الأبله
***
شعر
صبري الصبري
***


شاهدت يوما أبلها متعامي=فظا جهولا وافر الأوهامِ
يهذي بأقوال تشتت شملها=بين الدروب بحلكة لظلامِ
بلسان لغو مستمر لا يرى=حدا لقولٍ أعرج الأقدامِ
ويظل يرمي بالحروف تدفقت=كحصى غليظ في خضم ركامِ
يرمي به الآذان رميا مفجعا=بفجاجة وصفاقة للئامِ
فتراه طورا في أتم تخلف= بثياب إنسيٍّ بغير زمامِ !
وتراه طورا في إطار حظيرة= كبهيمة هاجت بدون لجامِ !
وتراه شيطانا تلبَّس هيكلا=مستغرقا في همسه الإجرامي
وتراه أحيانا بسمت تخبط=بين الربوع كضالة الأغنامِ
كالذاهل المجنون بث جنونه=بسياق لوثة قبضة الأسقامِ
يختال مزهوا ببعض مسائل=يبني عليها فكرة لعوامِ
شخصوا إليه إذا تحدث شارحا=أفكار جهل الأبله الضرغامِ !!
يمتاز بالإصرار في سعي له= بمسار ثرثار بحشد زحامِ
ظنوه باللغو الكثيف مفكرا=فذا يبث حقائقا لأنامِ
فَمَوَاطِن التدليس فيه تعددت =وتكاثرت في عتمة الإظلامِ
ومناطق العمران منه تأثرت = أضحت خرائب رقعة بحطامِ
ما أخسأ الجهال ساء حديثهم =وكلامهم بوسائل الإعلامِ
زمن الرويبضة اللئام تكلموا=في كل شيء دونما إلمامِ
فتراهمُ بالحادثات تصدروا=وتشدقوا بدقائق ومهمامِ
كخنافس الأطيان بثت قيئها =بالأرض دون تقيد بنظامِ
يا أبله التفكير إنك قاصر=مهما كبرت بهيئة وقوامِ
مثل الحمار .. وللحمير فوائد=شتى تدوم على مدى الأعوامِ
عذرا لأصناف الحمير فإنها=خير من البلهاء والأقزامِ !
والعذر أيضا للبغال فإنها=بالنفع تحيا بيننا بوئامِ
إن البلاهة يا عتيد بلاهة=داء العقول تخضبت بسقامِ
وهي الخلايا بالتخلف أُعطبت=بسواد نكبتها بسوء تعامي
وهي التخلص من نفائس حكمة=وهي الولوع بقسمة الأزلامِ
وهي السقوط بلوثة عقلية=بين الفتون خبيثة الأنغامِ
وهي الحياة بعيشة همجية=بحقول جدب ناضر الألغامِ
يا من تخبط بالبلاهة ساءنا=منك الحديث بلغوك المتنامي
إنا سئمنا من لدنك لجاجة=بثت إلينا قسوة الآلامِ
فاصمت فصمتك منتهى إسعادنا =كيما نعيش براحة وسلامِ
فجوارح الإنسان تسمو عندما =تبقى بحفظٍ من سخيف كلامِ !!