منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1

    التجديد الوزني عند بيرم التونسي

    التجديد الوزني عند بيرم التونسي

    سليمان أحمد أبو ستة


    استوفى بيرم التونسي في شعره بالفصحى، من الأوزان التي ذكرها الخليل، النظم على ثلاثة عشر بحرا، هي: الطويل والمديد والبسيط والوافر والكامل والهزج والرجز والرمل والسريع والخفيف والمقتضب والمجتث والمتقارب، بالإضافة إلى الخبب ووزن دبيتي تشترك في نسقه تفعلية خليلية مع أسباب خببية لها الوزن: فاعلاتن فعلن .
    ولم ينظم بيرم على بحرين هما المنسرح والمضارع.
    وأما في أشعاره وأغانيه بالعامية، فإنه استخدم من هذه البحور الخمسة عشر المستعملة عنده بالفصحى، عشرة بحور، ولم يستخدم منها خمسة هي: الطويل والمديد والخفيف والمقتضب وذلك الوزن الدبيتي بعينه.

    واستخدم أيضا أربعة أوزان لم يذكرها الخليل هي:
    1- مربع المتدارك (فاعلن فاعلن)
    2- مربع الممتد (فاعلاتن فاعلن)
    3- مجزوء المقتضب الثاني (مفعولات فعلن)
    4- مجزوء المقتضب الثالث (مفعولات فع)
    باعتبار أن المقتضب المستعمل هو المجزوء الأول من الشكل الدائري التام.

    واستخدم بيرم من الأوزان الدبيتية ثلاثة أشكال أخرى هي:
    1- مستفعلن فعلن
    2- مستفعلن مفعولن
    3- مستفعلن فعلن فعلن

    البحور التي لم ينظم عليها من شعره العامي:

    فأما البحور التي لم نجد لها أثرا في شعره العامي، فأولها الطويل الذي استخدمه في شعره الفصيح خمس مرات، حيث عارض في الاولى قصيدة امرئ القيس التي أولها :
    ألا عم صباحا أيها الطلل البالي * وهل يعمن من كان في العصر الخالي
    فقال:
    ألا عم صباحا أيها الطلل البالي * وجل البلايا أن يحييك أمثالي
    وفي الثانية، وهي نتفة، جعل قافيتها تجرى على لزوم ما لا يلزم، فقال:
    تبدل أهـل الأرض من بعد آدم * إلـــى فرق لا تستقيــــم وأجنــــــــاس
    وأعجبني الموت البصير لأنه * يرى التاج مرفوعا على مثل كنــــاس
    فيا أيها الطيـار لا تنـــس مرة * إذا كنت في علياك فابصق على الناس
    والثالثة في قصيدة قصيرة جمع فيها بين الهجاء والسخرية والرثاء، قال في أولها:
    تباكى بمنديل على قبر أمه * فأضحك من أضحى على القبر باكيا

    وقد قام بتخميس هذه القصيدة مرة، وتشطيرها أخرى ولا أدري سببا لذلك إلا أنه ربما رأى هذه القصيدة القصيرة وقد ذاعت بين الناس كما ذاعت قصيدته (المجلس البلدي) فكان هذا الاهتمام منه بالتخميس والتشطير، وليشعرنا بمدى تمكنه من فنون الشعر القديم، وهو الشاعر الذي اشتهر بتفوقه في ميدان الزجل.
    وأما البحر الثاني الذي استعمله مرة واحده في نتفة وردت في المقامة الليفية فهو المديد، حيث قال على خامسه:

    أيها الأوباش من غنم * آكلوا الأجساد والرمم
    انزلوا عن كل عالية * واقعدوا في الأرض كالصرم
    وأما البحر الثالث الذي استخدمه عددا من المرات في الفصيح ولم يستعمله قط في العامي من شعره فهو الخفيف. قال بيرم متبتلا في قطعة نشرت في جريدة الزمان بتونس عام 1933 ، وهي من تام الخفيف:
    قد دعاك المحزون في غسق الليل * وقد نام كل حي سواكا
    ربّ أنت اللطيف بالبر والعا * صي مجيب لكل عبد دعاك
    وقال على مجزوء الخفيف، وهو مما نظمه في المقامة السطوحية، قوله:
    سائق الظعن خفّفِ * سق بأقصى التلطفِ
    ثم عرج على الكثيب * وإن جئته قفِ
    وادخل الروض غانما * والثم الورد واقطفِ
    آه من لوعة الغرا * م ومن فعله الخفي
    والرابع هو بحر المقتضب الذي استعمله مرة واحدة في قصيدة قال في أولها:
    العبـــــــاد تلتطــــــم * والربيــــع يبتسم
    أرضنا التي هرمت * واستشفها الهرم
    لا تزال ضاحكــــة * لا يكيـــــدها ألم
    وأما الرابع فهو البحر الدبيتي، وقد جاء به على شكل نشيد، قال:
    يا مليك الخضراءْ * والمروج الغناءْ
    سالمتك النـــعماء * واتقتك الحَدَثانْ
    وفيها:
    لك شمس تهتاج * بالنضار الوهّاجْ
    ف(فاعلاتن) فيه تزاحف إلى (فعِلاتن)، والسبب الخفيف في الجزء الخببي يتحول إلى ثقيل كما رأينا.

    __________________
    تغن بالشعر إما كنت قائله ........ إن الغناء لهذا الشعر مضمار

  2. #2
    البحور التي نظم عليها في الفصحى والعامية:
    وأما البحور العشرة التي استخدمها في شعره الفصيح والعامي. فأولها:

    1- بحر البسيط

    وقد نظم على أوله وثانية وسادسه، فقال على أوله:
    يا عصبة أخفقت في كل نازلة * إلا الشحاذة والتدجيل واعجبا
    وعلى ثانية:
    يا صبر أنت عزائي حين يكمدني * سير الأمور على ما لست أختار
    وعلى سادسه وهو المسمى بمخلع البسيط:
    أعوذ بالله من وجوه * يخلقها نفسه تعالى
    وأما ما جاء من الشعر العامي عند بيرم على بحر البسيط ، فقد أحصيت منه 125 قطعة وقصيدة من أصل 261 قطعة وقصيدة اشتملت عليها دوايينه الأربعة، أي بنسبة تقرب من 50% من مجموع ما نظمه وقد تزيد عن ذلك كثيرا حين نضيف إليها ما كتبه للغناء مما لم يدخل في إحصائنا.
    فمما جاء من أزجاله على بحر البسيط ، قوله:
    أهل الفنون كلها يلزمها تتربى
    بعد الجلاء ترتدع وتلمها حبه
    وقوله:
    عيلة بناتها ثمانيه واربعة صبيان
    ميّت أبوهم وأرشدهم جدع غلبان
    وقوله:
    لصوص ولكن يخافوا يحملوا المفاتيح
    ومليونيرات يحبوا الخطف والتشبيح
    ومن الملاحظ أن ضروبه (آخر تفعيلة في الشطر ) تتنوع ما بين فعلن وفعلان (بتحريك العين وتسكينها)، وأن التفعيلة مستفعلن يمكن أن تتحول عنده إلى متفاعلن وهو ما لا يجوز في الفصيح من الشعر ، قال بيرم في القصيدة السابقة:
    فتحوا النوادي وقعدوا يسرقوا بتصريح
    وهو بالإضافة إلى تحويله مقطع مستفعلن الأول إلى مقطعين قصيرين لتصبح التفعيلة (متفاعلن)، يرتكب الأمر نفسه في آخر مقطع من فاعلن الأولى في هذا الشطر، وهو ما لا يجوز في الشعر الفصيح ويعد من قبيل الكسر.
    ونظم أيضا على مربع البسيط الذي لم يذكره الخليل، فقال:
    قاعد على قلّته * يهفّ في مْرتّبه
    واللي خرج يشتمه * واللي دخل يضربه
    ونحو قوله :
    من قبل ما يوظفوهْ * عرف لسان العربْ
    وشيء عن البحتري * وكام كتاب منتخبْ

