المؤلف: أحمد أمين الشجاع

دار النشر: مجلة البيان

سنة النشر: 2013

عدد الصفحات: 254

الكاتب أحمد أمين الشجاع من الكتَاب الذين لم يتوانوا في نقد ما يجري من أحداث خلال الثورة الشعبية اليمنية التي بدأت في عام 2011، للإطاحة بنظام صالح. ومن خلال مقالاته التي سبقت تأليف هذا الكتاب سنلاحظ إنه يحذر من مخططات إيران للهيمنة على الدول المجاورة ومن بينها اليمن مشبها محاولة إيران للهيمنة على اليمن بأنها تحاول استعادة عرش كسرى وسلطان ما قبل القادسية ” المقالة تحت عنوان التدخل الإيراني في اليمن. حقائقه وأهدافه ووسائله “.

في كتابه إيران والحوثيون فهو بمثابة توجيه رسالة للأطراف التي لا تزال تغمض عينيها عن الخطر الداهم على نسيج المجتمع اليمني وما يتبعه من جرائم ترتكب باسم المذهبية.

وقد جاء الكتاب في أربعة محاور رئيسية وهي نشأة التيار الحوثي وتطوره، الجانب العقائدي والفكري لهذه الحركة، تطور الحركة الحوثية بعد الثورة الشعبية، ومظاهر تدخل إيران باليمن ونتائج هذا التدخل.

قد بدأ الكاتب باستعراض نشأة الحركة الزيدية باعتبارها كما يرى الكاتب مشابهة تماما للحركة الحوثية على الرغم من محاولة زعماء هذه الحركات إخفاء هذا التشابه، وقد ذكر إن الحركة الزيدية بدأت بعد نجاح الثورة الايرانية عام 1979، حيث كانت المظاهرات المؤيدة للخميني تجوب شوارع صعدة في اليمن مما أدى إلى استفزاز الحكومة وعلى إثرها قامت بحملة اعتقالات كما جاء في مقالة في صحيفة الجمهورية للكاتب سمير رشاد اليوسفي عام 2007.

يبين الكاتب إن هناك عوامل ساعدت الحركة الزيدية في تثبيت قدمها في اليمن، والتي جعلت من اليمن عام 1990 تتخلى عن موقفها السلبي ضد إيران بوصفها أنها وقفت في صف العراق في تلك الحرب، ووفاة الخميني المتشدد سنة 1989 ومجيء الرئيس الإيراني هاشمي رفسنجاني، الذي حاول قيادة إيران بطريقة سلمية على عكس سياسة الخميني، والوحدة اليمنية عام 1990. كل هذه العوامل كانت لصالح الحركة الزيدية حيث الوحدة اليمنية أدت الى حرية التعددية السياسية والفكرية وتأسيس الاحزاب.

وفي اقتباس للكاتب لتصريح من عضو الهيئة الإدارية لمنتدى الشباب المؤمن محمد بدر الدين الحوثي يبين فيه أن الحركة الزيدية تعرضت قبل الوحدة للقمع في محاولة لطمس الهوية الزيدية وفي ظل ذلك الوضع لم يكن أحد يفكر في توجهات سياسية بل كانت فقط قضية تدارك الفكر الزيدي.

من خلال رؤية الكاتب فإن الوحدة اليمنية عام 1990 كان لها الأثر القوي في تقوية الحركة الزيدية، من خلال السماح لهم بتأسيس الأحزاب حيث قاموا بتأسيس حزب الحق برئاسة السيد مجد الدين المؤيدي والذي بدأ نشاطه من خلال إنشاء العديد من المراكز العلمية الصيفية التي تدرس العلوم الدينية والشرعية للمذهب الزيدي وكما ذكر في بيان التأسيس بأنه مجرد منتدى ديني وثقافي وليس له علاقه بأي توجه سياسي أو عسكري.

ويوضح الكاتب أن هناك أسباب ساعدت في انتشار الحركة الزيدية في أنحاء اليمن وهي:

– وجود شخصيات اثني عشرية من إيران والعراق في الوظائف التعليمية والصحية.

– انتشار الاثني عشرية في المكتبات الزيدية.

– بروز المرئيات والشعارات في صفوف الاثني عشرية.

– إحياء الاحتفالات والمراسيم التي لم تعرفها اليمن في عهود الزيدية.

إن الحركة الحوثية كما يراها الكاتب بناءً على هذه التطورات نشأت وفق معطيات داخلية في إطار المذهب الزيدي ومعطيات بيئية في نطاق اليمن ومعطيات إقليمية تمثلت بقيام الثورة الإيرانية ونجاحها في تأسيس دولة شيعية اثني عشرية وإن التقلبات والانتماءات الحزبية ساعدت على تقوية شوكتها مما جعل لها كيان مستقل .

وضح الشجاع أن التفريق بين الحركة الزيدية والحوثية يتم عن طريق الفكر والمنهج وليس عن طريق النسب أو الانتماء الفكري وهو لا يجد اختلافا بين الحركتين وحتى لو وجدنا هناك تقارباً في الفكر الحوثي مع المذهب الاثني عشر.

وفي بعض الاقتباسات التي قام الكاتب في اقتباسها لمسؤولين في اليمن في محاولة لإظهار عدم وجود فرق بين الحركة الحوثية والزيدية فقد قام باقتباس رد لوكيل وزارة الأوقاف والإرشاد يحيى النجار في رد على سؤال حول الفكر الذي يحمله الحوثيون فكان رده: ” إن الحوثيين اعتنقوا المذهب الشيعي الاثني عشر الصفوي وإن اليمن لا تعرف هذا المذهب “.

في المقابل فإن الحركة الحوثية تنفي تماما أي تحول مذهبي لها عن الزيدية من خلال الحوار الشهير للأب الروحي للحركة بدر الدين الحوثي مع أسبوعية الوسط وقد توالت التصريحات الحوثية التي تنفي تماما ما تم تناقله إن الحركة الزيدية شبيهة بالحركة الحوثية.

ويؤكد الكاتب أنه لا وجود لخلاف حقيقي بين حركة الحوثي وأصول المذهب الزيدي في مسألة الإمامة وإن الحركة تمثل رفضا للمواقف المتنازلة وأنه على الرغم من وجود خلاف بين الحركتين وعدم مشاركة التيار السياسي للحركة الزيدية في حركة الحوثي المسلحة إلا أن الواقع العملي يظهر مدى التقاء بين الحركتين وإن اختلفت الوسيلة، وهذا الالتقاء يظهر من خلال مطالب حركة الحوثي المسلحة والتي نصت على:

أولاً: صدور موافقة رسمية بتأسيس حزب سياسي مدني في ظل الدستور.

ثانياً: صدور قرار بإنشاء جامعة معتمدة لأهالي المنطقة وضمان حق أبناء المذهب الزيدي في تعلم المذهب بحرية في الكليات الشرعية.

ثالثاً: إنشاء لجنة نزيهة لحصر الأوقاف الزيدية واستعادتها.

رابعاً: إعادة اعتماد المذهب الزيدي والشافعي مذهبين رئيسيين للدولة.

خامساً: ضمان الحرية الفكرية وعدم التضييق على الإنتاج الفكري.

وقد أكد الشجاع أن هناك أسباب خفية -معروفة للمتمرس في الجوانب السياسية-ساعدت هذه الحركة بتوسيع رقعتها وحسب الكاتب فإن من أهم الأسباب هي إما وجود جهات كبرى ممولة داخليا وخارجيا، أو وجود دعم شعبي كبير داخليا في المناطق التي يأوي إليها الحوثيون وخارجيا. وإن تلك الفرضيتين بنظر الشجاع منطقيتين حيث بنى نتائجه من خلال: أن الحوثيين يملكون روابط قوية مع شيعة المنطقة في الخليج وحتى في لبنان وسوريا وإيران، وكما أنهم يملكون مددا شعبيا في أواسط القبائل ذات الانتماء الزيدي.

كما وصف الكاتب محاولة بعض الناس تغطية ملامح الحركة المذهبية والطائفية في سبيل تحسين صورتها بأنه عمل دعائي وساذج أو عمل مدفوع الثمن.

ومن بين المعطيات التي تسببت في إثارة المخاوف لدى الحكومة وهي تبني بعض الشعارات من قبل الحركة الحوثية وقد كان الشعار ” الموت لأمريكا ولإسرائيل” سبب إحراج لليمن وخاصة إن اليمن عضو في التحالف ضد الإرهاب وإن هذا الشعار مستورد من إيران على حسب ما ذكر في صحيفة الهوية العدد 28 على لسان السفير الإيراني في صنعاء محمود زاده بأن هذا الشعار مشترك بين إيران والحوثيين.

في الكتاب يظهر أن الحوثيين كانوا يتعمدون التصعيد لهدف أكبر من إثبات الوجود عندما وصفوا النظام السابق بأنه ذو وجهين على إثر وقوع قتلى وجرحى أثناء المظاهرة عام 2003 وإنهم كانوا ينتظرون ذلك اليوم للمواجهة مع الدولة، وعندما أظهر الحوثيون الغضب بسبب تحالف اليمن مع أمريكا ضد الإرهاب لم يكن إلا غطاء لإخفاء ما يخططون له وقد ظهر ذلك من خلال شعور النظام السابق بخطر الحوثيين وإنه لجأ إلى الحل السلمي لكن الحوثي رفض ذلك وهذا دليل على أنهم كانوا يهدفون إلى الإطاحة بالنظام ليس إلا.

