منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 6 من 6
  1. #1

    صيد الشبكة - فصيح

    النورسالسلام عليكم و رحمه الله و بركاته

    - عن القرآن وامرئ القيس

    في بداية الأمر اعتذر عن تكرار الموضوع ولكني لم اجد هذا الموضوع في مكتبة منتدانا الكريم ( بحثت ولكني لم اجد شئ ) فأعتذر إن كنت لم ابحث جيدا
    هذا الموضوع منقول عن موقع شبكة إسلام ويب و هو يتناول شبهة و إدعاء بعض المشتسرقين و من بعدهم النصاري وجود بعذ الأيات مماثلة لبعض ابيات الشعر الجاهلي امرئ القيس و يتضح من التحليل مدي إتحتيال من الف هذه الفرية علي القران الكريم


    متابعة لدفع الشبهات المثارة حول القرآن الكريم، نقف اليوم مع شبهة تمسك بها بعض الجهلة من النصارى وغيرهم، وحاصلها الادعاء بأن القرآن الكريم قد اقتبس من شعر امرىء القيس عدة فقرات منه، وضمنها في آياته وسوره، ولم يحصل هذا الأمر في آية أو آيتين، بل هي عدة آيات كما يزعمون .
    وإذا كان الأمر كذلك، لم يكن لما يدندن حوله المسلمون من بلاغة القرآن وإعجازه مكان أو حقيقة، بل القرآن في ذلك معتمد على بلاغة من سبقه من فحول الشعراء وأساطين اللغة .
    وقد استدل هؤلاء بما أورده المناوي في كتابه ( فيض القدير شرح الجامع الصغير ) [ 2 / 187 ] ، حيث قال ما نصه: " وقد تكلم امرؤ القيس بالقرآن قبل أن ينزل، فقال:

    يتمنى المرء في الصيف الشتاء حتى إذا جاء الشتاء أنكره
    فهو لا يرضى بحال واحد ................. قتل الإنسان ما أكفره

    وقال:
    اقتربت الساعة وانشق القمر.................من غزال صاد قلبي ونفر

    وقال:
    إذا زلزلت الأرض زلزالها.................وأخرجت الأرض أثقالها
    تقوم الأنام على رسلها.................ليوم الحساب ترى حالها
    يحاسبها ملك عادل.................فإما عليها وإما لها " ا.هـ

    وقد أورد بعضهم شيئا من الأبيات السابقة بألفاظ مختلفة، فقال بعضهم إن امرأ القيس قال:

    دنت الساعة وانشق القمر.................غزال صاد قلبي ونفر
    مر يوم العيد بي في زينة.................فرماني فتعاطى فعقر
    بسهام من لحاظ فاتك.................فر عني كهشيم المحتظر

    وزاد بعضهم فقال:
    وإذا ما غاب عني ساع.................كانت الساعة أدهى وأمر

    وقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: { قتل الإنسان ما أكفره } وقوله تعالى: { اقتربت الساعة وانشق القمر } وقوله تعالى: { إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها } وقوله تعالى: { إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر } وقوله تعالى: { فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر } وقوله تعالى: { بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر } .

    وهذه الشبهة منقوضة بأكثر من عشرين وجهًا، وبيان ذلك فيما يلي:

    الوجه الأول: أن هذه الأبيات ليس لها وجود في كتب اللغة والأدب، وقد بحثنا في عشرات من كتب البلاغة والأدب واللغة والشعر المتقدمة، ولم يذكر أحد شيئا من الأبيات السابقة أو جزءًا منها .


    الوجه الثاني:
    أنه لا توجد هذه الأبيات في ديوان امرىء القيس ، على اختلاف طبعاته، ونسخه ورواياته، ولو كانت إحدى الأبيات السابقة صحيحة النسبة إليه أو حتى كاذبة لذكرت في إحدى دواوينه .

    الوجه الثالث: أن أي متخصص وباحث في الأدب العربي، وشعر امرئ القيس على وجه الخصوص يعلم أن شعر امرئ القيس قد وجد عناية خاصة، وتضافرت جهود القدماء والمحدثين على جمعه وروايته ونشره، وهناك العديد من النسخ المشهورة لديوانه كنسخة الأعلم الشنتمري ، ونسخة الطوسي ، ونسخة السكري ، ونسخة البطليوسي ، ونسخة ابن النحاس وغيرها، ولا يوجد أي ذكر لهذه الأبيات في هذه النسخ، لا من قريب ولا من بعيد، فهل كان هؤلاء أعلم بشعر امرئ القيس ممن عنوا بجمعه وتمحصيه ونقده .

    الوجه الرابع: أنه حتى الدراسات المعاصرة التي عنيت بشعر امرئ القيس وديوانه، وما نسب إليه من ذلك، لم يذكر أحد منهم شيئاً من هذه الأبيات لا على أنها من قوله، ولا على أنها مما نحل عليه – أي نسب إليه وليس هو من قوله – ومنها دراسة للأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم في أكثر من 500 صفحة حول شعر امرئ القيس ، وقد ذكر فيه ما صحت نسبته إليه وما لم يصح، وما نحل عليه ومن نحله، ولم يذكر مع ذلك بيتاً واحداً من هذه الأبيات السابقة .

    الوجه الخامس: أن امرأ القيس وغيره من الشعراء قد نحلت عليهم العديد من القصائد فضلا عن الأبيات، بل نحل على بعضهم قصص كاملة لا زمام لها ولا خطام، وقضية نحل الشعر ونسبته لقدماء الشعراء أمر معروف لا يستطيع أحد إنكاره، وقد عرف عن حماد الراوية و خلف الأحمر أنهم كانوا يكتبون الشعر ثم ينسبوه إلى من سبقهم من كبار الشعراء، وقد ذكر ابن عبد ربه – وهو من المتقدمين توفي سنة 328 هـ - في كتابه ( العقد الفريد ) في باب عقده لرواة الشعر، قال: " وكان خَلف الأحمر أَروى الناس للشِّعر وأعلَمهم بجيّده....وكان خلف مع روايته وحِفظه يقول الشعر فيُحسن، وينَحله الشعراء، ويقال إن الشعر المَنسوب إلى ابن أخت تأبّط شَرّاً وهو:
    إنَّ بالشِّعب الذي دون سَلْع.................لقتيلاً دَمُه ما يُطَلُّ

    لـ خلَف الأحمر ، وإنه نَحله إياه، وكذلك كان يفعل حمّاد الرواية، يَخلط الشعر القديم بأبيات له، قال حماد : ما مِن شاعر إلا قد زِدْتُ في شعره أبياتاً فجازت عليه إلا الأعشى ، أعشى بكر، فإني لم أزد في شعره قطُّ غيرَ بيت فأفسدتُ عليه الشعر، قيل له: وما البيتُ الذي أدخلته في شعر الأعشى ؟ فقال:
    وأنكرتْني وما كان الذي نَكِرتْ.................من الحوادث إلا الشَّيبَ والصلعَا " ا.هـ
    [ العقد الفريد 821 ]

    وقال الصفدي - المتوفى سنة 764 هـ - في كتابه ( الوافي بالوفيات ) في ترجمة خلف الأحمر : " خلف الأحمر الشاعر صاحب البراعة في الآداب، يكنى أبا محرز ، مولى بلال بن أبي بردة ، حمل عنه ديوانه أبو نواس ، وتوفي في حدود الثمانين ومائة. وكان راوية ثقة علاّمة، يسلك الأصمعي طريقه ويحذو حذوه حتى قيل: هو معلِّم الأصمعي ، وهو و الأصمعي فتَّقا المعاني، وأوضحا المذاهب، وبيَّنا المعالم، ولم يكن فيه ما يعاب به إلا أنه كان يعمل القصيدة يسلك فيها ألفاظ العرب القدماء، وينحلها أعيان الشعراء، كـ أبي داود ، و الإيادي ، و تأبَّط شراً ، و الشنفري وغيرهم، فلا يفرَّق بين ألفاظه وألفاظهم، ويرويها جلَّة العلماء لذلك الشاعر الذي نحله إيّاها، فمّما نحله تأبَّط شرّاً وهي في الحماسة من الرمل:
    إنّ بالشِّعب الذي دون سلعٍ .................لقتيلاً دمه لا يطلُّ
    ومما نحله الشّنفري القصيدة المعروفة بلامية العرب وهي من الطويل:
    أقيموا بني أمي صدور مطيِّكم.................فإني إلى قومٍ سواكم لأميل

