اختزلت الفنانة سحر قنطار بتجربتها الفنية كل المخزون الشعبي والتراث اللامادي الذي نتوارثه جيلاً بعد جيل، ويرتبط بتقاليد وعادات كل بيئة، فيما يتعلق بالأهازيج والأمثال الشعبية والأقوال المتداولة، بدأت سحر تجربتها بالرسم ثم شكلت صوراً مستمدة من وحي مخزونها الفكري والثقافي حول التراث ثم أرادت كما تقول تحويل هذه الرسومات إلى مجسمات واقعية فجسدت نماذج مختلفة للأواني والفرش العربي والأثاث المنوع وأطباق القش والأدوات المستخدمة مثل الصاج وجرار المياه والنارجيلة ومصبات القهوة والسجاد والقشيات...
ولكن الشيء الجميل في عمل قنطار أنها لم تجعل هذه المجسمات منفردة، وإنما أقحمتها بأجواء بيئية مناسبة في محترفها الخاص يتناسب مع موضوع المجسم، فنرى مثلاً امرأة تعزف على العود تحاط بها الخزفيات وأجواء الفرش الشعبي المناسب، ومن جهة ثانية شكلت مجسمات جماعية عبّرت عن سهرات العائلة والأصدقاء في غرفة الاستقبال والتي تضم صورة مصغرة عن المنزل الحقيقي بكل ما فيه، مركزة على الزيّ الشعبي للرجال والنساء وشيخ القبيلة الذي يضع العمامة ويرتدي العباءة ويمسك بالعصا، إضافة إلى رجاله المقربين بزيهم المتعارف عليه ، وفي مجسمات أخرى شغلت مساحة من الطبيعة محاطة بها خميلة من النباتات والورود والطيور والحيوانات الأليفة.
وفي منحى آخر تبنت الفنانة بعملها مختلف القضايا الحياتية التي نعيشها، وركزت على مواقف معينة تومىء باللحمة الوطنية وبكرم الشعب العربي السوري، واهتمت بتفاصيل معنية توحي بهذه الشمائل مثل مصب القهوة الذي يشير إلى الكرم وصناعات القش التي تدل على ممارسة المرأة هذه الصناعات، إضافة إلى الأدوات الموسيقية.
وتعلق الفنانة على عملها قائلة: حاولت كسر جمود اللوحة الصامتة ونقل اللوحة إلى مجسم حي ناطق ينقل الواقع القديم بكل صوره وأشكاله، وأن يكون جسراً بين الماضي والواقع من خلال الحكايا والقصص، ولكن توخيت أن أستمد مجسماتي من جميع المناطق: من الجزيرة والمنطقة الشرقية والقلمون والمناطق الساحلية والداخلية ودرعا والسويداء، وأضفت إليها شيئاً من خيالاتي دون استخدام قوالب جاهزة، أما من حيث التقنية، فتضيف الفنانة: أبدأ بالنحت ثم أمزج العجينة وأشكلها وفق الأنموذج المراد، وأضفت إليها جهازاً إلكترونياً لتردد المجسمات الأهازيج والأغنيات وتصبح مجسمات ناطقة.
الملفت للانتباه أن الفنانة لونت مجسماتها بألوان زاهية مستخدمة أدوات الزينة أيضاً.
مِلده شويكاني
http://www.albaathmedia.sy/index.php...-11&Itemid=174