مصر أعظم من أعدائها
د. فايز أبو شمالة
فياليوم التالي لفوز الدكتور محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية، انتشرت في قطاع غزةنكتة تقول: اتصل الرئيس المصري المنتخب برئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب، وسأله:كيف تدبرون أمركم في قطاع غزة مع انقطاع التيار الكهربائي؟.
قالالسيد إسماعيل هنية: نطبق برنامج قطع الكهرباء عن أحياء بكاملها لعشرة ساعات أوأكثر، لنزود مناطق أخرى انقطعت عنها الكهرباء لنصف يوم أو أكثر. وأضاف إسماعيلهنية فرحاً: هل أفهم من سؤالكم يا سيادة الرئيس، أن لديكم النية في مساعدة قطاع غزة،وتوفير ما يحتاجه السكان من طاقة كهربائية؟
فقالالرئيس المصري: على العكس من ذلك، أريد منك أن ترسل لنا في مصر تجربتكم في هذاالمجال، فإننا بصدد تطبيق برنامج قطع الكهرباء المعمول فيه في قطاع غزة على سكانجمهورية مصر العربية!
النكتةالسابقة سمجة، وغير مضحكة، ولكنها تفضح العقلية التي تآمرت على قطاع عزة بعد فوزحركة حماس في الانتخابات البرلمانية، هي العقلية نفسها التي تتآمر على مصر العربيةبعد فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة الجمهورية، ويكفي التدقيق في انقطاع التيارالكهربائي عن القاهرة الكبرى، وما يرافق ذلك من تشويش للحياة العامة، ومن تعطيلللمصانع، وتوقف لمحطات المترو، لندرك أن الذي يجري في مصر هو عمل تخريبي متعمد، لايقف من خلفه أفراد، ولا هو ناجم عن أعطال فنية، ولا هو نتاج نقص في الطاقةالكهربائية، إن الذي يجري في مصر هو نتاج تنسيق أمني بين أعداء الثورة المصرية منمتكسبين ومنحرفين محليين وعرب ودوليين، ينظمون عمليات التخريب التي لا تهدف إلى الإساءةللرئيس المنتخب بمقدار ما تهدف إلى تكسير عظم الدولة المصرية، وسلخ لحم تماسكها، وتحطيمروح التمرد التي سكنت مفاصل المصريين!.
فيمطلع هذا العام 2012، أقمت في مصر لمدة ثلاثين يوماً، لم ينقطع خلالها التيارالكهربائي عن شبرا مصر لدقيقة واحدة. فما الذي تغيير منذ شهر يناير حتى شهر يوليو؟هل تضاعف عدد المصريين؟ أم هل تضاعف عدد المصانع؟ أم هل تكاثر المتآمرون؟!
التجربةالفلسطينية تقول: إذا كان قطاع غزة الذي لا يتجاوز عدد سكانه سكان حارة صغيرة فيمصر، قد انتصر على الانفلات الأمني المتعمد، وكسر رأس المنفلتين، وإذا كان قطاعغزة الذي لا تتجاوز مساحته مساحة ميدان رمسيس في القاهرة، قد انتصر على محاصريه،وصمد مع انقطاع التيار الكهربائي، ورفع رأس الواثقين، وإذا كان قطاع غزة الذي تلفهإسرائيل بحقدها، وتطبق عليه بجيشها، قد انتصر بإرادته على جبروت جلاديه، فمن بابأولى أن تنتصر مصر العربية، وأنت تزهو بكرامتها على كل المتآمرين.
إنمصر بلاد الله الواسعة، إن مصر كرامة العرب الساطعة، إن مصر أمة قد رفعت رأسها،ولن تركع لغير خالقها، بعد أن تذوقت لذة التمرد، وكسرت قمقم القمع، وانطلق عملاقالكرامة في سمائها، إن مصر التي تنفست الحرية بانتخاب الرئيس محمد مرسي، لن تعودإلى العبودية، حتى لو جاعت، ولو عطشت، ولو باتت على العتمة، ولو توقف مؤقتاً حالها،فمصر أعظم من أعدائها، ومصر هي التي تضيء الشرق كله بالمحبة رغم ثقل أحمالها.