مما لا يعرفه كثيرون عن الوالد العلامة أنه كان في شبابه متأثراً غاية التأثر بفكر العلامة الشيخ أبي الأعلى المودودي.
قارع المودودي الغزو الثقافي أو ما يسميه العبودية الفكرية للغرب التي تسربت إلى العالم الإسلامي عن طريق مناهج التعليم. "وإن من الحق الذي لا مرية فيه أنه مهما كان من الفائدة التي نالت مسلمي الهند من التعليم الجديد، من ناحيتي السياسة والاقتصاد، فإن الخسارة التي قد جرها هذا التعليم على دينهم وحضارتهم لا يمكن أن تتلافى بأية منفعة أو فائدة" (5) . والغريب أن بعض العلماء التقليديين اتهموا أبا الأعلى المودودي بتأثره بالفكر الغربي بسبب إصراره على الاجتهاد (6).

لكن كل هذه الانتقادات لم تمنع المودودي من الحديث عن إيجابيات هذه الحضارة إذ لا مفر من التواصل الحضاري بين الأمم.
نظرة المستشرقين

يعتبر كثير من المستشرقين الإمام المودودي من أكبر المفكرين الإسلاميين في العصر الحديث والمنظر الأول لما يسمونه ب "الإسلام السياسي" والمدبر الفكري للحركات الإسلامية المعاصرة.

وصفت الصحيفة الأمريكية نيويورك هيرالد تربيون المختصة بالشؤون الدولية المودودي ب "رجل سياسة من صميم القلب وعدو لدود للشيوعية" وهو جدير بالإعجاب إذ استطاع أن يشق الطريق لحزبه خلال أعوام فترة الأحكام العرفية بين 1958-1962م، حين كان أي نشاط سياسي محظوراً. فلما رفع الحظر كانت الجماعة أول حزب ينطلق، ولم تزل على صلة بالشعب أوثق من صلة أي حزب آخر في باكستان.

وترى صحيفة تايمز اللندنية في الجماعة الإسلامية الحزب المنظم الوحيد الذي يحمل برنامجاً محدداً ويشكل التحدي الوحيد لسلطان الحكومة الذي لا يقبل المنازعة.
إنتاجه الفكري

في نوفمبر 1972م استقال أبو الأعلى المودودي من إمارة الجماعة الإسلامية وتفرغ للعمل الفكري، وأعد كتاباً في السيرة النبوية بعد أن أتم تفسير القرآن في يونيو من العام نفسه.

وكان مجمل ما قدمه للمكتبة الإسلامية يربو على ال70 كتاباً ورسالة في القرآن والحديث والسيرة والفقه والقانون والسياسة والاقتصاد والتاريخ...

وقد لعبت شهرة المودودي كمنظر لدولة باكستان، ونشاط الجماعة الإسلامية في بريطانيا خاصة في أوساط الطلبة، وزياراته للعالم الإسلامي دوراً كبيراً في انتشار كتبه.


يقول وحيد الدين خان في كتابه خطأ في التفسير:

"إن اعتراضي في الواقع على شرح وتفسير الهدف (الإسلامي) كما قدمه الأستاذ المودودي في مؤلفاته، فإقامة الحكومة الإلهية لا ترد اعتراضي (...) ولكن اعتراضي في الأصل على ذلك التفسير الذي يقول : إن المقتضى الحقيقي للدين وهدف المؤمنين هوالسعي لإقامة حكومة إسلامية في هذه الدنيا.." (7) . وهذا النقد وجهه له أيضاً الشيخ أبو الحسن الندوي في كتابه التفسير السياسي للإسلام.

وهاجم كثير من العلمانيين المودودي بقسوة وعنف واتهموه بالتعصب المقيت والتحجر في الفكر، وأنه فإذا كانت آراؤه تتناسب ربما مع الظروف التاريخية التي عاشتها باكستان فإنها تتناقض تناقضاً صريحاً مع ما هو قائم في العالم العربي. (8)

كيف يجب إذن أن نتعامل مع فكر المودودي؟ يجيب الدكتور محمد عمارة عن هذا السؤال قائلاً "لقد اجتهد المودودي وترك بصماته الفكرية على صفحة كتاب الصحوة الإسلامية المعاصرة. وهي بصمات قابلة للبحث والنقد والتقييم ولا سبيل إلى تجاهلها أو طيها بأي حال من الأحوال".
— with ‎الأديب عبد الله راتب نفاخ‎.


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي