رأس الأفعى....

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

انتفض من نومه فزعا ً...صارخا بصوت ٍ عال ٍ مرعب:
-قتلتُها نعم قتلتُها لأنها قتلت أخي في ذاك اليوم ِ الأسودِ الرهيب...
هرعت إليه أمُه ُ مستغربة ًمن تصرفه ِ المفاجئ..وذهنُها عالق ٌمازال َ في قضاياها مع ضُرتها التي تهادنها مرغمةً , كي تكسِب َ حب َّزوجِها الصعب َالمراس...
فكرُ ها مشغول ٌ دوما ومشوش ٌ كالزمن العاري الذي لا يُقرُّ بالحقيقة ِ المرة...نعم هي خطفته منها.. ودخلت حياتَها بطريقة ٍ غير شرعية ..وصارتِ الأقرب! ..
-مالك يا بني خيرا ً أهو كابوس مزعج ٌ من جديد؟
- آوه يا رأسي , نعم يا أمي أكادُ اختنق.. وأكاد أموت فزعا ً..
-هل هي الأفعى ذاتُها؟ ذات ِ الرأس ِ الكبير البشع؟
-نعم هي ذاتها , أنا رأيت نهايتها .. قتلتها وكدت ؟أهشم ُ رأسها بيدي الاثنتين ..
-هل هشمت رأسها فعلا؟لأنه أمر لا تحمد عاقبته في منطقتنا لو لم تفعل ,..فحقدهم دفين دوما لا ينتهي ولا يكل ولا يمل..فأحيانا كثيرة ندفع ثمن أخطاءنا دما وروحا غالية, آه ذكرتني بأ بي متعب مختارَ قريتنا الصغيرة ,آه كان لا يصاحب إلا أصحاب َ الأعمال الكبيرة ومؤسسيها الكبار,كي يكسب َ إلى جانبه كوادر تنصرهُ وترفده ويكسِب المؤسسة ,ويضعها كلها في جيبه اللعين ,تعلم يا بني تعلم ولاتكن مثاليا بسذاجة..
الابن -. لست متأكدا ..لكننا رحلنا إلى مدينة أخرى...و أظن أن هذا يكفي ...
الأم- صحيح ..لكن لم لا يكون العكس؟ لم لا يكون كبار تجار المنطقة يبحثون عن منافذ لهم عبر المختار وأمثاله؟
آه نعم صحيح الأمر في الحالين ممكن الحدوث , على كل ٍ الموضوع انتهى ...رغم الخطر الذي تركتَه للأهالي هناك...
الابن-لا أظنها ورائي أو أنها ستلحقُ بي , كيف ستقطع كل تلك المسافات ِ الشاسعة ِ ,كيف نزرع ُ الخوف في جنبينا من فكرة أسطورية! وقصص الرخ والبومة , بكل الأحوال يجب أن أجدها وأهشم ُ رأسها ...كان خطئي الوحيد نعم ..وغلطة الشاطر بألف.. دوما كنت ُ دقيقا في تخطيطي إلا هذه المرة , كان حزني على أخي يحرقني و يؤلمني حتى الصميم وهو يتلوى أمامي وأنا عجزت عن إنقاذه فقد أتيته متأخرا جدا..
الأم -و قد كانت هذه المرة أهم كل المرات, لا تذكرني بتلك الأيام الخوالي التي ذبت فيها ألما لفراقه, كله بسبب غيابي وجلبي بعض الخضار لأبيك من الحقل وهانحن الآن لا نراه إلا قليلا , يا للسخرية والألم,كان زينة أهل الحي وأفضلهم..هل كنت تغار منه؟
- سامحك الله يا أمي كل منا له صفة وطباع اختارها الله له, و بكل الأحوال ,كان يجب أن تكون نهاية تلك الأفعى حاسمة وقاطعة..
-اشرب يا بني كاس الماء هذا واستعذ بالله ,واهدأ لعل الأمر عارضٌ نفسيٌ فقط...وكل ربك يا بني هو عالم بالحال ...خرجت من الغرفة ِ وهي منشغلة ُالبال أكثرَ وأكثر ,محمرة الوجه مضطربة َ النظرات ِ , وهي تتلفت ُ إلى الوراء ِ , وتغلق باب الدار بإحكام , وبحركة لاشعورية..
الابن -لا أعرف في عمري قط أن حيوانا لحق بغريمه أو صاحبَه سوى الحمام ِ الزاجلِ .
مؤكد ٌ هناك غيره , فغريزة ُ الحيوان قوية ً وليست مثلنا .
الام -ربما ..لا تدخل متاهات ِ الأساطير ِ أرجوك ...لا أحبها أبدا ً ,معظمُ ها كذب وتسخير لغايات من ابتكرها صاحبها, تارة تكون غايات شريفة مبررة , وكثيرا جدا ملوثة بعاهات عصرها..
-نعم
عاد لنومه معتدلا في استلقائه وكأنه ارتاح قليلا ونادى من سريره:
-أمي أعدي لنا فطورا لذيذا ,فأنا جائع جدا
حاضر يا احمد...
بعد دقائقٍ قليلة ٍ ,امتد رأس من بعيد...نفذ من شباك الشرفة ِ الموارب بابُه....ليسمعا صراخ ولِحاق أهلِ القرية...

أم فراس 12-12-2010