الفلسطينيون يقيمون أكبر منطقة صناعية في بيت لحم
تاريخ النشر : 2010-04-15
القراءة : 4341
غزة-دنيا الوطن
يقاتل الفلسطينيون على جبهة التخلص من التبعية الاقتصادية للاحتلال، كما يقاتلون من أجل التخلص من الاحتلال نفسه. لكنهم يواجهون باتفاقيات اقتصادية تضع كثيرا من العراقيل أمام تقدمهم الاقتصادي، وقعها الفلسطينيون بأيديهم.
ويضع الفلسطينيون صوب أعينهم مهمة التخلص من هذه التبعية تدريجيا. وفي هذا السياق تأتي المنطقة الصناعية في محافظة بيت لحم جنوب وسط الضفة الغربية، التي وضعت السلطة، الأسبوع الماضي، حجر الأساس لها وتعتبر الأكبر في الضفة الغربية. وتسعى السلطة من وراء هذه المنطقة إلى تعزيز نموها الاقتصادي وجذب مستثمرين عرب وأجانب، على طريق التحرر الاقتصادي.
ولم تكن هذه المنطقة الصناعية التي تدعمها فرنسا المحاولة الأولى للسلطة، بل كانت هناك محاولات شبيهة في جنين وأريحا، لكنها بقيت مجرد حبر على ورق، بسبب العراقيل الإسرائيلية التي لا تنتهي.
ويأمل الفلسطينيون أن ترى المنطقة الصناعية الجديدة التي ستمتد على مساحة 20 هكتارا جنوب بيت لحم عند سفح جبل الفرديس الشهير (النور)، وستستحدث ما بين 500 إلى 1000 وظيفة بشكل دائم، منتصف العام القادم.
ويبدأ العمل في المشروع المشترك بين القطاعين الخاص والعام، الفلسطيني والفرنسي، بداية العام القادم، وستنفذ المشروع شركة «بي إم اي بي» التي يشارك فيها مستثمرون فرنسيون وفلسطينيون من القطاع الخاص والوكالة الفرنسية للتنمية. لكن السلطة بدأت بأعمال البنية التحتية الخارجية، كما قال محمد ذكري، مدير المنطقة في هيئة المدن الصناعية.
وعمليا، تم صب بعض الأساسات في أرض قاحلة كبيرة وفرتها وزارة الأوقاف الفلسطينية مقابل 50 ألف دينار سنويا.
وخصصت فرنسا عبر وكالة التنمية الفرنسية عشرة ملايين يورو «لدعم جاذبية» المنطقة الصناعية عبر تمويل شبكتي صرف المياه والكهرباء والصرف الصحي، والطرق.
وأكد ذكري أنه لا عقبات تواجه العمل حتى الآن في المنطقة الخاضعة للسيطرة الفلسطينية. وقال إن اتصالات ستجرى مع الإسرائيليين من أجل شق شارع يُربط بأحد الطرق الالتفافية التي تربط بين بيت لحم والخليل.
ودشن وزير الصناعة الفرنسي كريستيان استروزي، ووزير الاقتصاد الفلسطيني حسن أبو لبدة المشروع يوم الخميس الماضي. وقال أبو لبدة إن المنطقة ستكون أكبر حاضنة صناعية في الأراضي الفلسطينية، معتبرا أن «العائدات ستكون مفيدة جدا للفلسطينيين». ويأمل أبو لبدة في أن تشكل المنطقة الصناعية عامل جذب استراتيجيا للاستثمار المحلي والأجنبي.
وقالت فاليري هوفنبرغ، ممثلة فرنسا الخاصة للأبعاد الاقتصادية والثقافية والتجارية والتربوية والبيئية في عملية السلام في الشرق الأوسط «إن الهدف يتمثل في مساعدة الفلسطينيين على الحد من التبعية للمساعدات (الأجنبية) بفضل القطاع الخاص».
ورد الوزير الفرنسي، استروزي، بقوله إن الاقتصاد أحد المحاور لمعالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإن المنطقة الصناعية مثال حي لهذا الخيار الاستراتيجي. ومن وجهة نظر استروزي فإن المنطقة الصناعية تشكل رسالة أمل للسلام من خلال التنمية الاقتصادية.
ويخطط كثير من الشركات الفلسطينية والفرنسية المهتمة بصناعات السيارات، والملابس، ومستحضرات التجميل، والبلاستيك، والأغذية، والأدوية، للعمل في المنطقة الصناعية. وقال ذكري إن بعض الشركات حجزت فعلا في المنطقة الصناعية ومن بينها شركة السيارات الفرنسية «رينو».
وأكد استروزي أن هناك رغبة كبيرة لعدد من الشركات الفرنسية بالاستثمار في هذه المنطقة، وذكر بالإضافة إلى «رينو» شركة الاتصالات الفرنسية ومراكز أبحاث في معالجة المياه. كما سيوفر المشروع مركزا للتدريب المهني.
ويقول أبو لبدة إن المشروع استراتيجي بالنسبة للسلطة، ووعد أبو لبدة المستثمرين الفلسطينيين والفرنسيين، في اجتماع في بيت لحم، بتقديم كل التسهيلات في سبيل إنجاح المشروع.
وأضاف أبو لبدة أول من أمس في مؤتمر للمال العربي في الناصرة في إسرائيل «إن الحكومة تعمل على توفير مقومات التقليص التدريجي لهذه التبعية تمهيدا لإعادة صياغة العلاقة مع الاقتصاد الإسرائيلي على قاعدة الندية والاستقلالية والمنافع المتبادلة».
ووجه أبو لبدة دعوة جريئة للمستثمرين الإسرائيليين للاستثمار في الأراضي الفلسطينية في فلسطين، وقال «فلسطين مفتوحة على المبادرات المشتركة والتعاون الاقتصادي بين الشركاء المتكافئين في الفرص والحقوق والواجبات، وأتوق إلى اليوم الذي تقوم فيه الشراكات الاستثمارية بين المستثمرين في دولتي فلسطين المستقلة وإسرائيل المسالمة، بصفتها الجار الطيب، وليس المحتل لإرادة وحرية وحقوق شعب آخر».
وأضاف «إن واقع العلاقة بيننا يعبر عن اختلال قابل للتجاوز، فبحسبة بسيطة لهذه العلاقة ستكتشفون سريعا أنها محصورة غالبا في المجال الاستهلاكي، ونحن بحاجة ماسة لكم في أسواقنا لتأتوا وتشتروا وتسهموا في تحريك الركود التجاري المزمن بفعل استمرار إجراءات الاحتلال، لكننا نريدكم أيضا مستثمرين وشركاء وروادا وأصحاب عمل وصناعيين في كل مجالات النشاط الاقتصادي، ونتطلع إلى عقد المشاورات المستمرة بينكم وبين قطاعنا الخاص للخوض في مشاريع مشتركة». وتابع «لا أقلل من أهمية السير قدما في التخطيط لاعتبارنا قاعدة انطلاق لاستثماراتكم في العالمين العربي والإسلامي».
http://www.alwatanvoice.com/arabic/content-148334.html