    2- الوافر والهزج:

    ونظم بيرم على بحر الوافر تامه ومجزوئه، فمما نظمه على تام الوافر قوله:
    أقمنا في الحماية نصف قرن * نسائلها إلى أين المصير
    نسائلها وقد نصبت علينا * "متى يستكمل الرشد الصغير"
    وعلى مجزوئه، قوله:
    أحب المرأة العورا * وأعشق طول منخرها
    لألقى الله مأجورا * على تقبيل ما كِرِها
    وقال من قصيدة أغلبها من الهزج:
    سجى الليل ألا يرجى * لهذا الليل من آخر
    سواد يحجب الحق * كقلب الجاحد الكافر
    إذا ما انطمس النجم * فأنى يهتدي السائر
    وهذا الكفن الأسود * بين القبر والقابر
    وفي هذه القصيدة وغيرها تتسلل تفعيلة بحر الوافر (مفاعلتن) بين تفاعيل الهزج ، وهنا يعد العروضيون القصيدة من مجزوء الوافر وينظرون إلى تفاعيل من نحو (مفاعيل) أنها زحاف مستقبح .
    ونظم على تام الوافر في شعره العامي فقال:
    بخمسين قرش ترفع ميكروفونك * لوشّ الفجر وزيادة شويه
    وخمسين قرش توضع نص درهم * في جيب خصمك وترميه في بليه
    وعلى مجزوئه (الذي يمكن أن تعده من الهزج أيضا) قال:
    فطرت الصبح في الأوتوبيس * على كوم لحم بالجورجيت
    ووجه صبوح وعطر يفوح * بعطر الفل والفيوليت
    وعلى مشطور الوافر من شكل المربع على نظام التقفية (أ أ ب أ)، قال:
    قيافته تنذكر في كل حاره
    وشكله يعجب البيض الأماره
    وفيه كل الجمال والحسن لكن
    جمال ناقص كمال، يا ميت خساره

    3- الكامل والرجز:

    واستخدم الكامل في نظمه الفصيح فقال في إحدى لزومياته القصيرة على أول الكامل:
    قم بالوفاء إذا وعدت وإن تعد * أحدا على شرب المدامة فاهربِ
    إن أنت ألقيت السلام على امرئ * وارتد عن رد التحية فاضربِ
    كما قال على ثانيه:
    الناس أحقر من بهائم سُخّرت * في هذه الدنيا تذوق الباسا
    ودليل ذلك أنهم لشقائهم * وضعوا على أبوابهم ترباسا
    وقال على مجزوئه:
    يجد المدينة في الصباح * ويا لها من باهره
    في روعة الحصن المدجج * والفتاة الطاهرة
    وعلى مجزوئه المرفل قوله:
    (قويون) قد أبصرت شكلك * فنسيت من أبصرت قبلكْ
    لك بسمــــــــــة جذابـــــــــة * تدني إلى الأبصـــار نبلكْ
    ونظم على بحر الرجز أراجيز عدة ، ومما جاء على مشطور الرجز، قوله :
    سبحانك اللهم أنزلت المطرْ * على الهضاب والوهاد والمدرْ
    النجم فيها واقفات والشجرْ * للسجدة الكبرى وقد نام البشرْ
    كما جاء على مشطور الرجز المقطوع الذي يعده الخليل من السريع، قوله:
    رؤيا قضت بالعجب العجابِ * أقصها الآن بلا إسهابِ
    رأيتني أمس بلا ارتياب * في جنة المهيمن الوهابِ
    وهي تبلغ 59 بيتا موحدة القافية. ومثلها تقريبا أو أقل أرجوزة من النوع المزدوج، قال:
    حسناء ذات منظر جميل * تزوجت من أعور بخيل
    صيّره البخل مع العباد * توصلاً لعيشة الزهاد
    واستخدم بيرم مشطور الرجز في شكل المربع التالي (أ أ أ ب) نحو قوله:
    ترقص (تحية) .. عمنا يطبل لها
    ع اللوج و(فاتن) إن بكت يندب لها
    والست (ماري منيب) دي بتشمّر لها
    إشمعنى هي في الرواية مشمّره
    وعلى هذا النظام من التقفية استخدم مشطور الرجز المقطوع المسمى بالسريع عند الخليل، قال:
    عم ابراهيم راجع حزين من شغله
    ماشي على العكاز ورابط رجله
    شايل رغيفه تحت باطه وفجله
    يا رب تلطف بالغلابه وبيه
    وعلى هذا النمط من التقفية أيضا استخدم بيرم مجزوء الرجز المشطور حين قال في ذكرى سيد درويش:
    اتعد يومك واتحسبْ
    في مهرجانات الأدبْ
    فيه القصايد والخطبْ
    ترنّ لك مطنطنه
    كما استخدم المشطور في نظام التقفية التالي: أ ب ، أ ب ، ... نحو قوله:
    لو كنت عبود ما اشتريش سياره
    أردم عليها لو تجيني هديّه
    مش قصر ديل مني ولا هي إماره
    إنت اللي عارف ياللي لك عربيّة
    واستعمل مجزوء الرجز الذي تحول في أكثر الأبيات إلى ما يمكن تسميته بمشطور الرجز المربع، قال:
    لم اللصوص والنشالين والشحاتين ، وحطهم
    في أرض بور تصبح إذا ما أصلحوها ملكهم
    الأرض جادت، والعباد اتخلصوا من شرهم
    وهم ذاتهم أصبحوا أعيان وأشيا (فلّلي)
    والفاتحه لمحمد علي
    والملاحظ أن هذين البحرين ، الرجز والكامل ، يكادان أن يكونا بحرا واحدا في شعر بيرم الشعبي حيث تجد فيه جوازات زحاف كل من البحرين بشكل لا يمكن فيه تحديد وزن القصيدة وما إذا كانت من الرجز وحده أو الكامل وحده وإنما هي خليط بين الاثنين كما هو الأمر في القصيدة التي تجمع بين الهزج والوافر.

    4- بحر الرمل:

    ولم أجد لبيرم قصائد في شعره الفصيح على وزن الرمل، ولكن وجدت في بعض مقاماته قطعا من الفصيح الذي ينهج في أسلوبه منهج العامية ، كقوله في المقامة السطوحية على مجزوء الرمل:
    بالزياده بالزياده * هل جعلت الأمر عاده
    قلت لا أعرف في البدء * فما بال الإعاده
    وأما في العامي من نظمه فقد قال مشطور الرمل المربع على النمط ( أ أ أ ب):
    قبل ما تشرف على السن القانوني
    جوزوها الاسطى منصور العيوني
    اسطى قد الدنيا يكفيه شر عيني
    خمسه سته ريال يحصل في اليوميه
    وعلى مجزوء الرمل:
    باظت الأفلام وبارت * بعدما هاجت وطارت
    واستفاقت واستطارت * بالحكومة المنتجين
    وكذلك قال على سادس الرمل:
    كام بذيء اللفظ سافل * سمى نفسه ابن البلد
    يا بلد قولي على ابنك * ده يا ريته ما اتولد
    أو يكون له أمّ غيرك * كان يوماتي يتجلد
    ياللي لما النسل يكتر * تطلعي لي مخمّسه
    والفرق بين المربعين السابقين أن الأول منهما بالشطور والثاني بالأبيات.
    وعلى شكل المربع السابق قال من خامس الرمل:
    خلق ناقصه عمر باتت * قبل ما يشوفهم حكيم
    كلهم من قعده فاتت * والبدن كان صاغ سليم
    اللي قام والكبد غاتت * والفؤاد مهزول سقيم
    واللي قام والعقل شاتت * يحسب المادنه الشاويش
    وعلى شكل المسمط نظم على ضرب من الرمل لم يذكره الخليل، قال:
    من غيابك يوم وداعي * كنت باكتب لك عتابْ
    وانت لي مخلص وداعي * أنتظر منك جوابْ
    شفت إسمك في المناعي * واللقا يوم الميعادْ
    وقال على العروض المجزوء المقصور:
    علموا الجنس اللطيفْ * اللي بيحط الرغيفْ
    جنب إبريق الكنيفْ * واللحاف جنب الماجورْ
    وعلى هذا الضرب المجزوء المقصور نظم أحمد شوقي في (مجنون ليلي)، قوله:
    قيس عصفور البوادي * وهزار الربواتْ
    طرت من واد لوادي * وغمرت الفلواتْ
    كما قال:
    صارت الإسكندرية * هي في البحر المنارْ
    ولها تاج البريّة * ولها عرس البحارْ