    ..... قال خلف الأحمر : أنا وضعت على النابغة القصيدة التي منها:
    من البسيط
    خيل صيامٌ وخيلٌ غير صائمةٍ.................تحت العجاج وأخرى تعلك اللُّجما


    وقال أبو الطيب اللّغوي : كان خلف الأحمر يصنع الشعر وينسبه إلى العرب ، فلا يعرف. ثم نسك، وكان يختم القرآن كلّ يوم وليلة . ". اهـ
    ومثل ذلك ذكره ياقوت الحموي - المتوفى سنة 626 هـ - في كتابه ( معجم الأدباء ) ( 4 / 179 ) في ترجمة خلف الأحمر .
    ونقل أبو الحسن الجرجاني – المتوفى سنة 392 هـ - في كتابه ( الوساطة بين المتنبي وخصومه ) ص24 - وهو يناقش من يعترض عليه بأن شعر المتقدمين كان فيه من متانة الكلام، وجزالة المنطق وفخامة الشعر، ما يصعب معه أن ينسج على منواله، ولو حاول أحد أن يقول قصيدة أو يقرضَ بيتاً يُقارب شعر امرئ القيس و زهير ، في فخامته، وقوة أسْره، وصلابة معجَمه لوجده أبعد من العيّوق مُتناولاً، وأصعبَ من الكبريت الأحمر مطلباً ؟ .
    فرد على المعترض قائلا: " أحلتك على ما قالت العلماء في حمّاد و خلَف و ابن دأْب وأضرابِهم، ممن نحلَ القدماءَ شعره فاندمج في أثناء شعرهم، وغلب في أضعافه، وصعُب على أهل العناية إفرادُه، وتعسّر، مع شدة الصعوبة حتى تكلّف فلْي الدواوين، واستقراءُ القصائد فنُفِي منها ما لعلّه أمتن وأفخم، وأجمع لوجوه الجوْدة وأسباب الاختيار مما أثبت وقُبِل " .
    [ راجع الأعلام 2 / 358. معجم البلدان 11 / 64. أنباء الرواة 1 / 348. الفهرست ص / 50. طبقات الشعراء ص /147 ]
    وإنما أوردنا كل هذه النقولات لنثبت أن وقوع النحل في شعر العرب أمر وارد وحاصل، وقد أوردنا لك كلام المتقدمين، الذين عرفوا كلام العرب وأشعارهم، وسبقوا المحدثين والمستشرقين، أما المعاصرون، فقد قال الأستاذ محمد أبو الفضل في مقدمة دراسته عن امرىء القيس وشعره: " استفاضت أخباره على ألسنة الرواة، وزخرت بها كتب الأدب والتراجم والتاريخ، ونسجت حول سيرته القصص، وصيغت الأساطير، واختلط فيها الصحيح بالزائف، وامتزج الحق بالباطل، وتناول المؤرخون والأدباء بالبحث والنقد والتحليل، وخاصة في العصر الحديث ... وفي جميع أطوار حياته منذ حداثته وطراءة سنه، إلى آخر أيامه، قال الشعر وصاغ القريض ... وأصبح عند الناس قدر وافر من قصيده، فنحلوه كل شعر جهل قائله، أو خمل صاحبه، من جيد يعسر تمييزه عن شعره، ورديء سفساف مهلهل النسج، سقيم المعنى، وللعلماء من القدماء حول هذا الشعر وتحقيق نسبته إليه أقوال معروفة مشهورة " اهـ [ امرؤ القيس ص 6 ]
    فلو نسبت الأبيات التي هي موضع الشبهة إلى امرىء القيس دون سند أو برهان، فلا شك حينئذ في أنها منحولة ومكذوبة عليه، ومع ذلك فإنه حتى في المنحول الذي يذكره من جمع شعر امرئ القيس وما نحل عليه لا تذكر هذه الأبيات .

    الوجه السادس: أن بعض الأبيات السابقة منسوبة بالفعل إلى غير امرىء القيس ، قال الذهبي – المتوفى سنة 748 هـ - في تاريخ الإسلام في ترجمة " محمد بن محمد بن عبد الكريم بن برز – المعروف بمؤيد الدين القمي - ": " وكان كاتبًا سديدًا بليغًا وحيدًا ، فاضلاً، أديبًا، عاقلاً، لبييًا، كامل المعرفة بالإنشاء، مقتدرا على الارتجال ... وله يد باسطة في النّحو واللّغة، ومداخلةٌ في جميع العلوم، إلى أن قال: أنشدني عبد العظيم بن عبد القويّ المنذري ، أخبرنا عليّ بن ظافر الأزدي ، أنشدني الوزير مؤيّد الدّين القمّي النائب في الوزارة الناصرية، أنشدني جمال الدّين النّحوي لنفسه في قينة:

    سمّيتها شجراً صدقت لأنّـهـا.................كم أثمرت طرباً لقلب الواجد
    يا حسن زهرتها وطيب ثمارها.................لو أنّها تسقى بـمـاءٍ واحـد
    وبه – يعني بالإسناد السابق - قال: وأنشدنا لنفسه:
    يشتهي الإنسان في الصّيف الشّتا.................فإذا مـا جـاءه أنــكـــره
    فهو لا يرضى بـعـيشٍ واحـدٍ.................قتل الإنـسـان مـا أكـفـره " اهـ

    فهذا الذهبي - وهو من المتقدمين - يروي البيتين السابقين بالسند منسوبين إلى غير امرىء القيس ، على أن التيفاشي – وهو من كبار أدباء العرب توفي سنة 651 هـ - صاحب كتاب ( سرور النفوس بمدارك الحواس الخمسة ) ينسب البيتين [ ص 89 ] إلى يحيى بن صاعد ، قال: " يحيى بن صاعد :
    يشتهي الإِنسانُ في الصيفِ الشتا.................فإذا جاء الـشـتـا أنـكـرَهُ
    فهو لا يرضـى بـحـالٍ أبـداً.................قُتِلَ الإنـسـانُ مـا أكـفـره " ا.هـ

    وأيا كان الأمر، فإن التيفاشي و الذهبي متقدمان على المناوي ، وقد نسبا كما رأيت البيتين إلى غير امرىء القيس .

    الوجه السابع: أن بعض المفسرين أنكر هذين البيتين صراحة ، قال محمود الألوسي رحمه الله في تفسير قوله تعالى { قتل الإنسان ما أكفره } :" قال الإمام – أي الرازي - إن الجملة الأولى تدل على استحقاقهم أعظم أنواع العقاب عرفًا، والثانية تنبيه على أنهم اتصفوا بأعظم أنواع القبائح والمنكرات شرعا، ولم يسمع ذلك قبل نزول القرآن، وما نسب إلى امرىء القيس من قوله:
    يتمنى المرء في الصيف الشتا.................فإذا جاء الشتا أنكره
    فهو لا يرضى بحال واحد.................قتل الإنسان ما أكفره

    لا أصل له، ومن له أدنى معرفة بكلام العرب لا يجهل أن قائل ذلك مولد أراد الاقتباس لا جاهلي " اهـ [ روح المعاني 30 / 44 ] فانظر إلى كلام من ذاق أشعار العرب، وألف أساليبهم، حيث لم يخف عليه ركاكة الألفاظ وضعف السبك .

    الوجه الثامن: أن المتقدمين من أهل اللغة والأدب كانوا يعكسون القضية، فكانوا يذكرون الآيات القرآنية التي اقتبسها الشعراء من القرآن، وضمنوها شعرهم، فهذا ابن داود الظاهري الأصفهاني - وهو من أعلم الناس بأشعار العرب، كما أنه متقدم توفي سنة 227هـ - قد عقد في كتابه ( الزهرة ) فصلاً لما استعانت به الشعراء من كلام الله تعالى، وكان مما ذكر قوله سبحانه { إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها } وأن الخنساء ضمنته في أبيات لها فقالت:
    أبعدَ ابن عمرو من آل الشّريد.................حلَّتْ به الأرضُ أثقالها
    فخر الشّوامِـخُ من فَقْدِه.................وزُلزلتِ الأرضُ زلزالها

    وهذا مما يدل على أن أول من نطق بهذه العبارة هو القرآن الكريم، لأنه لو كان امرؤ القيس قد قالها قبل القرآن الكريم، لما كان للفصل الذي عقده فائدة، ولكانت الخنساء قد ضمنت أبيات امرىء القيس في شعرها، لا آيات القرآن الكريم، ولكان القرآن الكريم نفسه قد ضمن أبيات امرأ القيس ، لكن لأن الأبيات الثلاثة المنحولة على امرىء القيس والتي سبق ذكرها أول البحث، وأولها:
    إذا زلزلت الأرض زلزالها.................وأخرجت الأرض أثقالها

