مقتطفات من بساتين الأدب
المروءة :
صفة جامعة لصفات الكمال ، حاوية لمحاسن الخصال ، وسجية جُبلت على التخلق بها ذوو النفوس الزكية ، وشيمة طُبِِعت على حبها أولو الهمم العلية . وأعظم فضائلها منفعة تعود على بني الإنسان مثل مواساة الإخوان وإغاثة الملهوف، وإعانة الضعيف وحفظ العهد، و الوفاء بالوعد، و التعفف عن الحرام، والتخلق بأخلاق الكرام، ومودة القربى، وصلة الأرحام، وقضاء حوائج الناس ، والأنصاف في الحكم ، والكف عن الظلم .
أنا أعرف نفسي :
كان يزيد بن المهلب مسافراً بصحبة ابنه معاوية ، فمرا بامرأة بدوية فاستضافتهما ، وذبحت لهما عنزا ، فلما أكلا ، قال يزيد لابنه : ما معك من النفقة ؟ قال مائة دينار. فقال يزيد : أعطها إياها . فقال له أبنه : هذه : امرأة فقيرة ، يرضيها القليل وهي لا تعرفك. فقال يزيد : إن كان يرضيها القليل فأنا لا يرضيني إلا الكثير، وان كانت لا تعرفني فأنا أعرف نفسي.
رب كلمة جلبت نعمة :
دخل النابغة على النعمان بن المنذر فقال : تَخِفّ الأرض ان تفقدك وتبقى ما بقيت بها ثقيلا فنظر إليه النعمان نظر الغضبان ، وكان كعب بن زهير حاضراً فقال : أصلح الله الملك ، إن مع هذا البيت بيتاً ضل عنه ، هو :لأنك موضع القسطاس منها فتمنع جانبيها أن تميلا فضحك النعمان وأمر له بجائزتين .
الحسن بن سهل و أعرابي :
كان الحسن بن سهل جَمّ السخاء ، كثير العطاء، فكتب إليه أعرابي يقول : ما هكذا والله يا حَسَنُ سبيل الإحسان ، أما علمت أن لا خير في السّرَف ؟ فأجاب الحسن بن سهل قائلاً : لقد علمت أنا ان لا خير في السّرف ، فهل علمت أنت أيضاً ان لا سرف في الخير.
ظفر الرشيد برجل من الخارجين عليه فقال له ما تريد أن اصنع بك. قال الرجل الذي تريد أن يصنع بك الإله إذا وقفت بين يديه. ولا أجد ألان أذل مني بين يديك فأطرق الرشيد ثم قال اذهب حيث شئت. فأغراه جلساؤه به وحذروه منه فأمر برده فلما حضر قال يا إمام الأئمة لا تطعهم فّي فلو أطاع الله فيك خلقه ما استخلفك عليهم فعجب من قوله وكمال فطنته وخلى سبيله لقوة حجته وتمام ذكائه.
سأل معاوية عقبة بن سنان الحارثي ، أي المال أفضل قال أمير المؤمنين : نخلة سمراء في تربة غبراء . أو نعجة صفراء في بقعة خضراء ، أو عين خرارة في أرض خوارة ، فقال معاوية : فأين أنت عن الذهب و الفضة قال : وما للعاقل ولهما حجران يصطكان إن أقبلت عليهما نفذا وإن تركتهما لم يزدادا .
قال حكيم : طلب الراحة لنفسي فلم أجد لها أروح من ترك ما لا يعنيها . وتوحشت في البرية فلم أر وحشة أقرب من قرين السوء.وغالبت الأقران فلم أر قريناً اغلب للرجل من المرأة السوء ، ونظرت إلى كل ما يذل القوى ويكسره فلم أر شيئاً أذّل له ولا أكسر من الفقر.
أربع كلمات صدرت عن أربعة ملوك كأنما رميت عن قوس واحدة . قال الأول: لم اندم على ما لم أقل ، وندمت على ما قلت مراراً . وقال الثاني : أنا على رد ما لم أقل أقدر مني على رد ما قلت . وقال الملك الثالث : إذا تكلمت بالكلمة ملكتني، وإذا لم أتكلم بها ملكتها . وقال الملك الرابع : عجبت ممن يتكلم بالكلمة أن رُفعت ضرته وإن لم ترفع لم تنفعه .
من حكم الأحنف بن قيس :
قال رجل من بني تميم : حضرت مجلس الأحنف بن قيس وعنده قوم مجتمعون في أمر لهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن الكَرَم منع الحُرَم . ما أقرب النّقمة من أهل البغي .لا خير في لذة تعقب ندماً . لن يهلِك من قَصَد ، ولن يفتقر من زهد. رب هزل قد عاد جِدّاً. من أمن الزمان خانه ،ومن تعظّم عليه أهانه . دَعُوا المِزاح فإنه يورث الضّغائن . وخير القول ما صَدّقه الفعل . احتملوا لمن أذل عليكم واقبلوا عذر من اعتذر إليكم . أطع أخاك وان عصاك ، وصله وان جفاك . أنصف من نفسك قبل أن يُنتَصفّ منك. واعلم أن كفر النعمة لؤم ، وصحبة الجاهل شؤم . ومن الكرم الوفاء بالذمم .
الحيوية هي وحدها التي تفجر الطاقات الكامنة عند الناس، إنها هي التي تدفع إلى استعمار الأرض وتطوير البحوث وبناء القوة وهي نفسها التي لا تتراجع لتحقيق أغراضها التنموية أمام أي عقبة فهي تتوسل العنف حتى القسوة لفرض إرادتها.
قال الأصمعي : قال عمرو بن العلا : كن من الكريم على حذر إذا أهنته ، ومن اللئيم إذا أكرمته ، ومن العاقل إذا أحرجته ، ومن الأحمق إذا مازحته ، ومن الفاجر إذا عاشرته .
شكا أهل الكوفة سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.. فرده مع محمد بن سلمة الأنصاري وأمره أن يطوف في مساجدهم يسألهم عن سيرته ، فجعلوا يقولون خيراً حتى أتى مسجد بني عبس فقام أسامة بن زيد العبسي فقال : كنت و الله لا تعدل في القضية ولا تقسم بالسوية ، فقال : اللهم إن كان كاذباً فأطل عمره وأدم فقره ولا تُنجِه من معاريض الفتن . فرؤي شيخاً كبيراً يمشي على محجن فيقول : شيخ أعمى أدركته دعوة العبد الصالح .
أول ما خلق الله القلم :
أول جبل وضع في الأرض جبل أبي فبيس ، أول مسجد وضع المسجد الحرام ، أول ولد ادم قابيل ، أول من خط و خاط إدريس ، أول من اختتن وضاف الضيف إبراهيم ، أول من اسلم من الرجال أبو بكر الصديق ، ومن الصبيان علي ، ومن الموالي زيد ، ومن النساء خديجة ، ومن الأنصار جابر بن عبدالله بن رباب ، وأول من أذن بلال ، أول من بنى مسجد في الإسلام عمار ، أول من سلّ سيفاً في الإسلام الزبير ، أول من جمع القران أبو بكر ، أول الآيات طلوع الشمس من مغربها .
كان أحمد بن أبي طاهر قبيح الوجه ، وكان له جارية من أحسن النساء فضحك إليها يوماً فعبست في وجهه فقال لها: أضحك في وجهك فتعبسين ؟ فقالت : نظرت إلى ما سرك فضحكت ، ونظرت إلى ما ساءني فعبست .