الحرب الحوثية مرت بعدة جولات فكانت الجولة الأولى في عام 2004 إثر مناوشات بين أتباع حسين الحوثي وقوة حكومية عسكرية، وقد تم إلقاء القبض على حسين الحوثي مع سيارتين محملة بالأسلحة والذخائر والأخرى حامية لها وإن هذه السيارتين تابعة للحركة، وقد قامت الحكومة بإرسال طائرات حربية لقصف بعض مواقع الحوثي حيث حسب رأي الشجاع إن الحكومة لم تكن موفقة على سير معاركها العسكرية والسبب بأن الدولة لم تقدر حجم وقوة الحوثي الحقيقية وإن الحوثي من خلال الحرب الأولى أبرز صلابة التيار الحوثي المتمرد وتماسكه.

يرى الكاتب أنه من الصعب تحديد أسباب هذه المواجهات لأسباب متعلقة بأهداف الطرفين وسياستهما فهو يعتبر تصريحات الطرفين سواء من التيار الحوثي أومن الحكومة بأنها حجج غير مقنعة وأن هناك أسباب خفية لا يمكن معرفتها.

وقد أسفرت الجولة الثالثة بتوقيع اتفاق صلح في فبراير عام 2006 كانت أطرافه عبد الملك الحوثي والعميد يحيى الشامي حيث توقفت جميع الأنشطة العسكرية إلا أنه وحسب ما ذكره الكاتب فإن هذا الاتفاق لم يكن على الأرض موافقا لما على الورق فقد لوحظ أن هناك نشاط طفيف للحوثيين في تخزين الأسلحة وكأنهم يخططون لجولة أخرى حيث قامت الدولة على إثر ذلك باعتقالات واشتباكات في أواسط 2006.

ونلاحظ أن الشجاع اعتمد كثيرا على أخبار الصحف لسرد ما حصل في هذه الحرب ومن بين هذه الصحف صحيفة البلاغ وصحيفة أخبار اليوم وصحيفة الوسط ووكالة الأنباء اليمنية سبأ وغيرها من الصحف السياسية.

وفي اقتباس لوجهة نظر الإعلامي والمحلل السياسي سعيد ثابت فإن الحرب السادسة شكلت فرصة تاريخية للحكومة اليمنية لإغلاق ملف تمرد الحوثيين في صعدة لكونها وجهت ضربات جوية لمعاقل الحوثيين في مطره والنقعة وضحيان. (صفحة 73)

وقد كانت الجولة السادسة في هذه الحرب أطول جولات الحرب وأكثرها دموية بين الطرفين وإنها شهدت تقدما ملموسا لدى الحوثيين في وسائلهم الإعلامية.

هناك أهمية كبيرة لليمن بالنسبة للشيعة باعتبارها الأرض التي ستحدث بها الثورات الممهدة لخروج المهدي عليه السلام ففي اقتباس لعلي الكوراني في كتابه عصر الظهور: فهناك أحاديث كثيرة لأهل البيت تؤكد على حتمية حدوث هذه الثورة وتؤكد على وجوب نصرتها وأن وقتها مقارب لخروج السفياني في شهر رجب أي قبل ظهور المهدي ببضعة شهور. (صفحة 81)

حسب الكاتب فإن تواصل حسين بدر الدين الحوثي مع إيران وزيارته للبنان حفزت فيه الرغبة في أن يكون هو المذكور في الروايات الشيعية عندما قام بتوزيع كتاب الكوراني بين أتباعه ومناصريه وإن حسين بدر الدين الحوثي كان متأثرا جدا بمنهج الخميني الثوري من خلال ترديد شعاره دائما وهو الموت لأمريكا ولإسرائيل ومن خلال إعجابه بالخميني في خطاباته.

وفي اقتباس للكاتب لقيادي سابق في الحركة وهو شائف العميسي حيث من خلال تصريحه يظهر دليل واضح على تبعية الحوثي لايران يقول في تصريحه: ” أعتقد أن الحوثي عبارة عن كرت هاتف دفع مسبقا وسينتهي ” .(صفحة 84 )

وقد رأى الكاتب أن الحوثيين أداة في يد إيران لتنفيذ ما تخطط له وإن السبب في تبعية الحوثيين لإيران هو بأن الحوثيين يظنون بإيران ظنا حسنا وإنها تدعمهم لوجه الله وحسب الكاتب هذا خطأ من أخطاء الحوثيين القاتلة وخاصة إن شيعة إيران يكفرون الزيدية وهذا الود لن يدوم بمعنى آخر إن الحوثيين أداة في يد إيران.

