د. ريمه عبد الإله الخاني
مانراه من حب في الأفلام ، هي للأفلام فقط، فالغرب بكل جلاله ووفرة موارده، وتوفيره للفرد كل سب الرفاهية، لاتسمح له بالصراخ عندما تأتيهم هدية ما، ضحكنا مرة على موقف طفلة تأتيها هدية كنبة وتصرخ كالممسوسة أنها دهشت بالهدية، تلك المدللة التي لايستطيع الأهل حتى الصراخ في وجهها، وربما الأهل أنفسهم لديهم ردة الفعل ذاتها وهي ثقافة تعلم كحب الكلب واقتنائه واعتباره خير من عشرة البشر، وتصوير الشباب المتفلت سينمائيا، أنه سعيد في حياته، بينما الأمر على العكس، هو متشرد فوضوي، وحيد إلا من كلبه، ومازالت المرأة الغربية تبحث عن رجل شرقي يحتويها، ومازال الإعلام الغربي يسير بخطى واثقة لتفكيك عائلتنا، وتلميع حياته المتناقضة، حتى وصلني الأمر حاليا أنها واقعا لم تعد تحتلف عنا بالقيود وافتقاد الفرد للرفقة الحسنة، خاصة بوجود موجة الكورونا، التي أخذت من الإعلام كله.
وعليه ففكرة الزاوية الخاصة هي شرح لكلمة سوء التفاهم، التي تتأتى من علاقة طرفين لكل منهما طبع وانطباع وطريقة حياة، ولتقعد الحياة من حولنا، بات اللعب على المشترك الإنساني أقصر الحلول على الإطلاق، و بات الأمر من الصعوبة بمكان، سبر أغوار الشخصيات،حتى عن بعد، فقد قالها سيدنا عمر:
عن عمر: سَألَ عمرُ بن الخطّاب عن رجلٍ ما إذا كان أحدُ الحاضرين يعرفه، فقام رجلٌ وقال: أنا أعرفه يا أمير المؤمنين، فقال عمر: لعلّكَ جاره، فالجارُ أعلمُ النّاس بأخلاقِ جيرانه؟ فقال الرّجلُ: لا، فقال عمر: لعلّكَ صاحبته في سَفرٍ، فالأسفار مكشفة للطباع؟ فقال الرّجلُ: لا، فقال عمر: لعلّكَ تاجرتَ معه، فعاملته بالدّرهمِ والدّينارِ، فالدّرهمُ والدّينار يكشفان معادن الرّجال؟ فقال الرّجلُ: لا، فقال عمر: لعلّك رأيته في المسجدِ يهزُّ رأسَه قائمًا وقاعدًا؟ فقال الرّجلُ: أجل، فقال عمر: اجلسْ، فإنّكَ لا تعرفه؟[1]
وهذايجعلنا نضع جدران عاكسة قبل أن نكون أكثر صراحة، حين نجد من نرتاح إليه.هو مثل مهم لفت نظري دون أن أصل للمصدر: لاتكثروا من الفضفضة فلاتدرون متى يخون المنصتون.
الحياة وجهان، وجه داخي، ووجه خارجي، وهذا يعني أنك تقدم نفسك كما تحي، ولكن الخاص يبقى خاصا لاعلاقة لأحد به على الإطلاق.إلا الأقربون فهم أولى بالمعروف.
ويحصل هذا أكثر مايحصل في الخلافات، حيث كل كان قد خرج من بيئة وعالم وطريقة وسلوك ومستوى مادي واجتماعي،إلى بلاد الغربة، فترغمه الظروف على الرفقة ، أو العمل مع أحد ما، ومدة التقارب قد تكون طويلة غالبا، تساعد على كشف العيوب، التي قد لايحرص صاحبها على سترها، مرغنا ومن خلال الحاجة إلا قريب مقرب، لكنها تتفلت منه من كثرة البوح والتفاعل المشترك، مما قد يؤدي إلى قطيعة أو تشوش في العلاقة، وخلافات حتى.
وإذا كانت المرأة تتكئ على عواطفها أكثر من التفكير المنطقي، فإن الرجل على النقيض يسير إلى هدفه عمليا، ولتكون العاطفة جزءا من حياته فقط، وهذا يعني باختصار، متهورون في علاقاتنا الاجتماعية، الإمساك بالحزم مع المودة قوة، والإمساك بالمحبة مع الضوابط قوة إضافية، والتمسك بالقرب مع الحضور الذاتي بلا تصنع قوة اخرى.
القوة أن تكون أنت بثوب جميل، ونظارات تبعد عنك أشعة الشمس الضارة...
24-4-2020
[1][1] هذا الخبر ذكره بمعناه الحكيم الترمذي في أدب النفس فقال: وما جاء عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ حدثنا بذلك صالح بن محمد، قال: حدثنا القاسم العمري، عن عاصم بن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه: أن رجلًا أثنى على رجل عند عمر ـ رضي الله عنه ـ فقال: صحبته في سفر؟ فقال: لا، قال: فأتمنته على شيء؟ قال: لا، قال: ويحك! لعلك رأيته يخفض ويرفع في المسجد.وبنحو هذا ذكره ابن قتيبة في عيون الأخبار، فقال: وحدّثني أبو حاتم، عن الأصمعيّ، عن العمريّ قال: قال رجل لعمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-: إنّ فلانًا رجل صدق، قال: سافرت معه؟ قال لا، قال: فكانت بينك وبينه خصومة؟ قال لا، قال: فهل ائتمنته على شيء؟ قال لا، قال: فأنت الذي لا علم لك به، أراك رأيته يرفع رأسه ويخفضه في المسجد!.وذكر هذه القصة محتجًا بها شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في بعض كلامه، فقال ما عبارته: وَالْمَقْصُودُ أَنَّ مَا فِي الْقُلُوبِ مِنْ قَصْدِ الصِّدْقِ، وَالْمَحَبَّةِ، وَالْبِرِّ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَدْ يَظْهَرُ عَلَى الْوَجْهِ حَتَّى يُعْلَمَ ذَلِكَ عِلْمًا ضَرُورِيًّا مِنْ أَبْلَغِ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ، وَكَذَلِكَ مَا فِيهَا مِنْ قَصْدِ الْكَذِبِ، وَالْبُغْضِ، وَالْفُجُورِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْإِنْسَانُ يُرَافِقُ فِي سَفَرِهِ مَنْ لَمْ يَرَهُ قَطُّ إِلَّا تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَا يَلْبَثُ إِذَا رَآهُ مُدَّةً، وَسَمِعَ كَلَامَهُ أَنْ يَعْرِفَ هَلْ هُوَ مَأْمُونٌ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ؟ أَوْ لَيْسَ كَذَلِكَ؟ وَقَدْ يُشْتَبَهُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَرُبَّمَا غَلِطَ، لَكِنَّ الْعَادَةَ الْغَالِبَةَ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ بَعْدُ لِعَامَّةِ النَّاسِ، وَكَذَلِكَ الْجَارُ يَعْرِفُ جَارَهُ، وَالْمُعَامِلُ يَعْرِفُ مُعَامِلَهُ؛ وَلِهَذَا لَمَّا شَهِدَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَجُلٌ، فَزَكَّاهُ آخَرُ، قَالَ: هَلْ أَنْتَ جَارُهُ الْأَدْنَى تَعْرِفُ مَسَاءَهُ وَصَبَاحَهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: هَلْ عَامَلْتَهُ فِي الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ الَّذِينَ تُمْتَحَنُ بِهِمَا أَمَانَاتُ النَّاسِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: هَلْ رَافَقْتَهُ فِي السَّفَرِ الَّذِي يَنْكَشِفُ فِيهِ أَخْلَاقُ النَّاسِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَلَسْتَ تعرفه، وروي أنه قال: لعلك رأيته يركع ركعات في المسجد:
https://www.islamweb.net/ar/fatwa/357310/ آخر زيارة للرابط 2-1-2020