بغدادُ آآآه..
١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٣بقلم عدنان كنفاني
وكم آهٍ
تَسلقتِ الحناجرَ
يومَ أخْصَبتِ الجداولُ
بُؤسَها
وتعفّنتْ جيْفاتُ حيتانٍ
على رعبِ
الفضيحة
هو شاطئُ الموتِ
المسربلِ بالجلاليبِ
الفسيحة
بالعماماتِ
المخطّطةِ
المليحة
بغدادُ
هل أبقتْ
منابِرُكِ
على الطلاّعِ.؟
أم أبقى عليها سَيفَهُ
الثَقَفيُّ
فانقطعتْ تراتيلُ
القصيدةْ.؟
ويقولُ: هذا الحدُّ
هذا الحدُّ وا لهفي
وهذا النطعُ
ما أبقى لساناً
ينطقُ الضادَ
فكيفَ يقومُ من شُلّتْ
قوائِمُهُ.؟
سيبقى رَهنَ أغنيةٍٍ
يُرددّها
يُعلّمها لأجيالٍ..
فلا تدري
من المختارْ
يحفرها على وترٍ
تصيرُ بالتكرارْ
عنوانَ
صُمودَهْ
أيا بغدادُ
هل خُنتِ.؟
وهل خانوكِ.؟
هل ألقوا على سعفِ
النخيلِ الوردْ
واجتثّوكِ
ثم رموكِ
كُحْلَ مِحبَرةٍ
تلظّتْ
في مياهِ الدجلةِ
الحرّانْ
فاخضلّتْ سواداً
ثم جفّتْ
وعلى أقدامِ
"هولاكو"
تهبُّ النارْ
تُطاولُ قامةَ
الأسوارْ
وتَفضحُ بعدَ أجيالٍ
وأجيالٍ
عُرى الأسرارْ
تُقيمُ العرسَ
تُحيي
من مواتِ الأرضْ
طفلاً سيْداً
زرعتْهُ في الرحمِ الهجينِ
الريحْ..
مَنْ أسرا بهِ..؟
وكيفَ سَيُحْسِنُ اللكنةْ
فهل يا سُعْفنا الغالي
نُسمّي المِسخَ
عِملاقاً ونَسألهُ
دفاعاً عنْ
عقيدَةْ..؟
بغدادُ هل أنتِ.؟
وهل فيكِ
القصائدُ اُنشِدَتْ.؟
هل جاءكِ
الأعمى.؟
وهلْ حطَّ الرشيدُ
خُيولَهُ
وبِلاطَهُ
وقُصورَهُ
وعلى يباسِ الكوفةِ
العصماء أفتى
أن تكوني درّةَ الدُنيا
وجاءتْ من
أقاصي الكون
كلُّ سبيّةٍ
تختارُ صِنديداً
تُفرّخُ منهُ
من ركبوا خيولَ
النصرِ
وامعتصماه..!
وأسمعُ من صهيلِ
الأرضِ
هذا الهاشِميُّ
يجيءُ من يمنٍ
إلى أرضِ
النجاةْ
لا سيفٌ يؤازرهُ
ولا صَدرٌ يلوذُ بهِ
وحلّتْْ ساعةُ الصدمةْ
وحيداً في ظلام الذبحِ
كيف يكونْ..؟
وكيف السعفُ
يا بغدادُ
كيف يخونْ..؟
وبعد قرونْ
في أرضٍ تُسمّى
كربُلاءْ
جاءتْ جنازيرُ
البلاءْ فتمزّقت أستارُ أوراقٍ
فقلنا: يا قضاءَ الله
يا أبهى
قضاءْ
تاريخُنا يا قوم
ظلّلهُ الخُواءْ صُرنا هَباءْ
فيا لهفي
مقطّعةٌ رؤوسُ القومْ
هذا البُحتريُّ يقولُ:
يبابُُ العصرُ
غيرُ العصرِ
طُهرُ الرأسِ
غيرُ الرأسْ
وتسحقُنا كما كانت
مداساتٌ
ثقيلةْ
فهل ننجو.؟
وأي الصوتِ يَحملُ
جُرحنا.؟
ويقولُ:
هلْ ننجو.!
ونارُ الحقدِ
تأكلُ لحمَنا..
فنقولُ:
هل ننجو.؟
وهولاكو يُطلُّ
على الفراتِ
يغوصُ الحبرُ
في الدجلة
فيا هيهاتْ
أيُّ مرارةٍ نَجْترُّ
أيّ ُ العمرِ يَحْمِلُنا
فيا هيهاتْ..!
ع.ك