حداثيون في معبد الحداثة
هذه قصيدة المكرمة زكية فطاني ، جعلت شيئا يعتمل في داخلي لجميل نسجها ، و صادق مشاعرها , و حسن بنائها وقرب موردها ، ولطيف صورها و خاصة خاصة الملون منها باللون الربيعي- ، وقد كانت بعض أبياتها دلاء بحبال طوال ، تدلت إلى الأعماق الغائرة مني ، فجاءت بالذي ذيلت به القصيدة أدناه .
قد سألت اليوم عن شعري .. بماذا
……………………… قد يجيب الشعر أو ماذا يقولْ !!
إنني ناديته كي يعـــــــــــــــود الآ
……………………… ن عودا أحمديا لا يـــــــــــــــزولْ
كان يلهو في وريد القلب حـــــــــــرا
……………………… كالفراشات التي تهوى الفصولْ
برعما أخشى عليه البرد إن جاء الشتا
……………………… أو حل صيف قد يطــــــــــــــــــولْ
كالوليد الغض يحيا في دلال
……………………… كالندى الغافي على ورد الحقولْ
كانبلاج الصبح يبدو خيطــــــــــــــــه
……………………… كلما ودعت أمسا كالطلــــــــولْ
آه . . يا شعري فماذا قد جرى
……………………… غابت الأوتار أم غاب الدليــــــلْ !
مذ تحملت المآسي مرغمــــــــــــا
……………………… لم يعد للحرف ظل أو ظليـــــــــلْ
حتى غدا نحتا بصخر جلمـــــــــــــد
……………………… خالي النغمات من هم ثقيــــــــلْ
لا تقل : جفت ينابيع المنــــــــــــــــى !
……………………… زال ضوء الشمس قد جاء الأصيلْ
لا تقل : ماتت بكفيك الرؤى !
……………………… لا يموت القلب من جرح يسيـــــلْ
قد يغيب الشعر عاما كامــــــــــــــلا
……………………… ثمْ تقول : العود بات المستحيلْ
هجره هجر جميل قــــــــــــــــــــادم
……………………… بالمساءات التي تروي العليلْ
يطرب الدنيا بعزف ســـــــــــــاحر
……………………… يسرج الأحداق في الليل الطويلْ
الموسيقى الخارجية ، يستطيعها الشاعر و الناظم كلاهما ، لكن عذوبة الموسيقى الداخلية ، والتي تـُجري ماء القصيدة عذبا زلالا سلسلا ، لا تسلم قيادها إلا للمهرة المتمرسين ، وقد نجحت أستاذتنا وأختنا الكريمة زكية فطاني في هذا الجانب المهم .
ولعلكم اليوم ترون بعضا ممن يعجزون عن حبك القصيدة من جهة موسيقاها الداخلية : (المتمثلة في فن رص االصوامت و الصوائت من الحروف بدقة متناهية ، حسب الغرض المنشود ) ، غالبا ما يتسترون وراء ادعاء الوهم ،
ادعاء الحداثة ، هذه الكلمة التي قـُدر لها أن تـُفـَرَّغ من محتواها الطبيعي تماما ، و تـُحْشى بمعان هي أهداف سطرت و حيكت بليل ، ومـُولت من قـِبَل عدو لدود ، يضحك على الأغرار ، يكيل لهم المديح على قصائد الحداثة الفارغة ( للإنصاف ، ليس كل قصائد الحداثيين )، التي لا تشنف أذنا و لا تحرك ساكنا و لا تصدر عن هوية و لا عن قيمة أخلاقية ، ومن كثرة المدح المصنوع ، لا يجد الكاتب المغرر به نفسه في آخر المطاف إلا كونه صنيعة للآخر ليس إلا .
ولقد رأيت في بعض المنتديات و قد عرج أخي و أستاذي خشان على أحدها ، وأبلغته توا قائلا : ‘’أستاذي خشان لقد أنخت مطاياك بالمحل الخطأ ‘’ .
قلت قد رأيت ناسا في أياديهم فؤوس و معاول يهدون صرح اللغة العربية ، ويدقون جدرانها بعنف شديد ، علموا ذلك أو لم يعلموا !!!!!!!!
رأيتهم يبنون صروحا من المجد و السؤدد ولكن من وهم و سراب .
كلمات صماء جوفاء ، مرمية هنا و هناك ، على رقعة قرطاس زحف بياضه ليطوقها و يحاصرها من كل جانب أو قل قصيد ة من شطرين أو ثلاثة أو يزيد ، يـُطبل ويزمر لها طرف في المؤامرة أو بليد لا يدري أصلا ما المؤامرة .
قصائد لا ريح لها ، لا لغة ، لا بلاغة و لا بيان ، لا تستبين رأسها من عقبها و أحيانا تضل غرضها و موضوعها ، لا عروض استطاعوا خوض غماره ، ، لا معجم لديهم يستأنسون به لا ثقافة ، لا أخلاق ، لا حدود .
فقر لغوي حتى أصبحوا يتناوبون على بعض الكلمات ككلمة البوح على سبيل المثال لا الحصر ،وإلا فلها مثيلاتها ، هذه اللفظة تراها في جل قصائد الحداثيين تراها تطل عليك فتغمزك ، دليلا على كثرة ما التقيتما , و الحق أن الكلمة الجميلة الأنيقة ، في الأسلوب الركيك ، مثلها كمثل القرط في أذن أم عامر أو كقلادة نفيسة على نحر أنثى خنزير ، شرف الله سمعكم .
جفاف المخيال ، محدودية الثفافة ، فراغ روحي ، كذب عاطفي : اليوم حب سلمى يؤرقه و غدا حب أمها يسهده ، ويعلم الله وحده ما يكون بعد غد نسأل الله السلامة .
ولقد تجد الواحد يبيض في كل ساعة قصيدة كما قال أحد أساتذتي القدامى ، ثم تراه قد ابتلي بالهذيان المعنوي و اللفظي ، فقصائده ملأى بالجنون اللغوي ، تنكر ها الذاكرة العربية ، تتقصد تراكيب غير متداولة و معاني لا تستقيم في الأذهان ، ومع هذا يجعلون منه بطلا ، و نجما وهو بدوره يتوهم الزعامة و الريادة ويجهل أنه أقدم على جريرة عظيمة وحوب كبير ، ويجهل أنه لا يكتب شعرا و لا نثيرا ، ولذلك فجهله جهل مركب ، فهو جاهل و يجهل أنه جاهل ، لا يدري أنه يدق حيطان داره المتصدعة .
إن اللغة العربية هي أول خرزة مستهدفة ، وليست الأخيرة ، ضمن عقد من الخرزات الغالية علينا : القران ، الدين ، اللغة العربية ، القيم ، الأخلاق ، الدفء الأسري الذي ينعم به المسلمون ، العقيدة ، الموروث ، الهوية ، العقل المسلم ، اجتماع كلمة المسلمين ..........و القائمة طويلة .
ولكم أن تقرأوا للكاتب المصري الرجل الشريف الذي صدع بالحق و كشف عمق المأساة فينا ، و أسقط القناع عن المتآمرين ، العفويين منهم و الممولين ، العارفين منهم و الجاهلين ، وعرّى وجه المؤامرة القبيحة إنه الدكتور عبد العزيز حمودة من خلال كتابه : المرايا المقعرة .
وهذا رابط لقراءة في هذا الكتاب الكبير الحجم ، وأراها لخصت كل ما يريد إيصاله للعرب والمسلمين :
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=3300
وأخيرا فإن العربية ظرف قيمنا و ثقافتنا ووعاء ديننا ومرتع فكرنا بها نتكلم وبها نحلم وبها نتقدم وهي ثغر من ثغور أمتنا , وأخشى ان نؤتى منه ، كما أني لا أتقصد أحدا بعنيه ، و لا أكني لحاجة في نفسي ،
إنما انا واحد منكم ولست بأعلمكم ، حريص على النصح لنفسي بالنصح لكم و تذكير نفسي بتذكيركم و الله من وراء القصد وهو يهدي إلى سواء السبيل
و السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .