أنماط العلاج النفسي والدور التمريضي النفسي


أولاً : مقدمة عن الجوانب الأخلاقية والقانونية في مجال التمريض النفسي

تقوم العملية التمريضية في جانب كبير منها على أساس التعليم والتثقيف المتواصل سواء للمرضى وللعاملين الصحيين في آن واحد .
ومن جملة الجوانب التي يجب التركيز عليها الجوانب الأخلاقية والقانونية سواء فيما يتعلق بالأمراض التي تتناول جانب السلوك الأخلاقي الفردي والاجتماعي وأثرها على الفرد والمجتمع وحسن تصرف العاملين الصحيين مع المرضى بحيث تكون العلاقة سليمة وصحيحة وتؤتي ثمارها في حسن ارتباط المريض بمجتمعه ارتباطاً يعتمد على السلوك الجيد أو شخصية المريض وأثرها على قبول الثقافة والرعاية المقدمة .
إنَّ لحسن تصرف الممرضة أو الممرض مع المريض ومعاملته معاملة الأخ والصديق الحميم واتخاذ الاحتياطات العامة ووجود أكثر من شخص صحي مع المريض يجنب الجميع كثيراً من المشاكل المهنية ويساعد المريض في الوقت ذاته على التواصل الاجتماعي والخروج من محنته المرضية .
إنَّ المعاملة الإيجابية باللطف ومدِّ يَدِ العون في تقديم المساعدات الطبية يجب ألاَّ تتجاوز حداً مقبولاً لكي لا يفسرها المريض تفسيراً خاطئاً فتفشل المعالجة أو قد تؤدي إلى تصرفات لا أخلاقية سواء من قبل المريض أو الفريق المعالج . وعلى الممرض أو الممرضة أنْ يعملا على بث روح الأمل والتفاؤل والثقة في نفوس المرضى، ولا بأس من إعطائهم حرية معقولة تدفعهم للشفاء .
ولدعم المعالجة لابد من تحذير المريض السيكوباثي أو المدمن على المخدرات من أن يخرج على قواعد العمل الصحي في المستشفى وما تم تشريعه من قوانين رادعة تجاه الأعمال غير القانونية ، ويجب أن يعلم مثل هؤلاء المرضى بأنَّ بعض الأمراض النفسية لا تعفي من المسؤولية القانونية الجزائية ، بل تشدد عقوبة حوادث السير الناجمة عن شرب السائق للكحول ، ويجب أن يكون العاملون في مجال التمريض الصحي على دراية كافية بالعقوبات المسلكية والجزائية القانونية التي تتعلق بالأعمال التي تضر بالفرد أو المجتمع كتهريب المخدرات والإتجار بها
.

ونلخص فيما يلي أهم النقاط الأخلاقية التي يجب تطبيقها في مهنة التمريض النفسي :
1- احترام المريض النفسي وحفظ كرامته ومساعدته على احترام نفسه وعدم السخرية منه أثناء سرد أوهامه وهلوساته .
2- الصدق مع المريض واتباع الأساليب اللطيفة عند التعامل معه وخاصة في الحالات التي قد تتطلب بعض الحزم والإجراءات القاسية نوعاً ما كالتقييد والعزل وتطبيق الصدمات الكهربائية .
3- عدم وصم المريض بمرضه .
4- المحافظة على أسرار المهنة (خصوصيات المرضى وعدم ذكر أسمائهم) .
5- المحافظة على حقوق المريض وعدم تهديده .
6- الشهادة القانونية بالحق في المحاكم العامة أو القضايا الشرعية .
7- بيان وتوضيح القوانين الصارمة بحق متعاطي المخدرات والمتاجرين بها
.

ثانياً - العلاقة العلاجية بين الممرض والمريض النفسي
:
هي العلاقة بين الممرض المُدَرَّب ذو الخلفية العلمية المهنية القادر على الرعاية الصحية العامة والنفسية والمريض المحتاج لهذه المساعدة للتخفيف عنه أو التخلص من حالته المرضية التي حلت به .


أهمية العلاقة العلاجية في نجاح تمريض الحالة النفسية
:
1- لمَّا كان فشل العلاقات أثناء الطفولة أو الشباب أو الزواج أو العمل قد يكون أحد العوامل المساهمة في إحداث المرض النفسي لذلك يمكن أن تستخدم هذه العلاقة في تعليم المريض كيفية التعامل مع الآخرين . مع العلم أنه لا يمكن التعرف على حاجات المريض وتقييم حالته بشكل صحيح إلاَّ بعد نشوء هذه العلاقة الطبية .
2- تعتبر هذه العلاقة أحد أساليب العلاج النفسي والتي يمكن استثمارها للتأثير على المريض وإقناعه في تَقَبُّل الأشكال المختلفة من المعالجات (كالصدمات الكهربائية والعلاجات السلوكية الأخرى ..) .
3- تساهم العلاقات في إحداث تغييرات إيجابية باتجاه النضج الجيد والاستجابة الجيدة .
4- كلما كانت هذه العلاقة ناجحة سَهَّلت عودة المريض إلى المجتمع والاندماج فيه
5- يزداد أثر العلاقة كلما زاد عدد اللقاءات بين العامل الصحي والمريض .


أهداف العلاقة العلاجية المهنية :
1- توطيد الثقة بحيث يمكن استدراج المريض للتحدث عن داخله ومشاكله وإخراجه من عالم الخيال إلى الواقع .
2- طمأنة المريض وتخفيف درجة توتره .
3- تأهيل المريض للاندماج الاجتماعي مع الآخرين .
4- التعرف على احتياجات المريض وتلبيتها .

