بئس الضجيع
***
شعر
صبري الصبري
***
يا شِعْرُ بلّغ للجميع مقالي= وأذع عليهم محنة (الصومالِ)
قوم جياع بالفيافي أقفرت = ما بين صخر جامد ورمالِ
وصراخ أطفال بصوت خافت =من فرط وهن مطبق بنكالِ
وجلود أجسام تشكَّل سمتها =كخريطة إنسية الأميالِ
وشخوص أشباح لخلقٍ أصبحوا =في قبضة جهرية الأغلالِ
بعراء عوز مفجع آلامه =نادت بجوف في المجاعة خالِ
حل الهلاك فلا مغيث بنكبة = نكبتهمُ بفظاعة الأهوالِ
شح الغذاء وإن صدقت فلا غذا = لهمُ ولا ماءٌ بجوف قلالِ
جفت مراعيهم فمات قطيعهم =بين الدروب توشحت بكلالِ
والروضة الغناء أضحت مرتعا =للدود ينهش من مضى لزوالِ
والطير ولَّى من مراتع بلدة =صار خرابات بلا إظلالِ
ما عاد يهوى بالغناء مرابعا =كانت بروض مثمر وظلالِ
والحرب بثت بالضعاف سعيرها = ما بين فقر مدقع وقتالِ
فكأنهم أسرى بقيد خصومهم =شدوهمُ في هولهم بحبالِ !
ما بين سندان المجاعة حوصروا = بمطارق شتى من الأعطالِ
حتى تهاوى صرحهم في لجة =أودت بهم بمساوئ الأحوالِ
نهبت معايشهم معاول هدمهم =لكيان (صومال) هوى بمهالِ
وتفرقت أركان دولتهم عوت = فيها ذئاب الحزن والبلبالِ
وتخاصم الأهل الذين تسلحوا =بالعجز والتخريب والإهمالِ
يا ويح من غرسوا الحراب .. حقولهم = غلَّت حروبا في نماء خبالِ !
تلك المآسي أقبلت بأوارها =بلظى سعير حارق الأرتالِ
بئس التناحر للزعامة ويحكم =عودوا لرشدكمُ بغير جدالِ
وكفاكمُ الجوع المميت لشعبكم = نشبت أظافره بقلب عيالِ
وتمكنت من جسم شعب صابر =بالكدح يحيا في حمى الأطلالِ
كانت لديكم بالرخاء حضارةٌ =بادت وولت في بعيد منالِ
والآن مأساة الهلاك تجذرت =فيكم كهم راسخ كجبالِ
ما عدت أقدر أن أنام وأنتمٌ =بالجوع جال بأبشع التجوالِ
هل يهنئ العيش اللذيذ وأخوة=في الدين في هول ببؤس مآل ؟!
هل يأكل الإنسان حلوى عيده =وهمُ بــ(صومال) بغير غلالِ ؟!
هل يضحك الضاحي بملأ لهاته=والدمع يملأ أعين الأطفالِ ؟!
ماتوا بصومال المجاعة جهرة=ولهم أنين صارخ بسؤالِ
أين الكرام المسلمون وغوثهم=أين الأيادي أقبلت بالمالِ ؟!
أين الغذاءُ مع الدواء وأين ما=جبلوا عليه برحمة ووصالِ ؟!
أين المنابر بالخطابة ذكرت=قومي بحق واجب الإرسالِ ؟!
أين الذين لهم ثراء بالغنى=ولهم رصيد ذاخر الأموالِ ؟!
أين القوافل بالإغاثة أنقذت=من كان حيا في رؤوس جبالِ ؟!
أو بالسهول تحجرت ذراتها=بعد الجفاف بوفرة الأسمالِ
بالله قوموا محسنين إليهمُ=مدوا إليهم عونكم في الحالِ
كونوا الأطبة بالحنانة طببوا=لهمُ الجراح بأحسن استقبالِ
كونوا طهاة مطعمين بطونهم=فـ(الجوع كافر) يا أولي الأعمالِ !
يا من جعلتم بالحياة قصوركم=أبهى الزخارف في أتم نوال
يا من حسبتم للسبائك وزنها=تبرا تكاثر بينكم بحلالِ
يا من ضربتم في التكافل للورى= بالبذل أجمل أسوة ومثالِ
يا من أغثتم بالإغاثة مسلما =يهفو إليكم يا أحن رجالِ !
هيا إليهم مسرعين فإنهم =أضحوا بناب الجوع كالغربالِ
بئس الضجيع ضجيعهم في بؤسهم = فقر الجياع بأثقل الأثقالِ
وتنوعت فيهم شدائد كربة =تسري بداء في العظام عضالِ
هل تتركوهم للفناء ؟! وإن يكن =سيكون عارا في نهى الأجيالِ
ومراحل التاريخ تشهد أننا =أهل التكافل معشر الأبطالِ
لأخوة الإسلام حق ملزم =بزكاتكم للمعسر الميَّالِ
للمحسن الزاكي الهصور المعتني= نضر السماحة ذي الندى المفضالِ
يا شعر حرَّك في القلوب عناية =بهم بنص صادق الأقوالِ
وأذع لكل الناس نبض قصيدة =لامية بـ(الكامل) المنوالِ
فلعل قومي باستماعٍ منصت=لحروف شعر دامع الموالِ
ولعلنا جمعا نهب بنجدة=لهم بعزم مسرع متوالِ
وجزاكمُ الله المهيمن فضله=يا من بذلتم واسع الأفضالِ
صلى الإله على النبي المصطفى=طه (محمد) (أحمدٍ) والآلِ
والصحب والأزواج ما هبت صبا=بعطاء ربي الواحد المتعالِ !