الإرهاب في فلسطين
صناعة صهيونية المنشأ
د. غازي حسين
ـ الإرهاب وسيلة أساسية لتحقيق المشروع الصهيوني
ـ أميركا وإسرائيل تقودان الإرهاب الدولي والحروب الاستباقية لمحاربة العرب والمسلمين.
ـ المقاومة حق مشروع للشعوب في مقاومة الاحتلال.
الإرهاب شكل من أشكال العنف يمارسه فرد أو جماعة أو دولة بهدف تحقيق أهداف معينة، وتنسب الدول الاستعمارية والصهيونية العالمية الإرهاب إلى حركات التحرر الوطني التي تكافح ضد الاحتلال والسيطرة الأجنبية وتناضل للحصول على الاستقلال والسيادة، وقلع الاحتلال الأجنبي.
وتنعت هذه الجهات الشعوب المنظمات المسلحة التي تكافح ضد الاستعمار والاستعمار الاستيطاني والأنظمة العنصرية بالإرهاب لتبرر قمع حركات المقاومة للمحافظة على مصالحها الاستعمارية والعنصرية والقضاء على حركات التحرر الوطني في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.
فالصهيونية والدول الاستعمارية التي خلقت الإرهاب وتمارسه وتؤمن به كعقيدة في التعامل مع حركات التحرر الوطني لتخليد الاحتلال تلجأ إلى الكذب وتصف مقاومة الشعوب بالإرهاب، لكي تضفي الشرعية على احتلالها وعلى ما تقوم به من أعمال إرهابية واستعمارية وعنصرية.
إن المقاومة حق طبيعي ومشروع للشعوب والأمم الرازحة تحت الاحتلال والاستعمار الاستيطاني، حق تؤيده الشرائع السماوية والقوانين الوضعية.
أما الإرهاب فهو عنف لا يستند إلى حق أو شرعية أو إلى قضية عادلة، وهو الاستعمال غير المشروع للقوة لتحقيق أهداف غير مشروعة حسب القانون الدولي والعهود والمواثيق الدولية.
لذلك لا يمكن على الإطلاق وصف حركات المقاومة (وحركات التحرر) التي تستند إلى قضية عادلة انطلاقاً من مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة بالإرهابية، فالعنف الذي تستخدمه ضد الاحتلال والعنصرية عنف عادل ينطلق من قضية عادلة ويستند إلى حق الشعوب والأمم في تقرير المصير ومبادئ الحرية والسيادة والاستقلال الوطني.
نجحت اليهودية العالمية والإمبريالية في إلصاق تهمة الإرهاب بالعرب والمسلمين عامة وبالمقاومة الفلسطينية واللبنانية بشكل خاص.
ولكن الوقائع والأحداث في الماضي والحاضر تظهر بجلاء أن الولايات المتحدة «وإسرائيل» تقودان الإرهاب الدولي والحروب الاستباقية في العالم، وتمارسان الإرهاب ومحاربة العرب والمسلمين كسياسة رسمية، وتعملان على تسخير الدول الأوروبية للانخراط في هذه الحرب الهمجية.
ووصلت وحشية وهمجية الرئيس الأميركي الكذاب بوش حداً دافع فيه عن الإرهاب الإسرائيلي ووصفه بالدفاع عن النفس واعتبر المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال والاستعمار الاستيطاني اليهودي إرهاباً يجب قمعه والقضاء عليه.
يسير الرئيس أوباما على خطى مجرم الحرب بوش في التعامل مع المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية.
إن التاريخ السياسي المعاصر لفلسطين يظهر بجلاء أن المنظمات اليهودية الإرهابية المسلحة والجيش الإسرائيلي استخدموا أبشع أشكال الإرهاب والعنصرية والإبادة الجماعية للمدنيين ورجال المقاومة والأسرى العرب والعواصم العربية.