    5- بحر السريع:

    ونظم في الفصيح من شعره على بحر السريع، قال من ثانيه:
    يا ربة الناقوس والأرغن * أهجت بلبالي وأكمدتني
    ما بال أفراحك لا تنقضي * وسترك الأحمر لا ينثني
    وقال من العامي:
    رأيت بعيني النشالين في الحرم * عند الحجر لسود وعند المقامْ
    زحمه وفيها من جميع الأمم * من تركمان غشيم ومن هندي خامْ
    مئات ألوف تسكب دموع الندم * في أرض غفار الذنوب والأثامْ
    وربما كان من السريع هذا الوزن الذي يسمى في النظم النبطي (المسحوب)، وهو من الأوزان البدوية التي عالجها بيرم بتأثير من طول استماعه لشعراء الربابة في صغره، قال:
    أصلي على المبعوث نبينا محمد * المنتخب للخلق يوم الشفايع
    واصلي على مصر السعيده ونيلها * على ما جرى في أرضها من وقايع
    ركبت بني زغلول تزيح الأعادي * خرجت لها الزعاليك طلايع طلايع
    فوزن أبياتها :
    مستفعلن مستفعلن فاعلاتن * مستفعلن مستفعلن فاعلاتن
    ولكنه قد يستبدل بالجزء مستفعلن الجزء متفاعلن كما في عجز البيت الثاني ، وهذا غير مقبول في السريع. كما يلاحظ أنه بدأ الوزن بمقطع قصير زائد عن الوزن ، وهو ما يمكن أن يعد من الخزم في العروض الخليلي.

    6- بحر المجتث:

    وقال في نظمه الفصيح على بحر المجتث:
    إن كنت أنسج ثوبا * وأنت تقطع فرعا
    وذاك يصطاد حوتا * وذاك يزرع قرعا
    وهؤلاء نيام * وآخرون سكارى
    ومعشر يتصدى * وآخر يتوارى
    فمن بربك قل لي * يشاهد الأكوانا
    من الصباح ويمسي * يسبح الرحمانا
    ويلاحظ عليه أنه جاء بالضرب في بعض الأبيات مشعثا، وهذا مقبول في المجتث وإن لم يذكره الخليل. واستعمله في نظمه العامي، فقال:
    حارتنا زينة المجاري * في وسطها نهر جاري
    بفضل مجلس بلدنا * وفضل فيض المجاري
    كما استعمله بالضرب (فاعلان) الذي لم يذكره الخليل، فقال:
    دفتر غريب وعجيبْ * مالهشّ أي مثيلْ
    مجعول دليل للناسْ * وهو حقه دليلْ
    إن كنت تطلب مجلّه * يقولْ لك انظرْ جيم
    وإن كنت تطلب جريده * يقول لك انظرْ ميم
    وعلى هذا الضرب نظم نزار قباني قصيدته (كيف كان)، ومنها:
    تساءلت في حنانْ * عن حبنا كيف كانْ
    وكيف نحن استحلنا * حرائقا في ثوانْ

    7- بحر المتقارب:

