(القابض جل جلاله):هو من الأسماء الحسنى ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال: (إن الله تعالى هو الخالق القابض الباسط الرزاق المعز, وإني لأرجو أن ألقى الله ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال). رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والبيهقي عن أنس رضي الله عنه.
وقد وردت في القرآن الكريم معان كثيرة لاسم الله (القابض جل جلاله). منها: أنه يقبض الأرواح بالموت الذي كتبه على عباده وأنه وكل ملك بقبض الأرواح فقال الله تعالىقل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون)(1).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلمإن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها عليكم حين شاء. يا بلال قم فأذن في الناس بالصلاة).
رواه أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي عن أبي قتادة رضي الله عنه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم إذ مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون نعم, فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون نعم,
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــp
(1) السجدة: الآية .
فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون حمدك واسترجع , فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد).
رواه الترمذي وابن حبان عن أبي موسى رضي الله عنه.
ومنها : أنه ينزل على نفوس عباده القبض , وهي صفة من الصفات التي انفرد بها ( القابض جل جلاله), فلا تقبض الأرواح ولا تقبض النفوس إلا إذا تجلى القابض على عباده فيتحسسون بالقبض ولا يعرفون لذلك سبباً , وهذا تذكير لهم بجلال كبريائه.
ومنها : أنه يزوي الدنيا عن عباده المؤمنين ويبسطها على الكافرين . قال رسول الله صلى الله عليه وسلمإذا أحب الله عبداً حماه من الدنيا كما يحمي أحدكم سقيمه الماء).
رواه الطبراني والحاكم والبيهقي عن قتادة بن النعمان رضي الله عنه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا أحب الله عبداًَ أغلق عليه أمور الدنيا وفتح له أمور الآخرة).
رواه الديلمي في مسند الفردوس عن أنس رضي الله عنه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم تقول : الملائكة : يا رب عبدك المؤمن تزوي عنه الدنيا وتعرضه للبلاء وهو مؤمن بك, فيقول: اكشفوا عن ثوابه , فإذا رأوا ثوابه , تقول الملائكة: يارب ما يضره ما أصابه في الدنيا).
رواه أبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
ومنها: أنه يقبض رحمته يوم القيامة عن الذين كفروا بآيات الله ولقائه وجعلوا شركاء.
قال الله تعال:(والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم)(1).
وقال الله تعالىقال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون )(2).
وقال الله تعالىولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)(3).
وهذه المعاني وأكثر منها وردت في القرآن الكريم:فقال الله جل جلالهوما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عماً يشركون)(4).
وفي هذه الآية معنى لقبض الأرواح قبل نفخ الصور والبعث . وقال الله جل جلاله):من ذا يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرةً والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون)(5).
وفي هذه الآية معنى قبض يد الغني وإمساكها عن الفقير . وإن الفقر لهو خير للفقير إن صبر.
وقال الله جل جلالهالمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم)(6).
وفي الآية معنى قبض اليد عن الخير والمعروف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــp
(1)العنكبوت: الآية 23 (2) الحجر: الآية 65 (3)يوسف: الآية 78
(4)الزمر:الآية 67 (5)البقرة: الآية 245 (6) التوبة: الآية
وحظ العبد من اسم ربه(القابض جل جلاله): الدعاء على الظلمة لقبض شرهم عن الداعي أولقبض أرواحهم , وقالوا : من كتبه أربعين يوماً على أربعين لقمة من الخبز وأكل كل يوم لقمة لم يحس بألم الجوع. والله أعلم.
تنبيه: وقالوا لا ينبغي أن يدعى الله جل ثناؤه (بالقابض إلا مع الباسط) , ولا (بالمذل إلا مع المعز) ولا (بالمميت إلا مع المحيي) ولا (بالمؤخر إلا مع المقدم) ولا (بالمانع إلا مع المعطي) ولا بالضار إلا مع النافع
!*الباسط*
(الباسط جل جلاله): وردت في القرآن الكريم معان كثيرة لاسم الله(الباسط جل جلاله): بإنه هو الذي ينشر رحمته وفضله على عباده , يرزق ويوسع ويجود ويعطي أكثر مما يحتاج إليه العبد, فيزيده بسطه في العلم والجسم والمال.
قال الله تعالىوقالت اليهود يد الله مغلولة , غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء)(1).
وقال الله سبحانه وتعالى:(الله الذي يرسل الرياح فتشير سحاباً فيبسطه في السماء كيف يشاء)(2).
وقال الله سبحانه وتعالىالله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شيء عليم)(3).
وقد نبه الله عباده بقوله الكريم:
(ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض)(4).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــp
(1)المائدة: الآية 64 (2)الروم :الآية48 (3) العنكبوت: الآية 63
(4)الشورى: الآية 27
وقال الله تعالىإن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة )(1).
وقال الله تعالىكلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى)(2).
وقال الله تعالىولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً)(3).
وحظ العبد من اسم ربه (الباسط جل جلاله): البسط في كل شيء في العلم والجسم وارزق , وقالوا : من ذكرة إثر صلاة الضحى عشراً كان له ذلك . ومن ذكره عشراً رافعاً يديه إلى عنان السماء ثم مسح بهماوجهه فتح له باب من الغنى . والله أعلم.
(1)القصص: الآية 76 (2)العلق:الآية 6 (3)الإسراء 29
التعليق
1- هذين الاسمين الكريمين من أسماء الله عزّ وجل نلحظ فيهما خاصية التقابل بل التضادّ وبالطبع هذا ليس على سبيل الحصر ففي أسمائه تعالى تجد هذه الخاصة بادية بوضوح .
2- القابض والباسط هذين الاسمين الكريمين عليهما ينهض الوجود الكوني والإنساني بتوازن دقيق محكم فلا خلل ولانشاز فالبسط والقبض متلازمان بلا انفصام . 3- التخلّق بهذين الاسمين يحصل لك أخي المسلم بأمور تتصل بمجريات حياتك وأعمالك التي تقوم بها ومن ذلك :
أ- عندما توسع على عيالك في الإنفاق بلا أسراف فهذا تخلٌق منك باسم الله الباسط على أن يكون فعلك في دائرة المباحات .
ب- عندما تنظم إنفاقك على نفسك وعيالك على قدر ما هو متوفر لديك من المال وقد تحد من بعض الكماليات وتقتصر على الضروريات فهذا تخلّق باسمه الله القابض .
ج- عندما تكرم ضيفك أو صاحبك لدى زيارتمها لك بأنواع المكارم بما يدخل السرور في القلوب فهذا تخلٌ منك باسمه تعالى الباسط .
د- عندما تكرم ضيفك ضمن حدود معقولة لكن بما يبقي لمحات السرور بادية عليه فهذ تخلّق باسم الله القابض . هكذا تجد أثر هذين الاسمين في حياتك اليومية , ولكن حذار من الإفراط في البسط والقبض فكلاهما مذموم .