فهم المقصد يدل على النجابة وإخوان الجهالة ما أكثرهم ..
هشــام الخــاني
امتلأت دنيانا بالتعقيد وأهله، ومازال أهل الحمية على تقصيرهم ورعايتهم لمصالحهم فحسب، يعيشون مع الأحقاد، ويزدادون نقصا إذ يحسبون كل صيحة عليهم. ولقد هالني ما أري من قيام كل بتفسير كل تصرف على طريقته هو، والبناء عليها، وأخذ الحكم بالقطيعة والإعراض ثم تنفيذه، دون أن يسعفهم ذكاؤهم (الذي طالما ادعوه) في التبصر قليلا إلى الخلف أو الامام .. لكنه لاعجب فالرؤوس من الحكمة والذكاء براء. والعجيب أن حميتهم الفضفاضة تدفعهم إلى العمى بالجملة دون أن يكون بينهم رجل رشيد. ورغم أني لا أحب أن استشهد إلا بالقرآن والسنة، إلا أن واقع الحال يشهد على صدق من نطق بحكمة مفادها: "الوقاحة هي أن تنسى فعلك وتحاسبني على ردة فعلي".
لايكون الرجل مؤمنا وهو يناقض أمر الله. وإن المعروف بالكلمة، ومشاطرة الهموم هو قمة العطاء، ولا يكون المعروف ذا قيمة عند الله إلا إذا سبقته نوايا المبادر ممتلئة بالحب واللهفة ابتغاء وجه الله وحبا بمن بادرهم. فالله (تعالى) لم ير للإحسان جزاء إلا الإحسان. وإن مبادلة اللهفة بأقل الحب والتقدير هو الدلالة على سلامة النفوس ورجاحة العقول. فاللهفة والمحبة، وفق أي من أشكالهما، لايمكن أن يستحيلا الى عقدة تعتلج في النفوس تدفعها إلى استعداء المحبين وقطيعتهم وعدم الرغبة في رؤية من تلهف. ولئن سادت هذه النفسيات فلنقرأ على القيم السلام، ولنعدل في أحكام الله.
إن اللهفة والإيثار هي الدوافع التي يثمنها الله (عزوجل) وينمي لصاحبها الحسنات والعزائم بغض النظر عن العطاء. وإن كل العطاءات من ذهب وفضة وزخرف تساوي الصفر أمام كسرة خبز تبذل بمحبة ولهفة. وإن القلوب السليمة تستشعر شواهد التلهف، فيما يعمى عنها أصحاب الحمية التافهة الذين يزيدهم قصر نظرهم سقوطا. وإن الظفر بنفس محبة مخلصة هو الكنز في الدنيا والآخرة، وإن إضاعة المحبين وتناسي لهفتهم، هي فوات للخير مبين. وإن الدرهم الذي سبق الالف وفق حسابات الله لم يكن ليكون له السبق لولا النوايا الصافية والحب السليم اللذين كانا وراء بذله. وأما الذين تبرعوا بالملايين لمصالح تخص دنياهم فإنهم ساقطون في حسابات الله .. هم وملاينيهم.
......