    ونظم على بحر المتقارب، فقال من شعره بالفصحى في حفلة تأبين الشابي:
    أرى غابة طيرها صادح * يرد على جؤذر باغمِ
    أرى شفقا زنده قادح * على بحر أخضر قاتمِ
    أرى جدولا حُوتُه سابح * يحاذر من طيره العائمِ
    وهذي الربى بالزهور اكتست * ولست هنا يا أبا القاسمِ
    وقال على مجزوء المتقارب:
    أمر على دارهم * أقبل جدرانها
    وأحسبها كعبة * فألحسُ أركانها
    وأدعو لمن شادها * فشمّخ بنيانها
    ومن خارج زانها * ومن داخل صانها
    ومن العامي قال على تام المتقارب بضربه المقصور:
    ولما عدمنا بمصر الملوكْ * جابوك الانجليز يا فؤاد قعّدوكْ
    تمثّل على العرش دور الملوكْ * وفين يلقوا مجرم نظيركْ دونْ
    ولاحظ كيف قطع بيرم وتد فعولن في الضرب، كما لم يرتكبه أي شاعر في الفصحى، وهو ما يبدو لي سائغا هنا .
    وقال من العامي على الشكل المربع لمشطور المتقارب :
    تمر الليالي عليه في شجونْ
    يلحّن ويرسم ويبدع فنونْ
    يمتّع مسامع ويعجب عيونْ
    ولا أجر يقبض ولا يحزنونْ

    8- بحر الخبب:

    ونظم من الفصحى على بحر الخبب ، فقال في ذكرى المولد النبوي الشريف معارضا دالية الحصري:
    اليوم الأسعد مولده * مصباح الدهر وسيده
    البدر الباهر مطلعه * والبحر السائغ مورده
    شهد الإنجيل بمبعثه * وعن التوراة يردده
    وقال من شعره العامي:
    ييجي القطر بخلق الدنيا * ويقف نانيه يا دوبك ثانيه
    ولا تفهمش إزاي بالعنيه * دوغري يزمّر جرجس أفندي
    وفي قوله: (ثانيه يا دوبك)، أو قوله: (جرجس أفندي) زحاف لم يرد في هذا الوزن من الشعر الفصيح، وهو الزحاف (فاعِلُ) الذي قال عنه الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه موسيقى الشعر: "على أن تفعيلة المتدارك (يعني الخبب) قد تأتي في النادر من الأحيان بدلا من فاعلن (يقصد فعلن لأنه لا وجود في الخبب للتفعيلة فاعلن) ، وهو ما لم يقل به أهل العروض". والواقع أن (فاعلُ) تأتي في الشعر العامي عند بيرم بكثرة، وإن لم تلاحظ في الشعر الفصيح حتى انتبهت إليها الشاعرة نازك الملائكة حين وردت عفوا في شعرها فظنت أنها من ابتكارها. ومع أنه تبين فيما بعد أنها كانت مسبوقة في ذلك (الابتكار) بشعراء منهم أحمد شوقي وإيليا أبو ماضي ، إلا أني رأيت بيرم التونسي يسبق هؤلاء جميعا، لا في ارتكاب الزحاف (فاعلُ) فقط، بل فيما هو أكبر منه وهو تثقيل السببين الخفيفين معا. قال بيرم في المقامة الصندويتشية :
    فإذا انجذبت فلمنجذبٍ * وإذا اختلجت فلمختلجِ
    وإذا نقلت قدما رفعت * قدما والنقل بلا عرجِ
    من كل اثنين اثنين معا * ذهبا في (اللعِبِ) وفي الهرج
    والقصيدة من ثمانية عشر بيتا فصيح اللغة ولا شائبة للعامية فيها، وما أظن بيرم لجأ إلى الضرورة في تسكين عين (اللعب) ليستقيم له الوزن على فعْلن، بتسكين عينها، ولو فعل ذلك لكان حاله كحال من أنشد بيت المتنخل:
    ابيت على معارِيَ فاخراتٍ * بهنّ مُلَوّبٌ كدم العباط
    هربا من الزحاف، وهو لو أنشد: على معارٍ ، لكان مستقيما.
    وقد جاء بيرم بهذا الوزن في شعره العامي على تشكيلات مختلفة ، فمما جاء منه على سبع تفعيلات، قوله:
    حاتجنّ يا ريت يا اخوانّا ما رحتش لندن ولا باريزْ
    دي بلاد تمدين ونضافة وذوق ولطافة وحاجة تغيظ
    ومثلها قوله:
    ياهل المغنى دماغنا وجعنا دقيقه سكوت لله
    دا احنا شبعنا كلام ما له معنى يا ليل ويا عين ويا آه.
    ومما جاء الشطر منه على خمسة أسباب ، قوله:
    لوري البلديه * عامل دوريّه
    ومقدر روحه * على كل أذيّه
    ومما جاء أحد شطري البيت فيه على ثلاث تفعيلات، وشطره الآخر ينقص عنه بسبب ، قوله:
    حَبَك النصاب حَبْكهْ * من أسهل ما يكونْ
    بُدَل نضيفه وْشبَكهْ * وريالْ للمأذونْ
    وكذلك قوله في قصيدة أخرى:
    كف الجزمه المهري * من سير الأقدامْ
    والكرافيته العوجه * قيراطين من قدامْ