    لكون تلك الأبيات لا وجود لها في عصر ابن داود الظاهري ، لم يذكرها أو يشر إليها، بل كان الفصل الذي عقده في الآيات القرآنية التي استعان بها الشعراء .
    الوجه التاسع: أن غاية ما ذكر في كتب بعض المتقدمين مما نحل على امرىء القيس ، وذكر لفظه في القرآن الكريم، ما نسب إليه من قوله:
    أنا منْ قومٍ كرامٍ.................يطعمونَ الطيباتِ
    بجفانٍ كالجوابي.................وقدورٍ راسياتِ

    هذان هما البيتان الوحيدان اللذان ذكرهما بعض المتقدمين منسوبين إلى امرىء القيس ، ومع ذلك فقد أنكروهما وشككوا في صحة نسبتهما إليه، فذكر ابن أبي الأصبع - المتوفى سنة 654 هـ - في كتابه ( تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر ) ص486 عندما تكلم عن الإيداع أو التضمين، وما قيل من وقوع ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى: { يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات } (سبأ:13) قال: " على أن بعض الرواة ذكر أنه وضعه بعض الزنادقة، وتكلم على الآية الكريمة، وأن امرأ القيس لم يصح أنه تلفظ به " .
    ونقل عبد الرحيم العباس - المتوفى 963 هـ - في كتابه: ( معاهد التنصيص على شواهد التلخيص ) ص 2297 – قول ابن أبي الأصبع ، وأقره ثم أعقبه بقوله: " قلت: وقد تصفحت ديوانه على اختلاف رُواته، فلم أجد فيه قصيدة على هذا الوزن والروي " اهـ .
    فهذه كتب الأدباء والعلماء، وأساطين اللغة والشعر الذي اطلعوا على أشعار العرب ودواوين امرئ القيس حتى نهاية القرن العاشر الهجري، لا ينسبون إلى امرئ القيس أي شيء من هذا القبيل، ولو أنهم اطلعوا على غيرها من الأبيات لذكروه، سواء صحت نسبته أم لم تصح .

    نقلا عن

    http://www.imanway.com/vb/showthread.php?t=12236
    ،
    ،
    دمتم بود

    http://www.arood.com/vb/showthread.php?p=39383#post39383

  2. #2

    رد: صيد الشبكة - فصيح

    حوار حول الوافر

    http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showthread.php?t=39969

    المثال

    الا ليت الشباب يعود يوما.......فاخبره بما فعل المشيبُ
    هو سكن الباء فاصبح البيت كالتالي

    الا ليت الشباب يعود يوما.......فاخبره بما فعل المشيبْ
    (هل السكون هنا تكسر البيت)


    مثال اخر (من عندي وتوه طازه)

    سادفع عن حمى وطني بسيفٍ....لنحيا بالامان وبالسلامِ

    هو كتب

    سادفع عن حمى وطني بسيفٍ....لنحيا بالامان وبالسلامْ
    (سكن اخر حرف مع انه حرك اخر كلمة في الشطر الاول (بسيفٍ) ولم يقل (بسيفْ)

    فهل يعد هذا عيبا
    ***************

    القطف أن تصبح مفاعلتُن = مفاعلْ = فعولن ، وعليه فالوافر مقطوف بالضرورة لا يأتي تاما، هكذا الأصل ولكن لبعض المعاصرين قصائد على التام غير المقطوف .

    والتفعيلة الأخيرة في الوافر - المقطوف- هي دوما فعولن. ولا تكون فعولُ أبدا

    ولم يرد في كتب العروض جواز مجيئها على فعولْ. وإن وردت على هذا النحو فأمر القول فيه يعتمد على الاجتهاد الشخصي. وإن وردت في الشعر العربي فذلك استثناء، والعلم في ذلك عن الشوارد عند أستاذنا د. عمر خلوف.

    وبالتالي فرأي أخينا عبد الرحمن في تحريك الحرف الأخير وإشباع حركته صحيح لا غبار عليه

    ********

    جاء في المعجم المفصل في العروض والقافية وفنون الشعر .. للدكتور إميل بديع يعقوب .. ص 158.. الآتي :
    العروض الأولى للوافر مقطوفة (فعولن) ... وأجاز بعضهم القبض في هذه العروض (فتصبح فعولُ) .. أما ضربها فيجوز فيه القصر فيصبح فعولْ .. نحو قول الشاعر :
    فليت أبا شريكٍ كان حيا – فيقصر حين يبصره شريكْ


    ويترك عن تدربه علينا – إذا قلنا له : هذا أبوكْ

    **********


    شكرا للمعلومة


    ولكني أظن أن هذا نادر وأنه خلاف الأولى. ولدي مراجع عديدة لم أعثر على ما يوافقه فيها.







    ثم عثرت على ما يلي فأضفته تعديلا واخترت عدم حذف ما تقدم من رأيي :


    جاء في كتاب العروض تهذيبه وإعادة تدوينه للشيخ جلال الحنفي ( ص 587-589)
    [ وما بين القوسين مني ]
    الوافر الثاني :






    " مفاعلتن مفاعلتن فعولن .......مفاعلتن مفاعلتن فعالْ
    فإنكَ لو سألت بقاء يوم .....على الأجل الذي لك لن تطاعْ



    [ ومعلوم أن أصل البيت لقطري بن الفجاءة



    فإنكِ لو سألتِ بقاء يوم .....على الأجل الذي لك لن تطاعي]




    ومذهب المعري في هذا أنه لا يجعل الهيئة العروضية ذات ضرب معين، بل يعدها من اختلاف النشيد، وليس من اختلاف الضروب، فلقد قال في (الصاهل والشاحج) : " كاختلاف العرب في النشيد، فالمقيم منهم مثله مثل الذي يقف على البيت المطلق إذا أنشده بالسكون فيقول:



    أقلي اللوم عاذل والعتابْ ....وقولي إن أصبت لقد أصابْ




    [ والبيت مطلع قصيدة لجرير من سبعة وتسعين بيتا كل أواخر أبياتها منصوبة تصبح فتحات كلماتها ألفا بالإشباع.والمطلع وبعض أبياتها :




    أَقِلّي اللَومَ عاذِلَ وَالعِتابا...... وَقولي إِن أَصَبتُ لَقَد أَصابا
    وَوَجدٍ قَد طَوَيتُ يَكادُ مِنهُ...... ضَميرُ القَلبِ يَلتَهِبُ اِلتِهابا
    أَبى لي ما مَضى لي في تَميمٍ...... وَفي فَرعَي خُزَيمَةَ أَن أُعابا]





    وهذا كذلك قول الدماميني في " العيون الغامزة" إذ قال :" ولا يضر وجود رواية من طريق آخر، لأنه يحمل حينئذ على أنه تقييد إنشاد، وليس هو التقييد الذي تختلف به الضروب.



    غير أن البيتين الذين أوردهما الحفناوي وهما من الشعر القديم يدلان على أن هذا الوقوف وقوف ضرب وليس وقوف إنشاد، فإنه لا يصلح فيهما أن يقرءا دون وقوف، وإلا وإلا اختلفت حركات الوي فيهما.


    وإنما جعلت الضروب الموقوفة في بعض الأحيان لمعالجة الإقواء والإصراف في الشعر، وقد يتأتى من الوقف أن تطول القصيدة، وأن يكون مدى الشاعر فيها فسيحا. "


    إنتهى النقل.


    مما تقدم نرى أن هناك خلافا حول الموضوع وأن ما استشهد به إما تصرف ( ربما للإنشاد ) في بيتي جرير وقطري بن الفجاءة أو تعميم لشاذ أو نادر في بيتين لا غير رواهما الحفناوي من الشعر القديم.


    وأراني منحازا إلى سابق رأيي من أن هذا إما نادر جدا أو شاذ ، مضيفا بعدما قرأت ما تقدم ( أو وقوف إنشاد ).


    وانظر كيف يتحكم الرأي المسبق في النظرة لأمرين :


    أولهما حمل البيتين الذين رواهما الحفناوي على جواز الوقف تجنيبا لقائلهما من عيب الإقواء( ولم أقف على البيتين أو قائلهما)


    وثانيهما عدم معاملة النابغة بهذه الرخصة في قصيدته :



    أَمِن آلِ مَيَّةَ رائِحٌ أَو مُغتَدِ .....عَجلانَ ذا زادٍ وَغَيرَ مُزَوَّدِ



    أَفِدَ التَرَجُّلُ غَيرَ أَنَّ رِكابَنا...... لَمّا تَزُل بِرِحالِنا وَكَأَن قَدِ
    زَعَمَ البَوارِحُ أَنَّ رِحلَتَنا غَداً ....وَبِذاكَ خَبَّرَنا الغُدافُ الأَسوَدُ





    فلم يقل أحد بجواز قراءتها بتسكين الدال لتجنيب النابغة عيب الإقواء على النحو :







    أَمِن آلِ مَيَّةَ رائِحٌ أَو مُغتَدْ .... عَجلانَ ذا زادٍ وَغَيرَ مُزَوَّدْ
    أَفِدَ التَرَجُّلُ غَيرَ أَنَّ رِكابَنا .... لَمّا تَزُل بِرِحالِنا وَكَأَن قَدْ
    زَعَمَ البَوارِحُ أَنَّ رِحلَتَنا غَداً .... وَبِذاكَ خَبَّرَنا الغُدافُ الأَسوَدْ







    مع أن القطع في تسكين دال أواخر الأبيات إن لم يكن أيسر من الوقف في بيتي رواية الحفناوي فهو ليس أعسر منه.



    على أن كلام المعري عن اختلاف الضرب في الإنشاد عنه في العروض يتقاطع وإن بشكل عكسي مع ما روي من أن النابغة لم ينتبه إلى الإقواء إلا عندما أنشدت جاريتان قصيدته، وهذا يوحي باحتمال أنه كان يقرؤها بالتسكين وكان الإنشاد بالإشباع.


    ويفصل في الموضوع استقصاء اطراد لما ذكر وتحديد تاريخه إن وجد، وإلا فإن البيت والبيتين لا يقومان دليلا على جواز ذلك. وينبغي أن يحمل ذلك على باب الشذوذ كما يحمل النادر في النحو على الشذوذ. وأكرر دوما أن النحو في هذا كان أحسن حظا من العروض.


  3. #3

    رد: صيد الشبكة - فصيح

    http://belahaudood.org/vb/showthread...9249#post69249
    اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عواطف كريمي [ مشاهدة المشاركة ] أراك اليوم تعتصم
    بصمت صار يشقيني..
    وحزن صرت أقرأه بعينيك
    يناديني..
    أهذا القادم أنت..؟
    أم الأوهام تقتلني وتحييني
    أجبني أيّها الحلم
    فطيفك عاد يشقيني
    وهات مدّ لي يدك
    وجفّف دمعها عيني
    كرهت صدّك القاسي
    فساعدني .. وداريني
    ووشوش تحتها أذني..أحبّك
    هذا يكفيني..
    وألق رأسك المجهد
    على صدري يدفّيني
    وبدّد شكّك وإهدأ
    فما بالظنّ تكسبني
    وما بالشكّ تدنيني
    أحبّك فوق ما احتملت قصائدي
    أو دواويني
    فلا تتركني للهجر
    وحبّك في دمي يسري
    ويرتاد شراييني
    أروم فهمك لكن
    قواميسيَِ لن تكفّيني..
    أحبّك رغم أطوار
    تعذّب روحي .. تؤذيني
    تكلّم..
    يا منى قلبي
    فهذا الصمت يكويني
    اسحبني لسحر رجولتك
    في بحر غرامك ألقيني
    أغرقني..
    أحرق من بعدي مراكبك
    تبّا لغباءك وجنوني
    تبّا لعنادك وظنوني



    أستاذتي الكريمة

    كلما قرأت لك وأعجبت بمضمون شاعريتك تمنيت أن يرتدي هذا المضمون ما يليق به من الوزن. فالشعر كما شعر التفعيلة يلزمه الوزن.

    هذه قصيدة على تفعيلة الهزج مفاعيلن = 3 2 2 ولا تأتي 3 3 = مفاعلن في الهزج

    بل إن البيت الأول فيها ينبئ أنها على تفعيلة الوافر وبالتالي يستثقل لحد الاستبعاد كل من مفاعيلُ = 3 2 1 ومفاعلن 3 3

    فيما يأتي ( ما بين القوسين) ينبغي أن يضاف وما بين ((القوسين)) ينبغي أن يحذف ليستقيم الوزن وأتوقع أن كل ذلك لا يصح في اللغة

    أراك اليوم تعتصم
    بصمت صار يشقيني..
    وحزن صرت أقرأه بعينيكـ(ـا) يناديني..
    أهذا القادمـ(ـو) أنتـ(ـا)..؟
    أم الأوهام تقتلني وتحييني
    أجبني أيّها الحلم
    فطيفك عاد يشقيني
    وهاتـ(ـي) مدّ لي يدك
    وجفّف دمعها عيني
    كرهتـ(ـو) صدّك القاسي
    فساعدني .. وداريني
    ووشوش تحتها أذني..أحبّك هذ((ا)) يكفيني..
    وألقـ(ـي) رأسك المجهد
    على صدري يدفّيني
    وبدّد شكّكـ(ـا) وإهدأ
    فما بالظنّ تكسبني
    وما بالشكّ تدنيني
    أحبّك فوق ما احتملت قصائد((ي))
    أو دواويني
    فلا تتركنـ((ـي)) للهجر
    وحبّك في دمي يسري
    ويرتاد (و) شراييني
    أرومـ(ـو) فهمكـ(ـا) لكن
    قوامـ((ـيــ))ـســ((ـي))ِ لن تكفّيني..
    أحبّك رغم أطوار
    تعذّب روحـ((ـي)) .. تؤذيني
    تكلّم..
    يا منى قلبي
    فهذا الصمت يكويني
    **

    هنا يتحول الإيقاع إلى الخبب وعليه أعدل
    اسحبنـ((ـي )) لسحر رجولتكـ(ـا)
    في بحر غرامك ألقيني
    أغرقني..
    أحرق من بعد((ي)) مراكبك(ـا)
    تبّا لغباءك وجنوني
    تبّا لعنادك وظنوني


    على فكرة هنا درس ميسر جدا عن الرقمي ولا يسبب رصداعا تقدمه الأستاذة إباء


    http://belahaudood.org/vb/showthread.php?t=9876




    وانظري لأبياتك كيف تغدو بلمسات بسيطة تحقق الوزن وصحة اللغة

    أراك اليوم تعتصم
    بصمت صار يشقيني..
    وحزن صرت أقرأه عميقا إذ يناديني
    أهذا أنت تهتف بي..؟
    أم الأوهام تقتلني وتحييني
    أجبني أيّها الحلم
    فطيفك عاد يشقيني
    وهات يديك مدّهما
    وجفّف دمعها عيني
    عجبت لصدك القاسي
    فساعدني .. وداريني
    ووشوش تحتها أذني..أحبّك ...ذاك يكفيني
    ووسّد رأسك المجهد
    على صدري يدفّيني
    وبدّد ما يحيك الظن ما الظنّ تكسبني
    وما بالشكّ تدنيني
    أحبّك فوق ما احتملته أبياتي دواويني
    فآلامي تمزّقني
    وحبّك في دمي يسري
    غزيرا في شراييني
    أروم الفهم لكنْ ما قواميسيَِ تكفّيني..
    أحبّك رغم أطوار
    غدت في الروح تؤذيني
    تكلّم..يا منى قلبي
    فهذا الصمت يكويني
    **
    **
    اسحبني لرجولة سحرٍ
    في بحر غرامك ألقيني
    أغرقني..
    أحرق من بعدي ما تبغي
    تبّا لغباءك وجنوني
    تبّا لعنادك وظنوني


    يرعاك الله.


  4. #4

    رد: صيد الشبكة - فصيح

    http://www.mexat.com/vb/showpost.php...17&postcount=3

    وللخفيف مشتق ( مجزوء الخفيف )


    مجزوء الخفيف

    وزنه

    فاعلاتن مستفعلن فَعْلن ......فاعلاتن مستفعلن فَعْلن


    أمثله


    أن كنت باحثاً عن الأسرار.... فنتشق صاح نفحة الأسحار

    _____________

    التعليق:

    فاعلاتن مستفعلن فَعْلن = 2 3 2 4 3 2 2 = ثمة سببان زائدان عن مجزوء الخفيف. وينظر في أبيات ابن الصباغ أدناه.

