صَراحَةٌ مُفرِطَة !!
..
أَيَنبُتُ إِلَّا مِنْ مَهانَتِنا القَهرُ !؟=وَ يَهزَأُ إِلَّا مِنْ مَخاوِفِنا الدَّهرُ !؟
وَ يَشرَبُ إِلَّا دَمعَ أَعيُنِنا النَّوَى !؟=وَ يَأكُلُ إِلَّا لَحمَ غُربَتِنا الهَجرُ !؟
وَ مَنْ باعَ بَعدَ السُّؤدُدِ العِرضَ لَمْ يَزَلْ=تُسُوِّدُ سِيرَتَهُ البَذاءَةُ وَ العُهرُ
وَ ما خَلَّفَ القَوَّادُ إِلَّا دَعارَةً=وَ ما وَرَثَ الأَبناءُ عاثَ بِهِ الفَقرُ
وَ مَنْ لَمْ يَمُتْ فِي ذَودِهِ عَنْ حِياضِهِ=عَلَى مائِداتِ الخَوفِ ماتَ . وَ لَا فَخرُ !
فَيا شِعرُ ؛ لَا تَستَنطِقِ الآهَ مِنْ فَمِي=وَ أَنتَ بِحَدِّ الآهِ , يَشطُرُكَ السَّطرُ !
حَمَلتُ - بِسُهدِ اللَّيلِ - أَثقالَ نَجمِهِ=لَعَلَّ ظَلامَ اللَّيلِ يَفلُقُهُ فَجرُ
وَ عَلَّ نَسِيمَ الصُّبحِ يَأتِي بِنَفحَةٍ=تَرُدُّ لِيَ الأَفراحَ , يَحمِلُها عِطرُ
فَما ازدَدتُ إِلَّا حَسرَةً فَوقَ حَسرَةٍ=وَ ما نِلتُ إِلَّا ما تَهَيَّبَهُ العُمرُ
عَلَيكَ سَلامُ اللَّهِ يا عُمرُ ؛ قَدْ مَضَى=زَمانُكَ , وَ اسوَدَّتْ مَرابِعُكَ الخُضرُ
وَ جَفَّ رَحِيقُ الأَمسِ وَ اخشَوشَنَ الهَوَى=وَ غِيضَ سَبِيلُ العِشقِ وَ انحَسَرَ النَّهرُ
وَ ما يَفعَلُ التَّحنانُ ؟ وَ الرَّبعُ فارِغٌ !=وَ ما يَنفَعُ التَّذكارُ ؟ وَ النَّافِدُ الصَّبرُ !
فَلا تَرجُ بَعدَ الشَّيبِ عَودَ نَضارَةٍ=فَلَيسَ يَرَدُّ العَصرُ ما صَرَمَ الظُّهرُ
وَ لَا تَرجُ مِنْ هَذا الزَّمانِ عَدالَةً=فَقَدْ خانَتِ الأَيَّامُ وَ انقَلَبَ العَصرُ
مَصِيرُكَ مَقدُورٌ وَ ضَعفُكُ بائِنٌ=وَ وَقتُكَ وَحشٌ فِي نَواجِذِهِ غَدرُ
وَ هَمُّكَ مِنْ صُنعِ الذِينَ تَسَيَّدُوا=وَ بُؤسُكَ إِنْ تَخضَعْ لِإِمرَتِهِ يُثرُوا
تَعِيشُ عَلَى كَفِّ الحُكُومَةِ طاوِيًا=وَ بَيتُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ بِهِ سُكرُ
تَدُورُ بِكَ الأَحلامُ سَكرَى بِنَزفِها=وَ دارُ " أَبِي سُفيانَ " دارَ بِها خَمرُ
وَ شِعبُ " أَبِي جَهلٍ " تَلُوكُ تُرابَهُ=عَلَى عَطَشٍ , وَ الماءُ فِي يَدِهِ قَطرُ
هُوَ الواقِعُ المَهزُومُ أَرخَى ظِلالَهُ=عَلَيكَ , وَ ما أَرخَى سَتائِرَهُ النَّصرُ
تُراقُ دِماءُ الخَلقِ ! لَا أَعيُنٌ رَأَتْ=وَ لَا أُذُنٌ - يا رَبِّ - أَرهَقَها خُبرُ
وَ يَجلِدُنا سُوطُ السَّلاطِينِ فِي الدُّجَى=وَ كُلُّ صَباحٍ لَا يُذاعُ لَنا سِرُّ
وَ رُبَّتَما أَعجَبنَ مالِكَ أَمرِنا=كَواعِبُ هَذا الحَيِّ ! فَهْوَ لَنا صِهرُ !
نَسُوقُ لَهُ سَوقَ الشِّياهِ نِساءَنا=وَ لَا ثَمَنٌ يُخفِي البِغاءَ وَ لَا مَهرُ
جِباهٌ عَلَى وَحلِ المَجاعَةِ مُرِّغَتْ=وَ شُجَّتْ صُدُوغٌ وَ الأُنُوفُ لَها كَسرُ
فَلَسنا سِوَى شَعبٍ عَلَى الذُّلِّ مُدمِنٍ=وَ لَيسَ لَنا حَولٌ وَ لَيسَ لَنا أَمرُ
وَ لَيسَ بِعُجبٍ أَنَّ لِلعَجزِ غابَةً=إِذا غابَتِ الآسادُ سادَ بِها الهِرُّ
وَ لَيسَ غَرِيبًا أَنَّ لِلرُّعبِ رِعدَةً=وَ أَنَّ جِراءَ الكَلبِ دَيدَنُها سُعرُ
وَ أَنَّا نَرُدُّ الظَّالِمِينَ بِرِشوَةٍ=وَ نَدفَعُ عَنَّا ما يَضِيقُ بِهِ الصَّدرُ
فَأَرفَعُ مَسؤُولٍ مُغَطَّى بِقِشرَةٍ=وَ كُلُّ كَبِيرٍ - فِي النِّظامِ - لَهُ سِعرُ !
يُؤَمَّنُ فِينا كُلُّ باغٍ وَ ظالِمٍ=وَ يَحكُمُ فِي أَحوالِ عِيشَتِنا غِرُّ
وَ حالُكَ يا شَعبي كَمَنْ خافَ ظِلَّهُ=فَرانَ عَلَيهِ - فَوقَ ذِلَّتِهِ - ذُعرُ
أَلَا تَبَّتِ الحاجاتُ ؛ فَهْيَ مَذَلَّةٌ=وَ ما زادَها إِلَّا بِفاقَتِكَ القَسرُ
وَ تَبَّ مِنَ الإِيمانِ والٍ تَسُبُّهُ=إِذا غابَ ؛ لَكِنْ بِالحُضُورِ لَهُ الشُكرُ
وَ تَشتُمُهُ بِالسِّرِّ وَ العارُ شاهِدٌ=وَ تَمدَحُ - يا لَلعارُ - وَ الشَّاهِدُ الجَهرُ
فَإِنْ كُنتَ بِالتَّغيِيرِ - تَغفُو - مُؤَمَّلًا=فَما حَكَّ جِلدًا مِثلَما فَعَلَ الظُّفرُ
وَ خَيرُ إِمامٍ مَنْ تَحَلَّى بِعِفَّةٍ=وَ شَرُّ رَعاعِ النَّاسِ مَنْ صَبَغَ الكُفرُ
وَ أَعظَمُ ما تُبدِيهِ فِي المَوتِ وِقفَةٌ=وَ أَفصَحُ ما تُهدِي لِمَنْ نَكَصَ الزَّجرُ
وَ إِلَّمْ يَكُنْ لِلشِّعرِ دَورٌ بِنَهضَةٍ=( فَلَيسَ جَدِيرًا أَنْ يُقالَ لَهُ : " شِعرُ " )