وينكر يهود العالم حق الشعب العربي الفلسطيني في أرضه وأملاكه ووطنه. ووصل التضليل والكذب والأطماع حداً أنكروا فيه وجوده، وبالتالي لا حقوق إنسانية أو وطنية لشعب غير موجود. وعمموا الزعم الصهيوني القائل: «إن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض».
ورسخ كتبة التوراة والتلمود إن التوراة والسيف أنزلا على اليهود من السماء. وركزوا على الثلاثية الدينية المزعومة التي أصبحت جوهر الصهيونية وهي: شعب الله المختار، والوعد الإلهي لشعبه المختار، والأرض الموعودة له من النيل إلى الفرات.
ووضع مؤسس الصهيونية هرتسل القوة فوق الحق، ودعا المؤسسون الصهاينة بطرد العرب بحد السيف، بينما يطالب حاخامات اليهود بإبادة العرب بالصواريخ.
ووضع هرتسل والمؤسسون الصهاينة «الإرهاب» كوسيلة أساسية لتحقيق المشروع الصهيوني في الوطن العربي، حيث كتب هرتسل في مذكراته يقول: «فلنفترض بأننا أجبرنا على أن نخلي بلداً ما من الوحوش، فيجب أن لا نقوم بهذا العمل وفقاً لأسلوب الأوروبيين في القرن الخامس، كأن نأخذ الرمح ونذهب كل على حدة للبحث عن الدببة، بل يجب علينا تأليف حملة صيد كبيرة، ومن ثم تجميع الحيوانات معاً، ونلقي وسطها القنابل المميتة»(2).
وهكذا وضع هرتسل المرتكز الأساسي لتعامل الصهيونية والكيان الصهيوني مع الشعب العربي الفلسطيني تماماً، كالتعامل مع «وحوش الغابة وإبادة شعبها الفلسطيني المتوحش». وأكد الزعيم الصهيوني موشي سميلانسكي على وجوب استخدام الإرهاب مع الفلسطينيين وقال: «سنزعجهم بغارات متكررة حتى يرحلوا»(2).
ووصل الإرهاب والوحشية بالمفكر الصهيوني ميخائيل بيرويفشتسكي حداً انتقد فيه عبارة حكماء صهيون القائلة بأن السيف والكتاب انزلا من السماء سوية وقال: «إن الفترة التي يعيشها الشعب اليهودي هي فترة عصيبة، وفي مثل هذه الفترات يعيش الرجال والأمم بالسيف وليس بالكتاب»(3).
وأكد الزعيم الصهيوني يسرائيل زانغويل على أهمية استخدام القوة والإرهاب وقال:
«فلسطين المطلوبة مكتظة بالسكان، والبدائل المطروحة أمام الصهيونية محصورة في: إما الحصول على فلسطين بقوة السيف، وإما التورط ببقاء عدد كبير من السكان الغرباء، معظمهم من المسلمين المعادين(4)».
وطالب فلاديمير جابوتنسكي الأب الروحي للسفاح بيغن وشامير ونتنياهو وشارون بتهويد فلسطين بالقوة العسكرية، وجسّد إيمان اليهود بالسيف إلى واقع عملي وإلى مؤسسات ومنظمات إرهابية عسكرية في الثلاثينات من القرن العشرين.
وكان يطالب بتهويد فلسطين بالقوة والإرهاب لترحيل العرب وكتب يقول:
«فلسطين يجب أن تكون لليهود، وينبغي استخدام كل الطرق لحمل العرب بالتدريج على الرحيل، سوف نطرد العرب من فلسطين والأردن إلى صحاريهم، وسنقيم دولة يهودية على ضفاف الأردن أولاً وخارج حدود فلسطين بعد ذلك»(5).
وعمل على تعبئة الشباب اليهود بالروح العسكرية بالقتال وبالسلاح والاعتزاز بالجرائم الوحشية والهمجية التي رسخها الكتبة في التوراة ومؤسسو العصابات اليهودية الإرهابية المسلحة.