    2 2 3 3 3 2 2 2 .........1 3 2 2 3 3 2 2 2

    الصدر عجز رجز أو صدره المصرع........العجز فيه سبب زائد عن الخفيف التام

    ______

    http://www.awzan.com/poetrypages/a6la3.htm

    لابن الصباغ الجذامي -- وكل الأبيات مصرع

    أ
    طلَعَ الصبحُ رايةَ الفجرِ .. فتبدّى المكتومُ من سرّي
    2 3 2 3 3 2 2 ...... 1 3 2 2 2 3 2 2
    إن تكُن باحِثاً عن الأسرارْ .. فانتشق صاح نفحة الأسحارْ
    وأطل في الأصائِل الأذكارْ .. فهي أذكى من عاطرِ الأزهارْ
    أينَ طيبُ الشذا من الزهرِ .. في دجى الليل من شذا الذكرِ
    آه من أدمعي ومن حُزني .. فجعة البين كم ترى تضني
    عبراتي تنهَلُّ كالقطرِ .. وفؤادي يذكي على الجمرِ
    شفنى الوجدُ فاجبروا صدعي .. يومَ بنتُم عن ساحتي سلعِ

    ويمكننا تفسير ذلك على ضوء الخفيف التام الذي آخره 1 3 وقد أجرى عليها التخاب

    2 3 2 4 3 1 3 بعد التخاب على العجز = 2 3 2 4 3 2 2
    ولذا جاءت الأبيات مصرعة .

    يقول صفي الدين الحلي :

    2 3 2 3 3 (2) 2 ...... 2 3 2 3 3 (2) 2
    زارني والصباح قد سفَرا .....وظليم الظلام قد نفَرا
    وجيوش النجوم جافلةٌ ......ولواء الشعاع قد نُشِرا
    جاء يهدي وصاله سحرًا .....شادن للقلوب قد سحَرا
    فتيقنت أنه قمرٌ .....وكذا الليل يحمل القمرا

    فإنه يجوز نظريا حسب الرقمي القول كما في منطقتي عروض وضرب البسيط ،
    (ولا أدري أورد في شعر العرب أم لا - فإن لم يرد فهو الموزون لا الشعر) :

    زارني والصباح قد أسفر.....وظليم الظلام ذا ينفرْ..... مصرع
    وجيوش النجوم جافلةٌ ......ولواء الشعاع إذ ينشرْ
    1 3 2 3 3 (2) 2 ....... 1 3 2 3 3 2 2
    جاء يهدي وصاله سحرًا .....شادن للقلوب كم يسحرْ
    فتيقنت أنه قمرٌ .....وكذا الليل يحمل الأقمرْ

    الحوار التالي حول الموضوع جدير بالمتابعة :


    http://www.alfaseeh.com/vb/showthrea...CE%C8%C8%ED%C9

    لعله سهو
    http://www.elibrary4arab.com/ebooks/...feya/kamel.htm

    ب- مقطوع (ولا يجوز في هذا الضرب سوى الإِضْمار)، مثل:

    وإذا أراد الله نشر فضيلة .... طويت أتاح لها لسان حسود

    الضرب هنا = (نحَ) سو دي = (2) 2 2

    لولا اشتعال النار فيما جاورت .... ما كان يعرف طيب ند العود

    الضرب هنا = دلْ عو دي = 2 2 2

    الإضمار يعني أن تتحول (2) إلى 2 وليس الأمر هنا واجبا، بل يجوز الإضمار وعدمه ( التخاب )



  5. #5

    رد: صيد الشبكة - فصيح

    ذائقة راقية ونقد راق
    http://www.nashiri.net/critiques-and...3923-----.html

    فمن ذلك مثلاً تصحيحه بيتاً للشاعر عبد المنعم عواد بعنوان: "عندما يموت البطل"، ليصبح كالتالي([13]):

    إننا كنـا غرسنـاه معـاً فـي ذات مـرَّه
    فقد ذكر باكثير في الهامش أن عبارة (معاً في) كانت في الأصل: سوياً، وعلَّق على ذلك بقوله: "وهو خطأ شائع". ومعنى "سوياً" أي مستوياً تاماً، كما في قوله تعالى مخبراً عن جبريل عندما تمثل للسيدة مريم في صورة بشر: "فأرسلنا إليها روحَنا فتمثَّل لها بشراً سويّاً"([14]).وقد تكررت لفظة "سوياً" مرة أخرى في قصيدة "ليلة مايو"([15]) للشاعر عبد الجليل ناصر وهي صياغة شعرية لقصيدة للشاعر الفرنسي دي موسيه، فصوبَّها باكثير لتصبح:هيا لنرحل من هنا نسعى ونمضي وحدنافقد ذكر باكثير في الهامش أن عبارة (نسعى ونمضي) كانت في الأصل: نسعى سوياً، ولم يذكر السبب حيث سبق أن أورده من قبل.كما صحَّ باكثير خطأً آخر في نفس القصيدة، ليصبح البيت هكذا([16]):لما لمستُك بالجناح تساقطت منك الدموع !!وشحبت فاحتضنتك أحشائي وصُنتك في الضلوع !!فقد ذكر باكثير في الهامش أن "فاحتضنتك أحشائي" كانت في الأصل: "فاستلقتك أحضاني". ولم يذكر باكثير مكمن الخطأ، وهو أن "استلقى" تعني: اضطجع وتمدد، وليس ما أراده الشاعر وهو: "تلقَّتك أحضاني"، ولكن الوزن يختل لو ردت الكلمة إلى صحَّتها، فغيَّر باكثير في صياغة البيت ليستقيم الوزن والمعنى.ومن الأخطاء اللغوية أيضاً ما ورد في قصيدة الشاعر عبد العليم القباني "القمر الجديد"([17])، إذ يغير باكثير كلمة (ألهيَّة) إلى تلهية ليصبح البيت:

    رأى الصواريخ قبل اليوم تلهيـةً = للشعب تضحك في لألائها الخُدَعُ
    فقد ذكر باكثير في الهامش أن كلمة (تلهية) كانت "في الأصل: ألهيَّة بتشديد الياء"، ولم يذكر سبب تغييرها وكأنه يرى أن ذلك خطأ واضح لا يحتاج إلى بيان. ولا توجد في المعاجم العربية كلمة "ألهية"، وأقرب كلمة للمعنى الذي أراده الشاعر هي "تلهية" التي أحسن باكثير اختيارها إذ تؤدي المعنى المراد وهي فصيحة.وفي قصيدة "تفتا" للشاعر نزار قباني([18])، يعدِّل باكثير حرف الجر (فيه) إلى (عنه) ليصبح هكذا:أمس انتهى .. لم تدر والدتيعنه ولم أخبر رفيقاتيويذكر باكثير في الهامش أن حرف الجر (عنه) كان "في الأصل: فيه". وحرف الجر (في) يتردد كثيراً في شعر نزار نائباً عن حروف جر أخرى، فنراه في السطر السابق ينوب عن حرف (عن)، وفي بعض قصائده الأخرى قد ينوب عن حرف (الباء) كما في قوله في قصيدة "لوليتا"([19]):ربما من سنتينلم تكن تهتم في وجهي المدوروقوله في نفس القصيدة:لم أعد أقنع في قطعة سكرأو قد ينوب عن حرف الجر "من"، كما في قوله في نفس القصيدة:أنت بعد اليوم لن تخجل فيّفلقد أصبحتُ أطولولا يمكن أن يرد ذلك إلى أن نزاراً استخدم حرف (في) بدل حرفٍ آخر ليستقيم الوزن، بدليل أنه في المثال الذي صححه باكثير، لم يختل الوزن بوضع كلمة (عنه) بدل (فيه). والذي أراه هو أنها من خصوصيات نزار إذ إن لبعض الشعراء ألفاظاً خاصة تكون بمثابة "اللازمة" لهم يكثرون من تكرارها في أشعارهم، من ذلك مثلاً لفظة: (قم) في شعر أحمد شوقي التي كان يكثر منها خاصة في مطالعه، كما في قوله([20]):

    قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا = كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا

    وقوله([21]):قُم ناجِ جِلَّقَ وَاِنشُد رَسمَ مَن بانوا = مَشَت عَلى الرَسمِ أَحداثٌ وَأَزمانُو

    قوله في رثاء الإمام محمد عبده([22]):

    مفسـرَ آي الله بالأمـس بيننـا قم اليوم فسِّر للورى آية الموتِ

    لا تقتصر تصويبات باكثير اللغوية على الأخطاء الشائعة، بل نراه يصحح الأخطاء النحوية الدقيقة التي قد تستغلق على غير المتمكنين من النحو. فمن ذلك ما ورد في قصيدة "ليلة مايو"([23]) للشاعر عبد الجليل ناصر:حان الوداع فهل ستذرف عند ترحالي الدموع؟

