من الذاكرة
ليل و أوضة منسية
-------------------------------
ليل و أوضة منسية و سلم داير مندار
كانت كفيلة بأن تعيدني يوما من عملي لأكتب نصا كنت أعتقد أنه الأجمل في الكون.
لعبة دومينو يتهاوى منها نصف حجر فتنهار المنظومة كأنها مملكة رمال على شاطئ بحر لا مهنة لموجاته سوى الشغب المتواصل أثارت مخيلتي لأكتب قصة امتزج فيها الواقع بالخيال بالشخصي و العمومي.
كانت لها قدرة عجيبة لعبة الدومينو و الأوضة المنسية لأعتقد أني كاتبة جيدة يمكنها أن ترسم بالكلمات الصور التي يدونها الحب و تفشل اللغة في مواكبتها فالصورة نص مراهق صداه في الداخل اكبر من قدرته على الصراخ في بوق الحروف.
كانت يوما ما شطحات أنثوية حفلت بالكثير من السذاجة و إني إذ أذكرها بخجل أتساءل فيما بيني و بين نفسي أكانت جرأتي على الكتابة في ذلك الوقت بأدواتي الفقيرة الصغيرة مهمة و ضرورية ؟
الآن أدرك لمَ هز والدي رأسه أسفا و غضبا مني عندما قرأ بعض نصوصي المنشورة الأولى و أتفهم الآن عدم قدرته على الاقتناع بأن تلك المراهقة الكتابية الصغيرة تستطيع أن تصوغ نصا جيدا ناهيك عن رواية طويلة نسبيا يتوسط اسمه غلافها . هو الذي ولد من جيل يعتبر الكتابة عملا مقدسا لا يجوز أن نخضعه لتجاربنا اللغوية و حالاتنا النفسية و من هنا أشعر أحيانا انه لم يكن مخطئا من منظوره الفكري لكنني قد أروي له قصة الراهب سانتياغو في رواية كويلو الذي قطع نصف العالم بحثا عن كنز بُشّر به في نبوءة ليعود بعد مسيرته الطويلة إلى ذات المكان الذي واتته فيها النبوءة .. علينا أن نرتحل بحثا عن الحقيقة حتى و إن كانت ماثلة في يقينك ..عليك أن تبحث عنها بدأب حتى و إن مكثت في الفناء المجاور لقلبك.. أخجل من ضعف نصوصي القديمة اللغوي و التعبيري و إغراقها في ذاتيتها و لكنني أشعر أنها كانت مهمة لأكون أفضل و أحدد هويتي الأدبية و لست نادمة أنني كتبتها لكنني أقول لها و ستوافق في اتفاق ضمني فيما بيننا : غيبي وجهك عني.