ليس بأي ثمن
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيلدينا عبارة دارجة على الألسنة، مفادها: أريد الحصول على الشيء الفلاني بأي ثمن، هذا يريد الحصول على الوظيفة الفلانية بأي ثمن، وهذا يريد أن يتزوج فلانة بأي ثمن، وهذا يريد إيذاء فلان بأي ثمن.. عبارة تتكرر ملايين المرات على أفواه الناس كل يوم، ولاشك ابتداء في أن كثيرين منا لا يعنون ما يقولون، فهم عملياَ غير مستعدين للتضحية بكل شيء من أجل الحصول على شيء محدد، وإنما يريدون أنهم مستعدون لدفع الثمن ولو كان باهظاً، لكن إلى جانب هؤلاء، من لا يبالي فعلا بأن يبدو وكأنه مستعد لعمل أي شيء حتى يصل إلى مبتغاه، وإلى هؤلاء بالضبط يتجه الحديث في هذه الرسالة. نحن أيها الإخوة والأخوات أصحاب قدرات وطاقات وفرص مهما عظمت فهي محدودة، فلا يستطيع أثرى رجل في العالم أن يقول: سأنفق بلا حدود على أي شيء، لأن هذا يعني الجنون والإفلاس معاً، ولهذا فإن كل العقلاء يتصرفون ضمن حدود يرسمونها لأنفسهم. نحن المسلمين نتحرك ضمن قيود من عقولنا وخبراتنا ومصالحنا كما يتصرف كل البشر، ونزيد على كثيرين غيرنا في أن على حركتنا قيوداً من ديننا وقيوداً من كرامتنا ومروءاتنا، ولهذا فإن كل ما نسعى إلى الحصول عليه يقع ضمن معادلة تقول: ما الثمن الذي يستحقه فعلاً حصولنا على كذا؟ المسلم الملتزم ليس مستعداً لدفع الرشوة من أجل الفوز بصفقة كبيرة، وليس مستعداً لأن يذل نفسه من أجل الحصول على ترقية، وليس مستعداً لتضييع فريضة من أجل كسب سريع.. إذن يكون المسلم كريماً وشهماً وصالحاً كلما وجدته يقول: ديني لا يسمح لي بكذا.. كرامتي لا تسمح لي بكذا.. مروءتي لا تسمح لي بكذا، إن لديه أشياء عزيزة لا يمكن أن يبذلها مهما كانت المغريات التي تقدم إليه. العولمة تنشر اليوم روح المساومة والتنازل، وتشجِّع على الصفقات التي يمكن أن تتم خارج كل إطار أخلاقي وكل معادلة شريفة؛ وعلينا أن نقاوم ذلك بكل وسيلة؛ فلدينا أشياء كثيرة ليست للبيع. هناك شيء واحد يمكن أن نبذل فيه كل شيء، ونعمل من أجله كل شيء وفق المنهج الإسلامي والرؤية الإسلامية. هذا الشيء هو رضوان الله – تعالى – والفوز بمكان مرموق في دار كرامته، هذا الشيء تُبذل من أجله النفوس والأموال، ويُبذل من أجله الجهد والجاه.. الجنة هي الشيء الوحيد الذي يمكن أن نبذل من أجله خارج كل المعادلات في إطار المنهج الرباني الأقوم، ولهذا كانت الشهادة في سبيل الله – تعالى – ومن أجله انخلع كثيرون عن ثرواتهم، وصبر كثير من المسلمين على الآلام والعذابات واثقين بموعود الله؛ وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. محبكم د.عبد الكريم بكار في 19/ 7/ 1431هـ
عن موقع الداعية والقريب العزيز:
عبد الكريم بكار
http://www.drbakkar.com/