  3. #3
    الموضوع مفيد بذاته وبتداعيات عروضية تنجم عنه.

    أنوي تناوله بقدر ما يتيسر من الوقت. وليت المشاركين الكرام يتناولون ما يمكنهم منه أو ينقلون ما يستطيعون بصيغة رقمية.

    وأول تعليقي هو سؤال عن قولك :


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعياقتباسنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيبالإضافة إلى الخبب ووزن دبيتي تشترك في نسقه تفعلية خليلية مع أسباب خببية لها الوزن: فاعلاتن فعلن
    . نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعياقتباسنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيواستخدم بيرم من الأوزان الدبيتية ثلاثة أشكال أخرى هي:
    1- مستفعلن فعلن
    2- مستفعلن مفعولن
    3- مستفعلن فعلن فعلن نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    فاعلاتن فعلن = 2 3 2 2 2
    مستفعلن فعلن = 4 3 4
    مستفعلن مفعولن = 4 3 4 2
    مستفعلن فعلن فعلن = 4 3 4 4

    والله يرعاك.


    ما وجه نسبة هذا الوزن للدوبيت ؟

    يرعاك الله.
    تتسم الأوزان الخليلية جميعها بأنها أوزان سبب – وتدية لاشتراك السبب والوتد معا في تأليفها، ويمكن الاكتفاء بالقول إنها أوزان وتدية، لأن المفهوم في نظام الخليل أنه لا توجد تفعيلة مبنية من الوتد وحده بل لا بد أن يجامعه الوتد فيها. وأما بحر الخبب فهو وزن سببي فقط، ولذلك خرج من أوزان الخليل، وكذلك الأوزان الدبيتية ، وقد سميتها كذلك لخصائص تجمعها مع بحر الدوبيت، فهي تعني اشتراك عناصر بحر الخبب مع عناصر أوزان الخليل في تأليف هذا البحر الذي نسب، ظلما وجهلا، إلى الفرس تأليفه على الرغم من بعد ما بين عروضنا وعروضهم من فروق.
    وليس لهذه البحور من مجزوءات، فهي لا تقوم على نظام التفعيلة، كما أن الوزن الذي نظم عليه البهاء زهير قصيدته التي أولها:
    يا من لعبت به شمول * ما ألطف هذه الشمائل
    لا يعد عندي من مجزوء الدوبيت، وإنما هو أحد الأوزان (الدبيتية) مثله مثل الدوبيت نفسه، وكذلك الأوزان التي يسبق التفعيلة الخليلية أو يلحقها أسباب الخبب.


    أخي وأستاذي الكريم
    أغتنم هذ الفرصة لأبين الاتفاق والتباين بين وجهة نظرك وما يسود في الرقمي من نظرة إلى الدوبيت مأخوذة من كتاب أستذنا د. عمر خلوف. آملا أن يكون في هذا ما يفيد في توحيد لغة الخطاب بين نهجك والرقمي ويسهل ذلك ما يتميز به كلاهما من نظرة شاملة تحاول أن تتحرر من قيود الحدود.