وتأثر بالحركات والأفكار الفاشية في أوروبا وبشكل خاص بنيتو موسوليني وبالفاشية الإيطالية وجسّدها في منظمة البيتار وفي حزب حيروت الإرهابي.
وطبق أتباعه والمنظمات اليهودية الإرهابية المسلحة في فلسطين أفكاره وأساليبه الفاشية وما تحمله من إرهاب وبطش ووحشية وهمجية لترحيل العرب وتحقيق الاستعمار الاستيطاني اليهودي، وإحلال قطعان المستعمرين اليهود محل اللاجئين الفلسطينيين.
وعبأ بن غوريون اليهود في العالم بوجوب أن تكون فلسطين لليهود وكان يقول:
«سوف نقول للعرب أخرجوا، فإذا لم يوافقوا، وإذا قاوموا فسوف نخرجهم بالقوة».
وآمن الإرهابي مناحيم بيغن بالإرهاب، واعتبر أن الإرهاب هي الطريق الوحيد لتحقيق الأهداف الصهيونية والمشروع الصهيوني. وكان يقول لليهود أن لا يلينوا عندما يقتلون أعداءهم العرب وألا تأخذهم بالعرب رحمة «حتى ندمّر ما يسمى بالثقافة العربية، التي سنبني على أنقاضها حضارتنا»، وأكد بأن الأساليب الإرهابية قد أشبعت رغبة جامحة مكبوتة عند اليهود للانتقام، مما يؤكد
ما كان يقوله المفكرون في أوروبا عن النفسية اليهودية المريضة في القرنين التاسع عشر والعشرين.
كان المفكرون الأوروبيون يقولون «إن النفسية اليهودية نفسية شريرة، لا تقبل العدل والسلام، وهي لذلك نفسية عدوانية، فإن لم تجد من تقتله قتلت نفسها».
لذلك طالب العديد منهم ومنهم برونو بوير أن يتخلى اليهودي عن يهوديته ويعتنق المسيحية حتى يعيش هو والآخر في أمن وسلام واستقرار بدون إرهاب وحروب وأطماع توراتية وتلمودية في أرواح وأرض وثروات غير اليهود.
وأرجعوا حب الإرهاب والقتل والتدمير والإبادة والعنصرية عند اليهود للأسباب التالية:
ـ الدين اليهودي خال من التسامح، ولا يعترف بديانة أخرى بخلاف المسيحية والإسلام ويكرهون الأديان الأخرى، ويعملون على محاربتها وخاصة الإسلام المقاوم حالياً.
الرغبة المادية الجامحة لدى اليهود بجمع الذهب والمال والسيطرة على البنوك والبورصة والصحافة والرؤساء في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والرئيس المخلوع مبارك وآل سعود وثاني ونهيان.
ـ إيمان اليهود بأن كل ما هو غير يهودي فهو عدو لليهود يجب التخلص منه.
وكرستْ الأيديولوجية والمنظمات الصهيونية وبروتوكولات حكماء صهيون «الإرهاب الصهيوني» في الفكر والممارسة وعلى الأرض في فلسطين العربية والبلدان العربية المجاورة لها.
لذلك من المستحيل التعايش مع إسرائيل ككيان استعمار استيطاني ونظام عنصري وإرهابي وغدة سرطانية خبيثة في جسم الأمة العربية والإسلامية، ومصيرها إلى الزوال.
المصـادر:
1) تيودور هرتسل، المذكرات، نيويورك 1960، الجزء الثاني ص580 ـ 582.
2) أنظر: ناتانئيل لورخ، حافة السيف، نيويورك 1964، نقلاً عن من دير ياسين.
إلى مخيم جنين، نواف الزرو، عمان 2002، ص7.
3) من ملفات الإرهاب الصهيوني، إعداد: غازي السعدي، دار الجليل عمان 1985، ص13.
4) من ملفات الإرهاب الصهيوني، المصدر السابق نفسه.
5) من ملفات الإرهاب الصهيوني، مصدر سابق، ص14.