قواعد بناء العلاقة العلاجية :
- أن يكون البدء تدريجياً وطبيعياً .
- أن تطبق فيها مبادئ التمريض النفسي من تقبل الحالة وتطبيق الحدود العلاجية والثبات على المعاملة وطمأنة المريض .
- استخدام الأساليب الصحية في التواصل مع المريض .
- تفهم حاجات المريض وجعله واعياً لما يفعله ولماذا ..
- تطوير أسلوب التعاطف مع المريض .
- عرض هذه العلاقة للمناقشة مع باقي فريق العمل وتدارس طرق المتابعة .
- الاستفادة من الخبرات المستحصلة من المرضى الآخرين .
مراحل تطور العلاقة العلاجية :
1- مرحلة البدء (بالتعارف) : يكون البدء كالغرباء وكثيراً ما تكون هناك صعوبة لدى المريض في الإفصاح عن مشاعره وقد يقاوم محاولات المساعدة . وأهم ما يحاول الممرض عمله أن يكسب ثقة المريض وقبوله له كرفيق . ثم البدء بجمع المعلومات عنه والمحافظة على إيجابية العلاقة .
2- مرحلة المداومة (الاستمرارية) وتتصف بـ :
• انخفاض مستوى القلق .
• ارتفاع مستوى الثقة .
• زيادة توفر المعلومات لدى الطرفين عن بعضهما وما يجب عمله تجاه الآخر .
• تعاون الطرفين على حل المشاكل الخاصة بالمريض . ويتطلع المريض إلى زيادة فرص اللقاء مع الممرض أو الممرضة معتمداً على الاستقلالية والمبادرة أو الاعتمادية وانتظار طرح الفكرة من قبل الممرض . وهنا على الممرض أن يضع خطته التمريضية في حل مشكلة المريض وجعله أكثر ثقة وتقبلاً للآخرين
وتشجيعه على الاستقلالية والمشاركة في خطته العلاجية .
3- مرحلة النهاية (الانسحاب أو الإقفال) وتتصف بـ :
• وصول المريض إلى الشفاء أو الثبات والتكامل وحصول الاستقلالية .
• بدء ظهور مشاعر الانفصال لدى الطرفين .
• قد تظهر بعض الظواهر المرضية نتيجة بدء الانفصال من ظهور النكوص أو الاكتئاب ….
وهنا تظهر براعة الممارس الصحي (ممرض أو ممرضة) في جعل هذه المرحلة سَلِسَة غير مؤذية وتمر بأقل قدر ممكن من المعاناة ، وذلك بالتخطيط المسبق لتقليل عدد الزيارات تدريجياً والسماح بإجازات طويلة يقضيها المريض خارج المستشفى مع تشجيعه على استحداث علاقات بديلة خارج المستشفى ..


ثالثاً : المبادئ العامة في تطبيق العمليات التمريضية النفسية :
1- قبول المريض كما هو : أي احترامه كإنسان ، مما يؤدي إلى انتشار الشعور بالحب والرعاية دون التساهل أو الموافقة على السلوك الخاطئ .
2- السماح بالتعبير عن المشاعر السلبية والمكظومة أو المكبوتة .
3- فهم الشخصية (الذات) كأداة علاجية : فعلى الممرض أن يعي ذاته أولاً وإمكانياته في تدبير الحالة وهدفه وخطته العلاجية وتمكنه من دقة تطبيقها ومدى مطاوعة المريض وتعاونه معه ، فإذا شك في قدرته على التصرف السليم فيجب الاستعانة بباقي الفريق وتبادل الخبرات معهم ومناقشة ردود الأفعال الممكنة ومعرفة كل هدف لكل تصرف .
4- طمأنة المريض وتفادي زيادة قلقه : من خلال بناء الثقة بذاته وبمن حوله .
5- التأكيد على الثبات في طمأنة المريض : باستخدام سلوك وخطة ثابتة
الخطوات لا تزيد من قلق المريض ويتم الاتفاق عليها بين جميع أفراد الفريق الطبي . وتحقيق النظام الدقيق في العمل من مواعيد طعام ونظافة ونوم وعلاج .. وتطبيق الحدود العلاجية كما وضعت .
6- تعديل سلوك المريض من خلال زجه في خبرات انفعالية وليس من خلال تفسيرات منطقية فإعطاء النصائح العقلانية وفرض الأوامر لا تفلح في تغيير السلوك لذا يجب التركيز دائماً على الجانب الانفعالي وليس الجانب المعرفي . كأن يعطى أعمالاً لإنجازها وتشجيعه على ما ينجزه .
7- تجنب زيادة قلق المريض دون داعٍ : كعدم معارضة المريض على ضلالاته بشكل مباشر ، وتجنب طلب مالا يستطيع عمله بحيث يعرضه للفشل ، وعدم التركيز على عيوبه .
8- تجنب استخدام القوة الجسدية أو اللفظية قدر الإمكان : فكثيراً ما يؤدي استخدام القوة إلى أذى نفسي ، ولذلك تطبق القوة عند الضرورة فقط بسرعة وحزم دون إظهار أي انزعاج أثناء التنفيذ . ولا يجوز جعل المريض يشعر بأنه يعاقب ويجب تلبية احتياجاته كالمعتاد ولا يجوز تذكير المريض بالحادثة التي يرتكبها فيما بعد ولا يجوز التلفظ بما يدل على وصمه بوصمة ما .