صالح الحايك : حاولتُ في باب الحارة تغيير
لقب (أبو صياح) لارتباطه بالفنان رفيق سبيعي فنان شامل متعدد الاتجاهات الفنية، له مساهمات مسرحية (كتابةً وإخراجاً) وقدّم أعمالاً سينمائيةً وتلفزيونيةً وإذاعيةً، ورغم تنوّع أعماله... إلا أنه ارتبط بأذهان الناس بشخصية (المحقق) في حكم العدالة عَبْر عقدين ونيف، أحبه المشاهدون في أعمال البيئة الشامية القديمة، لأنها مرتبطة بسماته النفسية وشخصيته الجادة... التقته البعث وتحاورت معه حول مشاركاته القادمة في الموسم الرمضاني، وحول تجربته في الأعمال الشامية وتقوّيمه لأعماله السابقة.... < لكَ تجربة مهمة في أعمال البيئة الشامية القديمة، كيف تنظر إلى هذه التجربة؟؟؟
<< استبعدتُ عن أعمال البيئة الشامية قرابة عشرين عاماً منذ أن بدأ المخرج بسام الملا بتصوير مسلسل أيام شامية، وأنا الأحق بالمشاركة في هذه الأعمال لاسيما أنني ابن الميدان الحي الدمشقي العريق، الذي مازال يحافظ على أصالته وعراقته، وموروثه الشعبي حتى الآن، المهم أنني في النهاية شاركتُ وأحبني الناس لصدق مشاعري وتعبيري العفوي عن العلاقات الدمشقية الحميمة، وعن محبة الدمشقيين لهذا الوطن الذي يجمعنا، وكما يقولون :«أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبدا».
لاشك بأن سعادتي كبيرة بهذه الأعمال والنجاح الكبير، الذي حققه مسلسل باب الحارة لم يحصل عبر تاريخ الدراما لأي مسلسل، فقد دخل قلوب الناس لأنه اعادهم إلى حنينهم المفقود إلى الأيام القديمة... حينما كانت العلاقات متلاحمةً مترابطةً، لذلك أرى ضرورة أن نستمر بتقديم أجزاء هذه الحكاية المليئة بالقصص الصغيرة والمفاجآت، وأنا جسدتُ شخصية زعيم «حارة الماوي» بصورة واقعية معبّرة عن محبة الزعيم لحارته وأفرادها، وتلاحمه وتعاونه معهم، وفي الوقت نفسه تعاونه مع الحارات المجاورة لحماية الوطن من التدخل الخارجي، وعَبْر خطوط الحكاية تابعنا قصة نضال سورية وتاريخها الحديث، وللمناسبة حاولتُ تغيير لقب (أبو صياح) زعيم الماوي لأن اللقب مرتبط بالفنان الكبير رفيق السبيعي، لكن المخرج لم يستطع تغيير اللقب لأنه ورد في مشاهد سابقة، ولا أعتقد أن فنان الشعب سيغضب لأنني حملت لقبه، فنحن زملاء وتربطنا صداقة .
< ماذا سيقدم صالح الحايك في رمضان المقبل ؟؟
<< نحن الآن في المراحل الأخيرة من تصوير الجزء الرابع من باب الحارة، ومن المقرر أن يبدأ تصوير الجزء الخامس بعده مباشرةً ولا أعرف إذا كانت الجهة المنتجة ستعرضه بعد رمضان أي بعد الجزء الرابع، أم تحتفظ به لرمضان بعد القادم. المسلسل بالدرجة الأولى رسالة إنسانية ، وأنا زعيم حارة الماوي (أبو صياح) أتابع تقديم الشخصية بمساهمة أكبر وتفاعل أكثر مع تصاعد الأحداث من الجزء الثالث، توجد زيادة بعدد المشاهد، وأنا لا أقيس الدور بمساحته، وإنما بأهميته، وأهمية الشخصية التي يقدمها الممثل، على سبيل المثال في مسلسل (حاجز الصمت) لعبتُ شخصية الضابط، وكان حجم المشاهد 16 مشهداً، وكان دوري من الأدوار الهامة، التي لا تقل شأناً عمن يحمل البطولة المطلقة، ليس هناك دور كبير ودور صغير، بل هناك ممثل كبير وممثل صغير، وكذلك أشارك بدور بطولي في مسلسل (بيت جدي) ، إذ أتابع دور (أبو راشد ) الذي جسّده صديقي وتوءم روحي ناجي جبر رحمه الله، وقد تلاحم الناس معه وأحبوه كثيراً، طبعاً سأقدمها بشخصيتي ونَفَسي، وقد قبلتُ الدور لإحياء ذكرى صديقي، وأعتقد أن المشاهد سيرى في المسلسل قصصاً جديدة ومتابعة لأحداث الجزء الأول.
أما على صعيد البيئة الاجتماعية المعاصرة، فشاركتُ في مسلسل (على موج البحر) إخراج أسعد عيد، بدور مختلف تماماً عن أدواري السابقة، فصوّرتُ شخصية رجل يمضي ما تبقى من عمره داخل السجن لتورطه بعمليات الفساد بتحريض من زوجته الثانية. سيجدني الناس بدور جديد وبعيد عن شخصية المحقق.
< أغلب أدوارك تتعلق بشخصيات قيادية فما سرّ ذلك؟؟
<< أنا لم أبحث عن الشخصيات القيادية، الأدوار كانت تأتيني لأن المخرجين وجدوا بشخصيتي الجادة الهادئة صفات المحقق، وانعكس هذا على أغلب الأدوار... على سبيل المثال في رمضان الماضي قدمت شخصية الراوي في مسلسل قمر بني هاشم (مسلسل السيرة النبوية)، ورئيس المخابرات التركي( الصوباشي) وهو شخصية قيادية وليس محققاً، في مسلسل (أولاد القيمرية)، ومما يؤسف له أن هذا المسلسل عُرض على محطة مشفرة، واعتقد بأنه سيوزع بعد فترة زمنية إلى بقية المحطات، كما قدمتُ شخصية النائب العام في مسلسل (وجه العدالة)، وقد اعتاد الناس عليّ بشخصية المحقق... والزعيم في حارة الماوي في باب الحارة ، وأنا لا أحب أن يرى المشاهد صالح الحايك في وجه واحد وصورة واحدة، لكن كما قلتُ لكِ هذا رأي المخرجين ولم أستطع الخروج عن هذه الأدوار إلا بصعوبة.
< هل شخصيتك الجادة هي سبب ابتعادك عن الأدوار الكوميدية؟؟
<< قدمتُ الكوميديا في شبابي ، لكنني أميل إلى الأعمال الجادة، لأن الكوميديا عمل صعب يبدأ من كتابة النص، إلى اختيار الشخوص والتنفيذ، ولا أرى في الدراما السورية من يتقن تماماً هذا اللون، والواقع أخاف الدخول به خشية الفشل، أنا أقدم الكوميديا من خلال المواقف التي نطلق عليها اسم « كوميديا الفَارْس».
< كانت لكَ مساهمات مسرحية قوية (كتابةً واخراجاً) منذ عقود مثل (محطات ممنوعة)...فلماذا ابتعدت عن المسرح؟؟
<< «محطات ممنوعة» كتبتُها للمسرح وأخرجتها وقدمتها طيلة ثلاث سنوات، ولاقت نجاحاً كبيراً، عالجت الحالة الاجتماعية بشكل كوميدي بعد ذلك، توقفت عن العمل في المسرح لأنه لا يوجد مناخ طبيعي لتقديم العروض المسرحية، فمن شروط نجاح العرض الحرية، ومن جهة ثانية وهي الأهم، لا يوجد جمهور مسرحي، مما شكل بداخلي إحباطاً جعلني أبتعد عن العمل المسرحي، مع العلم بأنني كتبتُ ثلاث مسرحيات لم أقدم منها إلا محطات ممنوعة.
< توجد لك أعمال سينمائية قديمة وحديثة كما في فيلم «حسيبة» فكيف تقوّم تجربتك السينمائية؟؟
** أقول صراحةً: السينما لم تكبر بعد في بلدي، إنها ماتزال تحبو»، وقد شاركتُ في أعمال من إنتاج المؤسسة العامة للسينما على سبيل المثال: وقائع العام المقبل لـ سمير ذكرى ،حسيبة لريمون بطرس عن رواية خيري الذهبي، جسدتُ فيه أحد شخوص مرجعية الحارة أي الأعضاء الذين يقودون المعركة، أما في القطاع الخاص فشاركت في ثلاثة أعمال وهي: ثلاث عمليات داخل فلسطين - عملية الساعة السادسة - بنت شرقية
وبعد عرضها لم أكن راضياً عن مشاركاتي بها ورأيت أنها متواضعة، وليست بمستوى طموحي، وأنوّه أنني مثلت أيضاً في خياط للسيدات واللص الظريف، مع الممثلين القديرين دريد لحام ونهاد قلعي، وكانت تجربةً ممتعةً بالنسبة لي.... إلا أنني أحمّل مسؤولية صناعة السينما في بلدي إلى المؤسسة العامة للسينما، لأنها تستطيع بتكاليف متواضعة أن تقدم الفيلم التلفزيوني، وتحوّله من خلال كاميرات الديجيتال، فكما يقولون: «تضرب عصفورين بحجر واحد ».

حوار: مِلده شويكاني