كن مبادرا : ... قوة المبادرة في التفكير والعلاقات (4)
د.طالب ادكيدك – القدس – فلسطين
إشراقة للاستشارات والتدريب – www.ishraka.net
ما هي زاوية النظر لهذا اليوم وكيف أستخدمها ؟؟
سأتحدث اليوم عن سلوك أراه بين العديد من الناس ألا وهو التبرير فبعض الأشخاص عندما يتصرف أو يتحدث بطريقة معينة .. ويدرك فجأة أنها لا تناسب من حوله أو لا تناسبه هو شخصيا.. يلجأ للتبرير، ويبدأ بتفسير تصرفاته والأسباب التي أوجبت هذا النمط من السلوك، وأحيانا يزيد الأمر عن مجرد التبرير ويتخذ مسارا أكبر.. ألا وهو تعميم التبرير وهذا يعني بأن يعمم تصرفه على العديد أو الكثير من الاخرين، ويضع ذلك كله في سياق يبدو منه وكأن هذا التعميم يجعل ما قام به أمرا عاديا.
أمثلة للتفكير ...
جواد موظف في إحدى الشركات، حصل جدال بينه وبين عادل وهو موظف آخر في الشركة يكبر جواد بالسن، وارتفع صوت الاثنان وبدأ كل منهما بإلقاء اللوم على الاخر، وعندما قيل لجواد بأن ما قام به غير صحيح وبأن عليه احترام عادل الذي يعتبر في سن والده، تردد جواد قليلا وكأنه يحاسب نفسه، وسرعان ما قال بأن السبب هو عادل وبأن جميع موظفي الشركة يتصرفون بهذه الطريقة عند الغضب.. فهو إذا لم يخطئ.
ما جرى هنا هو أن جواد أدرك أن ما يقوم به ليس مناسبا لكنه بدل المبادرة بالاعتراف بخطئه والانتقال إلى ما بعد هذا الامر، قرر أن يتخذ خانة التبرير كقاعدة انطلاق بأن عادل هو من بدأ، وانتقل بسرعة إلى خانة تعميم التبرير والتي مفادها " من وجهة نظره " أن موظفي الشركة يتصرفون جميعا ( هذا تعميم، فليس كل الموظفين يتصرفون بهذا الأسلوب ) بهذه الطريقة ساعة الغضب، وهنا أعطى لنفسه مصداقية لتبرير تصرفه مستندا إلى تعميم تصرفات الاخرين .
سناء موظفة في مؤسسة للعلاج الطبيعي، وتستقبل كل يوم العديد من المراجعين الذين يحتاجون خدمات مختلفة، في بداية عملها كانت تقوم بتدليل العملاء والمراجعين لأن هذا هو عملها ومع الوقت.. زاد ضغط العمل قليلا وأصبح يشكل عبئا عليها، فبدأت سناء بالتفكير في مشاكل العمل وبدأت تحدث نفسها بحجم المشقة التي تعاني منها وشيئا فشيئا بدأت تتحدث عن هذا الأمر أمام زميلاتها، ومع مرور الأيام ( سنتان تقريبا ) بدأت تتحدث مع المراجعين من المرضى بطريقة جافة وأخذت جودة عملها تنخفض قليلا.. عندما حدثها مديرها بهذا الأمر عللت الموقف بأنه نابع من حجم التعب ( تبرير ) وبأن ما تقوم به ليس أمرا فريدا أو غريبا بل هو أمر عاديّ جدا فجميع موظفي المؤسسة يعملون نفس الشيء ( تبرير وبعد ذلك تعميم التبرير )، وكأن هذا التفسير يجعلها تشعر برضى عن طريقة تصرفها.
الخلاصة :
إدراك ما نقوم به من فعل ساعة التنفيذ كفيل بأن يجعلك تقوم بتغيير هذا التصرف إن لم كان مخالفا لمبادئك، ومع ذلك نجد أن التبرير أحيانا يعطي صبغة من الأهلية ولونا من ألوان الصواب إلى ما نقوم به من سلوك، فنقع ثانية في فخ ردة الفعل بعد أن كنّا نريد تسلق أسوار المبادرة .
فاحذر نفسك، ودعنا نكون صريحين بعض الشيء.. عندما نتصرف بهذه الطريقة نشعر بذلك في داخلنا ولكننا نفضل ارتداء قناع الصواب والتبير على أن نكون مبادرين إلى التصرف بطريقة بنّاءة ومبادرة لنصل إلى أهدافنا .
في المرة القادمة سنكمل المسير مع سلسلة " كن مبادرا " ومع زاوية نظر جديدة بإذن الله .
http://arabichemo.com/