إن دعم إيران للحوثيين ليس لإقامة دولة زيدية بل لإقامة دولة هي امتداد طبيعي لمخطط الهلال الشيعي، فالنشاط الشيعي في أوساط الزيدية ليس نشاطا سياسيا داعما فقط بل هو نشاط تبشيري يهدف إلى تحويل المذهب الزيدي إلى إمامية اثني عشرية كما يرى الكاتب.

تحدث الكاتب عن نشاط الحوثيين بعد الثورة الشعبية ضد النظام السابق لعلي عبد الله صالح التي انطلقت في فبراير 2011 وكيف أن الحوثيين قاموا باستغلال هذا الحدث لتثبيت أقدامهم من خلال انضمامهم إلى الثورة وقد ظهر حضورهم في مخيمات ساحات الاعتصام في العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى.

دور الحوثيين منذ بداية الثورة كان بمثابة عامل تأييد لها وبعدما شعر الحوثيون أن هذا سيهدد مصالحهم عملوا على أن يكونوا عامل إفشال للثورة من خلال رفضهم للانتخابات الرئاسية المبكرة وسعوا إلى إفشالها ولم يعترفوا بشرعية الرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي، وحتى بعد المبادرة الخليجية لحل النزاع قام الحوثيون برفض تلك المبادرة بحجة أنها مؤامرة خارجية وسعودية على وجه التحديد.

وفي اقتباس لصحيفة الأهالي لبعض المتابعين فهم يرون أن رفض الحوثيين للمبادرة لكونها ستفوت على الحوثيين فرصة ذهبية في بسط النفوذ وكما أن المبادرة ستجهض خطة الحوثي المتفق عليها مع النظام السابق والتي يتم بموجبها تسليم محافظات الشمال للحوثي. (صفحة 100)

ويكشف الكاتب مدى التناقض في سياسة الحوثيين في التعامل مع ما يجري، فهم يرفضون التسوية السياسية مع النظام السابق وبعد ذلك يضعون يدهم في أيدي علي صالح ونجله أحمد لإفشال المرحلة الانتقالية وإقلاق الأمن وقد وصف ما يقومون به بأنه بلطجة وإجرام باتت تملأ عناوين الصحف.

حاول الكاتب أن يؤكد دائما على فكرة واحدة لا مفر منها وهي إن الحوثيين دائما كانوا عامل إفشال لأي مصالحة وطنية وهذا يؤكد أن لدى الحوثيين مصالح خفية وغامضة لا يمكن أن يقوموا بالإعلان عنها بشكل علني.

ويشير الكتاب أن ما يصدر عن الحركة من تصريحات ومواقف سياسية غير كافي لبناء تصور واضح عن مشروعها السياسي وهذا يعود إلى عدة أسباب: السبب الأول: هو وجود التناقضات في التصريحات بحيث إذا أعلن فريق منهم عن موقف سياسي يقوم فريق آخر بنقضه، أما السبب الثاني فهو أه وعلى الرغم من انتماء الحركة الحوثية للمذهب الزيدي إلا أنها لم تعلن بشكل رسمي تبنيها لمشروع سياسي على أساس الفكر الزيدي، أما السبب الثالث فهو أن الحركة الحوثية تفتقر إلى برنامج سياسي متكامل ومعلن، أما السبب الأخير فيكمن في أن الحركة الحوثية تنتمي لإيران وليس لليمن وغيرها من الأسباب .

وقد نبه الكاتب إلى قضية مهمة وهي أن ما يسعى إليه الحوثيون ليس محاولة لإعادة إحياء الفكر الزيدي ونشره وإنما إنشاء فكرهجين مصنوع على الطريقة الإيرانية بأبعادها الطائفية والسياسية.

كما قدم الكاتب مجموعة من التوصيات على الرغم من أنه يرى أن هناك صعوبة في ذلك والسبب أن هذه الأزمة أعمق مما هي عليه فهي ترتبط بعدة أزمات وكل هذه الأزمات تتحد مع بعضها لتشكل واقعا قاسيا.

يُعاب على الكاتب إنه لم يتطرق الى دور دول التعاون الخليجي في هذه الحرب سواء كان أثناء الحرب أم بعدها وخاصة فيما عرف بعملية إعادة الأمل التي تتضمن بحث دول الخليج في مرحلة ما بعد الحرب.

للتحميل من هنا