استدراج
أن تقرأ نصاً لكاتبٍ مشتَّت الرؤى.. تائه السبيل.. متعدد الأقنعة.. فإنه سيربكك في جمع فسيفساء اللوحة؛ وقد لا تُفلح!
أما أن تقرأ نصاً لكاتبٍ متماسك البناء الفكري، يسير على هديٍ من الوحي، شفَّافَ التوحُّد، فإنه لا محالة سيستدرجك للغوص في عذب مائه الذي يخيِّل إليك قرب قاعه... بيدَ أنه بعيدٌ بعيد... وهكذا تفعل!
تساؤلات من وحي النصِّ
تُرى ما السر في رمزيَّة العلاقة بين الإنسان والحيوان؟
جاموسة... سمكة... تمساح!
أليس الفارق هو المنهج... الأمانة؟
تكوين
الحقُّ يُختار بالإرادةٍ الحرَّة؛ وسقوط الإرادة يؤدي إلى الضلال.
ولأنه لا إرادة للأنعام... فإنه لا سُبُل أمامها لتميِّز بينها وتختار، فهي بذلك ضالَّة لأنها خاضعة لسلطان غيرها الذي يوجِّهها كيف يشاء...أي الإنسان ذو الإرادة الحرَّة.
فالضلال إذاً هو في التخلي عن إرادة الاختيار الحرَّة والانقياد لسلطان غير العقل، وبذلك تتفرَّق السُبُل!
من هنا كان البعض أضلَّ من الأنعام لأنه تخلى عن إرادته، بينما هي لا تملك هذه الإرادة أصلاً؛ فضلالها بفعل غيرها، أما ضلاله فبفعل تخلِّيه!
ولوج
سيل اللعاب لشرب لبن الجاموسة... والرغبة في امتطاء ظهر السمكة... هي نزواتٌ حيوانية لأنها ماديَّة بحتة؛ والسبيل التي تؤدي للوصول إليهما لا بدَّ أن تكون ذات مظهر حيواني أيضاً، وهنا كانت دموع التماسيح المصطنعة بفعل الغاز.
خروج
ماذا لو أن ضرع الجاموسة كان جافاً؟
وماذا لو أن السمكة كانت "سلموناً" تريد أن تضع بيوضها في موطن ولادتها؟
ألا يستدعي هذا احتمالاتٍ أخرى غير التي افترضها المنادي؟
ألا يمكن أن تكون اليد الممتدة للضرع تريد استدراره لبثَّ روح الحياة فيه من جديد؟
ثمَّ، أليس من الممكن أن يكون احتضان السمكة من أجل تلقي تلك البيوض لحمايتها ورعايتها؟
للمسألة أوجهٌ محتمَلة لا يُثبت الوجه الحقيقي منها إلا اليقين، والحديث في ذلك متعذِّر لعدم امتلاك الأدلَّة القطعية.
كم تستدرجني نصوصك الثريَّة ؟! فأتقلَّب في جنباتها أتلمَّس سحر بيانها ونُبل رسالتها.
لكَ مني مودَّةً أستمدُّها من أسوتنا الحسنة، راجياً المولى العزيز الحكيم أن لا يفتننا، وأن لا يجعلنا فتنة للذين ظلموا.