    فقد غيَّر باكثير في البيت –كما أشار في الهامش- ليصبح:حان الوداع تُرى أتذرف عند ترحالي الدموع؟ولم يبيِّن لنا باكثير سبب التغيير لأنه –في رأيه- أوضح من أن يذكر، ذلك أن النحاة لا يجيزون دخول السين على الفعل المضارع بعد (هل) الاستفهامية، لأن دخول (هل) على الفعل المضارع تخصصه بالاستقبال([24]) فلا داعي إذاً لدخول (السين) أو (سوف) عليه.وكذلك صحَّح باكثير قول الشاعر محمود عفيفي في قصيدة "الغريب"، ليصبح هكذا([25]):

    عاشت أجيال العـهد البائد منسيّة يا ليت أعود .. وأملأ منها عينيّه

    فقد ذكر باكثير في الهامش أن "يا ليت أعود" كانت في الأصل: "فمتى سأعود"، ومرة أخرى لا يذكر مكمن الخطأ، وهو أن (متى) تدل على الاستقبال فامتنع لذلك دخول (السين) و(سوف) عليها. ومثله قوله في نفس القصيدة([26]):فمتى أشهد نهر الكوثر؟ وأمتَّع بالحج الأكبرْفقد ذكر باكثير في الهامش أنها كانت في الأصل: "فمتى سأرى نهر الكوثر".التصويبات النقدية:لباكثير لفتات نقدية بارعة تدل على عمق فهمه للشعر وحسن استعماله للغة وفقهه لمعانيها.

    من ذلك مثلاً تغييره لكلمة في قصيدة الشاعر محمد التهامي في قوله من قصيدة "السلام والربيع"([27]) ليصبح البيت هكذا:

    أينمـا قلَّبـتُ عينـاً تنبهـرْ = بالجمال الفذِّ والحسن المجسَّمْ

    إذ ذكر باكثير في الهامش أن كلمة (تنبهر) كانت "في الأصل تلتقي"، ولم يبين سبب التغيير. وإذا قارنا بين المعنى الذي توحي به كل من لفظة (تنبهر) ولفظة (تلتقي)، سنجد أن (تنبهر) توحي بانفعال الشاعر وإحساسه بهذا الجمال الفذ وهذا الحسن المجسَّم وتفاعله معه وتأثيره فيه، بينما كلمة (تلتقي) لا توحي بأي من هذه المعاني، وإنما تلتقي بها في بلادة وسذاجة، والشاعر بالطبع لم يقصد إلا المعنى الأول بدليل وصفه لهذا الجمال بالفذ وللحسن بالمجسم، ولكن خانه التعبير فصوّب له باكثير تعبيره بحس الناقد ورهافة الشاعر وفطانة اللغوي. ومن فطانته اللغوية أيضاً تصويبه لما ورد في قصيدة الشاعر إبراهيم عبد الحميد عيسى "زواج شاعر"([28]) ليصبح هكذا:

    فقالت وقد قطَّبت وانبرت= فألقت بشعريَ في ناحيه

    فقد ذكر باكثير في الهامش أن البيت كان في الأصل:

    فقالت وقد قطَّبت وجهها = وألقت بشعريَ في ناحيه

    ونرى أن باكثير حذف كلمة (وجهها) وهذا من رهافة حسه النقدي وفقهه باللغة، إذ التقطيب لا يكون إلا في الوجه، فإضافة التقطيب إلى الوجه هو من فضول القول. وقد عاب النقاد قديماً على الشاعر الذي قال([29]):

    ذكرتُ أخي فعاودنـي = صداعُ الرأسِ والوصبُ
    إذ لا يكون الصداع إلا في الرأس، فذكر الرأس حشو لا فائدة منه.ومن تصويباته النقدية أيضاً استبداله لفظة "خيالاتي" بلفظة "حكاياكِ" في قصيدة "إلى ميتة" للشاعر نزار قباني، ليصبح هكذا([30]):

    ما الذي حرّرني؟من خيالاتي القديمهْ من قضاياكِ السقيمهْ

    فقد ذكر باكثير في الهامش أن كلمة (خيالاتي) كانت في الأصل: من حكاياك، ولم يبين سبب التغيير. وإذا رجعنا إلى المعاجم العربية سنجد أن (حكاية) تُجمع على (حكايات)، ولذا غيَّرها باكثير. ولو ردَّها إلى الصِحَّة (حكاياتكِ) لاختل الوزن، لذا استبدل بها كلمة (خيالاتي) وفيها من الدلالة ما يتناسب مع الحكايات من حيث اعتمادها على الخيال.التصويبات العروضية:كان باكثير متمكناً من علم العروض، يدل على ذلك مسرحيته الشعرية الأولى (إخناتون ونفرتيتي) التي كتبها بالشعر المرسل -كما أسماه- أو الشعر الحر كما صار يعرف بعد ذلك، وليس هنا مجال الإفاضة في هذا الموضوع. ونلحظ تمكنه من خلال ملاحظاته العروضية ودقتها، ففي قصيدة الشاعرة جليلة رضا التي عنوانها: "ضعف المرأة"، تنبه باكثير لخلل عروضي غفلت عنه الشاعرة مع تمكنها من النظم، وقد لا ينتبه له كثير من القراء، فصحَّحه باكثير ليصبح البيت هكذا([31]):

    أنت لي مهما تناسيت ليالينـا الغوالـي
    رغم هذا الزهو والخَيْلةَ لي رغم التعالي

    فقد ذكر باكثير في الهامش أن كلمة (الخيلة) كانت "في الأصل الخُيَلاء ولا يستقيم به الوزن فوضعنا الخَيْلة مكان الخيلاء واللفظان بمعنى واحد". وهذا يدل على تمكن باكثير من علم العروض ومن علم اللغة حيث استطاع بسهولة أن يغير كلمة بكلمة من نفس الجذر اللغوي تؤدي نفس المعنى وتحل مشكلة الخلل العروضي. خاتمةوهكذا نرى أن هذا الكتاب يُعد مهماً للباحثين والدارسين في أدب باكثير لأنه يعينهم على معرفة عمق ثقافته وتمكنه اللغوي. كما يلقي الضوء على إسهامات باكثير في خدمة الأدب العربي من خلال عمله في لجنة الشعر. وقد سبق لباكثير أن حقق ديوان صالح الشرنوبي وشرحه واختار ما يصلح منه للنشر وقدم له بمقدمة نقدية ضافية، ونشرته لجنة الشعر ضمن سلسلة الألف كتاب.

    ذائقة راقية ونقد راق
    http://www.nashiri.net/critiques-and...3923-----.html


    قراءة في كتاب مجهول للأديب علي أحمد باكثير: المختار من الشعر الحديث


    فمن ذلك مثلاً تصحيحه بيتاً للشاعر عبد المنعم عواد بعنوان: "عندما يموت البطل"، ليصبح كالتالي([13]):

    إننا كنـا غرسنـاه معـاً فـي ذات مـرَّه
    فقد ذكر باكثير في الهامش أن عبارة (معاً في) كانت في الأصل: سوياً، وعلَّق على ذلك بقوله: "وهو خطأ شائع". ومعنى "سوياً" أي مستوياً تاماً، كما في قوله تعالى مخبراً عن جبريل عندما تمثل للسيدة مريم في صورة بشر: "فأرسلنا إليها روحَنا فتمثَّل لها بشراً سويّاً"([14]).وقد تكررت لفظة "سوياً" مرة أخرى في قصيدة "ليلة مايو"([15]) للشاعر عبد الجليل ناصر وهي صياغة شعرية لقصيدة للشاعر الفرنسي دي موسيه، فصوبَّها باكثير لتصبح:هيا لنرحل من هنا نسعى ونمضي وحدنافقد ذكر باكثير في الهامش أن عبارة (نسعى ونمضي) كانت في الأصل: نسعى سوياً، ولم يذكر السبب حيث سبق أن أورده من قبل.كما صحَّ باكثير خطأً آخر في نفس القصيدة، ليصبح البيت هكذا([16]):لما لمستُك بالجناح تساقطت منك الدموع !!وشحبت فاحتضنتك أحشائي وصُنتك في الضلوع !!فقد ذكر باكثير في الهامش أن "فاحتضنتك أحشائي" كانت في الأصل: "فاستلقتك أحضاني". ولم يذكر باكثير مكمن الخطأ، وهو أن "استلقى" تعني: اضطجع وتمدد، وليس ما أراده الشاعر وهو: "تلقَّتك أحضاني"، ولكن الوزن يختل لو ردت الكلمة إلى صحَّتها، فغيَّر باكثير في صياغة البيت ليستقيم الوزن والمعنى.ومن الأخطاء اللغوية أيضاً ما ورد في قصيدة الشاعر عبد العليم القباني "القمر الجديد"([17])، إذ يغير باكثير كلمة (ألهيَّة) إلى تلهية ليصبح البيت:

