منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 9 من 9

العرض المتطور

  1. #1
    Senior Member
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    الدولة
    إنكلترا
    المشاركات
    344

    تم خلعي لأني رفضت بيع فلسطين للمرة الأولى.رسالة للسلطان عبد الحميد تنشر منذ 100 عاماً

    تم خلعي لأني رفضت بيع فلسطين للمرة الأولى.رسالة للسلطان عبد الحميد تنشر منذ 100 عاماً
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    بعد نحو 100 عام كشفت أخيرا عائلة الشيخ محمود أبو الشامات السوري عن الخطاب الذي أرسله سرا السلطان عبد الحميد الثاني إلى شيخه الشاذلي أبو الشامات، وشرح له الأسباب الحقيقية وراء خلعه عن عرش السلطنة العثمانية ونفيه إلى سلانيك.

    فقد قام عمار أبو الشامات حفيد الشيخ محمود أبو الشامات بتسليم النص الأصلي للرسالة إلى الرئيس السوري بشار الأسد، وأطلع وكالة أنباء جيهان التركية على نسخة من الرسالة.

    ويقول عمار أنه قد عرضت عليهم مبالغ ضخمة خلال العقود الماضية من أجل الحصول على هذه الرسالة، ولكنهم رفضوا، وبعد مرور مائة عام قرروا تسليمها إلى رئيس الجمهورية.

    ويروي السلطان عبد الحميد في رسالته إلى شيخه أن السبب الرئيسي وراء خلعه كان رفضه بيه الأراضي الفلسطينية لليهود عامة، ولليهود المقيمين في فلسطين خاصة. وأن علاقة جمعية الاتحاد والترقي التي كانت تحكم تركيا آنذاك دبرت خديعة واقعة "31 مارت" لتكون مبررا لخلعي عن السلطنة.

    وقد رد عليه الشيخ بأنه إمام وخليفة للمسلمين يراعي دينه ورعيته، وأن الله سيجزيه الجزاء الأوفى على صنيعه.

    وكان السلطان عبد الحميد قد كتب رسالته إلى شيخه بعد أن نفته حكومة الاتحاد والترقي إلى سلانيك، وأرسل الرسالة سرا من خلال حارس قصره في سلانيك.



  2. #2

    رد: تم خلعي لأني رفضت بيع فلسطين للمرة الأولى.رسالة للسلطان عبد الحميد تنشر منذ 100 ع

    السلام عليكم
    حقيقة يمكننا ان نستشف درسا خطيرا من تلك المرحلة الفاصلة في تاريخنا فقد كان توماس تشرشل المقيم انذاك في دمشق برتبة كولونيل يرسل رسائل حفظت في سجلات مجلس ادارة نواب اليهود البريطانيين وجاء في احداها:
    انه من دواعي سروره واغتباطه ان يفصل بين سوريا وفيها فلسطين وبين مصر والذي كان يحكمها انذاك محمد علي وقد وصل امتداده لعرش السلطة العثمانية واستطاع تشرشل عن طريق اثارة القلاقل ارجاع ابراهيم باشا عن ضمه لتلك المناطق تحت حكم واحد وقد دخلت قاموس المورد كلمة بوغروم/pogrom/مذبحة منظمة يذهب ضحيتها الامنون كما قال فيه منير بعلبكي وهي من اصل روسي هن الهولوكست وقد كان وقتها تيارين تيار الثورة الفرنسية وتيار ماركس,وقداستغل اليهود الحكم بالنفي للجاسوس اليهودي في المانيا الفريد دريفوس لاستغلاله لصالح اليهود بالتشدق فيه كثيرا اعلامياغ,واعادة محاكمته مرارا حتى البراءة,وقد منع السلطان عبد الحميد اليهود لديه من استغلال اي منفذ بالسماح لهم بالجنسية والا يكونوا في مكان واحد وتحديد عددهم وان يخضعوا لكافة القوانين التركية مما ادى الى اليهود بالتراهن على انزاله عن عرشه لانه رفض بيع فلسطبن والقدس رغم كل الاعطيات والمنح المالية والقروض حيث حاولوا تسريب اليهود الى هناك حتى مع ابسماح لهم بقلة,لمحاولة تشرشل فصل فلسطين وسلخها عن المنطقة مما يضمن الفصل الدائم واستحالة الوحدة وهذا ماكان هرتزل يسعى اليه حثيثا هذا الصحفي اليهودي الصرف.
    من مقال الايام الاخيرة للسلطان عبد الحميد في استانبول /نصر الدين البحرة /المعرفة /عدد 535 السنة 47 -نيسان-2008-ربيع الاول -1429
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3

    رد: تم خلعي لأني رفضت بيع فلسطين للمرة الأولى.رسالة للسلطان عبد الحميد تنشر منذ 100 ع

    حقيقة موقف السلطان عبد الحميد الثاني من فلسطين

    http://freearabvoice.org/?p=358

    العرب اليوم
    2010/04/24

    د. فدوى نصيرات

    تؤلف الفترة الزمنية بين عامي 1876-1908م - أي فترة حكم السلطان عبد الحميد الثاني للدولة العثمانية - مرحلة حاسمة من تاريخ فلسطين وبداية الدعوة الصهيونية ونشاطاتها العملية في حقلي الهجرة والاستيطان كما أنها تجسد المرحلة التكوينية في نمو وتطور النشاط الاقتصادي فيها ومن ثم تطور المقاومة العربية عامة والفلسطينية خاصة لمواجهة اندفاع الغزو الصهيوني ومحاولاته الرامية إلى الاستيلاء على الأرض في فلسطين.

    ويهدف هذا المقال إلى توضيح بعض الحقائق التاريخية لمن أراد أن يسجل مواقف للسلطان عبد الحميد اعتمادا على مقولة السلطان الشهيرة لهيرتزل "انصحه أن لا يسير أبدا في هذا الأمر لا اقدر أن أبيع ولو قدما واحدا من البلاد لأنها ليست ملكا لي بل لشعبي.. ليحتفظ اليهود بملايينهم" وبناء على ذلك فان النظرة السائدة والشائعة في كثير من الكتابات والمنشورات التركية والعربية باتت اليوم أكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى التعديل والتصويب.

    في عهد السلطان عبد الحميد الثاني:

    * أقيمت المستعمرات الصهيونية في فلسطين وبلغ عددها في فترة حكمه ستا وثلاثين مستعمرة، على أرض مساحتها (408.742) دونما، ومن الجدير بالذكر أن هذه المستوطنات لم يقتصر دورها على إيواء جموع المستوطنين وحسب بل اتخذت أوكارا لأعضاء الحركة الصهيونية وشركاتها وبنوكها وجمعياتها ووكلائها للانطلاق لشراء المزيد من الأراضي وبناء المستوطنات فيها

    * وعقدت في عهده المؤتمرات الصهيونية على أرض فلسطين وكان بدؤها في العام 1901م في مستعمرة "زخرون يعقوب" الذي استهدف تنظيم وتوحيد صفوف يهود فلسطين، وكان عقد مثل هذه المؤتمرات على أرض فلسطين يعد كسبا معنويا للحركة الصهيونية وجذبا لليهود قاطبة إلى فلسطين بصفتها أرض الميعاد التي تجذبهم دينيا (عبدالعزيز، الشناوي، الدولة العثمانية دولة مفترى عليها).

    * أصدر "فرمانات جزئية" لصالح اليهود وأذن لهم بمقتضاها شراء الأراضي داخل فلسطين هذه الفرمانات شكلت سندا قويا في يد الصهيونية للتوسع في شراء الأراضي سواء بطرق مشروعة أو غير مشروعة (سليمان، محمد، قانون التنظيمات العثماني وتملك اليهود في فلسطين).

    * شكلت فترة حكمه البدايات الرسمية والعلنية للهجرات اليهودية المباشرة إلى فلسطين، الهجرات التي حاول إيقافها "بفرمانات جزئية" إذ أن المنع شمل يهود روسيا والنمسا واليونان، ولم يشمل يهود أمريكا وانجلترا وألمانيا وفرنسا، وبلغ عدد اليهود في عهده 80 ألفاً، وبهذا ارتفعت نسبة اليهود في فترة حكمه إلى أكثر من الضعف من 5% إلى 11% وكانت هذه النسبة العددية ثمرة من ثمار سياسة عبد الحميد (Hyamson، Albert: The British consulate in Jerusalem).

    * فتح الباب على مصراعيه للنشاط الاقتصادي إذ سمح بإقامة عشرات البنوك، الشركات، الجمعيات، والوكالات الصهيونية وذلك لغزو فلسطين ماليا وبشريا (لين، وولتر، الصندوق القومي اليهودي).

    * ولسداد ديون الدولة العثمانية دخل في مفاوضات مطولة مع هيرتزل استمرت منذ العام 1897-1901 م إذ قابله ثلاث مرات وباءت بالفشل لان هيرتزل لم يستطع جمع المال اللازم من أثرياء اليهود. ومن يقرأ المفاوضات بتفاصيلها الدقيقة يخرج بنتيجة مفادها أن السلطان لم يكن يسمح بالسيطرة على فلسطين مباشرة لكن على حد تعبير هيرتزل "كان السلطان يقول لهم ادخلوا هذه البلاد كرجال مال، واكسبوا أصدقاء لكن بعد ذلك تستطيعون ان تفعلوا ما تشاءون" (ج.م.ن. جفريز، فلسطين إليكم الحقيقة).

    * تجاهل العرائض والشكاوى التي رفعت إليه من أهالي فلسطين وطالبوا من فيها وقف الهجرة والاستيطان الصهيوني وتجاهله لإشارات الصحف المحلية (الأهرام، المقطم، الإخلاص، المقتطف) التي نبهت لمخاطر الصهيونية وأهدافها على أرض فلسطين والتي تحرج موقف الكثير من المؤرخين الذين يتغزلون فيه انطلاقا من الإرادة السنية التي تمنع بيع شبر واحد من أرض فلسطين للصهاينة«.0


    The Free Arab Voice www.freearabvoice.org

    --

  4. #4
    مدرس لغة عربية ومترجم من الفرنسية
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    473

    رد: تم خلعي لأني رفضت بيع فلسطين للمرة الأولى.رسالة للسلطان عبد الحميد تنشر منذ 100 ع

    جزيت خيراً أختي الفاضلة منى الراعي



    فهذا موضوع هام علينا ألا ننساه.




    ولكننا قد نضطر أن نستخدم لغة العصر!! في التعبير، فنقول فلسطين، وماكانت تعرف وقتها إلا أنها جزء من الشام- منطقة الشام، لا دولة الشام - كان يُقال : سنجق القدس، - والسنجق تقسيم إداري يعادل أقل من الناحية بتعبير العصر!!-

    وقد قتل اليهودي السفاح جمال باشا ( شكري العسلي ) لا لشيْ إلا لأنه أخبره بأن أراضيَ الأوقاف في سنجق القدس تُباع لليهود، فانضمّ إلى قافلة شهداء السادس من أيّار.


    أرجو ألا تحرفنا ضرورات لغة العصر عن كياننا الواحد، ونركن إلى ألاعيبهم في تفتيتنا.

    ودمتم.

  5. #5

    رد: تم خلعي لأني رفضت بيع فلسطين للمرة الأولى.رسالة للسلطان عبد الحميد تنشر منذ 100 ع


    أحييك أخي جريح فلسطين على ذكرك الكثير من الحقائق ، فالسلطان عبد الحميد لم يكن كما كتب لشيخه ، ولم يكن بوضع يمنع تسرب الحركة الصهيونية لفلسطين ، والتاريخ يشهد بأنه في عهده تم بالفعل خطوات عملية هامة للغاية في إطار تثبيت الوجود الصهيوني في فلسطين ، ولا داعي لادعاء البطولة على ظهر وطن جنى عليه وعلى شعبه الجميع ، وقد اتبع السلطان سياسة مزدوجة تلخص بعدم الموافقة وغض النظر عما يجري على أرض الواقع وتلك أخطر من السياسات المعلنة / تحيتي .

  6. #6

    رد: تم خلعي لأني رفضت بيع فلسطين للمرة الأولى.رسالة للسلطان عبد الحميد تنشر منذ 100 ع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحيم محمود مشاهدة المشاركة

    أحييك أخي جريح فلسطين على ذكرك الكثير من الحقائق ، فالسلطان عبد الحميد لم يكن كما كتب لشيخه ، ولم يكن بوضع يمنع تسرب الحركة الصهيونية لفلسطين ، والتاريخ يشهد بأنه في عهده تم بالفعل خطوات عملية هامة للغاية في إطار تثبيت الوجود الصهيوني في فلسطين ، ولا داعي لادعاء البطولة على ظهر وطن جنى عليه وعلى شعبه الجميع ، وقد اتبع السلطان سياسة مزدوجة تلخص بعدم الموافقة وغض النظر عما يجري على أرض الواقع وتلك أخطر من السياسات المعلنة / تحيتي .
    ماقلته ادهشني استاذ عبد الرحيم !!!
    هذا ينفي ما قراناه كله!!!!
    وكيف تم التغاضي إذن؟ وكيف نزل عن على عرشه؟؟؟؟
    سؤال يحتاج اجابة قاطعة !!
    سياسة ازدوواجية..........!

  7. #7
    Senior Member
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    الدولة
    إنكلترا
    المشاركات
    344

    رد: تم خلعي لأني رفضت بيع فلسطين للمرة الأولى.رسالة للسلطان عبد الحميد تنشر منذ 100 ع

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    هذه قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي في رثاء الخلافة العثمانية:
    بـعثوا الـخلافة سيرة في النادي
    أيـن الـمبايع بـالإمام يـنادي
    من بات يلتمس الخلافة في الكرى

    لـم يـلق غـير خـلافة الصياد
    ومـن ابـتغاها صـاحباً فمحلها
    بـين الـقواضب والـقنا المياد
    أو فـي جـناحي عـبقري مارد
    يـفـري الـسماء بـجنة مـراد
    الـيوم لاسـمر الـرماح بـعدة
    تـغني ولا بـيض الـظبا بعتاد
    هـيهات عـز سـبيلها تقطعت
    دون الـمـراد وسـائل الـمرتاد
    حـلت عـلى ذهب المعز طلاسم
    ومشت على سيف المعزغوادي
    أيـن الـكرامة والـوقار لـجثة
    نـبشوا عـليها الـقبر بعد فساد
    والـميت أقـرب سلوة من غائب
    يـرجى فـلا يـزداد غـيربعاد
    قـل فيم يجتمع الرجال وما الذي
    يـبغون مـن دول لـحقن بعاد
    مـا لـم يـبد منها على يد اهله
    أخـنى عـليه تـطاول الآبـاد
    لـم تـستقم لـلقوم خلف عمادهم
    هـل تـستقيم وهـم بغيرعماد
    غـلبوا عليها الراشدين وضرجوا
    أم الـكـتاب بـجـبهة الـُّسجّاد
    وبـنوا عـلى الدنيا بجلق ركنها
    وعـلى عـتو الـملك في بغداد
    جـعلوا الهوى سلطانها ودعوا لها
    مـن لا يـسد بـه مكان الهادي
    وأنـا الـذي مـرضتها في دائها
    وجـمعت فـيه عـواطف العواد
    غـنيتها لـحناً تـغلغل في البكا
    يـارب بـاك في ظواهر شادي
    ونـصرتها نصر المجاهد في ذرا
    عـبد الحميد وفـي جـناح رشاد
    ودفـنتها ودفـنت خير قصائدي
    مـعها وطـال بـقبرها إنشادي
    حـتى اتهمت فقيل تركي الهوى
    صدقوا هوى الأبطال ملءفؤادي
    وأخـي القريب وإن شقيت بظلمه
    أدنـى إلـي من الغريب
    العادي
    والله يـعلم مـا انـفردت وإنـما
    صورت شعري من شعور الوادي
    كـنـا نـعـظم لـلهلال بـقية
    فـي الأرض من ثكن ومن أجناد
    ونـسن رضـوان الخليفة خطة
    ولـكل جـيل خـطة ومـبادي
    وجـه الـقضية غـيرته حوادث
    أعـطت بـأيد غـير ذات أيادي
    مـن سـيّدٌ بـالأمس ننكر قوله
    صـرنـا لـفعال مـن الأسـياد
    إنـي هـتفت بـكل يـوم بسالة
    لـلترك لـم يـؤثر مـن الآساد
    فـهززت نـشأً لا يـحرك للعلا
    إلا بـذكـر وقـائـع الأنـجاد
    عـصف المعلم في الصبا بذكائهم
    وأصـار نـار شـبابهم لـرماد
    ولـو ان يـوم الـتل يوم صالح
    لـحـماسة لـجـعلته إلـيـادي
    وفـد الـخلافة لا أنـبهكم على
    بـلـد حـفي بـالنزيل جـواد
    تـنسون في واديه لو نسي الحمى
    مـا قـد هجرتم من هوى ووداد
    إن الـعلاقة بـيننا قـد وثـقت
    فـكأن عـروتها مـن الـميلاد
    جرح الليالي في ذمام الشرق في
    حـبل الـعقيدة فـي ولاء الضاد
    لـولا الأمـور لسار سنته القرى
    وجـرى فـجاوز غـاية الأرفاد
    مـا فـي بـلاد أنـتم نـزلاؤها
    إلا قـضـيـة أمــة وبــلاد
    أتـحاولون بـلا جـهاد او خطة
    لـم يـستطعها الـترك بعد جهاد
    نفضوا القنا المنصور من تبعاتها
    والـظافرات الـحمر في الأغماد
    كـانت هي الداء الدخيل فأدبرت
    فـتماثلوا مـن كـل داء بـادي
    نـزعوا مـن الأعناق نير جبابر
    جـعلوا الـخلافة دولـة استعباد
    مـن كل فضفاض الغرور ببرده
    نـمرود أو فـرعون ذو الأوتـاد
    تـروى بـطانته ويـشبع بطنه
    والـملك غـرثان الرعية صادي
    مضت الخلافة والإمام فهل مضى
    مــا كـان بـين الله والـعبّاد
    والله مـا نـسي الـشهادة حاضر
    فـي الـمسلمين ولا تـردد بادي
    خرجوا إلى الصلوات كل جماعة
    تـدعو لـصاحبها عـلى الأعواد
    والـصوم بـاق والـصلاة مقيمة
    والـحج ينشط في عناق الحادي
    والـفطر والأضـحى كـعادتيهما
    يـتـرديان بـشـاشة الأعـياد
    إن الـحضارة في اطراد جديدها
    خـصم الـقديم وحرب كل تلاد
    لا تـحفظ الأشـياء غـير ذخائر
    لـلـعبقرية غـيـر ذات نـفاد
    هـي حـسن كل زمان قوم رائح
    وجـمال كـل زمـان قوم عادي
    تـمشي الـقرون بنور كل مكرر
    مـنها كـمصباح الـسماء مـعاد
    كـم مـن محاسن لايلاث عتيقها
    فـي الهجرة اجتمعت وفي الميلاد
    أخذت أحاسنها الحضارة واقتنت
    روح الـبيان وقـول كـل سداد
    لم تحرم البؤس العزاء ولا الأولى
    ضـلوا الرجاء من الشعاع الهادي
    الـقيد أفـسح من عقول عصابة
    زعـموا فـكاك العقل في الإلحاد
    سنن الزمان إذا جرت في وجهها
    ظـفـرت بـكل بـلادة وعـناد
    فـاشفوا الـممالك من قضاة صيّد
    قـعـدوا لـصيد ولايـة أو زاد
    وتـداركوها مـن عمائم صادفت
    مـرعى مـن الأوقاف والأرصاد
    وخـذوا سبيل المصلحين وأقبلوا
    روح الـزمان هـوامد الأجـساد
    ردوا إلـى الإيـمان أجمح عِلية
    وإلـى مـراشده أضـل سـواد
    أمـم كـملموم الـقطيع ترى لهم
    شـمل الـجميع وفـرقة الآحـاد
    يـدعون أبـناء الـزمان وإنـما
    جمدوا وليس أبوهم بجماد

    قرأت قصيدة الشاعر الوطني العظيم أحمد شوقي هذه، ثم قرأت عبارات رسالة السلطان عبد الحميد إلى شيخه:
    ويروي السلطان عبد الحميد في رسالته إلى شيخه أن السبب الرئيسي وراء خلعه كان رفضه بيع الأراضي الفلسطينية لليهود عامة، ولليهود المقيمين في فلسطين خاصة. وأن علاقة جمعية الاتحاد والترقي التي كانت تحكم تركيا آنذاك دبرت خديعة واقعة "31 مارت" لتكون مبررا لخلعي عن السلطنة.
    وقد رد عليه الشيخ بأنه إمام وخليفة للمسلمين يراعي دينه ورعيته، وأن الله سيجزيه الجزاء الأوفى على صنيعه.

    وضممته إلى قصة كانت في ذاكرتي سمعتها من أبي، لسيدة مسنة دخلت متجره يوماً لتشتري جلباب لها، وأثناء وجودها دخل شخص المتجر وأخذ يتفرج على المعروضات، وماهي إلا دقائق حتى دخل رجل آخر، فلما رأى الشخص الأول أظهر إستغرابه لرؤيته، وقال له: أراك خارج الوظيفة اليوم، ماالقصة؟ أجابه القادم: إنها عطلة عيد الشهداء!
    وبدأ الحديث عن عيد الشهداء، اشترك الجميع بوصف السلطان عبد الحميد بأنه سيء و..و.. فاستشاطت العجوز غضباً وقالت: ((حرام عليكم تتكلموا على شخص مثل السلطان عبد الحميد بهذا الكلام وهو الرجل التقي الذي رفض أن يبيع فلسطين لليهود، إن الإستعمار هو الذي أطلق عليه هذه الإشاعات ليشوه صورته، قالت إنها قد عاصرته وسمعت عنه من المشايخ الثقة الذين عاصروه كل خير؛ إن أولئك الذين سماهم الإستعمار شهداء كانوا في الحقيقة خونة وعملاء له، مزقوا الخلافة الإسلامية في سبيل أطماعهم)). وخرجت من المتجر والألم يعتصرها وهي تقول: اتقوا الله في هذا الرجل، حرام عليكم، لاتظلموه!!
    وتذكرت أيضاً ما أخبرتني به أمي عن عيد الشهداء؛ كان ذلك منذ خمسين عاماً حين كان عمري ثلاثة عشر عاماً، أخبرتني عن والدها جدي الشيخ محمود الذي لم أره فقد توفي قبل ولادتي بسنة. قالت أمي: كان أبي رحمه الله يحب السلطان عبد الحميد كثيراً، ويقول عنه : إنه رجل صالح. ولكن أولئك الذين يسمونهم الشهداء هم خونة شنقوا بتهمة الخيانة العظمى، وذلك لتآمرهم مع الإنكليز ضد الوطن والخلافة العثمانية الإسلامية. ولكن فيما بعد سماهم الإستعمار بالشهداء. تماماً كما قال شوقي رحمه الله عن المفاهيم التي قُلِبَت في ذلك الزمان.
    جـعلوا الـخلافة دولـة استعباد
    و
    ضـلوا الرجاء من الشعاع الهادي
    الـقيد أفـسح من عقول عصابة
    زعـموا فـكاك العقل في الإلحاد


    وكان من أولئك الذين جعلوا الخلافة دولة إستعباد الشريف حسين، الذي كان من الذين ساهموا في إنجاح معاهدة سايكس- بيكو المعروفة التي أحاكوها في الخفاء، فكان سبباً في تمزيق الخلافة الإسلامية! من أجل أطماعه أن يكون ملكاً للعرب؛ ولم يكن يعلم أنه بخيانته للوطن لن يجني إلا العار وعميت بصيرته عن خداع الإنكليز له. وماجنى فيما بعد الحرب سوى الغدر، فلما أرسل إبنه فيصل فيما بعد لمقابلة الإنكليز للمطالبة بتنفيذ ماوعدوه "تنصيبه ملكاً على العرب" رفضوا حتى مقابلته. وليسكتوه نصبوا إبنه فيصل ملكاً على العراق! ومزقوا الأمة ليتتقاسم المحتل الغريب الوطن، الإنكليز احتلوا مصر والعراق وفلسطين، والفرنسيين سوريا والجزائر و..و..
    لما قرأت عبارات رسالة السلطان عبد الحميد، ثم قصيدة الشاعر الوطني العظيم أحمد شوقي، وتذكرت شهادات الذين عاصروا الأحداث لوالديَّ، اتضحت الصورة في ذهني، وأدركت أن التاريخ يكرر نفسه اليوم!!! فالمسميات تتغير تبعاً للأطماع والمصالح الغربية، لا تبعاً للواقع والحقيقة!

    مثال على ذلك: حين حارب الأمريكيين الإتحاد السوفييتي في أفغانستان، ولم يقدروا عليهم، لجأووا إلى حيلة لعبة الشطرنج، لجأووا إلى فتح باب الجهاد تحت عنوان الجهاد ضد الشيوعية الكافرة، فاندفع الشباب الذي يبغون الشهادة في سبيل الله إلى التطوع، وفعلاً حاربوا في الخطوط الأولى في الأفغانستان حتى انتصر الأفغان بالتحالف مع الأمريكيين، حتى أن الدعاية الأمريكية لصالح أولئك المجاهدين وصلت لحد إنتاج أفلام تجعل من رامبو ((شخصية خيالية خارقة في القوة التي لاتقهر في أفلام هوليوود))؛ جعلت رامبو هذا يحارب مع المجاهدين الأفغان في أفلامهم!
    لقد حاولوا إستخدام المتطوعين المسلمين بالمكر والخديعة، كما صرحت هيلاري كلينتون مؤخراً وبكل وقاحة: "أليست سياستنا ناجحة؟ يكفي أننا لانحارب بأنفسنا، بل نجعل العرب والمسلمين يحاربون عنا بأموالهم ورجالهم، ونربح منهم الأموال أيضاً عندما نبيعهم الأسلحة التي نصنعها ليقتتلوا بها"!
    كنا نتابع أخبار الجهاد الأفغاني ضد دولة الروس الكافرة في الإذاعات تحت مسمى "المجاهدين الأفغان". ولكن لما تحررت أفغانستان من السوفييت وبرزت أطماع الأمريكان في السيطرة على البلاد، رفض أولئك الذين سموهم المجاهدين الرضوخ لهم. فبدأت التسمية الجديدة تظهر فأطلق عليهم الأمريكان إسم "المتمردين الأفغان"، وأخيراً تحول إسمهم إلى"الإرهابيين الإسلاميين"!. وأصبحوا يستعملون إسمهم كفزاعة وزريعة لضرب أي مؤسسة خيرية إسلامية أو أي بلد يريدون ضربه، فماعليهم سوى الإدعاء أن للقاعدة أفراد فيه، حتى تنزل الحمم على رؤوس سكانه.

    وهذا هو العراق الذين ادَّعوا أنه يملك أسلحة الدمار الشامل، وذلك من أجل تبريرغزوهم له، وأنا كنت أعيش في إنكلترا في وقت الحرب، وعاصرتها بكل تفاصيلها، وراقبت برامجهم السياسية على الفضائيات وما يقوله مفكريهم، والله لقد سمعتها بإذني ومازالت مسجلة عندي على الفيديو، يقولون لشعبهم إدعموا فكرة الحرب على العراق لأن:

    " صدام يجب أن يذهب من أجل مصالحنا"
    '' Saddam must go for our interest''
    المعروف أن الحكومات الغربية لاتستطيع شن أي حرب بدون موافقة شعوبها.
    عرضوا فيلماً لصدام حسين وهو يحمل رأساً نووياً لصواريخ صُنِّعت في العراق، كان قد طلب من الإنكليز بيعه تلك الرؤوس فرفضوا ولم يسمحوا له بامتلاكها. بعد سنة اوأكثر، شاهدت بأم عيني صدام يحمل شيئاً في يده وهو يرفعها ويقول: "لقد وصل علماؤنا إلى سر تصنيع الرؤوس النووية ونحن لسنا بحاجة لرؤوسكم النووية!". وجن جنون مارجرت تاتشر وقتها، ووقفت في البرلمان لتقول -رأيتها بعيني وسمعتها بأذني على فضائية البرلمان- (( نحن أخطأنا يوم قسمنا الإمبراطورية العثمانية فجعلنا العراق بلداً كبير المساحة؛ فأصبح من الصعب السيطرة عليه الآن، لا بد من إعادة تقسيمه ثانية)). لذلك بعد إحتلال العراق اغتالوا أكثر من ثلاثمائة عالم ذرة في العراق.
    والسبب الآخر الذي يريدون ذهاب صدام من أجله كان سعر برميل البترول، كان صدام يريد بيع البترول بسعر خمس وعشرون دولار للبرميل، ولكن الأميريكيين والإنكليز أصروا على أن لايبيعه إلا بإثني عشر دولاراً للبرميل، على أن يخصم من السعر ضريبة تلوث البيئة دولاراً واحداً! زعماً منهم ن البترول ملوث! مع العلم أن تكلفة البرميل الواحد إثني عشر دولاراً؛ والله سمعتها بإذني من خبيرة إقتصادية إنكليزية منصفة قالت(( أنا سمعت كثيراُ عن مكوث فُرِضت بالتاريخ لكن أظلم من هذا الدولار الذي وضعوه ضريبة لم أسمع، ثم تابعت قولها هذا يعني أنهم سيستخرجون البرميل مجاناً ويدفعون دولاراً من جيبهم ضريبة تلويث البيئة فوق التكلفة، لأن سعره سيصبح أحد عشر دولاراً، وتساءلت هذه الخبيرة أين ومتى حدث هذا في تاريخ الأمم؟ وطبعاً شيء طبيعي أن يرفض صدام تسعيرتهم الظالمة، وأنا لا أوافق على حربهم على العراق!!)) المقابلة معها مسجلة عندي أيضاً.
    لو قتل صدام كل شعبه ماكانوا ليحركوا ساكناً، لأن هذا الأمر لايهمهم كل مايهمهم هو مصالحهم ومصالحهم فقط. والشاهد هنا المضحك المبكي، ماذا سموا عملية "إحتلال العراق"، لقد سموها ب " تحرير العراق".

    ألا يسمون المقاومة للدفاع الشرعي عن النفس في غزة "بالإرهاب"، ألا يقتل من الأطفال على يد اليهود المئات، ألايموت من عدم وجود الأدوية المئات، فأين قلوبهم الرحيمة من شعب غزة قياساً على إدعائهم بخوفهم على شعب العراق من بطش صدام.

    والآن جاء دور سوريا الحرة أليست هي من دول الممانعة كما يسمونها؟ فقط لأنها تتمسك بالثوابت التي نشأنا وتربينا عليها وتسمي الأمور بمسمياتها الحقيقة... أليست هي الداعمة للمقاومة الشرعية الفلسطينية؟ عفواً أليست هي الداعمة للإرهاب بمسمياتهم!!!
    وبدأ العد التنازلي لهذا العدوان، والله يحمي سوريا يارب.

    ثم ألم يفتي شيخ الأزهر الطنطاوي بشرعية جدار الموت على أهل غزة المسلمين؟ وصافح رؤساء إسرائيل قتلة أطفال ونساء غزة وفلسطين. لعمري ترى ماذا يفعل الطنطاوي الآن في القبر، وبماذا سيبرر فتواه تلك عند ربه.

    لذلك علينا أن نكون واعيين قبل أن نصدق كل مايقوله أعداء المسلمين على مخلصي هذه الأمة ولو كانوا يخطأوون أحياناً فهم بشرأولاً وآخراً وليسوا ملائكة، ومهما أخطأووا فهم أرحم من المحتل الذي لو دخل أي بلد لمزقه كما مزق العراق أشلاءاً... كما قال شوقي رحمه الله:

    وأخـي القريب وإن شقيت بظلمه
    أدنـى إلـي من الغريب
    العادي

    فمن بين السطور يستطيع المؤمن الذي ينظر بنور الله أن يستشف الحقيقة. وكما قال الله سبحانه وتعالى: " يخادعون الله والذين آمنوا ومايخدعون إلا أنفسهم ومايشعرون"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله".

  8. #8

    رد: تم خلعي لأني رفضت بيع فلسطين للمرة الأولى.رسالة للسلطان عبد الحميد تنشر منذ 100 ع

    الاخوة الافاضل
    انقل هنا مقالة الاستاذ منذر المنشورة في ملتقى الادباء والمبدعين العرب حول ذات الموضوع لتبيان الحقيقة
    مع كامل احترامي للجميع
    أبدأ أولا بالترحم على السلطان عبد الحميد خان الثاني، الخليفة العثماني الذي تنبه للمخططات الصهيونية اليهودية منذ ولادتها، فتصدى لها بحكمة، ورفض بشدة كافة العروض المغرية، وأمر باتخاذ التدابير المشددة من أجل الحيلولة دون تحقيقها. وقد خرجت هذه الوثيقة إلى حيز الوجود لتثبت كيف تم انتهاك تلك التدابير من قبل حفنة من الموظفين الذين أعمتهم الرشوة وأعماهم الطمع وحب المال، فكانوا الجسر الذي عبر المهاجرون اليهود من خلاله خلسة وتحت جنح الظلام إلى أرض فلسطين.

    عمليات التمهيد من أجل تأسيس دولة يهودية في فلسطين كانت قد بدأت بشكل رسمي في شهر تموز من عام 1882، وقد ترافقت بداية هذه العمليات مع المحاولات الاولى التي كان يقوم بها أثرياء يهود من أجل شراء أراض من العثمانيين في فلسطين، وقد اكتسبت هذه المحاولات بعدا جديدا بعد المبادرات التي قام بها الزعيم الصهيوني ثيودور هرتزل لدى السلطان العثماني والحكومة العثمانية أثناء زياراته الخمس التي قام بها تباعا إلى اسطنبول خلال الاعوام 1896-1902. لكن رد السلطان العثماني على تلك العروض المغرية ورفضه الشديد لها كان قاطعا، كما أنه لم يكتف بذلك، بل أرسل تهديده إلى ثيودور هرتزل من خلال صديق الأخير نيولنسكي (Newlinski)

    "إذا كان السيد هرتزل صديقا لك فبلغه أن لا يقدم على خطوة أخرى في هذا الموضوع. فأنا لن أبيع ولو شبرا واحدا من الأرض. لأن هذا الوطن ليس ملكا لي بل هو ملك أمتي. لقد حصلت أمتي على هذا الوطن بدمائها. وقبل أن يأخذ منا هذا الوطن ويبتعد عنا، سوف نغرقه بدمائنا مرة ثانية. إن جنود كتائب سوريا وفلسطين قد سقطوا شهداء واحدا تلو الآخر في بليفنا (Blevna)، لقد استشهدوا عن آخرهم، وبقوا في ساحة القتال، ولم يعد أي واحد منهم. فالدولة العلية العثمانية ليست ملكا لي، وإنما هي ملك للعثمانيين. وأنا لن أعطي أي جزء منها إلى أي أحد. لندع اليهود يحتفظون بذهبهم، فإذا ما تمزقت إمبراطوريتي يمكنهم عندها الاستيلاء على فلسطين دون مقابل. لكن هذه البلاد يستحيل تقسيمها إلا على أشلائنا. وأنا لن أسمح أبدا بإجراء عملية جراحية على جسد حي."

    لكن، وعلى الرغم من ذلك، فقد كان اليهود يكررون عرضهم بتسديد ديون الحكومة العثمانية مقابل فلسطين، بل ومقابل منحهم سنجق عكا ومدينة حيفا على الأقل. لكن المسؤولين العثمانيين الذين أبدوا استعدادهم لتقديم بعض الامتيازات الاقتصادية للمستثمرين اليهود، كانوا يرفضون بشدة بيع فلسطين لليهود، وكانوا يقولون بأنهم لن يفعلوا ذلك أبدا.

    سفير الدولة العثمانية المعروف بمواقفه الوطنية علي فروح بك (Ali Ferruh Bey – Ali Farrouh)، قام بتاريخ 24 نيسان 1899 بالادلاء بتصريح إلى إحدى الصحف الأمريكية قال فيه: "ليس في نية حكومتنا أن تبيع أي جزء من البلاد العربية، حتى ولو ملئوا جيوبنا بملايين القطع الذهبية" وأضاف السفير علي فروح في نفس التصريح قائلا بأن قضية فلسطين ليست قضية اقتصادية، بل هي قضية سياسية، لذلك فلا علاقة لوزارة المالية بهذه القضية.

    ولم يكتف السلطان عبد الحميد الثاني برفض عروض اليهود، لكنه قام في نفس الوقت باتخاذ التدابير الفعالة ضدهم، من أجل الحيلولة دون استيطانهم في فلسطين. كما أنه قام للسبب نفسه بمبادرات دبلوماسية لدى القوى العظمى، وحاول إعاقة صهينة اليهود، وأمر بوضع أنظمة لدخول البلاد، وبذل الجهود من أجل منع اليهود من الحصول على حماية أجنبية، كما أنه أصدر أوامره بمنع بيع الأراضي الفلسطينية إلى اليهود.

    قام السلطان عبد الحميد الثاني بالاتصال مع الامبراطور الالماني وليم الثاني (Wilhelm II. – William II.)، وبين له أن مشروع هرتزل (الصهيونية) لا يتماشى مع مبدأ "وحدة الأراضي العثمانية والسيادة عليها"، الأمر الذي دفع ألمانيا التي أيدت الصهيونية في السابق، إلى التخلي عن موقفها وتوجهها هذا في السنوات الاولى من القرن العشرين. وعلى الرغم من قيام وزير الداخلية الروسي بليف (Plehve) بتوجيه خطاب إلى هرتزل في شهر آب عام 1903 يقول فيه "إن الحكومة الروسية تؤيد الصهيونية، طالما كان هدفها إقامة دولة مستقلة في فلسطين"، إلا أن الحكومة الروسية أيضا تناست وعدها هذا بعد مدة، وكفت عن تأييد الصهيونية. أما الحكومة الفرنسية فقد كانت منذ البداية ضد الصهيونية، لانها كانت تعتبر فلسطين جزءا من سوريا التي كانت تطمع في احتلالها واستعمارها منذ عقود، أما بريطانيا والولايات المتحدة فقد كانتا تقدمان أكبر دعم إلى الصهيونية.

    اللوبي اليهودي كان يملك نفوذا كبيرا في أمريكا، لذلك فقد قام السلطان عبد الحميد الثاني بمحاولة من أجل ثني هذا اللوبي عن توجيه الدعم والتأييد إلى الصهيونية، وبواسطة زعيم المسلمين الامريكان في ذلك الوقت محمد ويب (Mohammad Webb) تمكن السلطان العثماني في عام 1898 من الوصول إلى إلى ريتشارد غوثيل (Richard Gottheil) زعيم اليهود الامريكان، ودعاه إلى التخلي عن الامال في (الاستيطان اليهودي في فلسطين). قامت الحكومة العثمانية بالاتصال مع الجماعات اليهودية الدينية والاصلاحية في أمريكا وروسيا بشكل خاص، محاولة افهامهم بأن إنشاء دولة يهودية مستقلة في فلسطين سوف يؤدي الى حرمانهم من كافة ممتلكاتهم في أمريكا وروسيا حيث يعيشون برفاهية، وسيؤدي إن تحقق ذلك إلى نفيهم إلى فلسطين الخالية تقريبا من الامكانيات المادية. وقد كان فقدان الاتحاد الصهيوني الامريكي للكثير من أعضائه بعد هذه المحاولات دليلا على مدى نجاعتها ونجاحها.

    وقد قامت الحكومة العثمانية في تلك الفترة، باتخاذ تدابير جادة تمنع بشكل خاص دخول المهاجرين اليهود واستيطانهم في الأراضي العثمانية. في البداية قامت الحكومة العثمانية بتوجيه تعليماتها الى سفاراتها وممثلياتها في الخارج، وطلبت عدم منح التأشيرات للمشبوهين من اليهود. كانت الحكومة العثمانية تتابع عن قرب كافة الانشطة الصهيونية في اوروبا، لذلك كانت قوات الأمن العثمانية تقف بالمرصاد للمهاجرين اليهود الذين كانوا يدخلون البلاد سرا عن طريق مينائي حيفا ويافا بشكل خاص، وكانت تقوم بإعادة تسفيرهم إلى الحهات التي فدموا منها. وفي شهر تشرين الأول من عام 1882 قامت الحكومة العثمانية بفرض حظر على دخول اليهود الى فلسطين باستثناء القادمين لزيارة الاماكن المقدسة، لكن الصهاينة تمكنوا من التخفي بشكل زوار للاماكن المقدسة ونجحوا في التسلل الى فلسطين والبقاء فيها.

    لذلك فقد قامت وزارة الداخلية العثمانية عام 1884 بوضع حظر على دخول اليهود إلى فلسطين قبل حصولهم على تأشيرات من السفارات العثمانية، حتى لو كانت زيارتهم بدعوى زيارة الأماكن المقدسة. وفي عام 1887 تم تحديد إقامة زوار الأماكن المقدسة من اليهود بشهر واحد. ومن أجل ضمان مغادرة الزوار اليهود للبلاد، كانت السلطات العثمانية تستوفي منهم عند دخولهم مبلغا كبيرا كتأمين مسترد. وفي هذه المرة حاول اليهود الدخول الى الاراضي العثمانية استثاءا كمواطنين من الدول العظمى. لكن في شهر آب عام 1898 تم إغلاق أبواب فلسطين بشكل كامل أمام كافة اليهود بغض النظر عن الدولة التي ينتمون إليها.

    وبموجب "نظام شروط الدخول" المنشور بتاريخ 21 تشرين الثاني 1900 ، تم الشروع في تطبيق نظام "جواز السفر الأحمر" من أجل منع دخول الصهاينة إلى فلسطين. وحينما حاول بعض اليهود الامريكين والبريطانيين الذين كانوا يقيمون في البلاد العثمانية الحصول على بعض الحقوق والامتيازات الخاصة بهم، تم اجبارهم على المغادرة ليعيشوا في البلاد التي يحملون جنسياتها.

    لم يكن "قانون الاراضي العثمانية" الصادر عام 1867 يمنع قيام اليهود بشراء أراض في فلسطين. وعلى الرغم من أن القانون الجديد الصادر بتاريخ 5 آذار 1883 كان يمنع الصهاينة الأجانب من شراء الأموال غير المنقولة في الدولة العثمانية، إلا أنه لم يأت بأي حكم يمنع اليهود من مواطني الدولة العثمانية من فعل ذلك. لهذا السبب، قامت المنظمات الصهيونية بدفع الاموال إلى اليهود المحليين، وأمنت للصهاينة شراء مساحات كبيرة من أراضي المنطقة.

    وهكذا تم إنشاء بعض التجمعات السكنية الصهيونية، كما سوف نرى من خلال بعض الوثائق الهامة لاحقا، كيف قام بعض السكان وبعض المتنفذين المحليين في تلك السنوات بأعمال الوساطة في بيع قسم لا يستهان به من الاراضي الفلسطينية إلى اليهود حرصا وطمعا.

    وبناءا على ورود الشكاوى فيما يتعلق بهذا الموضوع، أضطرت حكومة السلطان عبد الحميد الثاني في خريف عام 1892 إلى اتخاذ سلسلة من التدابير الجديدة. حيث جرى التعميم على دوائر الطابو المحلية وعلى السكان بمنع كافة اليهود المحليين واليهود الاجانب من شراء الاموال غير المنقولة، وفي تلك السنوات أصبح بيع الاراضي العثمانية إلى الأجانب يعتبر "خيانة للوطن وخيانة للدين تستوجب غضب الله وعقابه". لقد أصبح بيع الاراضي للاجانب وقيام الارساليات التبشيرية ببناء المدارس والمستشفيات أمورا تتطلب موافقة وإرادة خاصة من السلطان العثماني. أما بالنسبة إلى العرب الفلسطينيين المضطرين إلى بيع أراضيهم، فقد أبدى السلطان عبد الحميد الثاني استعداده واستعداد حكومته لشراء تلك الاراضي وضمها الى أموال الخزينة الخاصة.

    كان التقرير المشار إليه بأعلاه والمكتوب من قبل ثلاثة مسؤولين فلسطينيين والمرسل بتاريخ 15 آب 1893 يشرح الوقائع وأعمال الخيانة التي كانت تجري في فلسطين بدقة متناهية وبتفصيل عجيب. نعم، فهذا التقرير المكون من صفحتين والذي كتبه صبحي بك (المدير السابق لناحية الشعراوية الشرقية في منطقة البلقاء وهو من أهالي بيروت)، وسعيد اسحق محمد (المدير السابق للريجي في سنجق البلقاء وهو من أهالي حيفا)، ومحمد توفيق السيد (المساعد السابق للمدعي العام في عكا وهو من أهالي مدينة نابلس)، دليل إثبات يفضح بالتفصيل العملاء الذين كانوا وراء تأمين قاعدة الانطلاق للغزاة الصهاينة، وكيف كان ذلك.

    ويقدم هذا التقرير عرضا موثقا بالارقام والاسماء عن التصرفات والتحركات والأعمال المشبوهة وغير القانونية التي كان يقوم بها بعض المسؤولين في قضاء حيفا، التابع للواء عكا في ذلك الوقت، وعن قيامهم بإدخال المهاجرين اليهود الروس والرومانيين، وتمليكهم الاراضي، وتوطينهم وإسكانهم في الاراضي العثمانية عموما، وفي فلسطين على وجه الحصوص، على الرغم من وجود إرادة سلطانية تمنع هذه الامر وبشكل قطعي.

    ويبدأ التقرير بالاشارة الى ما حدث قبل ذلك في عام 1306 شرقية (1890 ميلادية)، حين قام اثنان من اليهود الروس هما موسى خانكر وماير زبلون من رجال البارون هيرش (Hirsch) والمقيمان في بلدتي يافا وحيفا، بالترتيب والاتفاق مع متصرف عكا صادق باشا (عندما كان قائم مقام ومتصرفا هناك)، ومع قائم مقام حيفا السابق مصطفى القنواتي، والقائم مقام الحالي (في ذلك الوقت) أحمد شكري، ومفتي عكا علي أفندي، ورئيس بلدية حيفا مصطفى أفندي، وعضو مجلس الإدارة نجيب أفندي، حيث قام هؤلاء جميعا بترتيب إدخال واستقبال مائة وأربعين عائلة يهودية قادمة من روسيا في قضاء حيفا، وقاموا بترتيب بيع الأراضي الواقعة في الخضيرة ودردارة والنفيعات، والتي كان يملكها والي أضنة السابق شاكر باشا (شقيق المتصرف المشار إليه)، وسليم نصر الله الخوري (من أهالي جبل لبنان)، إلى اليهود المذكورين مقابل ثمانية عشر ألف ليرة ، مع إعطاء الموظفين المذكورين ألفي ليرة مقابل تعاونهم لتحقيق ذلك. وتم بعد ذلك إنزال اليهود المذكورين ليلا من السفينة إلى الساحل، تحت إشراف مأمور البوليس في حيفا عزيز، ومأمور الضابطة اليوزباشي علي آغا، وتم توزيعهم في نواحي القضاء. ثم قام رئيس بلدية حيفا مصطفى أفندي (من دون أن تكون له أية صلاحية، ورغم علمه بأن ألامر يتطلب إرادة سلطانية) بتنظيم رخص مزورة بتاريخ قديم، وإنشاء مائة وأربعين منزل على الأراضي المذكورة، وتحويلها إلى قرية، وإسكان اليهود فيها، وتم تنظيم سجل ضريبي لهؤلاء اليهود قبل أن يكون هناك أي شيء، كما تم إعطاؤهم صفة رعايا الدولة العثمانية، لكي يبدو الامر وكأنهم كانوا يقيمون في تلك القرية منذ القدم.

    ويضيف التقرير بأن التزوير الحاصل لم يتوقف عند ذلك الحد، بل إن الامر قد وصل بالمسؤولين المذكورين إلى حد الادعاء بأن هؤلاء اليهود كانوا من أتباع الدولة العثمانية، وأنهم قد ولدوا في قضائي صفد وطبريا، وأنهم كانوا يقيمون في القرية المعروفة بمزرعة الخضيرة، وأنهم لم يكونوا مسجلين في سجلات النفوس، حيث نظمت بحقهم معاملة المكتومين (المنسيين أو البدون)، مقابل تغريم كل واحد قادر على الدفع منهم مجيدي أبيض واحد ( أي ست مجيديات) كغرامة تأخر في التسجيل، بينما اعفي من هذه الغرامة من ادعوا منهم عدم مقدرتهم على الدفع، وقد أبدى كانبوا الرسالة استغرابهم من اكتمال تلك المعاملة بتلك السرعة وخلال يوم واحد، حيث اكتسب هؤلاء المهاجرون اليهود الجدد صفة قدماء الأهالي بين ليلة وضحاها.

    وتعيد الرسالة التأكيد على قيام وكيل شاكر باشا المذكور، ومفتي عكا علي أفندي، وسليم نصر الله الخوري من جبل لبنان بقبض مبلغ ثمانية عشر ألف ليرة قيمة بيع تلك الأراضي، دون أي اعتبار لمصالح الأمة والوطن، ولمجرد تأمين أسباب الراحة لهؤلاء اليهود الذين طردوا وأبعدوا من الدول الأجنبية. وأن عمليات إنزال المهاجرين اليهود كانت تتم كلما مرت سفينة في ميناء حيفا.

    وتكشف هذه الرسالة في شهادة فريدة للتاريخ، عن العمليات الملتوية التي واكبت سيطرة المهاجرين اليهود على منطقة قرية زمارين الفلسطينية وما حولها، فتؤكد وقوع القرية في ذلك الوقت تحت سيطرة البارون روتشيلد، وأنه أصبح بطريقة ما مالكا لها، وأن في القرية سبعمائة بيت يعود معظمها لليهود. وتبين الرسالة أن القرية قد تم بيعها لليهود بطريقة مشبوهة، إثر صدور إعلام شرعي بوجوب تسجيل القرية في دفتر الشواغر، بعد أن مات مالكها الأصلي، والذي لم يكن له ورثة شرعيون. كما تذكر الرسالة تفصيلات هامة عن تمليك القرى المحيطة بقرية زمارين والحاقها بها وهي: شيفيا وأم التوت وأم الجمال، وتذكر الرسالة أيضا أن صادق باشا قد باع الى اليهود أراض خربة لا تتعدى قيمتها ألفي قرش مقابل ألفي ليرة. كما تذكر الرسالة الوثيقة أن تلاعبا مشبوها آخر رافق عملية بيع الأراضي الهامة على الساحل بين حيفا ويافا والمعروفة بخشم الزرقة، والتي تزيد مساحتها عن ثلاثين ألف دونم، حيث بيعت الى يهود زمارين على اعتبار أنها خمسة آلاف دونم فقط، وبسعر ثلاثة قروش للدونم، مع أن سعر الدونم الواحد في ذلك الوقت كان يبلغ ليرة واحدة ...!

    ويكشف كاتبوا هذا التقرير في جانب هام آخر منه الكيفية التي قامت بها بعض الارساليات التبشيرية باستملاك بعض أراضي المنطقة، ويتحدثون عن عمليات التلاعب والتحايل التي تمت في تمليك معظم أراضي جبل الكرمل، مركزين على أهميته بالنسبة للدولة العثمانية، ويذكرون بأن القسم الأعظم (أكثر من خمسة عشر ألف دونم) من أراضي هذا الجبل الشهير قد تم بيعه (بالحيل وبالطرق الملتوية) إلى رهبان دير الكرمل الفرنسيين من قبل رئيس البلدية مصطفى الخليل، وعضو الإدارة نجيب الياسين، وأن (عشرة آلاف دونم) أخرى قد تم بيعها بطرق مشابهة، وبسعر منخفض أيضا، الى بعض الرهبان الآخرين من رعايا الدولة الالمانية، وأن القنصل البريطاني في حيفا في ذلك الوقت المدعو مستر سميث قد توسط في تمليك (خمسة آلاف دونم) إلى سيدة بريطانية (The British Lady) مقابل سكوتها على بيع تلك الأراضي إلى الأجانب الآخرين، وأنه قد تم بعد ذلك إنشاء مبان وكنائس ضخمة على تلك الأراضي.

    ولم يهمل كاتبوا الرسالة الاشارة الى القضية العامة التي بادر متصرف عكا زيوار باشا إلى رفعها، في عهد رئيس محكمة البداية في حيفا محي الدين سلهب الطرابلسي، ضد الأجانب المعنيين، مطالبا باستعادة تلك الأراضي، وقد نوه كاتبوا الرسالة بأن تلك القضية كادت أن تحسم للصالح العام، لولا ورود برقية من سلطات أعلى بتعطيل كافة المعاملات المتعلقة بهذه القضية، مع الأمر بنقل المرحوم زيوار باشا إلى القلعة السلطانية (جناق قلعة)، وتعيينه هناك، ويتابع كاتبوا الرسالة قائلين (وبذلك أصبحت شواطئ البحر وجبل الكرمل وتلك الأراضي والمناطق المهمة التي تفتدى كل حفنة من ترابها بالروح بيد الغاصبين الأجانب بدعوى التقادم).

    أما الجزء الأخير والهام أيضا من هذا التقرير، فيشير إلى الدور البهائي في هذه اللعبة، وإلى النشاطات التي كان يقوم بها (الإيراني عباس المنفي حاليا في عكا) ويقصد به الزعيم البهائي عباس افندي (الذي يدعى أيضا بالغصن الاعظم أو عبد البهاء)، ويقول التقرير أن عباس هذا، كان يحقق كل شيء يريده بفضل ثروته ونفوذه، بالتفاهم مع رئيس بلدية حيفا مصطفى، وعضو المحكمة نجيب، وأنه كان يقوم وعملاؤه بسلب واغتصاب أراضي العاجزين والفقراء من الأهالي، بأثمان بخسة، ليقوموا بعد ذلك بتهيئتها، وبيعها بأثمان فاحشة إلى اليهود والأجانب الآخرين، من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية.

    أما هذا العباس (السمسار الأعظم) الذي أنعم عليه البريطانيون بلقب (سير) نظير خدماته الجلى التي فضحتها الرسالة الوثيقة، فيبدو أنه قد خص نفسه بقطعة كبيرة من الأرض، تمتد من ساحل البحر الأبيض المتوسط وحتى قمة جبل الكرمل في حيفا، حيث تم دفنه هناك بعد وفاته، وبني له ضريح ضخم ذو قبة ذهبية صفراء، أطلقوا عليها اسم (قبة عباس)، كما أن أتباعه البهائيون قاموا ببناء المقر والمعبد الرئيسي للديانة البهائية في نفس الموقع. وتعتبر الحديقة المحيطة بذلك المعبد المشيد على الاراضي المغتصبة من الفلسطينيين، واحدة من اجمل الحدائق في العالم.

    ويصف التقرير في ختامه، كيف تمكن المهاجرون اليهود بفضل المال من السيطرة على المتنفذين في ذلك الوقت، وكيف أصبحوا (مرعيو الخاطر) ويحسب لهم ألف حساب، لدرجة أنهم أصبحوا يتحرشون بالنساء ويضايقون الأهالي المسلمين في القرى المجاورة ويتسلطون عليهم، ويدلل التقرير على ذلك بذكر ما تعرض له علي بك الشركسي المدير السايق لناحية قيصاري (قيسارية) من قبل يهود زمارين، حين توجه إلى هناك من أجل التحقيق، بعد ورود اخبارية عن قيام اليهود بسك وتزييف النقود العثمانية المعدنية (الاقجه)، حيث قام اليهود بضرب المدير المذكور وإهانته، وبلغ بهم الأمر إلى حد التسبب ومن خلال بعض الوسطاء في عزله عن وظيفته، ويبين التقرير كذلك أن هذا التراخي من قبل بعض المسؤولين المحليين مع المهاجرين اليهود، جعل هؤلاء يتجرأون ويقومون بإرهاب من يعارضهم من العرب وحبسهم وتعذيبهم، ناهيك عن قيامهم في نفس الوقت ببناء المدارس السرية وتخزين مختلف أنواع الأسلحة والذخائر...!

    منذر أبو هواش

  9. #9

    رد: تم خلعي لأني رفضت بيع فلسطين للمرة الأولى.رسالة للسلطان عبد الحميد تنشر منذ 100 ع

    الاخوة الافاضل
    انقل هنا مقالة الاستاذ منذر المنشورة في ملتقى الادباء والمبدعين العرب حول ذات الموضوع لتبيان الحقيقة
    مع كامل احترامي للجميع
    أبدأ أولا بالترحم على السلطان عبد الحميد خان الثاني، الخليفة العثماني الذي تنبه للمخططات الصهيونية اليهودية منذ ولادتها، فتصدى لها بحكمة، ورفض بشدة كافة العروض المغرية، وأمر باتخاذ التدابير المشددة من أجل الحيلولة دون تحقيقها. وقد خرجت هذه الوثيقة إلى حيز الوجود لتثبت كيف تم انتهاك تلك التدابير من قبل حفنة من الموظفين الذين أعمتهم الرشوة وأعماهم الطمع وحب المال، فكانوا الجسر الذي عبر المهاجرون اليهود من خلاله خلسة وتحت جنح الظلام إلى أرض فلسطين.

    عمليات التمهيد من أجل تأسيس دولة يهودية في فلسطين كانت قد بدأت بشكل رسمي في شهر تموز من عام 1882، وقد ترافقت بداية هذه العمليات مع المحاولات الاولى التي كان يقوم بها أثرياء يهود من أجل شراء أراض من العثمانيين في فلسطين، وقد اكتسبت هذه المحاولات بعدا جديدا بعد المبادرات التي قام بها الزعيم الصهيوني ثيودور هرتزل لدى السلطان العثماني والحكومة العثمانية أثناء زياراته الخمس التي قام بها تباعا إلى اسطنبول خلال الاعوام 1896-1902. لكن رد السلطان العثماني على تلك العروض المغرية ورفضه الشديد لها كان قاطعا، كما أنه لم يكتف بذلك، بل أرسل تهديده إلى ثيودور هرتزل من خلال صديق الأخير نيولنسكي (Newlinski)

    "إذا كان السيد هرتزل صديقا لك فبلغه أن لا يقدم على خطوة أخرى في هذا الموضوع. فأنا لن أبيع ولو شبرا واحدا من الأرض. لأن هذا الوطن ليس ملكا لي بل هو ملك أمتي. لقد حصلت أمتي على هذا الوطن بدمائها. وقبل أن يأخذ منا هذا الوطن ويبتعد عنا، سوف نغرقه بدمائنا مرة ثانية. إن جنود كتائب سوريا وفلسطين قد سقطوا شهداء واحدا تلو الآخر في بليفنا (Blevna)، لقد استشهدوا عن آخرهم، وبقوا في ساحة القتال، ولم يعد أي واحد منهم. فالدولة العلية العثمانية ليست ملكا لي، وإنما هي ملك للعثمانيين. وأنا لن أعطي أي جزء منها إلى أي أحد. لندع اليهود يحتفظون بذهبهم، فإذا ما تمزقت إمبراطوريتي يمكنهم عندها الاستيلاء على فلسطين دون مقابل. لكن هذه البلاد يستحيل تقسيمها إلا على أشلائنا. وأنا لن أسمح أبدا بإجراء عملية جراحية على جسد حي."

    لكن، وعلى الرغم من ذلك، فقد كان اليهود يكررون عرضهم بتسديد ديون الحكومة العثمانية مقابل فلسطين، بل ومقابل منحهم سنجق عكا ومدينة حيفا على الأقل. لكن المسؤولين العثمانيين الذين أبدوا استعدادهم لتقديم بعض الامتيازات الاقتصادية للمستثمرين اليهود، كانوا يرفضون بشدة بيع فلسطين لليهود، وكانوا يقولون بأنهم لن يفعلوا ذلك أبدا.

    سفير الدولة العثمانية المعروف بمواقفه الوطنية علي فروح بك (Ali Ferruh Bey – Ali Farrouh)، قام بتاريخ 24 نيسان 1899 بالادلاء بتصريح إلى إحدى الصحف الأمريكية قال فيه: "ليس في نية حكومتنا أن تبيع أي جزء من البلاد العربية، حتى ولو ملئوا جيوبنا بملايين القطع الذهبية" وأضاف السفير علي فروح في نفس التصريح قائلا بأن قضية فلسطين ليست قضية اقتصادية، بل هي قضية سياسية، لذلك فلا علاقة لوزارة المالية بهذه القضية.

    ولم يكتف السلطان عبد الحميد الثاني برفض عروض اليهود، لكنه قام في نفس الوقت باتخاذ التدابير الفعالة ضدهم، من أجل الحيلولة دون استيطانهم في فلسطين. كما أنه قام للسبب نفسه بمبادرات دبلوماسية لدى القوى العظمى، وحاول إعاقة صهينة اليهود، وأمر بوضع أنظمة لدخول البلاد، وبذل الجهود من أجل منع اليهود من الحصول على حماية أجنبية، كما أنه أصدر أوامره بمنع بيع الأراضي الفلسطينية إلى اليهود.

    قام السلطان عبد الحميد الثاني بالاتصال مع الامبراطور الالماني وليم الثاني (Wilhelm II. – William II.)، وبين له أن مشروع هرتزل (الصهيونية) لا يتماشى مع مبدأ "وحدة الأراضي العثمانية والسيادة عليها"، الأمر الذي دفع ألمانيا التي أيدت الصهيونية في السابق، إلى التخلي عن موقفها وتوجهها هذا في السنوات الاولى من القرن العشرين. وعلى الرغم من قيام وزير الداخلية الروسي بليف (Plehve) بتوجيه خطاب إلى هرتزل في شهر آب عام 1903 يقول فيه "إن الحكومة الروسية تؤيد الصهيونية، طالما كان هدفها إقامة دولة مستقلة في فلسطين"، إلا أن الحكومة الروسية أيضا تناست وعدها هذا بعد مدة، وكفت عن تأييد الصهيونية. أما الحكومة الفرنسية فقد كانت منذ البداية ضد الصهيونية، لانها كانت تعتبر فلسطين جزءا من سوريا التي كانت تطمع في احتلالها واستعمارها منذ عقود، أما بريطانيا والولايات المتحدة فقد كانتا تقدمان أكبر دعم إلى الصهيونية.

    اللوبي اليهودي كان يملك نفوذا كبيرا في أمريكا، لذلك فقد قام السلطان عبد الحميد الثاني بمحاولة من أجل ثني هذا اللوبي عن توجيه الدعم والتأييد إلى الصهيونية، وبواسطة زعيم المسلمين الامريكان في ذلك الوقت محمد ويب (Mohammad Webb) تمكن السلطان العثماني في عام 1898 من الوصول إلى إلى ريتشارد غوثيل (Richard Gottheil) زعيم اليهود الامريكان، ودعاه إلى التخلي عن الامال في (الاستيطان اليهودي في فلسطين). قامت الحكومة العثمانية بالاتصال مع الجماعات اليهودية الدينية والاصلاحية في أمريكا وروسيا بشكل خاص، محاولة افهامهم بأن إنشاء دولة يهودية مستقلة في فلسطين سوف يؤدي الى حرمانهم من كافة ممتلكاتهم في أمريكا وروسيا حيث يعيشون برفاهية، وسيؤدي إن تحقق ذلك إلى نفيهم إلى فلسطين الخالية تقريبا من الامكانيات المادية. وقد كان فقدان الاتحاد الصهيوني الامريكي للكثير من أعضائه بعد هذه المحاولات دليلا على مدى نجاعتها ونجاحها.

    وقد قامت الحكومة العثمانية في تلك الفترة، باتخاذ تدابير جادة تمنع بشكل خاص دخول المهاجرين اليهود واستيطانهم في الأراضي العثمانية. في البداية قامت الحكومة العثمانية بتوجيه تعليماتها الى سفاراتها وممثلياتها في الخارج، وطلبت عدم منح التأشيرات للمشبوهين من اليهود. كانت الحكومة العثمانية تتابع عن قرب كافة الانشطة الصهيونية في اوروبا، لذلك كانت قوات الأمن العثمانية تقف بالمرصاد للمهاجرين اليهود الذين كانوا يدخلون البلاد سرا عن طريق مينائي حيفا ويافا بشكل خاص، وكانت تقوم بإعادة تسفيرهم إلى الحهات التي فدموا منها. وفي شهر تشرين الأول من عام 1882 قامت الحكومة العثمانية بفرض حظر على دخول اليهود الى فلسطين باستثناء القادمين لزيارة الاماكن المقدسة، لكن الصهاينة تمكنوا من التخفي بشكل زوار للاماكن المقدسة ونجحوا في التسلل الى فلسطين والبقاء فيها.

    لذلك فقد قامت وزارة الداخلية العثمانية عام 1884 بوضع حظر على دخول اليهود إلى فلسطين قبل حصولهم على تأشيرات من السفارات العثمانية، حتى لو كانت زيارتهم بدعوى زيارة الأماكن المقدسة. وفي عام 1887 تم تحديد إقامة زوار الأماكن المقدسة من اليهود بشهر واحد. ومن أجل ضمان مغادرة الزوار اليهود للبلاد، كانت السلطات العثمانية تستوفي منهم عند دخولهم مبلغا كبيرا كتأمين مسترد. وفي هذه المرة حاول اليهود الدخول الى الاراضي العثمانية استثاءا كمواطنين من الدول العظمى. لكن في شهر آب عام 1898 تم إغلاق أبواب فلسطين بشكل كامل أمام كافة اليهود بغض النظر عن الدولة التي ينتمون إليها.

    وبموجب "نظام شروط الدخول" المنشور بتاريخ 21 تشرين الثاني 1900 ، تم الشروع في تطبيق نظام "جواز السفر الأحمر" من أجل منع دخول الصهاينة إلى فلسطين. وحينما حاول بعض اليهود الامريكين والبريطانيين الذين كانوا يقيمون في البلاد العثمانية الحصول على بعض الحقوق والامتيازات الخاصة بهم، تم اجبارهم على المغادرة ليعيشوا في البلاد التي يحملون جنسياتها.

    لم يكن "قانون الاراضي العثمانية" الصادر عام 1867 يمنع قيام اليهود بشراء أراض في فلسطين. وعلى الرغم من أن القانون الجديد الصادر بتاريخ 5 آذار 1883 كان يمنع الصهاينة الأجانب من شراء الأموال غير المنقولة في الدولة العثمانية، إلا أنه لم يأت بأي حكم يمنع اليهود من مواطني الدولة العثمانية من فعل ذلك. لهذا السبب، قامت المنظمات الصهيونية بدفع الاموال إلى اليهود المحليين، وأمنت للصهاينة شراء مساحات كبيرة من أراضي المنطقة.

    وهكذا تم إنشاء بعض التجمعات السكنية الصهيونية، كما سوف نرى من خلال بعض الوثائق الهامة لاحقا، كيف قام بعض السكان وبعض المتنفذين المحليين في تلك السنوات بأعمال الوساطة في بيع قسم لا يستهان به من الاراضي الفلسطينية إلى اليهود حرصا وطمعا.

    وبناءا على ورود الشكاوى فيما يتعلق بهذا الموضوع، أضطرت حكومة السلطان عبد الحميد الثاني في خريف عام 1892 إلى اتخاذ سلسلة من التدابير الجديدة. حيث جرى التعميم على دوائر الطابو المحلية وعلى السكان بمنع كافة اليهود المحليين واليهود الاجانب من شراء الاموال غير المنقولة، وفي تلك السنوات أصبح بيع الاراضي العثمانية إلى الأجانب يعتبر "خيانة للوطن وخيانة للدين تستوجب غضب الله وعقابه". لقد أصبح بيع الاراضي للاجانب وقيام الارساليات التبشيرية ببناء المدارس والمستشفيات أمورا تتطلب موافقة وإرادة خاصة من السلطان العثماني. أما بالنسبة إلى العرب الفلسطينيين المضطرين إلى بيع أراضيهم، فقد أبدى السلطان عبد الحميد الثاني استعداده واستعداد حكومته لشراء تلك الاراضي وضمها الى أموال الخزينة الخاصة.

    كان التقرير المشار إليه بأعلاه والمكتوب من قبل ثلاثة مسؤولين فلسطينيين والمرسل بتاريخ 15 آب 1893 يشرح الوقائع وأعمال الخيانة التي كانت تجري في فلسطين بدقة متناهية وبتفصيل عجيب. نعم، فهذا التقرير المكون من صفحتين والذي كتبه صبحي بك (المدير السابق لناحية الشعراوية الشرقية في منطقة البلقاء وهو من أهالي بيروت)، وسعيد اسحق محمد (المدير السابق للريجي في سنجق البلقاء وهو من أهالي حيفا)، ومحمد توفيق السيد (المساعد السابق للمدعي العام في عكا وهو من أهالي مدينة نابلس)، دليل إثبات يفضح بالتفصيل العملاء الذين كانوا وراء تأمين قاعدة الانطلاق للغزاة الصهاينة، وكيف كان ذلك.

    ويقدم هذا التقرير عرضا موثقا بالارقام والاسماء عن التصرفات والتحركات والأعمال المشبوهة وغير القانونية التي كان يقوم بها بعض المسؤولين في قضاء حيفا، التابع للواء عكا في ذلك الوقت، وعن قيامهم بإدخال المهاجرين اليهود الروس والرومانيين، وتمليكهم الاراضي، وتوطينهم وإسكانهم في الاراضي العثمانية عموما، وفي فلسطين على وجه الحصوص، على الرغم من وجود إرادة سلطانية تمنع هذه الامر وبشكل قطعي.

    ويبدأ التقرير بالاشارة الى ما حدث قبل ذلك في عام 1306 شرقية (1890 ميلادية)، حين قام اثنان من اليهود الروس هما موسى خانكر وماير زبلون من رجال البارون هيرش (Hirsch) والمقيمان في بلدتي يافا وحيفا، بالترتيب والاتفاق مع متصرف عكا صادق باشا (عندما كان قائم مقام ومتصرفا هناك)، ومع قائم مقام حيفا السابق مصطفى القنواتي، والقائم مقام الحالي (في ذلك الوقت) أحمد شكري، ومفتي عكا علي أفندي، ورئيس بلدية حيفا مصطفى أفندي، وعضو مجلس الإدارة نجيب أفندي، حيث قام هؤلاء جميعا بترتيب إدخال واستقبال مائة وأربعين عائلة يهودية قادمة من روسيا في قضاء حيفا، وقاموا بترتيب بيع الأراضي الواقعة في الخضيرة ودردارة والنفيعات، والتي كان يملكها والي أضنة السابق شاكر باشا (شقيق المتصرف المشار إليه)، وسليم نصر الله الخوري (من أهالي جبل لبنان)، إلى اليهود المذكورين مقابل ثمانية عشر ألف ليرة ، مع إعطاء الموظفين المذكورين ألفي ليرة مقابل تعاونهم لتحقيق ذلك. وتم بعد ذلك إنزال اليهود المذكورين ليلا من السفينة إلى الساحل، تحت إشراف مأمور البوليس في حيفا عزيز، ومأمور الضابطة اليوزباشي علي آغا، وتم توزيعهم في نواحي القضاء. ثم قام رئيس بلدية حيفا مصطفى أفندي (من دون أن تكون له أية صلاحية، ورغم علمه بأن ألامر يتطلب إرادة سلطانية) بتنظيم رخص مزورة بتاريخ قديم، وإنشاء مائة وأربعين منزل على الأراضي المذكورة، وتحويلها إلى قرية، وإسكان اليهود فيها، وتم تنظيم سجل ضريبي لهؤلاء اليهود قبل أن يكون هناك أي شيء، كما تم إعطاؤهم صفة رعايا الدولة العثمانية، لكي يبدو الامر وكأنهم كانوا يقيمون في تلك القرية منذ القدم.

    ويضيف التقرير بأن التزوير الحاصل لم يتوقف عند ذلك الحد، بل إن الامر قد وصل بالمسؤولين المذكورين إلى حد الادعاء بأن هؤلاء اليهود كانوا من أتباع الدولة العثمانية، وأنهم قد ولدوا في قضائي صفد وطبريا، وأنهم كانوا يقيمون في القرية المعروفة بمزرعة الخضيرة، وأنهم لم يكونوا مسجلين في سجلات النفوس، حيث نظمت بحقهم معاملة المكتومين (المنسيين أو البدون)، مقابل تغريم كل واحد قادر على الدفع منهم مجيدي أبيض واحد ( أي ست مجيديات) كغرامة تأخر في التسجيل، بينما اعفي من هذه الغرامة من ادعوا منهم عدم مقدرتهم على الدفع، وقد أبدى كانبوا الرسالة استغرابهم من اكتمال تلك المعاملة بتلك السرعة وخلال يوم واحد، حيث اكتسب هؤلاء المهاجرون اليهود الجدد صفة قدماء الأهالي بين ليلة وضحاها.

    وتعيد الرسالة التأكيد على قيام وكيل شاكر باشا المذكور، ومفتي عكا علي أفندي، وسليم نصر الله الخوري من جبل لبنان بقبض مبلغ ثمانية عشر ألف ليرة قيمة بيع تلك الأراضي، دون أي اعتبار لمصالح الأمة والوطن، ولمجرد تأمين أسباب الراحة لهؤلاء اليهود الذين طردوا وأبعدوا من الدول الأجنبية. وأن عمليات إنزال المهاجرين اليهود كانت تتم كلما مرت سفينة في ميناء حيفا.

    وتكشف هذه الرسالة في شهادة فريدة للتاريخ، عن العمليات الملتوية التي واكبت سيطرة المهاجرين اليهود على منطقة قرية زمارين الفلسطينية وما حولها، فتؤكد وقوع القرية في ذلك الوقت تحت سيطرة البارون روتشيلد، وأنه أصبح بطريقة ما مالكا لها، وأن في القرية سبعمائة بيت يعود معظمها لليهود. وتبين الرسالة أن القرية قد تم بيعها لليهود بطريقة مشبوهة، إثر صدور إعلام شرعي بوجوب تسجيل القرية في دفتر الشواغر، بعد أن مات مالكها الأصلي، والذي لم يكن له ورثة شرعيون. كما تذكر الرسالة تفصيلات هامة عن تمليك القرى المحيطة بقرية زمارين والحاقها بها وهي: شيفيا وأم التوت وأم الجمال، وتذكر الرسالة أيضا أن صادق باشا قد باع الى اليهود أراض خربة لا تتعدى قيمتها ألفي قرش مقابل ألفي ليرة. كما تذكر الرسالة الوثيقة أن تلاعبا مشبوها آخر رافق عملية بيع الأراضي الهامة على الساحل بين حيفا ويافا والمعروفة بخشم الزرقة، والتي تزيد مساحتها عن ثلاثين ألف دونم، حيث بيعت الى يهود زمارين على اعتبار أنها خمسة آلاف دونم فقط، وبسعر ثلاثة قروش للدونم، مع أن سعر الدونم الواحد في ذلك الوقت كان يبلغ ليرة واحدة ...!

    ويكشف كاتبوا هذا التقرير في جانب هام آخر منه الكيفية التي قامت بها بعض الارساليات التبشيرية باستملاك بعض أراضي المنطقة، ويتحدثون عن عمليات التلاعب والتحايل التي تمت في تمليك معظم أراضي جبل الكرمل، مركزين على أهميته بالنسبة للدولة العثمانية، ويذكرون بأن القسم الأعظم (أكثر من خمسة عشر ألف دونم) من أراضي هذا الجبل الشهير قد تم بيعه (بالحيل وبالطرق الملتوية) إلى رهبان دير الكرمل الفرنسيين من قبل رئيس البلدية مصطفى الخليل، وعضو الإدارة نجيب الياسين، وأن (عشرة آلاف دونم) أخرى قد تم بيعها بطرق مشابهة، وبسعر منخفض أيضا، الى بعض الرهبان الآخرين من رعايا الدولة الالمانية، وأن القنصل البريطاني في حيفا في ذلك الوقت المدعو مستر سميث قد توسط في تمليك (خمسة آلاف دونم) إلى سيدة بريطانية (The British Lady) مقابل سكوتها على بيع تلك الأراضي إلى الأجانب الآخرين، وأنه قد تم بعد ذلك إنشاء مبان وكنائس ضخمة على تلك الأراضي.

    ولم يهمل كاتبوا الرسالة الاشارة الى القضية العامة التي بادر متصرف عكا زيوار باشا إلى رفعها، في عهد رئيس محكمة البداية في حيفا محي الدين سلهب الطرابلسي، ضد الأجانب المعنيين، مطالبا باستعادة تلك الأراضي، وقد نوه كاتبوا الرسالة بأن تلك القضية كادت أن تحسم للصالح العام، لولا ورود برقية من سلطات أعلى بتعطيل كافة المعاملات المتعلقة بهذه القضية، مع الأمر بنقل المرحوم زيوار باشا إلى القلعة السلطانية (جناق قلعة)، وتعيينه هناك، ويتابع كاتبوا الرسالة قائلين (وبذلك أصبحت شواطئ البحر وجبل الكرمل وتلك الأراضي والمناطق المهمة التي تفتدى كل حفنة من ترابها بالروح بيد الغاصبين الأجانب بدعوى التقادم).

    أما الجزء الأخير والهام أيضا من هذا التقرير، فيشير إلى الدور البهائي في هذه اللعبة، وإلى النشاطات التي كان يقوم بها (الإيراني عباس المنفي حاليا في عكا) ويقصد به الزعيم البهائي عباس افندي (الذي يدعى أيضا بالغصن الاعظم أو عبد البهاء)، ويقول التقرير أن عباس هذا، كان يحقق كل شيء يريده بفضل ثروته ونفوذه، بالتفاهم مع رئيس بلدية حيفا مصطفى، وعضو المحكمة نجيب، وأنه كان يقوم وعملاؤه بسلب واغتصاب أراضي العاجزين والفقراء من الأهالي، بأثمان بخسة، ليقوموا بعد ذلك بتهيئتها، وبيعها بأثمان فاحشة إلى اليهود والأجانب الآخرين، من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية.

    أما هذا العباس (السمسار الأعظم) الذي أنعم عليه البريطانيون بلقب (سير) نظير خدماته الجلى التي فضحتها الرسالة الوثيقة، فيبدو أنه قد خص نفسه بقطعة كبيرة من الأرض، تمتد من ساحل البحر الأبيض المتوسط وحتى قمة جبل الكرمل في حيفا، حيث تم دفنه هناك بعد وفاته، وبني له ضريح ضخم ذو قبة ذهبية صفراء، أطلقوا عليها اسم (قبة عباس)، كما أن أتباعه البهائيون قاموا ببناء المقر والمعبد الرئيسي للديانة البهائية في نفس الموقع. وتعتبر الحديقة المحيطة بذلك المعبد المشيد على الاراضي المغتصبة من الفلسطينيين، واحدة من اجمل الحدائق في العالم.

    ويصف التقرير في ختامه، كيف تمكن المهاجرون اليهود بفضل المال من السيطرة على المتنفذين في ذلك الوقت، وكيف أصبحوا (مرعيو الخاطر) ويحسب لهم ألف حساب، لدرجة أنهم أصبحوا يتحرشون بالنساء ويضايقون الأهالي المسلمين في القرى المجاورة ويتسلطون عليهم، ويدلل التقرير على ذلك بذكر ما تعرض له علي بك الشركسي المدير السايق لناحية قيصاري (قيسارية) من قبل يهود زمارين، حين توجه إلى هناك من أجل التحقيق، بعد ورود اخبارية عن قيام اليهود بسك وتزييف النقود العثمانية المعدنية (الاقجه)، حيث قام اليهود بضرب المدير المذكور وإهانته، وبلغ بهم الأمر إلى حد التسبب ومن خلال بعض الوسطاء في عزله عن وظيفته، ويبين التقرير كذلك أن هذا التراخي من قبل بعض المسؤولين المحليين مع المهاجرين اليهود، جعل هؤلاء يتجرأون ويقومون بإرهاب من يعارضهم من العرب وحبسهم وتعذيبهم، ناهيك عن قيامهم في نفس الوقت ببناء المدارس السرية وتخزين مختلف أنواع الأسلحة والذخائر...!

    منذر أبو هواش

المواضيع المتشابهه

  1. أهالي أسرى فلسطينيين يزورون أبناءهم للمرة الأولى منذ 5 سنوات
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان الأخبار.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-17-2012, 09:31 AM
  2. تحية لأبي الهول/ تنشر للمرة الأولى
    بواسطة حسن ابراهيم سمعون في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 12-24-2011, 12:44 PM
  3. عمرها 97 عاما وتظهر على الشاشة للمرة الأولى
    بواسطة ذيبان في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-02-2010, 03:52 AM
  4. المجهر .. /ق ق ج /هدية لمنتدى الفرسان .. تنشر للمرة الأولى
    بواسطة حسن ابراهيم سمعون في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 10-13-2010, 08:36 AM
  5. استكشاف أعماق المحيط حول استراليا للمرة الأولى
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان البحار.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-05-2008, 10:47 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •