كلام جدير ان يكتب بماء الذهب
محمد إقبال الخضر
طاقات وتتجمع بحيث تبقى متوازنة مستقرة وقوية ، وهي بنفس الوقت ليس لها من نفسها أية قوة .
وأقصد بها هنا طاقة الإنسان الذي لا يرى لنفسه أية قيمة ، لكنه ذو قيمة عالية عند الآخرين . فمثله مثل الرقم ( صفر ) الذي ليس له قيمة بذاته لكنه يضاعف أي رقم يقف بجانبه عشرات أو مئات أو آلاف المرات خاصة إذا عرف أين يقف .
والمقصود هنا هو الإنسان الذي تخلى عن الآنا ونجح بنفي ذاته لصالح الذات الجماعية أو الذات العليا . وهذا الإنسان هو نفسه الذي تحدث عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأسماه " التقي الخفي " . وهو نفسه الإنسان الذي يعمل كل شيء وشعاره " الحمد لله وحده ، نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده ، لا شيء قبله ولا شيء بعده .
أين تكمن قوة هذا الإنسان ؟ تكمن بكل بساطة في كونه لا ينافس أحداً ، ولا يصارع أحداً ، ولا يتكالب على رزق أحد . لذا يأمن الجميع جانبه ويثقون به ويطمئنون لخلوه من الأذية .
إلا أنه إذا جد الجد عرف كيف وأين يقف ، فإذا به يضاعف كل مورد يلمسه ، ويختصر كل زمن يقطعه ، ويطوي بلمحة بصر كل مسافة شاسعة يعبرها . عندها تبدأ طاقة هذا المؤمن الخفي التقي بالتفاعل مع الموارد المتاحة ومضاعفة النتائج . لأنه بكل بساطة ميسر له ما يريد ، وكل من حوله يرون فيه الخير كل الخير فيسارعون لخدمته وإعانته .
هل هناك مجتمع أو تجمع بشري حقله صفري ؟ إن وجد هذا المجتمع أو التجمع فهو في أمان وطمأنينة " لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " . والغريب أني وجدت أثناء بحثي لهذا الموضوع ، أن محي الدين بن عربي ، وجلال الدين الرومي تحدثا عن هذا الإنسان ، والأغرب أنهما أسمياه الإنسان صفر ، ووضعا قواعد ومراحل للوصول إليه . إلى متى سيبقى تراثنا الفكري مهملا ؟