    رأى الصواريخ قبل اليوم تلهيـةً = للشعب تضحك في لألائها الخُدَعُ
    فقد ذكر باكثير في الهامش أن كلمة (تلهية) كانت "في الأصل: ألهيَّة بتشديد الياء"، ولم يذكر سبب تغييرها وكأنه يرى أن ذلك خطأ واضح لا يحتاج إلى بيان. ولا توجد في المعاجم العربية كلمة "ألهية"، وأقرب كلمة للمعنى الذي أراده الشاعر هي "تلهية" التي أحسن باكثير اختيارها إذ تؤدي المعنى المراد وهي فصيحة.وفي قصيدة "تفتا" للشاعر نزار قباني([18])، يعدِّل باكثير حرف الجر (فيه) إلى (عنه) ليصبح هكذا:أمس انتهى .. لم تدر والدتيعنه ولم أخبر رفيقاتيويذكر باكثير في الهامش أن حرف الجر (عنه) كان "في الأصل: فيه". وحرف الجر (في) يتردد كثيراً في شعر نزار نائباً عن حروف جر أخرى، فنراه في السطر السابق ينوب عن حرف (عن)، وفي بعض قصائده الأخرى قد ينوب عن حرف (الباء) كما في قوله في قصيدة "لوليتا"([19]):ربما من سنتينلم تكن تهتم في وجهي المدوروقوله في نفس القصيدة:لم أعد أقنع في قطعة سكرأو قد ينوب عن حرف الجر "من"، كما في قوله في نفس القصيدة:أنت بعد اليوم لن تخجل فيّفلقد أصبحتُ أطولولا يمكن أن يرد ذلك إلى أن نزاراً استخدم حرف (في) بدل حرفٍ آخر ليستقيم الوزن، بدليل أنه في المثال الذي صححه باكثير، لم يختل الوزن بوضع كلمة (عنه) بدل (فيه). والذي أراه هو أنها من خصوصيات نزار إذ إن لبعض الشعراء ألفاظاً خاصة تكون بمثابة "اللازمة" لهم يكثرون من تكرارها في أشعارهم، من ذلك مثلاً لفظة: (قم) في شعر أحمد شوقي التي كان يكثر منها خاصة في مطالعه، كما في قوله([20]):

    قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا = كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا

    وقوله([21]):قُم ناجِ جِلَّقَ وَاِنشُد رَسمَ مَن بانوا = مَشَت عَلى الرَسمِ أَحداثٌ وَأَزمانُو

    قوله في رثاء الإمام محمد عبده([22]):

    مفسـرَ آي الله بالأمـس بيننـا قم اليوم فسِّر للورى آية الموتِ

    لا تقتصر تصويبات باكثير اللغوية على الأخطاء الشائعة، بل نراه يصحح الأخطاء النحوية الدقيقة التي قد تستغلق على غير المتمكنين من النحو. فمن ذلك ما ورد في قصيدة "ليلة مايو"([23]) للشاعر عبد الجليل ناصر:حان الوداع فهل ستذرف عند ترحالي الدموع؟

    فقد غيَّر باكثير في البيت –كما أشار في الهامش- ليصبح:حان الوداع تُرى أتذرف عند ترحالي الدموع؟ولم يبيِّن لنا باكثير سبب التغيير لأنه –في رأيه- أوضح من أن يذكر، ذلك أن النحاة لا يجيزون دخول السين على الفعل المضارع بعد (هل) الاستفهامية، لأن دخول (هل) على الفعل المضارع تخصصه بالاستقبال([24]) فلا داعي إذاً لدخول (السين) أو (سوف) عليه.وكذلك صحَّح باكثير قول الشاعر محمود عفيفي في قصيدة "الغريب"، ليصبح هكذا([25]):

    عاشت أجيال العـهد البائد منسيّة يا ليت أعود .. وأملأ منها عينيّه

    فقد ذكر باكثير في الهامش أن "يا ليت أعود" كانت في الأصل: "فمتى سأعود"، ومرة أخرى لا يذكر مكمن الخطأ، وهو أن (متى) تدل على الاستقبال فامتنع لذلك دخول (السين) و(سوف) عليها. ومثله قوله في نفس القصيدة([26]):فمتى أشهد نهر الكوثر؟ وأمتَّع بالحج الأكبرْفقد ذكر باكثير في الهامش أنها كانت في الأصل: "فمتى سأرى نهر الكوثر".التصويبات النقدية:لباكثير لفتات نقدية بارعة تدل على عمق فهمه للشعر وحسن استعماله للغة وفقهه لمعانيها.

    من ذلك مثلاً تغييره لكلمة في قصيدة الشاعر محمد التهامي في قوله من قصيدة "السلام والربيع"([27]) ليصبح البيت هكذا:

    أينمـا قلَّبـتُ عينـاً تنبهـرْ = بالجمال الفذِّ والحسن المجسَّمْ

    إذ ذكر باكثير في الهامش أن كلمة (تنبهر) كانت "في الأصل تلتقي"، ولم يبين سبب التغيير. وإذا قارنا بين المعنى الذي توحي به كل من لفظة (تنبهر) ولفظة (تلتقي)، سنجد أن (تنبهر) توحي بانفعال الشاعر وإحساسه بهذا الجمال الفذ وهذا الحسن المجسَّم وتفاعله معه وتأثيره فيه، بينما كلمة (تلتقي) لا توحي بأي من هذه المعاني، وإنما تلتقي بها في بلادة وسذاجة، والشاعر بالطبع لم يقصد إلا المعنى الأول بدليل وصفه لهذا الجمال بالفذ وللحسن بالمجسم، ولكن خانه التعبير فصوّب له باكثير تعبيره بحس الناقد ورهافة الشاعر وفطانة اللغوي. ومن فطانته اللغوية أيضاً تصويبه لما ورد في قصيدة الشاعر إبراهيم عبد الحميد عيسى "زواج شاعر"([28]) ليصبح هكذا:

    فقالت وقد قطَّبت وانبرت= فألقت بشعريَ في ناحيه

    فقد ذكر باكثير في الهامش أن البيت كان في الأصل:

    فقالت وقد قطَّبت وجهها = وألقت بشعريَ في ناحيه

    ونرى أن باكثير حذف كلمة (وجهها) وهذا من رهافة حسه النقدي وفقهه باللغة، إذ التقطيب لا يكون إلا في الوجه، فإضافة التقطيب إلى الوجه هو من فضول القول. وقد عاب النقاد قديماً على الشاعر الذي قال([29]):

    ذكرتُ أخي فعاودنـي = صداعُ الرأسِ والوصبُ
    إذ لا يكون الصداع إلا في الرأس، فذكر الرأس حشو لا فائدة منه.ومن تصويباته النقدية أيضاً استبداله لفظة "خيالاتي" بلفظة "حكاياكِ" في قصيدة "إلى ميتة" للشاعر نزار قباني، ليصبح هكذا([30]):

    ما الذي حرّرني؟من خيالاتي القديمهْ من قضاياكِ السقيمهْ

    فقد ذكر باكثير في الهامش أن كلمة (خيالاتي) كانت في الأصل: من حكاياك، ولم يبين سبب التغيير. وإذا رجعنا إلى المعاجم العربية سنجد أن (حكاية) تُجمع على (حكايات)، ولذا غيَّرها باكثير. ولو ردَّها إلى الصِحَّة (حكاياتكِ) لاختل الوزن، لذا استبدل بها كلمة (خيالاتي) وفيها من الدلالة ما يتناسب مع الحكايات من حيث اعتمادها على الخيال.التصويبات العروضية:كان باكثير متمكناً من علم العروض، يدل على ذلك مسرحيته الشعرية الأولى (إخناتون ونفرتيتي) التي كتبها بالشعر المرسل -كما أسماه- أو الشعر الحر كما صار يعرف بعد ذلك، وليس هنا مجال الإفاضة في هذا الموضوع. ونلحظ تمكنه من خلال ملاحظاته العروضية ودقتها، ففي قصيدة الشاعرة جليلة رضا التي عنوانها: "ضعف المرأة"، تنبه باكثير لخلل عروضي غفلت عنه الشاعرة مع تمكنها من النظم، وقد لا ينتبه له كثير من القراء، فصحَّحه باكثير ليصبح البيت هكذا([31]):

    أنت لي مهما تناسيت ليالينـا الغوالـي
    رغم هذا الزهو والخَيْلةَ لي رغم التعالي

    فقد ذكر باكثير في الهامش أن كلمة (الخيلة) كانت "في الأصل الخُيَلاء ولا يستقيم به الوزن فوضعنا الخَيْلة مكان الخيلاء واللفظان بمعنى واحد". وهذا يدل على تمكن باكثير من علم العروض ومن علم اللغة حيث استطاع بسهولة أن يغير كلمة بكلمة من نفس الجذر اللغوي تؤدي نفس المعنى وتحل مشكلة الخلل العروضي. خاتمةوهكذا نرى أن هذا الكتاب يُعد مهماً للباحثين والدارسين في أدب باكثير لأنه يعينهم على معرفة عمق ثقافته وتمكنه اللغوي. كما يلقي الضوء على إسهامات باكثير في خدمة الأدب العربي من خلال عمله في لجنة الشعر. وقد سبق لباكثير أن حقق ديوان صالح الشرنوبي وشرحه واختار ما يصلح منه للنشر وقدم له بمقدمة نقدية ضافية، ونشرته لجنة الشعر ضمن سلسلة الألف كتاب.