    أ- إن كنت أسألت في هواكم أدبي .... فالعصمة لا تكون إلا لنبي
    2 2 1 3 3 3 2 1 3 ..... 2 2 1 3 3 3 2 1 3
    ب- إن كنـــت أسألت في هواكم أدبي ...... فالعصمــــة لا يكون إلا لنبي
    2 2 1 3 3 3 2 1 3 ...... 2 2 1 3 3 3 2 1 3

    حذف التائين ينقل البيت من الدوبيت إلى الرجز. والمقطع الخببي الذي يتميز به الدوبيت عن كل بحور الخليل خو 2 2 1 3 في أول الدوبيت.
    والذي = 2 2 2 ]2[ حيث كل 2 يمكن أن تكون سببا خفيفا أو ثقيلا باستثناء ]2[ أي سبب خفيف غير قابل للزحاف.

    لا تزيد الأسباب اللفظية المتجاورة في الشعر العربي عن ثلاثة . وهذه الأسباب الأربعة المتتالية في الدوبيت هي التي تميزه عن بحور الشعر العربي .

    لو نظرنا إلى هذه الأوزان الأربعة لما وجدنا في إلا في الأخير منها أربعة أسباب وهي في نهاية الشطر .

    فاعلاتن فعلن = 2 3 2 2 2
    مستفعلن فعلن = 4 3 4
    مستفعلن مفعولن = 4 3 4 2
    مستفعلن فعلن فعلن = 4 3 4 4

    والمَعْلم الأول في الدوبيت هو ورود الأسباب الأربعة في أوله. ومن بين هذه الأوزان فإن هناك ما يشترك مع أبعاض بحور الخليل وفقا لمجموعاتك والتي يأخذ التعبير عن مفهومها في الرقمي النحو التالي :

    مستفعلن مفعولن = 4 3 4 2 .............. عجز الرجز = 4 3 4 3 4 2

    فاعلاتن فعلن = 2 3 2 2 2 .............الخفيف = 2 3 2 2 2 3 2 3 2

    الدوبيت كما فهمته من كتاب أستاذي د. خلوف تجده مفصلا في سطر الدوبيت:

    http://sites.google.com/site/alarood...e/dubait-satar

    كأني بك تنسب ما نتج عن شكل ما من تدوير وزن الدوبيت إلى الدوبيت. فإن كان ظني- من داخل منظورك - صحيحا فإنه يبقى من منظور د. خلوف نقص المميز الأهم وهو السبب الرابع.


    وهذا بدوره يجعلني أستفسر عن الصفات التي ينبغي أن تتوفر في وزن ما ليلتحق بالأوزان الدوبيتيه.

    يا من لعبت بع شمولٌ غسَقا = 2 2 1 3 3 3 2 1 3 = دوبيت
    يا من لعبت به شمول ..... = 2 2 1 3 3 3 2....= ؟؟

    لا أدري ما الذي يمنع تصنيف هذا على أنه نوع من الاجتزاء.

    أتمنى أن تتاح لك الفرصة لاستعراض ما ورد عن دورة خاصة بالدوبيت وتوليد الأوزان منه :

    https://sites.google.com/site/alarood/d6/d7

    الاختلاف في أمر الدوبيت مجاله أوسع مما في أمر سواه.

    والله يرعاك.
    المزيد
    التجديد الوزني عند بيرم التونسي - العروض رقمـيّـاً

المواضيع المتشابهه

  1. المضمر في الترسل النسوي العربي
    بواسطة عماد موسى في المنتدى فرسان الأدبي العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-02-2016, 07:33 AM
  2. من أدب النزوح\ دمية على الدرب
    بواسطة ابتسام شاكوش في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 08-27-2013, 05:00 PM
  3. تعرية الجسم والصدر فى الاحتجاج النسوى العربى
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى فرسان الأخبار.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-31-2013, 10:32 AM
  4. محطات على رواية النزوح نحو القمر بقلم: راتب حمد
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-05-2010, 06:49 AM
  5. التجديد الوزني عند الشاعر عمر البهاء الأميري
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-29-2008, 05:00 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •