طفل فلسطيني يهزم ظلم ( إسرائيل )
الكاتب علاء الريماوي
الاسم : محمد عمر البرغوثي
مكان السكن : قرية كوبر قضاء رام الله
العمر : عشرة أعوام
الوالد : أبو عاصف
الواقعة : ساحات سجن عوفر
في فلسطين تختلف الحكاية وتتبدل معها مفردات المنطق التي تظل وفق إيقاع يشذ عند القياس والمماثلة ، " الطفولة " كلمة تعارف عليها أهل الأرض و نسجوا لها أرجوحة وأغنيات ثم ألبسوا أيامها ألوانا زاهية تعبر عن إرتعاشة الرو
ح الحانية .
في مسار الحياة التي نعيش قلبت كثير الصور التي ظلت في الذاكرة لطفولة عشنا ، طفل يحمل جرحه بمقلاعه ثم يحكم الأرض بمنطق عدله ، وآخر يزاحم البطولة مع الكبار في أقبية التحقيق فينتصر على جلاده ، وكثر منهم مضوا في موكب الشهادة بعد صمود في مساحات الفرح .
في حكاية اليوم محمد ابن العاشرة يتوجه لزيارة والده وشقيقه في سجن عوفر ، يحمل شوقه ، و حكاياته ، و أفراح أهله ، و أحزانهم ، وأخبار انقطعت عن الوالد والشقيق بفعل المعتقل السميكة أسواره .
وصل محمد السجن الساعة الثامنة ، وفي المكان بدأت إجراءات التدقيق والفحص الأمني : كلاب ، و وتفتيش يدوي ، ومرور تحت أجهزة مراقبة واستشعار للمعادن .
اقترب محمد من ماكنة الفحص فعلا صراخها للجند إنتبهو ... أوقف الضابط محمد ارجع لديك ما تخفيه ... محمد لا أحمل شيئا .. الضابط أخضع محمد للتفتيش اليدوي ... الماكنة أصرت على المعاندة ومؤشرها لا زال يؤكد أن في جسد الطفل معدن يخفيه ، قرر الضابط : محمد ممنوع من الزيارة .
صرخ الطفل في وجهه سأزور رغما عنك ، ثم إقتلع زر بنطاله ثم دخل الماكنة ، المحاولة لم تجدي ، حيث حمله الجند وحاولوا إخراجه .. بدأ محمد بالصراخ ، تدافع معهم ، ثم ركض بإتجاه عجوز طلب منها شالا شتويا كانت تغطي به حفيدها ، استغرب الجند ، إتزر به محمد وخلع بنطاله ثم ألقاه على الجنود ، خذوه ... فتشوه ... لكنني سأزور .
ذهل ضابط السجن .. وتجمهر معه آخرون يتابعون مشهدا لم يألفونه ... محمد توجه مرة أخرى نحو ماكنة الفحص متزرا بشال ، عبر من غير جلبة ، أذن الجنود ودخل للزيارة ، نظر إليه والده ، ثم سأل ماذا تفعل يا محمد بإزارك ؟ أين ملابسك ؟ .
بكى الوالد .. ثم سجد .. ثم راح يقبل ولده من وراء زجاج سميك خصص لوئد الحب ، حتى إذا كان ختام الزيارة وقف الطفل ناطقا .. تأكد والدي بأني لن أتركك في سجنك من غير لقاء مهما كلفني ذلك من ثمن .
سمعت من محمد ، وقفت عاجزا ... تنهدت وقبلته في جبينه ، وأنا أغالب عجز عيون لم تحتمل التجلد في حادثة تعجز عن تصويرها الكلمات .
في فهم معادلة بناء شخصية محمد لا بد من شرح بعض عناصر التكوين ، الوالد عمر البرغوثي أحد قيادات الحركة الإسلامية ، العم نائل البرغوثي عميد الأسرى ، الخال جاسر البرغوثي أحد قيادات كتائب القسام ، الشقيق أحد عناصر القسام الشباب .
في ختام الحكاية وقفت متابعا للأوراق الإسرائيلية هذا الصباح ، فوجدت تحليلا مطولا على صحيفة يدعوت العبرية يناقش توجسات ما شوهد في الضفة الغربية من إعادة اللحمة الفلسطينية عبر الإحتفلات بإنطلاقة حماس ، هذا التوجس لخصه التقرير بقوله " الضفة تقترب من حالة إنفجار أو إنتفاضة ثالثة "
هذا الحديث من الصحيفة العبرية يعيد للواجهة التحليل لرمزية الفلسطيني من خلال محمد الذي أكد ان العبث في الجينات الفلسطينية ، ومحاولة التشويه فيها لن تعطي الإحتلال أمنا على أرض لا تقبل القسمة مع سارق جبان