إن المرأة التي رباها الإسلام وحافظ على حقوقها ورفع منزلتها وكرمها جعل منها مخلوقا رائعا ومثالا يحتذي بها .. تقوم بواجباتها كأم ومربية أجيال خير قيام وتساهم بعلمها وجهدها في سبيل رفع راية الإسلام وتنوير بنات جنسها بما يعود عليهن بالفائدة المثمرة.
هي كالرجل عليها الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالآداب الشرعية المنوطة بها كامرأة وعليها تنظيم وقتها بين واجباتها، وترتيب أولوياتها بين الارتقاء بنفسها إيمانيًّا وتزكيتها بالعبادات، ورعاية زوجها وبيتها، وتربية أولادها، والتواصل معهم في ظل ظروف العصر، وصولاً لتحقيق التوازن بين رسالتها في بيتها، وبين ما يحيط بأسرتها في المجتمع الخارجي، وتغيير عاداتها بالتبديل الكامل من المنظور الوضعي والعلماني إلى المنظور الإسلامي، وإذا نجحت المرأة المسلمة داخل بيتها ستنجح خارج بيتها.
وعليها ألا تغفل نصيبها من العلوم والمعارف والأخذ بكل ما هو نافع ومفيد فهي تتعلم وتعلم وتقوم بالدعوة إلى الله بالوسائل والطرق التي تتناسب مع طبيعتها كامرأة .
ولو تتبعنا تاريخ المرأة الإسلامي نجد أن المرأة المسلمة ضربت أكبر المثل والقدوة لبنات جنسها في علمها وأدبها وحرصها على تلقي العلم من منابعه الأصيلة والعمل به ، وقد ضربت لنا عائشة رضي الله عنها أروع المثل في إقبال المرأة المسلمة على التعلم فقد كانت رضي الله عنها تمتاز بعلمها الغزير الواسع في مختلف نواحي العلوم كالحديث، والطب، والشعر، والفقه والفرائض .
قال الإمام الزهري عنها : "لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أمهات المؤمنين وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضله"
وقال هشام بن عروة :"مارأيت أحدا أعلم بفقه ولا طب ولا بشعر من عائشة"
وكانت رضي الله عنها شديدة التمحيص والتنقيب فقد ذكر المزي : ـأنها كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه ، كما أنها تعد من رواة الحديث المكثرين وبقيت بعد وفاة الرسول صلى الله غليه وسلم أنموذجا رائعا لبيت النبوة تفتي وتعلم وتنشر دين الله .. حتى كانت عضدا للخلفاء والأمراء من بعده صلى الله عليه وسلم.
فالمرأة عليها عبء كبير، وهي قد لا تشعر بأهمية دورها الدعوى ولذا يجب عليها ألا تنتظر الأجر إلا من الله ، ولا تستصغر أي عمل ولو كان بسيطًا، وقد تكون داعية في بيتها وبين بنات جنسها بمعاملتها الحسنة وأخلاقها الفاضلة وسلوكها بحيث تحث أولادها ليكون لهم دورا في الدعوة وتشجعهم على ذلك بكل الوسائل والطرق الممكنة بل أن تكون دعوتها أشمل من ذلك وأعم بحيث تشمل الطالبات والمعلمات والأمهات وأن تضع نصب عينيها أن أمامها طريق ليس بالسهل فهو يحتاج إلى همة عالية وعزيمة صادقة ونية خالصة وجد واجتهاد واغتنام للأوقات واستغلا ل للفرص ولتمضي ولا تستعجل النتائج والثمار ولتبشر بالنصر بإذن الله وكلٍ على حسب اجتهاده .
وهذا يتطلب منها أن يكون لديها فهم بأهداف دعوتها والوسائل الشرعية التي ينبغي لها أن تنهجها لتحقيق تلك الأهداف والإلمام بالمشكلات التي تواجه المرأة في طريق الالتزام ليساعدها ذلك على تخطيها
والابتعاد عن العنف والتشدد، فتبسط الأمور، وتبرز مرونة الإسلام وسماحته، ورفق الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جانب عرضها للإسلام كدين موافق للفطرة السليمة دين الوسطية والعدل بعيدا عن التنفير والتعقيد .
كما عليها أن تحرص على : الإخلاص في القول والعمل لأن إخلاص النية لله تعالى فيما تقوم به من إصلاح وتربية وتعليم له أثر كبير وفعال في النفوس فكلما أخلصت في دعوتها وجدت آذانا صاغية وقلوبا صافية تستنير وتتقبل
وعلى الداعية أن تتزود بالعلم الشرعي وتنهل من معينه الصافي حتى تدعو إلى الله على بصيرة قال تعالى :{ قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ..}ولأن صاحب العلم يكون ذا مكانة لدى الناس ويؤخذ منه ويستجاب له أكثر من غيره ففاقد الشيء لا يعطيه .
كمالا بد للمرأة الداعية من ترتيب الأولويات واستغلال الأوقات والتنظيم والتخطيط، بحيث لا تكون المرأة الداعية عفوية ولا عاطفية ولا تجعل نفسها هكذا ومن غير ترتيب إذا اتصلت بها إمرأة لتدعوها إلى دعوة أجابت مباشرة، أو حتى في مجال الدعوة ينبغي أن تكون عندها الأولويات والترتيب للأوقات والموازنة في هذا الجانب، فهي إذا رتبت أمرها عندها درساً في الأسبوع عندها محاضرة في الشهر، فإذا جاءتها دعوة بغير ترتيب مسبق ومن غير وقتٍ كافٍ ؛ فإنها ترفض هذه الدعوة ولو كانت مهمة في بعض الأحيان، لأنها سوف تربك الأولويات وتخلط أوراقها وقد تجعلها تقتصر في بعض حقوقها .
وهذه مسائل قد تكون في بعض الأحوال نظراً لحالة بعينها قد يكون هناك تجاوب أو تجاوز لكن في الإطار العام لا بد من هذا الترتيب؛ لأن المرأة ليست مثل الرجل يمكن أن تخرج في أي قت يمكن أن تشارك في أي عمل لا بد أن ترتب نفسها وأن تعد برنامجها بالموازنه والإعتدال حتى تستطيع أن تشارك وأن تؤدي دورهاً بدون تقصير .
المعرفة والمبادرة:-
وأعني بالمعرفة معرفة الأوضاع النسائية على وجه التفصيل والدقة، لا ينبغي للمرأة الداعية أن تكون بعيدة غير مختلطة ولا عارفة بما يجري في مجتمعات النساء والمصلطحات التي يتداولونها والمسميات التي يستخدمونها أي الأمور والعادات التي تجري بينهن، فإن علمها بهذا من أعظم أسباب قدرتها على التوجيه والإصلاح، ولا بد أن يكون عندها روح المبادئة والمبادرة؛ فإن الطبيعية التي تغلب على بعض النساء من الحياء أو الإحراج أو غير ذلك قد تمنعها أن تؤدي دورها وأن تقوم بواجبها في الدعوة، ولا يعني ذلك طبعاً أن تكون مندفعة أو متهورة لكن أيضاً ينبغي ألا يكون عندها ذلك التحسس والإحراج الذي يمنع كثيراً من النساء من العمل الدعوي والقيام بواجب الدعوة .
أعني به التفكير والتخطيط والبعد عن الإندفاع العاطفي ومعرفة الإستعداد والإمكانيات، ينبغي أن تعرف إستعدادت النساء وإمكانياتهن وأن تجعل لكل فئة من النساء أسلوباً معيناً وخطاباً محدداً، فالكبيرات في السن من النساء من الأمهات لهن خطاباً وإمكانات غير الصغيرات من طالبات المدارس والجامعات، وهؤلاء اللواتي سبقنهن ليسوا مثل غيرهن من اللواتي إنحرفن وإنجرفن في بعض مجاري ومسالك الفساد، فلذلك لا بد أن يكون عندها تعقلاً فيما تطرح من أمور الدعوة لا بد أن يكون عندها معرفة بأنه لا بد من التدرج في بعض أساليب الدعوة، سيما في التنفيذ والتغير لا بد أن يكون عندها تعقل في النظرة المستقبلية ودراسة السلبيات والإيجابيات المتوقعة أثناء مسيرتها في العمل الدعوي، وهذه أمور تخضع لجوانب كثيرة تحتاجها المرأة المسلمة الداعية تُستكمل من خلال ما سلف من الأمور، فإذا كانت مؤمنة ملتزمة إذا كانت عالمة مدركة للواقع إذا كانت كما سبق وأن أشرت متميزة مستوعبة بطبيعتها النفسية والفطرية قادها ذلك إلى أن تكون متعلقة قادرة على ترتيب وتخطيط الأمور .
القدوة الحسنة :-
ولا يخفى على أحد أن من مكارم الأخلاق التي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلّم، ذلك الخلق الكريم، خلق الحياء الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلّم من الإيمان، وشعبة من شعبه، ولا ينكر أحد أن من الحياء المأمور به شرعاً وعُرفاً احتشام المرأة وتخلقها بالأخلاق التي تبعدها عن مواقع الفتن ومواضع الريب. واحتجاب المرأة وتغطية وجهها ومواضع الفتنة منها من أكبر احتشام تفعله وتتحلى به لما فيه من صونها وإبعادها عن الفتنة، فلا يجوز الاختلاط بين الرجال والنساء بحكم العمل أو في المدارس لأن الاختلاط يحصل فيه مفاسد كثيرة ولو لم يكن فيه إلا زوال الحياء للمرأة وزوال الهيبة من الرجال لكفى والاختلاط بين الرجال والنساء خلاف ما تقتضيه الشريعة الإسلامية ، وخلاف ما كان عليه السلف الصالح فالالتزام بالحجاب الشرعي بأن تكون مثالا للعفة والحجاب عن الرجال الأجانب والإبتعاد عن الاختلاط بكل ألوانه وأشكاله من سمات المرأة الداعية التي تكون قدوة للأخريات
تقول الأمريكية جودي أنوى:- إن أعظم حقوق المرأة هو الحجاب ، فالحرية الحقيقية أجدها في الحجاب .. وأن لي الحق أن ينظر الناس إلي على أنني امرأة ذات أخلاق لا على أنني أنثى.
هاهي المرأة في شريعة الإسلام صاحبة رسالة زاهرة ، ومنهجية كاملة باهرة ، فهي منشئة الأجيال ومربية الرجال ومعدة الأبطال ومؤهلة الأمة إلى خير المآل ، والإسلام لم يحرم على المرأة أن تعمل خارج منزلها في تدريس بنات جنسها أو في مكان يضمن لها الستر والعفاف ولا يسبب لها الأذى ولا الفتنة، فالمرأة لها عقل وتفكير ومواهب يجب أن تنميها ونستفيد منها مثل الرجل وتكون بذلك داعية لربها مطبقة لأحكامها على الوجه المطلوب يقول تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون) .
وما أجمل قول الشاعر:-
لاتنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم
فابدأ بنفسك وانهها عن غيها *** فإذا انتهت عنه فأنت حكيم .
جعلنا الله ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين .
منقول