  6. #6

    رد: صيد الشبكة - فصيح

    http://www.intiqadonline.com/archive.../educ/doc6.htm


    الناقد السيئ يساهم في تردي الإبداع
    ازدهار الأدب ومسؤولية النقد

    لم يعرف تاريخ الأدب الحديث فترة نما فيها الأدب العربي كالتي جاءت مع بداية القرن التاسع عشر والقرن الذي تلاه، حيث رافق النقد الأدبي مسيرة الإبداع في شتى تجلياته. وحفل المشهد الأدبي بذيوع أسماء لامعة في الشعر والرواية والقصة القصيرة وأدب الرحلات وبقية فنون النثر من مسرح وغيره، فمع المنفلوطي في عبراته ونظراته كان الرافعي. ومع المويلحي في "سيرة ابن هشام" كان العقاد، ومع مدوّنات توفيق الحكيم كان طه حسين.

    لقد كان النقّاد يواكبون نتاج الأدباء ولا يبخلون في تقويم أعمالهم. ولولا هذه المواكبة الجادة والمستمرة لما كان شعراء كبار في مستوى خليل مطران وحافظ إبراهيم وأحمد شوقي والبارودي والزهاوي والرصافي والأخطل الصغير.

    كان النقاد في القرنين السالفين يقرأون ما تفرزه المطابع بشكل دائم، ومن النادر أن يصدر كتاب ولا يجد صدى لدى النقاد. وظلت هذه المسيرة قائمة حتى منتصف القرن المنصرم، وهو ما انعكس إيجاباً على عطاءات الأدباء المبدعين أمثال نجيب محفوظ ويوسف ادريس وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي وفتحي غانم، في مصر، وحنا مينا وهاني الراهب وعبد السلام العجيلي في سورية، وغائب طعمة فرحان وفؤاد التكرلي ونجيب المانع في العراق، ورشاد أبو شاور وغسان كنفاني وإميل حبيبي في فلسطين، وتوفيق يوسف عواد ومارون عبود وسعيد تقي الدين وخليل تقي الدين في لبنان، وعبد الرحمن نيف في السعودية. مع العلم أن عدداً من هؤلاء المبدعين كانوا نقاداً في الوقت نفسه أمثال مارون عبود وجبرا إبراهيم جبرا اللذين سارا على منوال طه حسين الذي كان ناقداً ومبدعاً معاً.

    غير أن النقد الأدبي في زمننا الراهن فقد تأثيره على عالم الإبداع، ولولا بعض الأسماء المعروفة بالمثابرة والصدق، كالدكتور عبد القادر القط وريث الدكتور محمد مندور والدكتور طه حسين في مصر، والدكتور علي زيتون والدكتور عبد المجيد زراقط والدكتور حافظ زيتوني في لبنان وغيرهم من النقاد الجادّين لطويت صفحة مشرفة من صفحات النقد الأدبي في هذا الزمن المليء بالإشكاليات.

    إن الناقد الجيد كالصائغ الذي يصقل الجواهر ويثمنها. والناقد السيئ كالظلمة التي تسدل الستار على المواهب الأدبية فتبقى في العتمة بانتظار من يبدد هذه الظلمة ويظهر المواهب الحقيقية الى العلن.

    ولا سبيل الى نكران حقيقة جلية، وهي أن غياب النقد المسؤول، وبروز النقد المجامل قد أديا بالإبداع الأدبي الى حالة من الضعف وقد تنعكس حالة من الانحطاط. فكثيراً ما يُلمّع النقد غير الجاد والكاذب في معظمة أديباً عادياً من الظلم وصفه بالمبدع الحقيقي، فنرى ذكره وصوره ملء السمع والبصر، بل إن بعض هؤلاء النقاد المذكورين لا يخجلون من تأليف كتب "نقدية" لإطراء كاتب أو شاعر من الدرجة الثانية وكأنه في مستوى يوسف حبشي الأشقر أو سعيد عقل في لبنان أو الطيب صالح في السودان...

    عندما يتحول النقد الى وسيلة للمحاباة أو الانتفاع عن طريق قيام الكاتب المحظوظ بالصداقات، بتأمين تذاكر السفر لحضور الندوات والمؤتمرات الأدبية التي ترده بصفته صاحب منبر ثقافي في إحدى الصحف أو المجلات الى هؤلاء "النقاد"، فمن الطبيعي أن يغدو الثناء والأريحية منصبّين على الكاتب إياه دون غيره من الأدباء، الأمر الذي يجعل هذا الأديب غير المبدع مغروراً تافهاً، بسبب فقدان التقويم وانعدام كشف الأخطاء التي تصير خطايا مع الصفح عن الركاكة في الأسلوب والضحالة في اللغة.

    هل ولىّ عهد النقد الجاد الذي لا يخشى في الحق لومة لائم؟ التراث العربي يحدثنا عن أن ابن سلام في "طبقاته" لم يجد غضاضة في نقد الخليل بن أحمد الفراهيدي واضع بحور الشعر وميزانه، نقداً مراً لإحدى قصائده وقد قال فيه: "وهذا يدل على أن شعر العلماء شعر ركيك"!

    وفي خمسينيات القرن الماضي نقد مارون عبود كاتباً كان دائم الشكوى من أنه لا يجد موضوعاً ليعالجه لأن الأدباء لم يتركوا شيئاً لسواهم... فقال له مارون عبود: "ان الجاحظ كتب في الذبان فصولاً خالدة"، والوسط الأدبي في مصر لا يزال يذكر مأساة الناقد الأديب الشريف أنور المعداوي الذي كتب مقالاً نقدياً جريئاً نال من مصداقية الكاتب يوسف السباعي، إذ اتهمه بسرقة مخطوطة أبيه "السقامات" ونشرها رواية باسمه هو، مع أن الناقد المعداوي يؤكد أن والد يوسف السباعي الأديب الكبير محمد السباعي كان قد أطلعه على هذه المخطوطة واستاء يوسف السباعي كثيراً من هذا الناقد. وانتظر الى أن أصبح وزيراً للثقافة في عهد الرئيس أنور السادات، فنقل المعداوي الذي كان يعمل موظفاً حكومياً، من القاهرة الى أسوان حيث مات مقهوراً!

    هذا غيض من فيض، فهل يتحلى النقّاد في هذه الحقبة الرديئة بما تحلى به سابقوهم من النقاد العرب الذين واكبوا مسيرة الإبداع وساهموا في إنشاء ما يعرف بعصر التنوير العربي؟ أم يصرّون على مواظبة أسلوب التملق والمحاباة على طريقة "حك لي لأحك لك"، وعلى الإبداع والصدق والشرف ألف رحمة...

    عوض شعبان

    _________________

    فماذا نقول في حال المنتديات !!

المواضيع المتشابهه

  1. من موضوعاتي على مواقع الشبكة
    بواسطة محمد فهمي يوسف في المنتدى فرسان الأدبي العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-13-2019, 05:59 PM
  2. اللهجة الديرية وأصولها في فصيح اللغـة
    بواسطة أسامه الحموي في المنتدى العائلات الشامية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-26-2014, 07:23 AM
  3. هل الصمت عامي أم فصيح..؟!!
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-20-2013, 07:50 AM
  4. فصيح وعامي
    بواسطة ملده شويكاني في المنتدى فرسان التصويب
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-02-2011, 12:36 PM
  5. صيد الشبكة
    بواسطة خشان محمد خشان في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-31-2010, 06:05 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •