دمشق الشام
دمشق الألم والأمل والتاريخ:
على واقع النكبات والنوازل التي حلت في الأمة من بعد اتفاقية سايكس بيكو لسنة (1916م)، وما زالت تدفع من ضريبة هذه النكبات، وبينما الأمة تعيش هذا الواقع المؤلم، والذي ينخر في وجودها، ها هي تتعرض اليوم لخطر جديد جاء ليكون أشد إيلامًا مما أصابنا، إنه استهداف الإسلام والأمة كلها والوطن جميعه بكل طوائفه في ثوابته وأصوله إنه الخطر الغزو القادم علينا من كل حدب وصوب---------
دمشق الألم والأمل والتاريخ:
أتى على دمشق أيام رخاء ونعمة، وأيام بؤس وشدة، فما أبطرها الرخاء، ولا قضت عليها المحن.. امتنع بها الرومان وحصنوها، وتتالت الأيام بعدهم، وأرادوا أن يطفئوا نور الله الآتي من الأراضي المقدسة، فما أفلحوا لأن الله تكفل بالشام وحراستها، فلما عمها ذلك النور كانت عاصمة الدنيا قاطبة؛ بل أم الدنيا، فيها كان الخليفة يحكم بلادًا تراخت بين الأندلس والسند، والقسطنطينية وأواسط آسيا وأواسط أفريقية، وارتفعت مكانتها في العالم وقتئذٍ كعاصمة لدولة انفردت في قوتها وسعة جغرافيتها، فنشرت حضارة الإسلام الانسانية العظيمة في الأراضي التي ألحقتها بجغرافيتها.
ولم تكن مدينة دمشق في ظل الحكم الأموي، إلا امتدادًا لدولة المدينة المنورة التي أرسى دعائمها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يكن حكامها ورجالها وسكانها الذين استوطنوها، إلا من أحفاد أولئك الذين وفدوا من الجزيرة العربية، فاستوطنوها كحملة لرسالة الإسلام، ودعاة له ومجاهدين في سبيله، فتلك هي قصة دمشق عاصمة الإسلام الثانية، وحاضرة الخلافة الأموية.
دمشق بني أمية:
فتلك هي دمشق بني أمية كما وصفها غوستاف لوبون عندما قال: ((أبان العرب - المسلمون - عن تسامح مع كل مدن الشام، فرضي أهلها بسلطانهم، وقبلوا دين الفاتحين وتعلموا لسانهم))، وأصاب دمشق من عناية بني أمية، ما أصبحت فيه عاصمة أعظم دولة، وبهمتهم وعبقريتهم امتد عمرانها، وانتشر الإسلام والحضارة الانسانية في بقاع آسيا وأفريقيا والأندلس من أوروبا، وذاق سكان هذه الأمصار عظمتها بما لمسوه من عدالته، وعرفت هذه الشعوب الاستقرار والأمان وسعة العيش، بعد أن كانوا لا يعرفونه في بلادهم، فغدت دمشق حينها من أعظم عواصم الدنيا بما يسودها من سيادة للقانون والعدالة الذي لم يكونوا يعرفونه قبل الرسالة الأمر الذي دفع شاعر بني أمية الأخطل في وصف حكام هذه المدينة بقوله:
حشد على الحق عياف الخنا
أنف إذا ألمت بهم مكروهة صبروا
شمس العداوة حتى يستقاد لهم
وأعظم الناس أحلامًا إذا قدروا