذلك تصبح بحاجة إلى تعامل من نوع خاص من الاحترام والتقدير والاهتمام، ولكن موقف بعض الأمهات مع الأسف لا يتغير عما كان عليه في السابق فلا تزال الأم تنظر إلى ابنتها على أنها طفلة والفتاة تحتج وتناهض هذا الموقف، المشكلة أن كثيرا من الأمهات لا يدركن التغيرات التي تحل بالفتاة والفترة الانتقالية من الطفولة إلى المراهقة «مقاربة البلوغ» فكل فترة من حياة الإنسان لها خصائصها وتعاملها الخاص بها ومشكلة معظم الآباء أنهم لا يدركون ذلك، وهنا تكون الطامة حيث تكون علاقة الأم بابنتها علاقة مدمرة، تبعا للفلسفة التي تتبعها الأم في تربية ابنتها، والمنبثقة من تفكير الأم ونشأتها وثقافتها التي قد تكون أحيانا لا تتعدى البيت الذي تربت فيه تلك الأم ونشأت والعادات التي عليها ترعرعت! قال علي رضي الله عنه (لا تقسروا أولادكم على آدابكم فإنهم مخلقون لزمان غير زمانكم) إن الأم الناجحة هي التي تستطيع أن تساعد ابنتها في التغلب على ما يواجهها من صعوبات، بفضل حكمتها وبعد نظرها وحسن تعاملها مع ابنتها، الأم الناجحة هي التي تدرك أن هناك فرقا بين حياتها الأولى وحياة ابنتها، الأم الناجحة هي التي تكون قريبة من حياة ابنتها فلا تدعها تلجأ لغيرها، أما إذا كانت الأم مهزوزة الشخصية فإن ابنتها سوف تتطبع بطباعها وسوف يعاني منها زوج المستقبل الأمرين وما أكثر حالات الطلاق اليوم التي يكون السبب فيها تربية فاسدة من أم جاهلة، فنصيحتي لكِ أيتها الأم أن حافظي على ابنتك وكوني قريبة منها وحولي بينها وبين غير الزمان، وعظيم الفتن والآثام، بالاستعانة بالله أولًا والدعاء المتواصل لها ثم بحبك وحنانك وقربك واحترامك واهتمامك، واعلمي أنكِ إن تخليتي عنها فهناك من سيحتويها ويهتم بها غيرك ولات حين مندم!
القدوة الحسنة
وأكد عضو جمعية واعي الاجتماعية بالرياض أ. عامر بن محمد الأسمري أن الأم تستطيع أن تجعل علاقتها مع ابنتها علاقة صداقة وأخوة وذلك بخطوات بسيطة وسهلة منها القرب من ابنتها منذ طفولتها بشكل دائما والحوار ونقاش معها، كوني المثل الأعلى والقدوة الحسنة لها في أقوالها وأفعالها لأن البنت تتأثر كثيرا بأمها وتريد أن تمثل أمها في كل حياتها، استخدام الحكمة واللين والصبر وعدم الاستعجال في إصدار الأوامر والأحكام على ابنتها بشكل مستمر حتى لا تكرهها، تقديم المشورة وتبادل الآراء، وإعطائها الفرصة في التعبير عن مشكلاتها الخاصة، والاستماع لها دون انقطاع، لأن الكثير من المشكلات التي تتعرض لها الفتاة اليوم من الذئاب البشرية هي الاستماع وإشباع العاطفة بالكلمات والعبارات الرنانة في وقت المناسبات الخاصة والعامة من أهم الخطوات في بناء الصداقات الطيبة «تهادوا تحابوا».
التعرف على صديقتها
أن تتعرف الأم على صديقات ابنتها وأسرهن وأن تعطي للابنة قدرًا من حرية الاختيار وإذا حدث خلاف تتناقش معها بود وتقنعها بأسلوب منطقي وتشركها معها في الأعمال المنزلية وتشاركها في هوايتها، تشجيعها وإكرامها وعدم تحقيرها ورفع معنوياته عندما تقدم خدمة للأسرة بشكل دائم. وأضاف الأسمري: على الأم في حالة الخطأ أن تكون حريصة وحذرة في تعاملها مع ابنتها، وأن تكون قريبة وتتفهم ابنتها بشكل واضح، وعندما تقع البنت في خطأ بسيط ويسير يمكن التغافل عنه والاكتفاء بالنصح والتوجيه المباشر، ولكن عندما يكون الخطأ كبيرًا مثل التعرف على شاب أو وجود رسائل غرامية في جوالها، فهنا يكون التعامل بطريقة غير مباشرة، التعامل بالوعظ والتذكير بالله والتعريض بذكر بعض القصص وعواقبها والعقوبة من هذه الأعمال، وعدم استخدام التهديد والعنف والقوة في هذه المواقف حتى لا يكون هناك ردة فعل.
http://www.al-madina.com/node/331237?risala