رسالة الى امي / مصطفى ابراهيم
5/10/2012
امي اول مرة اكتب عنك ولك، سأكتب لك رسالة لن تكون تقليدية ككل الرسائل، سأكتب لك رسالة مثل قلبك الطيب، وإحساسك المرهف، وعن وفاة والدتك وأنت طفلة، ولم تتمكنين من رسم ملامح وجهها، وخوفك الدائم على كل من حولك، وعن حبك لشقيقك الوحيد من والدتك، وسمي بالشحات لأنه رضع من نساء كثيرات بعد وفاة امكما.
سأكتب عن حبك للناس، سأكتب عنك ولك في يومك في شهر اذار، شهر وفاتك وعيدك بعد وفاتك اصبح شهر النساء، لن اقول اني احبك لاني اشتاق لك، وتعلمين كم كنت اخاف واخجل منك، ولاني اعلم كم كنتي تخافين علي حتى في لحظات فراقك للحياة، الان لا تعلمين كم أنا صغيرا من دونك.امي كم يحزنني انني لم اكتب لك وأنت تعيشين بيننا، اتذكرك وأنت تنتظري عودتي الى البيت متأخراً، كنت تكتشفين اسراري وكأنك تشقين صدري لمعرفة ما كنت اخبأه عنك، وأنت من ربيتني وعلمتني أن السر هو ما حاك في الصدر، وتخافين ان يعرفه الناس، فأصبحت دوما بلا سر اخاف منه وان يطلع عليه الناس.اتذكر كيف كنت تجبريني وأشقائي وشقيقاتي على الدراسة والقراءة، وتشجيعنا على القراءة فهي حصننا للمستقبل، اتذكر ملامح وجهك الاسمر، وابتسامتك وسعادتك عندما كنت تتابعيننا ونحن نقرأ او نطالع رواية، أو عندما نقرأ عليك بيت شعر لمحمود درويش أو راشد حسين، فتردين علينا بتلاوة بعض ما كنت تحفضينه من الاشعار الشعبية والوطنية.لم استطع كتم كل اسراري، سأخبر اولادي كيف كنت تعنفيني وأشقائي وشقيقاتي اذا تخلفنا عن تقديم المساعدة لمحتاج، ولم نعطف على صغير، او لم نحترم كبير ورفعنا اصواتنا في وجه، وأصبح صوتك منبه لي لو صدر مني ما يخالف ما علمتني إياه.اتذكر وجهك وخوفك كأي ام قبل اندلاع الانتفاضة الاولى بعام، عندما استطعت وعدد من النسوة من جاراتك من منع الجنود الاسرائيليين من اعتقال ابن جيراننا عندما اقتحموا بيتهم لاعتقاله لمشاركته في قذفهم بالحجارة، لم يغيب عني وجهك الطيب المتسامح، وكيف تحولت ملامحك الى صارمة وتحديتي خوفك.كم يضايقني انك لم تقرأي رسالتي، وكم يحزنني انني اكتبها لك بعد 28 عاما من وفاتك، اعرف انك لا تحبين الكلام الكثير، لذا لن اطيل عليك، فكلما تذكرت صوتك وكلماتك ووجهك الطيب اخجل منك انني كتبتك متأخراً، كل عام وذكراك مستمرة، ونصائحك تضيئ لي عتمة ايامنا.اليوم اتذكر كيف كانت قوتك في ضعفك، وهذا ما يزيدني قوة ان اقول لمن خذلونا من ابناء جلدتنا بان قوتنا هي في ضعفنا، وكيف نستطع أن نطوع ضعفنا لتعظيم قوتنا في الدفاع عن قضايانا الكبرى.