الشكر موصول لك ولمتابعتك الحثيثة لخطواتنا دائما ومنذ البدايات والحمد لله انه أعجبك:
نكمل كملحق للبحث:
*********************
قد ورد في القسم الأول من الدراسة بعض عيوب لم نشبعها تفصيلا ونظرا لان مطبات حديثي العهد بالشعر كثيرة وحتى كبار الشعراء لأنها قد تخفى عنهم في خضم مخاض الكتابة نوردها تفصيلا وبتصنيف جديد:
*************
-العيوب المقبولة:
1-التكلف في طلب القافية: أن تكون القافية مستدعاة قد تكلف في طلبها، فاشتغل معنى سائر البيت بها، مثل ما قال أبو تمام الطائي:
كالظبيَة الأَدْمَاءِ صافتْ فارتعتْ ... زهَرَ العَرَارِ الغضَّ والجَثْجَاثا
فجميع هذا البيت مبني لطلب هذه القافية، وإلا فليس في وصف الظبية بأنها ترتعي الجثجاث كبير فائدة، لأنه إنما توصف الظبية إذا قصد لنعتها بأحسن أحوالها بأن يقال: إنها تعطو الشجر، لأنها حينئذ رافعة رأسها، وتوصف بأن ذعراً يسيراً قد لحقها، كما قال الطرماح:
مِثْلَ ما عَايَنْتَ مَخْرُوفة ... نصَّها ذاعِرُ رَوْعِ مُؤامْ
فأما أن ترتعي الجثجاث، فلا أعرف له معنى في زيادة الظبية من الحسن، لا سيما والجثجاث ليس من المراعي التي توصف بأن ام يرتعى يؤثره: الإتيان بالقافية لتكون نظير لأخواتها في السجع: ومن عيوب هذا الجنس: أن يؤتى بالقافية لتكون نظيرة لأخواتها في السجع، لا لأن لها فائدة في معنى البيت، كما قال علي بن محمد البصري:
وسابِغَةُ الأذيالِ زَغْفٌ مُفَاضَةٌ ... تَكَنَّفَها مِنِّي نِجَادٌ مُخَطَّطُ
في وصف الدرع وتجويد نعتها.
فليس يزيد في جودتها أن يكون نجادها مخططاً، دون أن يكون أحمر أو أخضر، أو غير ذلك من الأصباغ، ولكنه أتى به من أجل السجع.
ومن هذا الجنس: قول أبي عدي القرشي:
وَوُقِيتَ الحُتوفَ مِن وارثٍ وَا ... لٍ وأَبْقَاكَ صَالِحاً ربُّ هودِ
فليس نسبة هذا الشاعر الله عز وجل إلى أنه رب هود بأجود من نسبته إلى أنه رب نوح، ولكن القافية كانت دالية، فأتى بذلك للسجع لا لإفادة معنى بما أتى به منه.[1]
2- التثليم والتذييب:
التثليم:
وهو أن يأتي الشاعر بأسماء يقصر عنها العروض، فيضطر إلى ثلمها النقص منها، مثال ذلك قول أمية بن أبي الصلت:
لا أرَى من يعيننِي في حياتِي ... غيرَ نفسِي إلا بنِي إسرالِ
وقال في هذه القصيدة:
أيُّما شاطنٍ عصَاه عكاهُ ... ثمَّ يلقَى في السجنِ والأكبَال
وقال علقمة بن عبدة:
كأنَّ إبريقهمْ ظبيٌ على شرفِ ... مقدمٌ بسبا الكتان ملثومُ
أراد: بسبائب الكتان، فحذف للعروض.وقال لبيد بن ربيعة:
درسً المنا بمتالعٍ فأبانٍ
أراد المنازل. ومنها التذنيب.
التذنيب:
وهو عكس العيب المتقدم، وذلك أن يأتي الشاعر بألفاظ تقصر عن العروض، فيضطر إلى الزياد فيها.
مثال ذلك ما قال الكميت:
لا كعبدِ المليكِ أو كيزيدِ ... أو سليمان بعدُ أو كهشامِ[2]
2-العيوب المذمومة:
يصنف العروضيين والمهتمين بأمور الشعر مواضيعه دون الأخذ غالبا بمقبوله ومذمومه بطريقة سلسة واضحة ومفهومة والباحثين عن المعلومة اليقينية.
تصنف العيوب المذمومة حسب ترتيب الشاعر جمال مرسي كالتالي:[3]
الأول معنوي : يتمثل في الاهتمام باللفظ على حساب المعنى
و الثاني شكلي : يظهر في كلمة القافية نفسها
وسنورد العيوب بتصنيف الشاعر المذكور بتصرف:
(لقد غفل في موضوعه عن المعنوي وقد صنفناها بمرتبة مقبولة في بحثنا هذا)
و العيوب الشكلية تنقسم إلى سبعة عيوب :
لذا نورده لإتمام المراد من الملحق بالقافية بعد عرض مختصر عن العيوب الشكلية:
- الإيطاء :
و هو أن يعيد الشاعر كلمة واحدة يكررها بعد بيتين أو ثلاثة ولا يجوز تكرارها إلا بعد الوصول للبيت السابع(يستثنى الغرض البلاغي) .
2-التضمين :
و هو أن تتعلق قافية البيت بصدر البيت الذي يليه
و هو نوعان :
(أ) جائز : ما تم المعنى بدونه و لكنه احتاجه للتفسير أو الوصف
مثال : أشرقت مثل ابتسامات المنى === المنى الضاحكة اللاتي أحب
(ب) غير جائز :قبيح و هو مالا يتم الكلام إلا به كالخبر و الفاعل و جواب القسم و الشرط
مثال : و إني و تهيامي بعزة بعدما ===تخليت مما بيننا و تخلتِ ..
كالمرتجي ظل الغمامة كلما ===تبوأ منها للمقيل اضمحلتِ
3-الإقواء :
و هو اختلاف حركة الرويّ من حركة ثقيلة كالكسرة إلى حركة تشبهها في الثقل كالضمة
مثال قول النابغة :
غُذِيتَ بدَرّها ورَويتَ منها ** فمَنْ أنْباكَ انّ أباكَ ذيبُ
إذا كان الطباع طِباعَ سَوءٍ ** فليسَ بنافعٍ أدَبُ الأديبِ
قال:
"وهذا غلطٌ من العرب، لا يُجعَلُ مثالاً، ولا يُقاس عليه".
والتمويه في العيب الإعرابي حيث تغير الحركة لخدمة القافية عيب هنا[4]
-الإصراف :
و هو اختلاف حركة الرويّ من فتح إلى ضم أو كسر
مثال :ألم ترني وددت على ابن ليلي===منيحته فعجلتُ الأداءَ ( لاحظ الهمز مفتوح هنا )
و قلت لشاتهِ لما أتتنا ======رماك الله من شاةٍ بداءِ ( لاحظ ان الهمزة هنا مكسورة )
5- الإكفاء :
و هو الإتيان في القصيدة برويّ متجانس في المخرج لا في اللفظ
مثل شارح و شارخ ... او فارس و قارص
6- الإجارة :
و هو اختلاف الروي بحروف متباعدة المخرج مثل ( عبيدُ و عريقُ ) و (شاربُ و قاتلُ )
مثال قول الشاعر :ألا ترى إن لم تكن أم مالكٍ===بملك يدي إن الكفاء قليلُ
رأى من خليليه جفاءاً و غلظةً ===إذا قام يبتاع القلوص ذميمُ
7- السناد :
و هو اختلاف الحروف و الحركات التي قبل الرويّ .. وهو خمسة أنواع منها ما يتصل بالحروف و منها ما يتصل بالحركات .
فالذي يتصل بالحروف نوعان :
(أ) سناد الردف : و معناه ردف أحد البيتين دون الآخر . مثال :
إذا كنت في حاجة مرسلاً===فأرسل حكيماً و لا توصِهِ
و إن باب أمرٍ عليك التوى=== فشاور لبيبا و لا تعصهِ
البيت الأول مردوف بالواو قبل الصاد و الصاد هي الروي
و لكن لم يتحقق الردف في البيت الثاني لأن ما جاء قبل حرف الصاد هو العين .
(ب) سناد التأسيس :و يعني تأسيس أحد البيتين دون الآخر
مثال : يا دار مية اسلمي ثم اسلمي
فخندفٌ هامةُ هذا العالمِ
فالبيت الأول لا يحتوي على ألف التأسيس لأن اللام هي التي وقعت قبل الروي ( الميم )
بينما البيت الثاني جاء مؤسسا ( إذ سبقت ألف المد هذه اللام و هذه هي الف التأسيس
و مثل هذا ..ان تقع ألف التأسيس في بيت و لا تأتي في بيت آخر في نفس القصيدة يعد عيبا من عيوب القافية
و أظن هذا هو ما وقعت فيه أخي الحبيب ابن حيزان
أما السناد الذي يتصل بالحركات فهو ثلاثة أنواع :
( ا) سناد الإشباع (مثال الجداولِ و تطاوَلي )
(ب) سناد الحذو
مثال : الا هبي بصحنك فاصبحينا==و لا تبقي خمور الأندرينا
و قدَّدْت الأديم لراهشيهِ===و ألفى قولها كذبا و ميْنا
انظر إلى الأندرينا و ميْنا الذي بمعنى الكذب
(ج) سناد التوجيه
وهو اختلاف حركة ما قبل الروي المقيد (الساكن)، مثل:
إنَّ (لا) بعد (نعم) فاحشةٌ ** فبـ(لا) فابدأْ إذا خِفْتَ النَّدَمْ
لا تراني راتعا في مجلسٍ ** في لحوم الناس كالسَّبْعِ الضَّرِمْ[5]
*****************
نتمنى أن نكون قد استوعبنا كل ما يمت للقافية بصلة وثيقة وهامة.
ريمه الخاني 18-1-2012